مراجعة خطبة العين حق
من الأمور التى دأب المحرفون على نشرها فى بلادنا أن الحسد يضر المحسود ومنه أن أصحاب العيون الصفراء أو العيون المقورة قادرون على امراض الناس واهلاك الأموال والعيال ومن ثم فى سبيل تثبيت الخرافة تجد كل واحد يرجع سبب خيبته أو ما هو فيه من الشر إلى أولئك الحساد مع أن اصابة الإنسان بالخير أو الشر هى من الله كما قال سبحانه :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
وقال أيضا:
" كل من عند الله"
وهذا الخطبة من الخطب التى تشيع الجهل فى المجتمع عبر روايات كاذبة لم يقلها النبى (ص) لتعارضها مع كتاب الله
بدأت الخطبة بمقدمة تقليدية حيث قال:
"الحمد لله الملك العلام القدوس السلام ، جعل منار الشرع مستمرا على الدوام .. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنحط بها الأوزار والآثام,ويستعان بها على شكر منحه ومننه الوافرة الأقسام , وأشهد أن رحمته للعالمين سيدنا محمدا عبده ورسوله حامل لواء السلامة والإسلام , والمكتسي حلة الكرامة والإكرام, صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم الذين قامت بهم شرائع الإسلام ."
وتلى ذلك مطالبته للناس بتقوى الله حيث قال:
" أما بعد .. فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى, قال الله تعالى وتقدس {يأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم} "
وتناول الضرر والضرار حيث قال :
"عباد الله : إن من محاسن شريعة الإسلام – وكلها محاسن – أنها جعلت قاعدة منع الضرر والضرار من أصول قواعد الشريعة ,ومن مجالات التطبيق العملي لهذه القاعدة الجليلة حرص المسلم على أن لا يعين ولا يعان ما استطاع إلى ذلك سبيلا"
واستدل على ضرر عين الحاسد برواية هى :
"فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (العين حق ,ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ,وإذا استغسلتم فاغسلوا) رواه مسلم .
قال النووي في شرحه: فيه إثبات القدر ... فلا يقع ضرر العين ولا غيره من الخير والشر إلا بقدر الله تعالى . وفيه صحة أمر العين ; وأنها قوية الضرر . اهـ"
الغلط أن العين لها تأثير ضار على المنظور له وهو ما يعارض أن العين لو كان لها ضرر على الأخرين لكان الحاسدون هم حكام الأرض لقدرتهم على تدمير قوة الأخرين ولكن لا أحد يرى ذلك لأن أى شعب يريد التخلص من حاكمه سيجمع أصحاب العيون ويقول لهم انظروا للحاكم وخلصونا منه
والعين لو كان لها ضرر لجمع الكفار أصحاب العيون الضارة للقضاء على المسلمين دون أن يحاربوهم ولكن لعدم وجود ضرر للعين بقى المسلمون موجودين حتى الآن دون أن يقضى عليهم
والحسد أمر نفسى أى يدور فى النفس وهو مجرد تمنى كما قال سبحانه:
"حسدا من عند أنفسهم "
وذكر الرواية التالية:
"وروى أبي نعيم في الحلية والخطيب البغدادي في تاريخه وحسنه الألباني عن جابر - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: العين تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر) .
أي أنها تصيب الرجل فتقتله فيدفن في القبر، وتصيب الجمل فيشرف على الموت فيذبح ويطبخ في القدر .
وقد قرر علماء أهل السنة أن العين حق ، وأنها تمرض وتقتل، خلافا لبعض المبتدعة المنكرين,وهم محجوجون بالآثار النبوية الصحيحة .
وحقيقة العين كما ذكر القسطلاني: نظر المعيان لشيء باستحسان، مشوب بحسد، فيحصل للمنظور ضرر بعادة أجراها الله تعالى .
وتسمي العرب العائن بالتلقاعة، مبالغة من اللقع وهو الرمي، وتطلق العامة على العين النضل والنحت .
