المفاتيح الاربعه
أربعة مفاتيح ما تَمسَّك بها عبدٌ إلا كان التوفيقُ والرزقُ وراحة البال والطمأنينة والسعادة، حليفًا له، وبالعكس تمامًا
ما وجدتُ تعيسًا قلقًا حزينًا إلا كان عنده من التقصير أو التفريط ما عنده في هذه المفاتيح الأربعة.
قلت: هذا استقراء لحال وشكوى كثير من شبابنا وفتياتنا، فإن أردت الحل لمشاكلك، فدونك هذه المفاتيح
الأربعة اسْمَعها بأُذن قلبك قبل أُذن رأسك، وهي كتالي:
المفتاح الأول: الصلاة:
الصلاة هي الركن الثاني من أركان الاسلام، والصلة التي بينك وبين الله، فلا تقطعها، بل تمسَّك بها، وذكِّر بها أهلك وإخوانك
ففيها الخير والرزق؛ قال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132]
فإن قطعتها فاعلم أنه قُطع عنك الخير والرزق، وتخبَّطت في وحل الشهوات؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45].
المفتاح الثاني: بر الوالدين:
الوالدان نعمة من الله تعالى لا يعرف قيمتها إلا مَن ابتُلي بفقدهما، أو بفقد أحدهما، فهما جنة في الدنيا تجني ثمارها في الدنيا
قبل الآخرة؛ قال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]، فقرَن الله إحسانك لوالديك بعبادته
وتوحيده، وهذا إن دل على شيء، فإنه يدل على عظيم شأن بر الوالدين، فهذا التابعي الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم:
((إن خير التابعين رجل يقال له: أويس، وله والدة هو بها برٌّ، لو أقسم على الله لأبرَّه، وكان به بياض فبَرِئ، فمُروه فليَستغفر لكم))؛ رواه مسلم.
المفتاح الثالث: ذكر الله:
هي جنة في صدرك وطُمأنينة قلبك؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]
بل إن هذا الذكر حياة لك، فالحياة الحقيقة ليست أنك تقوم وتقعد وتأكل، وتغدو وتروح، ويجري الدم في عروقك، لا، بل هي حياة قلبك
قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: ((مثل الذي يذكر ربَّه والذي لا يذكر ربَّه، مثلُ الحي والميت)) إذًا حالي وحالك مع ذكر الله
كحال السمكة مع الماء إذا أخرجناها من الماء، هل تعيش؟ قطعًا لا! كذلك أنا وأنت مع ذكر الله، فلا تفتر عن ذكره.
المفتاح الرابع: الصحبة الصالحة:
من الكنوز التي لا تفنى ويبقى أثرها معك في الدنيا والآخرة: الجليس الصالح، وبالعكس جليس السوء، وقد ضرب لنا رسول الله
المثل بقوله عليه الصلاة والسلام: ((إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ، فحاملُ المسك:
إِما أن يحذيكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير؛ إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحًا خبيثَة))؛ رواه البخاري، ومسلم.
ختامًا:
حافظ على هذه المفاتيح الأربعة، وتمسَّك بها، وقَيِّم نفسك فيها، فإن كنتَ قد أحسنتَ، فاحمَد الله واثْبُتْ، وتزوَّد أكثر من الخير:
﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197]، وإن كان هناك تقصير أو تفريط، فتدارك نفسك قبل فوات الأوان:
﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100].
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|