الفخر فى القرآن
الفخر
الفخر هو مدح النفس ومن ضمنه مدح الغير ممن يحبهم أو يقدرهم الفرد والفخر له صور متعددة المعروف منها للناس :
أن يعدد الإنسان أعماله أمام الغير
أن يعتز بالآباء أو الأسرة أو فرد ما
وقد حرم الله الفخر فأعلن أنه لا يحب كل مختال فخور حيث قال :
"إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا"
وقد فسر الله المختال الفخور بأنه الكفار الأثيم وهو مرتكب الذنوب دون توبة حيث قال :
"والله لا يحب كل كفار أثيم"
وبين الله أن الإنسان وهو الكافر إن أعطاه الله يسر بعد عسر والمقصود نعمة بعد ضرر كان فيه يكون فرح فخور والمقصود مفسد مذنب وبألفاظ أخرى النعمة تدفعه للسرور بكفره كما قال سبحانه :
"ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عنى إنه لفرح فخور"
وقد نهى الله رسوله (ص)عن التكبر على الخلق وهو السير في الأرض بالفساد وهو الظلم مبينا له أن المتكبر وهو المفسد وهو المختال الفخور لا يحبه الله وهو قوله سبحانه حيث قال :
"ولا تصعر خدك للناس ولا تمش فى الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور"
وكرر الله كراهيته وهى غضبه على الفخورين المختالين حيث قال :
" والله لا يحب كل مختال فخور "
إذا الفخر في القرآن يعنى الكفر ولا يعنى المعنى المخصوص وهو مدح النفس ومن ضمنها مدح من يحبهم أو تقدرهم النفس
وقد نهانا الله عن تزكية النفس والمقصود :
مدح النفس أو الغير حيث قال سبحانه :
" فلا تزكوا أنفسكم "
والسبب في منع مدح النفس والغير هو :
" هو أعلم بمن اتقى "
والمقصود أن الله هو من يعلم بالمسلم المستحق للجنة من الكافر المستحق للنار ومن ثم دخول الجنة ليس لمن قال:
أنا مسلم
أو قال :
لا إله إلا الله
وما في معناها
ولذا أخبر الله كل من يقول أنه سيدخل الجنة أيا كان ما يعلنه من الدين سواء يهودى أو نصرانى أو مسلم أو غير هذا أن دخول الجنة ليس بكلامه وإنما بإيمانه بالوحى وعمله الصالحات
وفى هذا قال سبحانه :
"ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا"
ومن ثم لا يحق لمسلم أن يقول إننى من المسلمين إلا بعد أن يعمل الصالحات وهى الطاعات لأحكام الله كما قال سبحانه :
"ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين"
فلابد أن يصدق العمل القول لأن الله يكره من يقول ولا يفعل الصالحات كما قال سبحانه:
" يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"
ومن ثم فعندما نقول في عصر الهزائم أننا مسلمون فقد كذبنا فلو كنا مسلمين حقا وصدقا ما انهزمنا فقد ننهزم مرة ولكن المسلم لا ينهزم عشرات المرات بل مئاتها وآلافها لأن الله ينصر المسلمين المتبعين للرسل(ص) كما قال سبحانه :
"ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون"
وقال سبحانه :
"إنا لننصر رسلنا والذين أمنوا فى الدنيا ويوم يقوم الأشهاد"
إنا وضعنا مثل وضع الذين قالوا للرسول (ص) مفتخرين بأنفسهم :
ألا يكفيك أننا مسلمون ؟
فرد الله عليهم طالبا منه القول :
لا تفتخروا على بإسلامكم القولى فالله هو من يفتخر أنه هداكم للايمان
ومن ثم فنحن مؤمنون فقط ولسنا مسلمون لآن علامة الإسلام هى طاعة أحكام الله التى تؤدى لطريق واحد في النهاية وهو :
النصر الدنيوى والأخروى وفى هذا قال سبحانه :
"يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين "
ومن صور الفخر وهو مدح النفس التى ذكرها الله في كتابه :
الصورة الأولى :
المن بالصدقات وهو :
افتخار المعطى الصدقة وهى المال بأنه أعطى فلان وعلان سواء كان ذلك أمامه أو أمام غيره من الناس وقد نهى الله المؤمنين عن المن في النفقة وهى الصدقة حيث قال :
