تعريف مرحلة الطفولة تعدُّ مرحلة الطفولة إحدى مراحل النمو التي يعيشها الإنسان، وتعظم أهميّتها في كونها تُمثّل مرحلة النموّ والتطوّر والتكوين، إذ يحدث فيها بناء الجسم جسديّاً وتنشئته عقليّاً وسلوكيّاً، ويعتمد الأفراد الذين يعيشون هذه المرحلة اعتماداً كُليّاً أو جزئيّاً على بيئتهم المُحيطة، كالأبوين والأخوة وغيرهم، ويتراوح اعتمادهم في أداء المَهمّات الخاصّة بهم بين الاعتماد الكُليّ إلى الجزئيّ مع تطوّر مرحلتهم وتقدّمهم فيها.[١] يُشير تعريف الطّفولة لدى العاملون بعلم الاجتماع إلى ارتباطِ الطّفولة بالرّشد، وهي الحالة التي يكتمل فيها نضج الإنسان واعتماده في نشاطاته وسلوكاته على نفسه، إذ يمكن أن تنتهي طفولة الفرد بعمله أو بزواجه مثلاً بناءً على هذا التعريف.[١] وتعرف الطفولة لغةً بأنّها الفترة الزمنيّة أو المرحلة العمريّة الواقعة بين مولد الإنسانِ حتى بلوغه، وتشترك معاني اللغة بهذا التعريف إجمالاً،[٢] لتتفق بذلك مع المفهوم الاصطلاحي للطفولة، إذ تُشير معاجم علم الإجتماع ومعاجم علم النفس إلى ذات المفهوم المُتعلّق بتلك المرحلة المُمتدّة بين ولادة الطّفل وبلوغه، ويشير التّعريف الاصطلاحيّ للطّفولة إلى كونها المرحلة التي تبدأ بولادة الطفل وتنتهي ببلوغه، وتظهر فيها خصائص تميّز سلوكاته واستقلاليّته وتفكيره وبنائه في تلك الفترة، فهي بذلك المرحلة التي يعيشها الإنسان منذ ولادته حتى بلوغه.[٣] أمّا حالة الرشد التي تمثل نهاية مرحلة الطّفولة فهي مُختلفة غير مُتفّق عليها، إذ تُحدّدها الشعوب والثّقافات بشكل واسع لا اصطلاح عليه، وتُشير بعض الدّراسات إلى أنّ مرحلة الطّفولة مُستمرّة حتى ينضج الفرد ويكتمل نموه وبلوغه، ويعتمد في نشاطاته البدنيّة والسلوكيّة اعتماداً تاماً على ذاته، والعمرُ المُناسب لتلك الحالة قد يزيد على العشرين،[٤] بينما تُحدّد الأمم المُتّحدة من خلال اتّفاقية حقوق الطفل مرحلة الطفولة بالرّشد المُنتهي بعمر الثامنة عشر على أبعد تقدير، إذ تُعرِّف اتّفاقية حقوق الطفل الدولية مفهوم الطفل بأنّه (كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المُنطبق عليه).[٥] مرحلة الطفولة المُتوسّطة يُطلق مصطلح الطفولة المُتوسّطة على الأطفال الذين تقع أعمارهم بين العامين السّادس والتاسع، وهو السن الذي يُقبِل فيه الأطفال إلى المدرسة ليبدؤوا تعليمهم الابتدائيّ في الصفوف الثلاثة الأولى، فتتوسّع مداركهم باتّساع دوائرهم وبيئاتهم؛ إذ تكبر علاقاتُ الطّفل وتتّسع دائرته الاجتماعيّة، ويكتسب العديد من المَهارات والصّفات والخصائص الجديدة، فتُؤثّر المرحلة باختلافاتها وتجديدها في نموّ الطفل وتركيبته، ويزداد اعتماده على نفسه، لتتعاظم استقلاليّته وانفصاله الذاتيّ عن الاتكاليّة على الوالدين، وتبرز هويته الذاتيّة وتتوضّح فرديّته، ويظهر في هذه المرحلة توحّده مع دوره الجنسيّ وانتمائه الطبيعيّ له.[٦] يبرز في هذه المرحلة تكون التفكير العياني الذي يبدأ تكوينه نتيجةً لتعرّض الطالب إلى المعارف المدرسيّة الجديدة التي هي مُدخل جديد وإضافة نوعيّة لحياة الطفل، وتتطلّب هذه المرحلة تهيئة بيئيّة خاصّة تناسب نموّ الطفل وبناءه التكوينيّ، ويبدأ ميل الأطفال في هذه المرحلة إلى الجنس المُختلف، ممّا يُظهر تفاعلاً وجدانيّاً وانجذاباً تجاهَ العاطفة، ويتميَّزُ الأطفالُ في هذه الفترة بالبحث عن التقدير والاستحسان من خارج الأسرة، إذ تُمثّلُ صورةُ الطفل الذاتيّة أهمَّ دوافعه وضروراته وأولويّاتِه، الأمر الذي يُحتِّمُ عليهِ مُراجعةَ أعمالِه وسلوكاتِه ومهاراته بشكلٍ يوميّ، ويزيد مساحة التَّنافس للوصولِ إلى المُستوياتِ المُتميّزة في الدّراسة أو الرياضة أو غيرها، وبذلك فإنَّ انعكاسَ التميُّزُ ومعيارَ الإعجابِ منوطٌ بنظرةَ البيئة الخارجيَّة المُتمثِّلة بالزُّملاءِ والمُعلّمين ودائرة الطِّفلِ التعليميَّةِ والرفاق.