وقد وقعت الكثير من الحوادث قديما وحديثا بسبب العين، وألفت فيها المؤلفات"
والرواية السابقة لم يتلفظ بها الرسول (ص)فمن يميت هو الله بينما ينسبون الإماتة هنا لمخلوق وهو العين وهو ما يعارض قوله سبحانه:
"لا إله إلا هو يحيى ويميت"
والسؤال الذى يجب أن يسأله كل من يصدق أن العين تميت المحسود :
هل يموت الإنسان قبل إتيان أجله الذى حدده الله بسبب عين مزعومة أم بسبب أخر؟
بالطبع لا شىء يغير الأجل كما قال سبحانه:
" لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"
ولو ألف البشر ألوفا مؤلفة من الكتب وكتبوا عليها أسماءهم أو أسماء من شاءوا فهى كتب كاذبة ما دامت تعارض كتاب الله
من أراد الحقيقة فلا يبحث عن أسماء مخلوقين مهما بلغوا من العلم وإنما يبحث عن قول الله فى المسألة كما قال سبحانه:
" وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله"
وبنى الخطيب على الروايات نتيجة مغلوطة وهى كيفية علاج ضرر العين المزعوم والحق أن تجار الدين من يريدون تجهيل الناس ويريدون اشباع شهواتهم المحرمة بأى طريق اخترعوا أمورا يتاجرون بها للحصول على أى لذة فتجد أحدهم يدخل على ابنته أو ابنه رجل غريب يستخلى بهم بزعم أنه يقرأ عليهم القرآن ويلمس أجسادهم ويرش ماء قد يكون به مخدر عليهم ويفعل بهم ما يشتهى وتجد أخر يستجلب للدكان الشيخ فلان أو علان بزعم أن يقرأ بعض القرآن أو العزائم لمنع الحسد ثم يعطيه مالا مقابل ذلك وتجد امرأة تذهب لفلان أو فلانة الشيخة لأن زواج ابننها تأخر بسبب الحسد أو السحر وبالطبع يرفض فلان أو فلانة المال مقابل هذا ولكنهم يقبلون الهدايا .....
تناول الخطيب طرق الوقاية المزعومة حيث قال :
"عباد الله .. وإذا كانت العين من الحق ، فكيف السبيل إلى التوقي منها واستدفاعها؟
إن من أعظم ما تستدفع به العين تجديد العبد لعهد الافتقار والذلة والانكسار لله والحاجة لحفظ الله ورعايته له, بقراءة أذكار الصباح والمساء فقائلها لا يضره شيء بإذن الله, فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول (إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة) صحيح البخاري."
رواية لم يقلها النبى(ص) لأن الرسول لا يصدق بوجود الهامة والهامة فى كتب القوم طائر يخرج من رأس المقتول ينادى أهله اسقونى للأخذ بالثأر فهل هناك قتيل يخرج منه طائر ويسمعه الناس يقوا اسقونى ؟
وأين نجد أن إبراهيم(ص) كان يعوذ ولديه بالكلمات التامة فى الوحى ؟
بالطبع لا يوجد نص فى الوحى يقول هذا
وفسر القوم نصيحة يعقوب (ص) لأولاده بالدخول من أبواب متفرقة بأنه خاف عليهم الحسد وفى هذا قال الخطيب حيث قال:
"ومما تستدفع به العين ستر ما يخاف عليه إن أمكن ذلك كما فعل يعقوب عليه السلام حين أمر بنيه أن يدخلوا من أبواب متفرقة لحاجة في نفسه قال المفسرون إنه أراد أن يدفع ضرر العين عنهم "
هل ذكر الله الحسد فى الآيات "يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغنى عنكم من شىء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغنى عنهم من الله من شىء إلا حاجة فى نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه"
لا وجود لكلمة الحسد وإنما الموجود كلمة الحاجة المقضية وتعنى أن الرجل خاف عليهم من أن يضيعوا كلهم مرة واحدة فطلب منهم أن يتفرقوا حتى إذا ضاع أحدهم لأى سبب بقى البعض الآخر خاصة أن الابن الثانى فقد فى مصر التى سيدخلوها بسبب لا يصدقه نبى الله يعقوب(ص) وهو أنه ابنه سرق
ويحكى الخطيب أيضا:
"وكما فعل الخليفة الراشد عثمان - رضي الله عنه - عندما رأى صبيا صغيرا حسن الهيئة، فقال: دسموا نونته، أي سودوا الدائرة التي تكون في خديه، حتى تنصرف الأعين عنه ."
