شعرات النبي صلى الله عليه وسلم: دراسة حديثية تاريخية - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 350
عدد  مرات الظهور : 9,955,392
عدد مرات النقر : 332
عدد  مرات الظهور : 9,955,389
عدد مرات النقر : 226
عدد  مرات الظهور : 9,955,428
عدد مرات النقر : 177
عدد  مرات الظهور : 9,955,428
عدد مرات النقر : 328
عدد  مرات الظهور : 9,955,428

عدد مرات النقر : 26
عدد  مرات الظهور : 3,473,547

عدد مرات النقر : 55
عدد  مرات الظهور : 3,468,136

عدد مرات النقر : 22
عدد  مرات الظهور : 3,468,660

العودة   منتديات احساس ناي > ๑۩۞۩๑{ القسم الاسلامي }๑۩۞۩๑ > › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪•

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-25-2024, 06:32 PM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » اليوم (08:00 PM)
آبدآعاتي » 3,720,567
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2265
الاعجابات المُرسلة » 799
مَزآجِي   :  08
?? ??? ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 آوسِمتي »
 
افتراضي شعرات النبي صلى الله عليه وسلم: دراسة حديثية تاريخية

Facebook Twitter


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آلهِ وصحبهِ ومن والاه؛ أما بعد:

فقد أخرج الإمام البخاري، وأحمد وغيرهما في وصف شعر النبي صلى الله عليه وسلم، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أنه قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَصِفُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((كَانَ رَبْعَةً مِنَ القَوْمِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلاَ بِالقَصِيرِ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ، وَلاَ آدَمَ، لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ، وَلاَ سَبْطٍ رَجِلٍ، أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ، فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَقُبِضَ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ، قَالَ رَبِيعَةُ: فَرَأَيْتُ شَعَرًا مِنْ شَعَرِهِ، فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ فَسَأَلْتُ، فَقِيلَ: احْمَرَّ مِنَ الطِّيبِ))[1].



وكان شعره صلى الله عليه وسلم طويلًا يضرب مَنْكِبَه؛ فأخرج أحمد وغيره عَنْ أَنَسٍ أنه قال: ((إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَضْرِبُ شَعْرُهُ مَنْكِبَهُ))[2].



ومما ينبغي أنْ يُعلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حلق رأسه كاملًا في حَجِّه، ولم يُؤثَر عنه أنه حلق رأسه كاملًا في غير نسك الحج والعمرة[3].



وتتفق الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم قَسَم شعره الشريف على الصحابة في حِجَّةِ الوداع لبعض من الناس الذين يَلُونه، وأعطى قسمًا من شعره لأبي طلحة ليفرقه في الناس، وأرسل منه لأم سُلَيم رضي الله عنهم جميعًا، وفِعْلُه يدل على جواز التبرُّك بشعره صلى الله عليه وسلم، وأنَّهُ أراد بقاء أثره في أمته إلى قيام الساعة، فإعطاؤهم له لا لشيء إلا لذلك، مع ما فهِمَهُ الصحابة من جواز استعماله للتَّطْبِيبِ والتَّطيُّب وغيره، كما سيأتيك من فعلهم وإقراره صلى الله عليه وسلم لفعلهم.



وما أسلفتُ فهِمَه الأصحابُ رضي الله عنهم وأرضاهم؛ فأخرج الإمام مسلم وغيره عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى مِنًى، فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: خُذْ وَأَشَارَ إِلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ))[4].



وأخرجه مسلم وغيره بلفظ: ((لِلْحَلَّاقِ هَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ هَكَذَا، فَقَسَمَ شَعَرَهُ بَيْنَ مَنْ يَلِيهِ، قَالَ: ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الْحَلَّاقِ وَإِلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، فَحَلَقَهُ فَأَعْطَاهُ أُمَّ سُلَيْمٍ)).



وفي رواية: ((فَبَدَأَ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ، فَوَزَّعَهُ الشَّعَرَةَ وَالشَّعَرَتَيْنِ بَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ قَالَ: بِالْأَيْسَرِ فَصَنَعَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: هَا هُنَا أَبُو طَلْحَةَ؟ فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ))[5].



