هذه بشارة عظيمة بالأجر الكامل
، لمن منعه المرض أو العذر عن أداء الطاعة وأعمال البِّر التي اعتادها مع صدق النية،
بشَّر بها نبينا – صلى الله عليه وسلم – أصحابه رضوان الله عليهم.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنَ المَدِينَةِ، فَقَالَ:
« «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا، مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ»،
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟
قَالَ: «وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ».» [أخرجه البخاري]
وفي رواية مسلم « «حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ» ».
: «وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ يَبْلُغُ بِنِيَّتِهِ أَجْرَ الْعَامِل إِذا مَنعه الْعذر عَن الْعَمَل»
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضِيلَةُ النِّيَّةِ فِي الْخَيْرِ وَأَنَّ مَنْ نَوَى الْغَزْوَ وَغَيْرَهَ مِنَ الطَّاعَاتِ
فَعَرَضَ لَهُ عُذْرٌ مَنَعَهُ حَصَلَ لَهُ ثَوَابُ نِيَّتِهِ وَأَنَّهُ كُلَّمَا أَكْثَرَ مِنَ التَّأَسُّفِ عَلَى فَوَاتِ ذَلِكَ
وَتَمَنَّى كَوْنَهُ مَعَ الْغُزَاةِ وَنَحْوِهُمْ كَثُرَ ثَوَابُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وقال القرطبي في المُفهم : الناوي لأعمال البرِّ؛ الصادق النية فيها؛
إذا منعه من ذلك عذر كان له مثلُ أجر المباشر مضاعفًا.
: وفي فضل الله متسع للاستحقاق فيثيب على النية الصادقة ما لا يثيب على الفعل.
و في هذا الحديث:
دليل على أن من صحت نيته، وعزم على فعل عمل صالح وتركه لعذر،
أن له مثل أجر فاعله. فالمُتمنِّي للخير، الحريصُ عليه؛ إن كان من عادته أنه كان يعمله،
ولكنَّه حَبَسه عنهُ حابسٌ، كُتِبَ لَهُ أجره كاملاً.
فمثلاً: إذا كان الإنسان من عادته أن يصلِّي مع الجماعة في المسجد،
ولكنَّه حبسه حابس، كنومٍ أو مرضٍ، أو ما أشبهه
فإنَّه يُكتب له أجر المصَلِّي مع الجماعة تماماً من غير نقص.