والعجيب فى الحكاية هو مطالبة عثمان بتغيير خلقة الله وهو ما يعد استجابة لقول الشيطان الذى حكاه الله على لسانه وهو :
" ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
فالقوم يتهمون صحابى بأنه طالب بتشويه الولد وتغيير خلقته
والعجيب أن الخطيب يؤكد أن هناك طرق شرعية وطرق يتبعها الأفاكين فى العلاج الذى لا وجود له حيث قال :
"وإنك والله لتعجب من تبجح وتفسخ وتعري بعض نساء وشباب المسلمين وإظهارهم لما لا يجوز لهم إظهاره من أجسادهم تقليدا للكفرة والفساق, فهلا خافوا على أجسادهم ضرر العين إذ لم يخافوا عقاب الله وجعله تلك الأجساد وقودا لنار جهنم!!! وما يتذكر إلا أولو الألباب.
وإذا وقعت العين وحل ضررها بالبدن فإن شرها يستدفع بالرقى والتعاويذ الشرعية الثابتة, بعيدا عن دجل الأفاكين,وأكلة أموال الناس بالباطل من السحرة والمشعوذين."
ويحكى الخطيب ما ورد فى حكاية صاحب الجنتين حيث قال :
"ولتجنب الإضرار بالعين شرع الله لنا عند الإعجاب بهيئة المسلم أو حاله أو ماله أو ولده أن نقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، كما قال تعالى في قصة صاحب الجنتين وصاحبه: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) , قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: قال بعض السلف : من أعجبه شيء من حاله أو ماله او ولده فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله .
ونقل القرطبي عن الإمام مالك رحمه الله أنه قال: (ينبغي لكل من دخل منزله أن يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله) ."
العجيب فيما سبق هو التكلم عن العجب وليس عن الحسد وهو استدلال مغلوط فلا يوجد أى دليل على العين فى الحكاية
وحكى الخطيب حكايات اخترعها الكذابون للترويج لخرافة العين حيث قال :
"ومما يستدفع به ضرر العين التبريك - وهو قول: اللهم بارك فيه أو بارك له أو عليه ، أو ما شاء الله تبارك الله – كما جاء في قصة سهل بن حنيف عندما عانه عامر بن ربيعة .
وقد روى هذه القصة الإمام أحمد وابن ماجه ومالك وغيرهم عن سهل بن حنيف - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج مع أصحابه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخزار من الجحفة، اغتسل سهل بن حنيف، وكان رجلا أبيض حسن الجسم والجلد، فنظر إليه عامر بن ربيعة وهو يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة!! (أي الفتاة في خدرها) فلبط سهل (أي صرع وسقط على الأرض) فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقيل له يا رسول الله هل لك في سهل، والله ما يرفع رأسه وما يفيق، قال: هل تتهمون فيه من أحد؟ قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامرا فتغيظ عليه، وقال: علام يقتل أحدكم أخاه، هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت، ثم قال له: اغتسل له، فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صب ذلك الماء عليه، يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه، يكفئ القدح وراءه، ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس، ليس به بأس .
وقد أفاد الحديث أن المعين إذا عرف عائنه فإنه يشرع له أن يطلب منه الوضوء والاغتسال, ويجب على من طلب منه الاغتسال أن يمتثل ولا يكابر في ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم(وإذا استغسلتم فاغسلوا) . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وظاهر هذا الأمر الوجوب "
والحكاية كاذبة فكيف يستحم مسلم عاريا تماما وهو وسط الناس مع أن الله أمر كل من يستحم أن يتخفى عن أعين الناس وأمر الناس بغض البصر فقال" قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" ومن هنا جاءت تسمية الحمام الكنيف أى الشىء المسور الذى يحجب الرؤية من كل الأكناف وهى الجوانب ؟
والعجيب هو حدوث معجزة شفاء سهل بماء استحمام عامر وهو ما يعارض منع الله الآيات وهى المعجزات بقوله سبحانه:
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
والعجيب أن يغتسل رجل بماء فيه قاذورات رجل أخر استحم به بدلا من أن يتطهر بماء طهور
وكما هى عادة الناس فى تصديق أى حكايا حكى الخطيب حكاية عن والده حيث قال:
"وعلى كل من يعلم من نفسه أنه ربما يصيب بالعين أن يتقي الله في إخوانه كما قال عليه الصلاة والسام وأن يكثر دائما في حديثه ووصفه من ذكر الله والدعاء بالبركة، وأن يجتنب الاسترسال في الوصف والاستحسان، وجموح النفس في ذكر ما تراه العين من الأمر المستحسنة
وإنك لتعجب من تمادي بعض العائنين، وجرأتهم على الله في التنافس على إيذاء فلان، أو إفساد سيارة أو بيت علان .