وفي رواية مسلم وغيره: ((فَقَسَمَهُ فِيمَنْ يَلِيهِ))؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْبُدْنِ فَنَحَرَهَا وَالْحَجَّامُ جَالِسٌ، وَقَالَ: بِيَدِهِ عَنْ رَأْسِهِ، فَحَلَقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَقَسَمَهُ فِيمَنْ يَلِيهِ، ثُمَّ قَالَ: احْلِقِ الشِّقَّ الْآخَرَ، فَقَالَ: أَيْنَ أَبُو طَلْحَةَ؟ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ))[6].



وأخرج ابن حبان وغيره: ((فَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَعْرَهُ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ مَنْ حَضَرَهُ مِنَ النَّاسِ - الشَّعَرَةَ وَالشَّعَرَتَيْنِ - ثُمَّ قَبَضَ بِيَدِهِ عَلَى جَانِبِ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ عَلَى شَعْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: احْلِقْ، فَحَلَقَ، فَدَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْبُدْنِ فَنُحِرَتْ - وَالْحَلَّاقُ جَالِسٌ عِنْدَهُ - فَسَوَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ شَعْرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى شِقِّ جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى شَعْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: احْلِقْ، فَحَلَقَ، فَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَعْرَهُ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ مَنْ حَضَرَهُ مِنَ النَّاسِ - الشَّعَرَةَ وَالشَّعَرَتَيْنِ - ثُمَّ قَبَضَ بِيَدِهِ عَلَى جَانِبِ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ عَلَى شَعْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: احْلِقْ، فَحَلَقَ، فَدَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ))[7].



واستنبط ابن حبان من هذه الأحاديث جملة أمور فقال: "فِي قِسْمَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَعْرَهُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ أَبْيَنُ الْبَيَانِ بِأَنَّ شَعْرَ الْإِنْسَانِ طَاهِرٌ؛ إِذِ الصَّحَابَةُ إِنَّمَا أَخَذُوا شَعْرَهُ صلى الله عليه وسلم لِيَتَبَرَّكُوا بِهِ، فَبَيْنَ شَادٍ فِي حُجْزَتِهِ[8]، وَمُمْسِكٍ فِي تِكَّتِهِ، وَآخِذٍ فِي جَيْبِه[9]، يُصَلُّونَ فِيهَا، وَيَسْعَوْنَ لِحَوَائِجِهِمْ وَهِيَ مَعَهُمْ، وَحَتَّى إِنَّ عَامَّةً مِنْهُمْ أَوْصَوْا أَنْ تُجْعَلَ تِلْكَ الشَّعَرَةُ فِي أَكْفَانِهِمْ، وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمْ يَقْسِمْ عَلَيْهِمْ صلى الله عليه وسلم الشَّيْءَ النَّجِسَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفْنَا، فَلَمَّا صَحَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم، صَحَّ ذَلِكَ مِنْ أُمَّتِهِ؛ إِذْ مُحَالٌ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ، وَمِنْ أُمَّتِهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِعَيْنِهِ نَجِسًا"[10].



قال النووي: "وَاخْتَلَفُوا فِي اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي حَلَقَ رَأْسَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي حجَّةِ الْوَدَاعِ؛ فَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ: مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الْعَدَوِيُّ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: زَعَمُوا أَنَّهُ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، وَقِيلَ: اسْمُهُ خِرَاشُ بن أمية بن ربيعة الكُليبي بِضَمِّ الْكَافِ، مَنْسُوبٌ إِلَى كُلَيْبِ بْنِ حَبَشِيَّةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ"[11].



قلت: وحلاقة شعر النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للحلاق شرف ما بعده شرف، يُحسَد ويُغبَط فاعله؛ فأخرج الإمام أحمد، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِاللهِ قَالَ: ((كُنْتُ أَرْحَلُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ: فَقَالَ لِي لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي: يَا مَعْمَرُ، لَقَدْ وَجَدْتُ اللَّيْلَةَ فِي أَنْسَاعِي اضْطِرَابًا، قَالَ: فَقُلْتُ: أَمَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَقَدْ شَدَدْتُهَا كَمَا كُنْتُ أَشُدُّهَا، وَلَكِنَّهُ أَرْخَاهَا مَنْ قَدْ كَانَ نَفِسَ عَلَيَّ مَكَانِي مِنْكَ لِتَسْتَبْدِلَ بِي غَيْرِي، قَالَ: فَقَالَ: أَمَا إِنِّي غَيْرُ فَاعِلٍ، قَالَ: فَلَمَّا نَحَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَدْيَهُ بِمِنًى، أَمَرَنِي أَنْ أَحْلِقَهُ، قَالَ: فَأَخَذْتُ الْمُوسَى فَقُمْتُ عَلَى رَأْسِهِ، قَالَ: فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَجْهِي وَقَالَ لِي: يَا مَعْمَرُ، أَمْكَنَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ شَحْمَةِ أُذُنِهِ، وَفِي يَدِكَ الْمُوسَى؟ قَالَ: فَقُلْتُ: أَمَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيَّ وَمَنِّهِ، قَالَ: فَقَالَ: أَجَلْ إِذًا أَقِرُّ لَكَ، قَالَ: ثُمَّ حَلَقْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم))[12].



