ذرة الهيدروجين هي أبسط الذرات لأول عنصر في الجدول الدوري للعناصر الكيميائية.فهي تتكون من بروتون يشكل النواة وإلكترون واحد. نقتصر هنا على النظير الأكثر وفرة بطبيعة الحال. يكون الهيدروجين الذري نحو 90% من كتلة العناصر في الكون.
(لا تتكون معظم كتلة المادة في الكون من العناصر الكيميائية أو الكتلة الباريونية، وإنما من المادة المظلمة بالإضافة إلى طاقة مظلمة).
سوف تكون ذرة الهيدروجين هي الوحيدة في الاعتبار هنا إلا في حالة الاستثناء. فنواة النظير الديوتيريوم تتكون من بروتون ونيوترون، والنظير التريتيوم (وهو مشع) تتكون من بروتون ونيوترونين. تأثير هذه النويات الإضافية منخفض نسبيا لأن البوتون هو الذي يشكل الجهد المركزي الذي يقع تأثيره الإلكترون في الذرة. البروتون أكبر كتلة 1838 مرة من الإلكترون، وله شحنة أساسية موجبة. أما الإلكترون فهو أخف كثيرا من البروتون وله شحنة أساسية سالبة. شحنة البروتون وشحنة الإلكترون متساويتان في القيمة (شحنة أساسية) ولكنهما معكوستان، البروتون ذو شحنة أساسية موجبة والإلكترون ذو شحنة أساسية سالبة.
لم يكن من السهل على العلماء في البداية تفسير ما يقومون بقياسه من طيف انبعاث للمادة. حيث تظهر خطوط الطيف منفصلة عن بعضها البعض، وطبقا للميكانيكا الكلاسيكية فكانت تتنبأ بطيف مستمر متواصل. علاوة على ذلك، فلا تعطي الميكانيكا الكلاسيكية تفسيرا لعدم «وقوع» الإلكترون السالب الشحنة على النواة الذرية الموجبة الشحنة. فالواقع في الطبيعة أن الإلكترون في ذرة الهيدروجين (وكذلك في الذرات الأخرى) يدور في مدارات حول لنواة ولا يقع عليها. فكان لزاما أن يبحث العلماء عن أسباب ذلك، وأن يقوموا بتفسير سلوك الإلكترون في غلاف الذرات.
توصل ماكس بلانك إلى نظرية الكم عام 1900، وتبين منها أن طاقة الإلكترون في الذرة تتخذ قيما محددة، تلك المقادير من الطاقة لا تزداد مستمرا ومتواصلا ولكنها تزيد في هيئة «وحدات» صغيرة من الطاقة. وبين بلانك بدراسته لإشعاع الجسم الأسود أن الإلكترون يمكن أن تزداد طاقته بامتصاص فوتون (شعاع ضوء) (أو تنخفض طاقته بإصدار شعاع ضوء) فلى النحو التالي:
E = h ν E = h \nu \ أو 2 h ν {\displaystyle 2h\nu \ } أو 3 h ν {\displaystyle 3h\nu \ } ، وهكذا.
وظهر ثابت بلانك h كثابت طبيعي هام على المستوى الصغري، وبأنه العامل الرئيسي في كيفية سلوك المادة في المستوى الصغري، مستوى الذرات وما دونها. ν {\displaystyle \nu \ } هو تردد شعاع الضوء.
نموذج بور للذرة
قدم الفيزيائي الدنماركي نيلز بور سنة 1913 أول نموذج كمومي للذرة، (انظر نموذج بور). مبني على نظرية الكم، وطبقا لنموذجه أن الإلكترون في ذرة الهيدروجين يمكنه التواجد في مستوات مختلفة من الطاقة من دون أن «يقع» على النواة. بالإضافة إلى ذلك: يمكن للإلكترون الانتقال من مستوى طاقة (في الذرة) سفلي إلى مستوى طاقة أعلى عن طريق امتصاص «كما» معينا من الطاقة محكوما بوحدة الشغل h (ثابت بلانك)، وعندما يقفز من مستوى طاقة عالي إلى مستوى منخفض فهو يصدر «كما» مساويا لفرق الطاقتين في هيئة فوتون أي شعاع ضوء، تبلغ طاقته h ν {\displaystyle h\nu \ } ، حيث ν {\displaystyle \nu \ } هو تردد شعاع الضوء.
انتقالات الإلكترون بين مستويات الطاقة المختلفة وأطوال موجة الضوء الناتجة عنها
. مجموعة خطوط لايمان : انتقالات إلى n=1 .
. مجموعة خطوط بالمر: انتقالات إلى مدار n=2 .
. مجموعة خطوط باشين : انتقالات إلى المدار n=3 ...الخ
بناء على ذلك طور الفزيائيون طرق حساباتهم وتوصلوا إلى ميكانيكا الكم التي تسمح للإلكترون بالبقاء في مدار حول النواة من دون إن يسقط عليها. ليس هذا فقط بل أستطاع كل من هايزنبرج الألماني عام 1923 من ابتكار ميكانيكا الكم وقام بها بتفسير سلوك الإلكترون في ذرة الهيدوجين، وتفسير خطوط طيف الهيدروجين وحسابها تماما. في عام 1924 استطاع أيضا الفيزيائي النمساوي شرودنجر ابتكار الميكانيكا الموجية وهي تنتسب إلى ميكانيكا الكم، ولكنها أسهل في طريقة حلها المسائل الفيزيائية، وعم تطبيقها بين الفيزيائيين. واستطاع الفزيائيون استخدامها لتفسير خصائح متعددة في المستوى الذري.
أصبحت ميكانيكا الكم هي الوسيلة لتفسير ووصف الظواهر الطبيعية في الحيز الصغري، هكذا تتصرف طبيعة المادة. وقام بتطويرها العلماء للطبيق على أنظمة أخرى غير ذرة الهيدروجين ونجحت تماما في تفسيرها نجاحا كبيرا. وتطورت إلى ميكانيكا الكم النسبية لديراك التي تدخل النظرية النسبية الخاصة لأينشتاين في صياغتها، وأخيرا نظرية الحقل الكمومي.
في سياق ميكانيكا الكم، ذرة الهيدروجين هي مسألة جسمين يتآثران ببعضهما البعض وقابلة للحل، على الأقل إذا اقتصرنا على حالة غير نسبية لهاميلتوني حيث يُأخد في الحسبان فقط التآثر الكولومبي (الكهربي) بين الإلكترون والبروتون، مع اعتبارهم جسمين نقطيين. وبالتالي فمن الممكن استنتاج مستويات الطاقة لهذا النظام، ومقارنة نتائج الحسابات ب خطوط الطيف الذي يصدر من النظام. الدراسة النظرية لذرة الهيدروجين لديها أهمية كبيرة في الفيزياء الذرية والفيزياء الجزيئية، في واقع الأمر، ليس فقط من أجل فهم أطياف الانبعاث للأيونات، المسماة الهيدروجينيات، أي إهمال الإلكترونات في الأغلفة التحتية في الذرة ودراسة تآثر إلكترون منفرد مع هذا الكيان.