حل مشكلة خوف الأطفال بالقرآن الكريم تُعدُ قراءة القُرآن الكريم جزءاً من ذكر الله -تعالى-، وذكر الله -تعالى- يجلب لنفس الإنسان ومن ذلك الأطفال السّكينة، ويملأ القلب بالطّمأنينة وعدم الخوف والقلق، لِقولهِ -تعالى-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)،[١][٢] فقد حَرص القرآن الكريم على تزكية النّفس وبعث الطّمأنينة فيها، كما اهتم بالجانب النفسيّ الإيماني الذي يؤدي بدوره إلى تحقيق السعادة والأمن للجميع وخاصةً عند الأطفال،[٣]والقُرآن الكريم يُعرِّف الإنسان بأسماء الله -تعالى- الحسنى وصفاته؛ وهذا من شأنه أن يُعزّز في النّفس الاستعانة والتوكّل على الله -تعالى-، مع ما يُحدثه من الأثر الكبير على نفس المسلم.[٤] وتجدر الإشارة إلى أهميّة الأخذ بالأسباب العلاجيّة الحسّية والتّداوي كذلك إلى جانب الاستشفاء بالقرآن الكريم، وذكر ابن القيّم -رحمه الله- في كتابه "مدارج السّالكين" عدّة آيات لطرد الخوف والقلق ونزول السّكينة، وأسماها بـ (آيات السّكينة)، ومنها قول الله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّـهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّـهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)،[٥] وقوله -تعالى-: (لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)،[٦] وقوله -تعالى-: (ثُمَّ أَنزَلَ اللَّـهُ سَكينَتَهُ عَلى رَسولِهِ وَعَلَى المُؤمِنينَ وَأَنزَلَ جُنودًا لَم تَرَوها وَعَذَّبَ الَّذينَ كَفَروا وَذلِكَ جَزاءُ الكافِرينَ).[٧] وغيرها من الآيات الكريمة.[٨] الاستشفاء بالقرآن الكريم ومشروعيّته ثبت الاستشفاء بالقُرآن الكريم في نصوص القُرآن وفي سُنّة النّبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، فقل الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)،[٩][١٠] وقد تعدّدت أقوال العُلماء في كون القُرآن سببٌ لِلشّفاء البدنيّ كذلك:[١١] الرأي الأول: قال بعض العلماء لا يُشرعُ الاستشفاء بالقرآن الكريم من الأمراض البدنية، بل هو شفاءٌ لما في القلوب، بزوال الجهل والرّيب، وكشف الغطاء عن القلب، لما ورد في الآية الكريمة السابقة الرأي الثاني: قال جمهور العلماء: إن القُرآن الكريم شفاءٌ للأمراض البدنيّة بالرّقية والتّعوّذ به، وهو قول جُمهور الفُقهاء، ومن ذلك قراءة الفاتحة على الملدوغ أو المريض كما ورد في السّنّة النبويّة، ومعنى حرف "مِن" الواردة في الآية الكريمة: (وَنُنَزِّل مِنَ الْقُرْآنِ)؛[١٢] هو لبيان الجنس.[١١] فالقُرآن الكريم شفاءٌ لأمراض القُلوب؛ كالشّهوات والشُّبهات، وأمّا شفاؤه لأمراض البدن؛ فيكون ذلك من خلال الرُّقية به.[١٣] الرّقية الشّرعية والذكر للأطفال اهتمّ الإسلام بالأطفال من الناحية النفسيّة بالوقاية بالقرآن الكريم أولاً، ثُمّ العلاج منه ثانياً، ويكون ذلك من خلال تربيتهم على منهج القرآن الكريم، إلى جانب قراءة الأذكار والرُّقية عليهم،[١٤] وأمّا الرقية في الاصطلاح: فهي العُوذة التي يُرْقى بها صاحب المرض، ويُستحبُّ للإنسان الاسترقاء والاستشفاء بها، فقد رقى النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- نفسه، كما رقى غيره كذلك، ورقاه جبريل -عليه السلام-، وقد حثّت السُّنةُ النّبوية عليها، وتُشرع الرّقية الشرعية عند الإصابة بالعين وما ينتج عنها من الأمراض، لحديث النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (أنَّ جِبْرِيلَ، أَتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ فَقالَ: نَعَمْ قالَ: باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِن كُلِّ شيءٍ يُؤْذِيكَ، مِن شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ، أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ).[١٥][١٦] ومما ورد عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بالرُّقية؛ قراءة سورتيّ المُعوذّتين، والإخلاص، والفاتحة، فعن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أوَى إلى فِرَاشِهِ، نَفَثَ في كَفَّيْهِ بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ، وما بَلَغَتْ يَدَاهُ مِن جَسَدِهِ)،[١٧] وقد كانت الرُقى معروفةً في الجاهلية، ولكن الإسلام قام بتهذيبها، فأقرّ بعضها وأنكر بعضها الآخر،[١٨] ويُمكن استعمال الرُقية ببعض الأدعية الواردة عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، كقول: (اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ البَاسِ، اشْفِ أنْتَ الشَّافِي، لا شَافِيَ إلَّا أنْتَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا)،[١٩] ويكون ذلك مع صدق المريض في توجّهِه إلى الله -تعالى-، وتقوى المُعالج وتوكّله على الله -سبحانه-،[٢٠] وعليه فإنّ قراءة القُرآن والعمل به شفاء للنّفوس من الوسوسة، والقلق، والحيرة، والنفاق، ورحمة للمؤمنين من العذاب الذي يحزنهم ويشقيهم، وشفاءٌ للقلوب من الجهل والرّيْب