[٧] خصائص مرحلة الطّفولة المُتوسّطة يتّصف الأطفال في مرحلة الطفولة المُتوسّطة بعدّة خصائص مُصنّفة تبعاً لاحتياجات الطّفل وتأثير البيئة فيه، وتتمثّل الخصائص العامّة لهذه المرحلة بكونها خصائص بنائيّة تعمل في الطّفل صناعة التكوين والتّنشئة الجسديّة والنفسيّة والسلوكيّة والتربويّة والمعرفيّة، ويُطلقُ على مرحلة الطّفولة المُتوسّطة لفظ الطّفولة الهادئة نظراً للانخفاض النسبيّ في النموّ الجسديّ مُقارنةً بالمراحل السّابقة والتّالية، غير أنّ نمو الطّفل الاجتماعيّ والسلوكيّ والانفعاليّ وغيرها من المظاهر تزداد باطِّراد واضح، نظراً لتعرّض الطّفل لظروف مَعرفيّة جديدة تتعلّق بالمدرسة، ويمكن إجمال الخصائص العامة المُميّزة لهذه المرحلة بالآتي:[٨] يبدأ في هذه المرحلة استبدال الأسنان اللبنيّة ليحل محلّها أسنان الطفل الدّائمة. تكوين شخصيّة الطّفل واستقلاليّته، وتكون الأنا التي تُعبّر عن ذاته مع ما يُرافق ذلك من إضافات تُمثّلها علاقات الطّفل بمُجتمع المدرسة. تتطوّر حاسّة اللّمس لدى الطّفل بصورة ملحوظة لتصل بذلك إلى أضعاف تلك الحاسّة عند المُراهقين. هدوء الطفل وتغيير نمطيّة شخصيّته؛ إذ يبرز في هذه المرحلة استقرار الطفل انفعاليّاً. أما مظاهر نموّ الطفل في مرحلته المُتوسّطة من طفولته فتتمثّل بالنموّات الجسميّة والانفعاليّة والفسيولوجيّة والنفسيّة والحركيّة والحسيّة والعقليّة، ويمكن التّعبير عن مظاهر هذه النموّات بتفصيل مُتطلّبات الطفل واحتياجاته الخاصّة بكل مظهر من مظاهر النموّ المذكورة، وفيما يأتي بعض الخصائص المُميّزة لكل مظهر من هذه المظاهر:[٦] النمو الجسمي والفسيولوجي لا تحمل مرحلة الطفولة المُتوسّطة الكثير من التغيّرات الجسميّة؛ إذ يكون النموّ الجسميّ في هذه المرحلة بطيئاً مُقارنةً بما سبقها من مراحل، غير أن الملحوظ هو اختلاف المَظهر العام لتفاصيل الشّكل التي يحملها الفرد، وتتلخّص مظاهر النموّ الجسميّ للأطفال في هذه المرحلة بما يأتي:[٦] تتباطؤ سرعة نموّ الجسم تتسارع الأطراف بالطول، فيما يبقى طول الجسم مُتّزناً بتباطؤ، إذ يزداد طول الجسم بمُعدّل 5% لكل سنة من سنوات هذه المرحلة. تظهر الفروق الجسميّة بين الجنسين، فيختلف الطول والوزن بين مراحل نمو الجنسين، ويكون الذّكور أكثر طولاً في نهاية هذه المرحلة، فيما يتساوى الذكور والإناث بالوزن تقريباً. يتناقص مُعدّل نبضات القلب، ويتزايد مستوى ضغط الدم. يزداد طول الألياف العصبيّة وسُمكها، ويرتفع عدد الوصلات العصبيّة بينها. يتدرّج مُعدّل ساعات النّوم تناقصاً ليبلغ عند السّنة السّابعة من العمر مُعدّل إحدى عشرة ساعةً تقريباً. النمو الحركي يترتّب على نموّ عضلات الطّفل الصغيرة والكبيرة اختلافات مُميّزة تُمثّل سلوكات الطّفل وميوله نحو اللعب الحركيّ والتّعبير عن مُثيراته بما يُماثل هذا السلوك، إذ تتهذّب حركات الطفل بصورة عامّة، ويمتلك السّيطرة على حركاته المُفاجأة والعشوائيّة، ويميل الطّفل إلى ترتيب احتياجاته الحركيّة بنفسه كما في تبديل الملابس والجري وغير ذلك، ويُتقن الطالب في هذه المرحلة استحداث مهاراتٍ جديدة، كالرّسم واللعب بالطّين أو الصلصال، وتتّسم حركات الطّفل بالخشونة في هذه المرحلة كمَيله للتسلّق والقفز ولعب الكرة، فيما تُحافظ الإناث على حركاتها وسلوكاتها النّاعمة وهدوء ألعابها الحركيّة.[٦] النمو الحسي يتّسع إدراك الطّفل وعلاقته بالأرقام والألوان والحروف، ويستطيع تمييز الفصول وإدراك تعداد الأشهر والأسابيع وأيام الأسبوع، ويتعلّق إدراكه للوزن بعلاقته بالأدوات والمواد والطّبيعة، ويتناغم إدراكه البصريّ مع حركات يديه ليُسيطر أكثر على التّمثيل الجسديّ لتعبيراته، ويتنامى نضجه البصريّ والسمعيّ واللمسيّ.[٦] النمو العقلي يتسارع النموّ العقليّ للطفل في مرحلة الطّفولة المُتوسّطة، ويدعم ذلك التحاقه بالمدرسة وتعرّضه لعلاقات اجتماعيّة أوسع، فيتعلّم المهارات الأساسيّة كالحساب والكتابة والقراءة، وتبرز قدرات الفهم والتذكّر لديه، ويتنامى خياله ليُثمر في إبداعه وتَعايشه مع الواقع، كما ينتقل بتطوّر من حالة التّفكير الحسيّ إلى المُجرّد