وفي الطبراني بلفظ: ((... فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَا مَعْمَرُ، قَالَ: وَجَدْتُ اللَّيْلَةَ فِي أَنْسَاعِي اضْطِرَابًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ شَدَدْتُهَا كَمَا كُنْتُ أَشُدُّهَا وَلَكِنْ أَرَادَ مَنْ يَنْفِسُ عَلَيَّ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِي... فقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا مَعْمَرُ، أَمْكَنَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن شَحْمَةِ أُذُنِهِ وَفِي يَدِكَ الْمُوسَى، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَرَى ذَلِك مَنَّ الله عَلَيَّ وَفَضْلًا، قَالَ: أَجَلْ، قَالَ: فَزِدْ ذَلِكَ))[13].



وعند ابن أبي عاصم بلفظ: ((... وَلَكِنَّ بَعْضَ مَنْ حَسَدَنِي عَلَى مَنْزِلَتِي مِنْكَ هُوَ صَنَعَ ذَلِكَ لِتَسْتَبْدِلَ بِيَ غَيْرِي، قَالَ: مَا كُنْتُ لَأَفْعَلَ...))[14]، وأخرجه البغوي، وابن قانع في معجميهما مختصرًا[15].



قال الهيثمي: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَفِيهِ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عُقْبَةَ مَوْلَى مَعْمَرٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَلَمْ يُوَثَّقْ وَلَمْ يُجَرَّحْ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ[16].



قال ابن الأثير: "(نَسَعَ):... النِّسْعَةُ بِالْكَسْرِ: سَيْرٌ مَضْفور، يُجعل زِمَامًا لِلْبَعِيرِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ تُنْسَجُ عَريضة، تُجْعل عَلَى صَدر الْبَعِيرِ، وَالْجَمْعُ: نُسْع، ونِسَع، وأَنْسَاع"[17].



قال الساعاتي:

قوله: (أَرْحَلُ): أي: أشد رحله على بعيره، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم خصَّه بذلك مدة سفره في حجة الوداع... وعبر عنه في الحديث بلفظ الجمع، إما لأن الرحل يحتاج إلى أكثر من نِسَعٍ، فبعضها يُشَدُّ على بطن البعير، وبعضها يُجعَل على صدره، وصرح في النهاية بأنها تُجعل على صدر البعير، وإما أن يكون صلى الله عليه وسلم أراد رحال أزواجه أيضًا رضي الله عنهن لنسبتهن إليه، والله أعلم.



وقوله: (اضْطِرَابًا): معناه كثرة الحركة وعدم الاستقامة.



وقوله: (نَفِسَ): بفتح النون وكسر الفاء، يُقال: نفِستُ عليه الشيء نَفَاسةً: إذا لم تَرَهُ له أهلًا، والمعنى أن من حسدني على منزلتي عندك هو الذي أرخاها، بعد أن شددتها، يريد بذلك الكيد لي لتستبدل بي غيري.



قوله: (أَمَا إِنِّي غَيْرُ فَاعِلٍ): يعني: لست مستبدلًا بك غيرك.



قوله: (الْمُوسَى): قال أهل اللغة: الموسى يُذكَّر ويُؤنَّث، قال ابن قتيبة: قال الكسائي: هو فُعْلَى، وقال غيره: مُفْعَل من أوسَيتُ رأسه؛ أي: حلقته، قال الجوهري: والكسائي والفراء يقولان هي فُعْلَى مؤنثة، وعبدالله بن سعد الأموي يقول مُفعَل مذكر، قال أبو عبدالله: لم نسمع تذكيره إلا من الأموي.