حتى إن أحدهم (كما حدثني الوالد رحمه الله، وحد) معروفا بالعين، وكان يبيع في السوق، فرأى رجلا يبيع بجواره وقد فتح الله عليه، فدب الحسد في قلب العائن، فلما انتهى السوق كان الرجل الآخر يضع بضاعته في السيارة فجاءه العائن وقال له: أين تذهب وأنا لم أبع مثلك اليوم؟ تريدها في المكينة، أو في الكفرات؟
فقال له: يا فلان خاف الله، فأبى، فقال: إن كنت عازما ففي الكفرات .
يقول الرجل (وهو حي موجود الآن، وكان صديقا للوالد رحمه الله): ذهبت إلى البيت، فبدأت الكفرات تتعطل الواحد تلو الآخر، ولم أصل البيت إلا بعد مشقة ."
وبالطبع الناس يصدقون أى حكايا غريبة تحكى لهم دون تفكير فالغريب هنا أن الرجل طلب تحديد الضرر فى مكان معين وهو ما حدث كما يزعم الزاعم
وبالطبع هذا كلام بشر لا يجب أن نصدقه ولو نطق به خطيب أوعالم فأى أمر له سبب ومن ثم نرجع الأمور لأسبابها فهذه الحكاية السبب هو لعب الأخر فى الكفرات قبل الحديث مع البائع ولكن بعض البشر يريد تخويف الآخرين منه فيزعم أنه فعل ذلك بعينه بينما فعل ذلك بيديه
والعجيب أن يتكلم الخطيب عن شكوى صاحب العين المضرة للحاكم حيث قال :
"عباد الله .. وإذا أبى المعيان أو العائن إلا أن يؤذي الآخرين جاز لولي الأمر أو القاضي أن يعزره ، وأن يحبسه حتى ينتهي عن فعله، كما نص على ذلك أهل العلم ."
وهو كلام يجعل القضاة مجرد حمقى عندما يحكمون فى قضية بلا إثبات ولا شهود
وتناول الخطيب أن الحاسد بالعين قد يحسد نفسه حيث قال :
"عباد الله .. إن مما تجدر الإشارة إليه والتنبيه عليه، أن الإصابة بالعين، واشتهار وقوعها من شخص معين, ليس مؤشرا على فسق ولا صلاح , لأن الإنسان قد تصيبه عين نفسه, قال ابن القيم
وقد يعين الرجل نفسه, وقد يعين بغير إرادته) .
ويقول ابن عبد البر (إن الرجل الصالح قد يكون عائنا وقد يعين الرجل نفسه) .
كما نقل المناوي عن الخليفة سليمان بن عبد الملك أنه نظر إلى نفسه في المرآة فأعجبته فقال: كان محمد - صلى الله عليه وسلم - نبيا، وأبو بكر صديقا، وعمر فاروقا، وعثمان حبيبا، وأنا الملك الشاب، فما دار عليه الشهر حتى مات .
وكان لأحدهم ابنة جميلة، فدخل عليها ذات يوم فنظر إليها، ولم يذكر الله وقال: يا بخت من ستكونين من نصيبه .. وما هي إلا ساعات وترتفع حرارة البنت المسكينة، ولم تطلع عليها الشمس إلا وقد أفضت إلى رحمة الله تعالى ."