"يا أيها الذين أمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى"
وبين الله أن المسلمين لا يتبعون الصدقة المن وهو تعديد النعم على الآخرين أو إضرار من أعطوهم حيث قال سبحانه :
"الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"
وبين الله لهم أن الكلمة الطيبة وهى القول المعروف والمغفرة أفضل من الصدقة التى يليها افتخار وإضرار حيث قال سبحانه :
"قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غنى حليم"
الصورة الثانية :
الافتخار بالكفار كبارا كانوا أو صغارا كما فعل سحرة فرعون عندما حلفوا بعزته حيث قال :
"فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون"
ونحن نفعل ذلك حاليا كثيرا عندما نفتخر أننا شاركنا في نصر فلان أو تصورنا معه أو سلمنا على فلان أو علان أو تتلمذنا على يده مع أنه يضاد الله ويجاهر بعصيانه وهذا هو ما سماه الله :
أخذ العزة بالإثم الإنسان
فالإنسان يفتخر بعمل الكفر سواء درى أو لم يدرى
وفى هذا قال سبحانه :
"وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد"
وفسر الله ذلك بأنه الإنسان إذا قيل له:
لا تكن مفسدا قال إنما أنا مصلح وهو يعرف في داخله أنه مفسد
وفى هذا قال سبحانه :
"وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض قالوا إنما نحن مصلحون"
المسلم لا يفخر أبدا لا بخير ولا بشر لأن الله نهانا عن الفخر بأجمعه الفخر بالنفس أو الفخر بالغير
وحتى في العهد الجديد نجد قولة صادقة وهى :
" من يفتخر فليفتخر بالله "
الله وحده هو من يستحق أن نفخر به والمقصود أن نثنى عليه وأما ما عداه وهم المخلوقات كبروا أم صغروا فلا يستحقون الفخر بهم لأنهم مجرد عبيد خلقهم الله
ماذا فعلوا لنفتخر بهم ؟
إن كانوا فعلوا خيرا فهم يفعلونه لأنفسهم كما قال سبحانه :
"ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون"
وقال :
"أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه"
وإن كانوا اساءوا فهم قد أساءوا لأنفسهم والعقاب سيكون عليهم مستقبلا وإن كانوا يظنون أنهم أحسنوا صنعا كما قال سبحانه عنهم :
"الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا"
وبناء عليه :
عائلتك ليست مصدر فخر لك
مهنتك ليست مصدر فخر لك
وطنك ليس مصدر فخر لك
سلطانك وهو قوتك أى نفوذك ليس مصدر فخر لك
علمك ليس مصدر فخر لك
مالك ليس مصدر فخر لك
.... أى شىء في الدنيا لا تفتخر به
لن يتبقى لك شىء في دنياك تفتخر به إلا الفخر بالله الذى خلقك ورزقك ونعمك وعلمك ما لم تكن تعلم
هذا هو مصدر الفخر والمقصود :
مستحق الثناء وهو الشكر أى العبادة وهى الطاعة وحده دون سواه
عائلتك أو معلميك أو قائديك أو مالك ... لن يمنعوا عنك نار جهنم عندما تستغيث بهم في القيامة كما قال سبحانه :
" يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا"
وقال :
" يوم لا ينفع مال ولا بنون "
وقال :
" ما أغنى عنى ماليه هلك عن سلطانيه "
إذا كل من نفتخر بهم في دنيانا الأرضية كلهم سيهربون منا في القيامة كما قال سبحانه :
"يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه"
وكل من نطيعهم حاليا من الخلق وهم يدعوننا إلى طاعتهم هم وليس الله تاركين طاعة الله سيتبرءون منا في القيامة كما قال سبحانه :
"إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب"
إذا علينا أن نعود للفخر بالله وحده وليس بأى أحد سواه
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|