وقوله: (وَقَالَ لِي: يَا مَعْمَرُ، أَمْكَنَكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ شَحْمَةِ أُذُنِهِ، وَفِي يَدِكَ الْمُوسَى): أي: فما ترى في ذلك؟



وقوله: (أَمَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيَّ وَمَنِّهِ): يريد أن من نعمة الله على ومنِّه أن خصَّني بخدمتك يا رسول الله، وسأقوم بها كما تحب.



وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَجَلْ إِذًا أَقِرُّ لَكَ): معناه: نعم، حيث قد علمت أن هذا من نعم الله عليك ومنِّه، فحينئذٍ أسكن لك وأطمئنُّ حتى تقضى مهمتك، والله أعلم[18].



قال السندي: "قوله: (أمكنك)؛ أي: فانظر إلى مكانك منه"[19].



قلت: ومما ينبغي أنْ يُعلَم أنَّ أبا طلحة كان أول من أخذ من شعره صلى الله عليه وسلم من شِقِّه الأيمن؛ وهو زوج أم سُليم؛ وهي أم سيدنا أنس رضي الله عنهم أجمعين؛ فأخرج البخاري وغيره عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ))[20].



وفي رواية مسلم: ((فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ))؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ((لَمَّا رَمَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْجَمْرَةَ وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ، نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرَ، فَقَالَ: احْلِقْ، فَحَلَقَهُ، فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَالَ: اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ))[21].



وكذا في رواية الترمذي: فعَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ((لَمَّا رَمَى النبي صلى الله عليه وسلم الجَمْرَةَ نَحَرَ نُسُكَهُ، ثُمَّ نَاوَلَ الحَالِقَ شِقَّهُ الأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ، ثُمَّ نَاوَلَهُ شِقَّهُ الأَيْسَرَ فَحَلَقَهُ، فَقَالَ: اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ))[22].



وفي رواية ابن حبان: ((فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ))؛ فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ((رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْبُدْنِ فَنُحِرَتْ - وَالْحَلَّاقُ جَالِسٌ عِنْدَهُ - فَسَوَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ شَعْرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَقِّ جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى شَعْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: احْلِقْ، فَحَلَقَ، فَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَعْرَهُ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ مَنْ حَضَرَهُ مِنَ النَّاسِ - الشَّعَرَةَ وَالشَّعَرَتَيْنِ - ثُمَّ قَبَضَ بِيَدِهِ عَلَى جَانِبِ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ عَلَى شَعْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: احْلِقْ، فَحَلَقَ، فَدَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ))[23].



قلت: وفعله صلى الله عليه وسلم كما لا يخفى على ذي لبٍّ يدل على إرادته صلى الله عليه وسلم أنْ يبقى أثره في أُمَّتِهِ إلى قيام الساعة، وفيه جواز التبرك بشعره صلى الله عليه وسلم، وفهِمَ الأصحاب رضي الله عنهم هذا المغزى والمعنى، فتسابقوا إلى شعراته الشريفة صلى الله عليه وسلم ليأخذوها؛ فأخرج الإمام أحمد بسنده عن ابْنَ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ((لَمَّا حَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ بِمِنًى، أَخَذَ شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنَ بِيَدِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ نَاوَلَنِي، فَقَالَ: يَا أَنَسُ، انْطَلِقْ بِهَذَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ مَا خَصَّهَا بِهِ مِنْ ذَلِكَ تَنَافَسُوا فِي الشِّقِّ الْآخَرِ، هَذَا يَأْخُذُ الشَّيْءَ، وَهَذَا يَأْخُذُ الشَّيْءَ، قَالَ مُحَمَّدٌ: فَحَدَّثْتُهُ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيَّ، فَقَالَ: لَأَنْ يَكُونَ عِنْدِي مِنْهُ شَعَرَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ أَصْبَحَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَفِي بَطْنِهَا))[24].



قلت: وسبب خصِّه صلى الله عليه وسلم لأمِّ سُليم الأنصارية بهذه الشعرات دون غيرها لسببين:

الأول منهما: لأنها لم تحضر في حجة الوداع، ولِما لها من خصوصية في حياته صلى الله عليه وسلم؛ وعلِمنا ذلك من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ((جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: حَجَّ أَبُو طَلْحَةَ وَابْنُهُ، وَتَرَكَانِي، فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ عمرة في رمضان تعدِلُ حِجَّة))[25].