وكل هذا تخريف وادعاء قدرة لمخلوق لا يعطيها الله لأحد إلا بمعجزة وقد انتهى زمن المعجزات كما قال سبحانه:
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
وتناول الخطيب عدم اعطاء أصحاب العيون المزعومة مكانة فى المجتمع أو الخوف منهم حيث قال :
"عباد الله .. كل شيء بقضاء الله، ولا ينبغي أن يحاط من اشتهر بالعين وإضرار الناس بها بهالة من الإجلال والمخافة منه والتودد له على وجه يعتقد هو أو غيره أن بيده ضر أحد أو نفعه, واقرأوا إن شئتم قول الله عن السحرة الذين هم اشد خطرا وأكثر ضررا من العيانين قال تعالى (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) فالأمر كله إليه , ما من نسمة هواء تجري إلا بأمره، وما من مثقال ذرة في هذا الكون الفسيح تسكن أو تتحرك إلا بمشيئته وعلمه سبحانه وتعالى,ومن الناس من يصاب بما هو اخطر من العين حين ينسب إليها كل شئ، فإذا تلعثم في كلامه، أو تعثر في ممشاه، او اصطدم بسيارته ظن أن ذلك من أثر العين, حتى إنك لترى الرجل والمرأة وما فيهما ما يستحسنه عاقل من خلق ولا خلق ولا علم ولا دين، ومع ذلك يتوهم ملاحقة العين له في كل آن، وما هذا إلا استدراج من الشيطان له ليعيش في دوامة من الوساوس يفسد بها دينه وتتعطل مصالح دنياه "
وكل ما قاله الخطيب هو إشاعة للجهل فى المجتمع المسلم فالحسد موجود ولكنه أمر نفسى أى مجرد تمنى فى النفس كما قال سبحانه:
" حسدا من عند أنفسهم"
وأما أن التمنى يتحقق فعليا فهذا غلط فاحش
ومعظم ما يحدث هو ما نسميه المصادفة فيحدث أن نتواجد فى مكان تحدث فيه مصيبة فى وجود رجل ما أو امرأة ما ثم بعدها بمدة قد تطول أو تكثر تحدث مصيبة ويكون الرجل أو المرأة حاضرا فيها وعندما ذلك نؤمن أن هذا الرجل أو تلك المرأة نحس أو أصحاب عين صفراء أو مبقورة
فنحن هنا نربط بين الرجل أو المرأة وبين الضرر بينما كل واحد منا لو رجع بشريط ذكرياته للخلق سيجد أنه كان حاضرا مرض أمه وأباه واخوته وأخواته واقاربه الـخرين عشرات المرات فلماذا لم يربط بين كل تلك الأمراض التى حدثت لأقاربه وبين نفسه ؟
إنها عملية انتقاء ناتجة من الهوى الضال
لو عدنا لشريط الذكريات للخلق سيتذكر كل واحد منا أنه حضر حوادث متعددة كانكسار فلان فى الشارع أو حادثة سيارة أو عجلة أو ضرب فلان لعلان فلماذا لا نربط بين أنفسنا وتلك الحوادث؟
كما سبق القول إنها عملية انتقائية ناتجة من الهوى الضال فإذا كان نكره فلان أو فلانة أو سمعنا عنهم من غيرنا ذلك فنحن نصدق أنفسنا وعيرنا مع أننا فى كثير من الأحوال حضرنا أضرار كثيرة للناس حولنا
وبعض الناس أحيانا يحب أن يخيف منه ألاخرين فيتفق مع بعضهم أن ينظر لهم فيقع مريضا أو ينظر مثلا لشىء قد تلاعب به من قبل فيخرب الشىء وعند هذا يصدق الناس أن هذا الرجل قادر على الحسد الضار
هذه هى حقيقة ما نسميه صاحب العين الضارة أو صاحبة العين الضارة ولكن حقيقة لا وجود لتلك العين ولا لأصحابها
الناس عندما يعجزون عن تفسير ما يحدث لهم أو أولادهم أو عندما لا يريدون لوم أنفسهم بالاعتراف بأنهم السبب فى المصائب فأسهل شىء أن ينسبوه لغير فاعله ساحر أو حسود
فمثلا تجد من يرسب ابنه الذى كان متفوقا يعيد ذلك للحسد أو السحر ولا يعيده إلى تغير فى ابنه لم يلاحظه هو لأنه لم يتابعه أو يقوم الغلط الذى وقع فيه
ومثلا تجد المرأة التى ـأخر زواج ابنتها لنفس الحسد أو السحر ولا ترجعه إلى أسبابه الحقيقية وهى أنها مثلا تحبسها فى البيت ولا تجعلها تخرج أو تكلم صاحباتها أو هى الأخرى جالسة فى البيت لا تزور الجارات أو الصديقات أو الزميلات ولا تزار منهن وهى لا تتكلم مع غيرها عن وجود بنت لها فى سن الزواج وهذه بعض الأسباب فى تأخر زواج بعض البنات أن لا أحد يعرف بوجودهن فى الحياة