السعادة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
من دلائل محبته صلى الله عليه وسلم: كثرة الصلاة عليه: لأن من أحب شيئاً أكثر من ذكره ولِمَ لا نكثر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وهو الذي:
بلغ العلا بكمالهِ
كشف الدجى بجمالهِ
عظمَت جميع خصالهِ
صلوا عليه وآلهِ
لمَ لمْ نكثر الصلاة عليه وقد صلّى ربنا عليه قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56] .. ثم أمرنا بالصلاة عليه فقال ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56] .
قال أبو العالية: " صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء " [رواه البخاري].
قال الحافظ ابن كثير: والمقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى بأنه يثنى عليه عند الملائكة المقربين وأن الملائكة تصلى عليه ثم أمر تعالى أهل العالم السفلى بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه من العالمين: السفلي والعلوي جميعاً.
أما صلاة العبد على النبي صلى الله عليه وسلم فمعناها: الثناء على الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وسؤال الله له أن يُعلى ذكره وأن يزيدْ تعظيماً وتشريفاً..
أما السلام: فمعناه السلامة أي سَلِمَ عليه الصلاة والسلام من الملام والنقائص.
أما البركة: فهي النماء والزيادة - أي الزيادة في المدح والثناء والتعظيم..
علاقة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالسعادة:
عن أُبَي بن كعب رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب رُبُع الليل قام فقال: "يا أيها الناس اذكروا الله اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه" قال أبى بن كعب: يا رسول الله: إني أكثر من الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت. قلت: الربع؟ قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قلت: النصف؟ قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال إذاً تكفي همك ويُغفرُ ذنبُك " [رواه الترمذي وحسنه الألباني في الصحيحة].
• يا أيها الناس: أراد به النائمين من أصحابه يُنبههم ليشتغلوا بذكر الله.
• الراجفة: النفخة الأولى التي يموت لها الخلائق.
• الرادفة: النفخة الثانية التي يحيون لها يوم القيامة وعبّر بصيغة الماضي: لتحقق وقوعها فكأنها جاءت والمراد: أنه قارب وقوعها فاستعدوا لتهويل أمرها.
• جاء الموت بما فيه: من الشدائد والكربات وما بعده من القبر وغيره.
• إني أكثر الصلاة عليك: أريد إكثارها.
• فكم أجعل لك من صلاتي عليك؟: قال المنذري في الترغيب: معناه: أكثر الدعاء فكم أجعل لك من دعائي صلاة عليك.
وفي رواية لأحمد: قال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلواتي كلها عليك؟ قال: إذاً يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك.
وعن ابن مسعود رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علىّ صلاة ". [رواه الترمذي وصححه الألباني].
وعن عامر بن ربيعة رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ويقول: " من صلى علىّ صلاة لم تزل الملائكة تصلِّى عليه ما صلّى علىّ فَلْيُقِلِّ عبدُ، من ذلك أو ليُكثر " [رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني].
وقال عليه الصلاة والسلام: "من صلّى علىّ من أمتى صلاة مخلصاً من قلبه صلّى الله عليه بها عشر صلوات ورفعه بها عشر درجات وكتبت له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات". [رواه الطبراني والنسائي صححه الألباني ].
فضائل أخرى للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
1- النبي صلى الله عليه وسلم يبلغه سلامك وَيَرُدُّ عليك السلام:
قال صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يسلم علىّ إلا ردّ الله إلى روحي حتى أرد عليه السلام" [رواه أبو داود وصححه الألباني].
وقال عليه الصلاة والسلام: " إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتى السلام " [رواه النسائي وصححه الألباني].
وقال عليه الصلاة والسلام: " إن الله تعالى وكّل بقبري ملكاً أعطاه الله أسماء الخلائق فلا يصل علىّ أحد إلى يوم القيامة إلا بلغني باسمه واسم أبيه: هذا فلان ابن فلان قد صلى عليك"[رواه البزار والطبراني وصححه الألباني].
2- من حرم نفسه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقد عرّض نفسه للعذاب:
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: " آمين آمين آمين" فقال: إن جبريل أتاني فقال: " من أدرك رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله " قل آمين: فقلت آمين ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرّهما فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ومن ذكرت عنده فلم يصلّ عليك فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت: آمين ". [رواه ابن خزيمة وابن حبان وصححه الألبانى].
وفي رواية الترمذي: " رغم أنف رجل ذكرتُ عنده فلم يصل علىّ ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له ورغم أنف رجل أدرك أبواه الكِبرَ فلم يُدخلاه الجنة ".
3- الدعاء محجوب حتى يصلّى على النبي المحبوب:
عن علي رضي الله عنه قال: " كل دعاء محجوب حتى يُصلىَّ على محمد صلى الله عليه وسلم وآل محمد " رُوى مرفوعاً وموقوفاً والموقوف أصح. [رواه الطبراني فى الأوسط وحسنه الألباني ].
وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: " إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تُصلِّى على نبيك صلى الله عليه وسلم" [رواه الترمذي وحسنه الألباني].
4- من ذُكر النبي عنده فلم يصل عليه فهو البخيل:
قال صلى الله عليه وسلم: " البخيل من ذُكرت عنده فلم يُصل علىّ" [رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني ]. وقال صلى الله عليه وسلم: " ألا أخبركم بأبخل الناس؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: "من ذُكرت عنده فلم يُصلِّ علىّ فذلك أبخل الناس". [رواه أبى عاصم وصححه الألباني كما في صحيح الترغيب والترهيب].
وغير ذلك من الثمرات والفضائل عدّها ابن القيم أربعين كما في "جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام".
طرف من مواطن الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام:
1- يوم الجمعة:
قال صلى الله عليه وسلم: " من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خُلق آدم وفيه قُبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علىّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة، علىّ " قالوا: يا رسول الله وكيف تُعرض عليك صلاتنا وقد أرَمْت؟ [بليت] قال: إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء". [رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الألباني].
2- بعد الآذان:
قال صلى الله عليه وسلم: " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا علىّ فإن من صلىّ علىّ صلاةً صلى الله عليه عشراً ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة" [رواه مسلم].
3- بعد التشهد: وهذا محفوظ
4- عند طرفي النهار:
قال عليه الصلاة والسلام، من صلىّ على حين يصبح وحين يمسى عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة ". [رواه الطبراني وانظر صحيح الجامع].
وغير ذلك من المواطن التي عدها ابن القيم أربعين أيضاً كما في "جلاء الأفهام".
صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم صيغ كثيرة صحيحة وأفضل الصيغ وأصحها ما علَّمها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين سألوه عنها. ففي البخاري عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه: قلنا: يا رسول الله هذا السلام عليكم فكيف نصلى؟ قال قولوا: "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد". [رواه البخاري].
وهناك صيغتان مختصرتان للصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم: درج السلف رضي الله عنهم على ذكرها:
إحداهما: " صلى الله عليه وسلم "، والثانية: " عليه الصلاة والسلام ".
وفي هذه العجالة لا أستطيع أن أُوفّى الموضوع حقه وأعطية قدره لذلك أحيل على هذا الكتاب العظيم: جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام فهو كتاب عظيم القدر ذو فوائد غزيرة.
النصيحة:
• ليكن لك وردًا يوميّ من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|