وفي تاريخ بغداد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ، قَالَتْ: ((قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ وَابْنُهُ بِنَاضِحَيْهِمَا وَتَرَكَانِي، فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَجْزِيكِ مِنْ حجَّةٍ))[26].



وهي أم سُليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، اخْتُلِف فِي اسمها، فقيل: سهلة، وقيل: رميلة، وقيل: رميثة، وقيل: مليكة، ويُقال: الغُمَيصاء أَوِ الرُّمَيصاء، كانت تحت مالك بن النضر أبي أنس بن مالك في الجاهلية، فولدت له أنس بن مالك، فلما جاء اللَّه بالإسلام أسلمت مَعَ قومها، وعرضت الإسلام عَلَى زوجها، فغضب عليها، وخرج إِلَى الشام، فهلك هناك، ثم خلف عليها بعده أَبُو طلحة الأَنْصَارِيُّ، خطبها مشركًا، فلما علِمَ أنه لا سبيل له إليها إلا بالإسلام، أسْلَمَ، وتزوجها وحسن إسلامه، فولد له منها غلامٌ كَانَ قد أعجب به، فمات صغيرًا، فأسف عَلَيْهِ، ويُقال: إنه أَبُو عمير صاحب النُّغير، ثم ولدت له عَبْداللَّهِ بن أبي طلحة، فبُورك فيه، وهو والد إسحاق بن عَبْداللَّهِ بن أبي طلحة الفقيه وإخوته، وكانوا عشرة، كلهم حمل عنه العلم.



وعَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ((تَزَوَّجَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ وَهِيَ أُمُّ أَنَسٍ، وَالْبَرَاءِ، قَالَ: فَوَلَدَتْ لَهُ بُنَيًّا، قَالَ: فَكَانَ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا، قَالَ: فَمَرِضَ الْغُلَامُ مَرَضًا شَدِيدًا، فَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَقُومُ صَلَاةَ الْغَدَاةِ يَتَوَضَّأُ، وَيَأْتِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَيُصَلِّي مَعَهُ، وَيَكُونُ مَعَهُ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، فَيَجِيءُ فَيَقِيلُ وَيَأْكُلُ، فَإِذَا صَلَّى الظُّهْرَ تَهَيَّأَ وَذَهَبَ، فَلَمْ يَجِئْ إِلَى صَلَاةِ الْعَتَمَةِ، قَالَ: فَرَاحَ عَشِيَّةً، وَمَاتَ الصَّبِيُّ، قَالَ: وَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ، قَالَ: فَسَجَّتْ عَلَيْهِ ثَوْبًا، وَتَرَكَتْهُ، قَالَ: فَقَالَ لَهَا أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، كَيْفَ بَاتَ بُنَيَّ اللَّيْلَةَ؟ قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، مَا كَانَ ابْنُكَ مُنْذُ اشْتَكَى أَسْكَنَ مِنْهُ اللَّيْلَةَ، قَالَ: ثُمَّ جَاءَتْهُ بِالطَّعَامِ، فَأَكَلَ وَطَابَتْ نَفْسُهُ، قَالَ: فَقَامَ إِلَى فِرَاشِهِ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ، قَالَتْ: وَقُمْتُ أَنَا، فَمَسِسْتُ شَيْئًا مِنْ طِيبٍ، ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى دَخَلْتُ مَعَهُ الْفِرَاشَ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ وَجَدَ رِيحَ الطِّيبِ، كَانَ مِنْهُ مَا يَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ إِلَى أَهْلِهِ، قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ يَتَهَيَّأُ كَمَا كَانَ يَتَهَيَّأُ كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَوْدَعَكَ وَدِيعَةً، فَاسْتَمْتَعْتَ بِهَا، ثُمَّ طَلَبَهَا، فَأَخَذَهَا مِنْكَ، تَجْزَعُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا، قَلَتْ: فَإِنَّ ابْنَكَ قَدْ مَاتَ، قَالَ أَنَسٌ: فَجَزِعَ عَلَيْهِ جَزَعًا شَدِيدًا، وَحَدَّثَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي الطَّعَامِ وَالطِّيبِ، وَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَيْهَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: هِيهِ فَبِتُّمَا عَرُوسَيْنِ وَهُوَ إِلَى جَنْبِكُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: بَارَكَ اللهُ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا، قَالَ: فَحَمَلَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، قَالَ: فَتَلِدُ غُلَامًا، قَالَ: فَحِينَ أَصْبَحْنَا، قَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: احْمِلْهُ فِي خِرْقَةٍ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، وَاحْمِلْ مَعَكَ تَمْرَ عَجْوَةٍ، قَالَ: فَحَمَلْتُهُ فِي خِرْقَةٍ، قَالَ: وَلَمْ يُحَنَّكْ، وَلَمْ يَذُقْ طَعَامًا وَلَا شَيْئًا، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ، قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ مَا وَلَدَتْ؟ قُلْتُ: غُلَامًا، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ: هَاتِهِ إِلَيَّ، فَدَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، فَحَنَّكَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَعَكَ تَمْرُ عَجْوَةٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَخْرَجْتُ تَمَرًا، فَأَخَذَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم تَمْرَةً وَأَلْقَاهَا فِي فِيهِ، فَمَا زَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَلُوكُهَا حَتَّى اخْتَلَطَتْ بِرِيقِهِ، ثُمَّ دَفَعَ الصَّبِيَّ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ وَجَدَ الصَّبِيُّ حَلَاوَةَ التَّمْرِ جَعَلَ يَمُصُّ حَلَاوَة التَّمْرِ وَرِيقَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ أَوَّلُ مَا تفَتَّحَتْ أَمْعَاءُ ذَلِكَ الصَّبِيِّ عَلَى رِيقِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ، فَسُمِّيَ عَبْدَاللهِ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: فَخَرَجَ مِنْهُ رَجُلٌ كَثِيرٌ، قَالَ: وَاسْتُشْهِدَ عَبْدُاللهِ بِفَارِسَ))[27].



وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ((قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ ثَمَاني سِنِينَ، فَأَخَذَتْ أُمِّي بِيَدِي فَانْطَلَقَتْ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَّا قَدْ أَتْحَفَتْكَ بِتُحْفَةٍ، وَإِنِّي لَا أَقْدِرُ عَلَى مَا أُتْحِفُكُ بِهِ، إِلَّا ابْنِي هَذَا فَخُذْهُ فَلْيَخْدُمْكَ مَا بَدَا لَكَ، فَخَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا ضَرَبَنِي ضَرْبَةً، وَلَا سَبَّنِي سَبَّةً، وَلَا انْتَهَرَنِي، وَلَا عَبَسَ فِي وَجْهِي...))[28].



وروى عَنْ أمِّ سُليم أنها قالت: ((دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَدَعَا لِي حَتَّى مَا أُبَالِي أَلَّا يَزِيدَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ أَهْلِي مَنْ لَهُ خَاصَّةٌ عِنْدِي، فَادْعُ اللَّهَ لَهُ فَدَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى مَا أُبَالِي أَلَّا يَزِيدَ، وَكَانَ فِيمَا دَعَا يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ وَآتِهِ مالًا وولدًا، فما أعلم أحدًا أصاب من لين العيش أفضل مما أصبتُ، ولقد دفنتُ بكفي هاتين من ولدي أكثر من مائة، لا أقول لَكُمْ: فِيهِ وَلَدُ وَلَدٍ وَلَا سَقْطٌ))[29].



وكانت أمُ سُليم تغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولها قصص مشهورة؛ منها ما أخرجه ابن سعد بسند صحيح، أنَّ أمَّ سليم اتخذت خنجرًا يوم حنين، فقال أبو طلحة: يا رسول اللَّه، هذه أم سليم معها خنجر، فقالت: اتخذته إن دنا منِّي أحدٌ من المشركين بَقَرْتُ بطنه؛ فعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ((جَاءَتْ هَوَازِنُ يَوْمَ حُنَيْنٍ تُكْثِرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، فَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: يَا هَوَازِنُ، يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، إِنِّي عَبْدُاللَّهِ وَرَسُولُهُ، يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَيَّ أَنَا عَبْدُاللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطْعَنَ بِرُمْحٍ أَوْ يُرْمَى بِسَهْمٍ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ: مَنْ قَتَلَ مُشْرِكًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلًا، وَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَمَلْتُ عَلَى رَجُلٍ فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبْلِ الْعَاتِقِ فَأُجْهِضْتُ عَنْهُ، وَعَلَيْهِ دِرْعٌ، فَانْظُرْ مَنْ أَخَذَهَا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أَخَذْتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطِنِيهَا وَأَرْضِهِ مِنْهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، أَوْ يَسْكُتُ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا، وَاللَّهِ لَا يُفِيئُهَا اللَّهُ عَلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِهِ ثُمَّ نُعْطِيكَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَ عُمَرُ قَالَ: وَرَأَى أَبُو طَلْحَةَ مَعَ أُمِّ سُلَيْمٍ خِنْجَرًا، فَقَالَ: مَا تَصْنَعِينَ بِهَذَا؟ قَالَتْ: أُرِيدُ إِنْ دَنَا أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ أَبْعَجَ بَطْنَهُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو طَلْحَةَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَضَحِكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْتُلْ هَؤُلَاءِ يَنْهَزِمُوا بِكَ))[30].



وعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور أمَّ سُليم فتُتْحِفه بالشَّيء تصنعه له[31].



وهي - أي: أم سُليم - أمُّ الطفل الذي كنَّاهُ النبي بقوله: ((أبا عمير))، وقيل: هو من مات من أبناء أبي طلحة الذي حزن عليه كثيرًا كما مرَّ بك؛ فعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ((كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ - قَالَ: أَحْسِبُهُ - فَطِيمًا، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ، فَرُبَّمَا حَضَرَ الصَّلاَةَ وَهُوَ فِي بَيْتِنَا، فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِي تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ، ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِنَا))[32].



وهي أخت أمِّ ملحان؛ وهي: أمُّ حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، زوج عبادة بن الصامت، وأخت أم سليم، وخالة أنس بن مالك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكرِمها ويزورها في بيتها، ويَقِيل عندها، ودعا لها بالشهادة، فخرجت مَعَ زوجها عُبادةَ غازيةً في البحر، فلما وصلوا إِلَى جزيرة قبرص، خرجت من البحر، فقُرِّبت إليها دابة لتركبها فصرعتها، فماتت ودُفنت في موضعها، وذلك في إمارة معاوية وخلافة عُثْمَان، ويُقال: إن معاوية غزا تلك الغزاة بنفسه، ومعه أَيْضًا امرأته فاختة بنت قرظة من بني نوفل بن عبد مناف[33].



فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: ((كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ - وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَأَطْعَمَتْهُ وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا البَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ - أَوْ: مِثْلَ المُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ؛ شَكَّ إِسْحَاقُ - قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهمْ، فَدَعَا لَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ - كَمَا قَالَ فِي الأَوَّلِ - قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ، فَرَكِبَتِ البَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ البَحْرِ، فَهَلَكَتْ))[34].



وفي رواية مستخرج أبي عوانة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: ((أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَضَعَ رَأْسَهُ فِي بَيْتِ أُمِّ مِلْحَانَ، وَهِيَ إِحْدَى خَالَاتِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ يَضْحَكُ...))[35].



قلت: والجواب عن دخوله بيت أمِّ حرام وأخْتِها أنهما كانتا في دار واحدة ودخوله عليهما كان من خصوصياته صلى الله عليه وسلم، كما رجَّحه كثير من العلماء[36]؛ فعن أنس، أنه قال: ((لم يكن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يدخل بيتًا غير بيت أمِّ سليم إلا على أزواجه، فقيل له، فقال: إني أرحمها، قُتِلَ أخوها وأبوها معي)).



 توقيع : حكاية ناي ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
قديم 06-25-2024, 06:34 PM   #2



 
 عضويتي » 33
 جيت فيذا » Nov 2022
 آخر حضور » اليوم (05:24 PM)
آبدآعاتي » 283,343
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » اعشق ملامحك has a reputation beyond reputeاعشق ملامحك has a reputation beyond reputeاعشق ملامحك has a reputation beyond reputeاعشق ملامحك has a reputation beyond reputeاعشق ملامحك has a reputation beyond reputeاعشق ملامحك has a reputation beyond reputeاعشق ملامحك has a reputation beyond reputeاعشق ملامحك has a reputation beyond reputeاعشق ملامحك has a reputation beyond reputeاعشق ملامحك has a reputation beyond reputeاعشق ملامحك has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة » 98
الاعجابات المُرسلة » 192
مَزآجِي   :
 آوسِمتي »

اعشق ملامحك متواجد حالياً

افتراضي



جزاك الله خير
وأحسن إليك فيما قدمت
دمت برضى الله وإحسانه وفضله


 توقيع : اعشق ملامحك

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:12 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.