شرح حديث: قد علمكم نبيكم كل شيء
• عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى الْخِرَاءَةَ. قَالَ، فَقَالَ: أَجَلْ. لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أوَ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِاليَمِينَ، أَوْ أَنْ نسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ. أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ. رواه مسلم.
• وعن جَابِر رضي الله عنه قَالَ: نَهَىٰ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُتَمَسَّحَ بِعَظْمٍ أَوْ بِبَعَرٍ. (رواه مسلم).
ألفاظ الأحاديث:
• قيــل له: في الرواية الأخرى عند مسلم " قال لنا المشركون ".
• (الْخِرَاءَة): بكسر الخاء، اسم لهيئة الحدث (أي أدب التخلي، والقعود لقضاء الحاجة)، وأما نفس الحدث فبحذف التاء المربوطة الخِراءُ وبالمد مع فتح الخاء أو كسرها.
• (برَجِيعٍ) الرجيع: هو الروث أو العذرة، وسمي بذلك لأنه يرجع عن حاله الأولى بعد أن كان طعاماً أو علفاً.
• (الاستنجاء): من النجو: وهو إزالة العذرة، وأكثر ما يستعمل لفظ الاستنجاء بالماء ويستعمل في الأحجار أيضاً كما في هذا الحديث.
من فوائد الأحاديث:
الفائدة الأولى: حديث سلمان - رضي الله عنه - دليل على النهي عن الاستنجاء باليمين من البول والغائط سواءً بالأحجار أو بالماء، وهل النهي للتحريم أو للكراهة؟
القول الأول: أنه للكراهة وهو قول جمهور العلماء.
والقول الثاني: أنه للتحريم، وهو قول بعض الظاهرية وبعض الشافعية.
والأحوط ألا يستنجي المسلم بيمينه إلا إذا احتاج لذلك لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " وما نهيتكم عنه فاجتنبوه " متفق عليه، فإن احتاج لذلك كأن تكون اليسرى مشلولة أو بها جرح فلا بأس.
الفائدة الثانية: في حديث سلمان - رضي الله عنه - النهي عن الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار، وهل يقوم مقامها حجر له ثلاثة شعب بأن يمسح به ثلاث مسحات؟
على قولين والأظهر والله أعلم: أنه يكفي ثلاث مسحات ولو بحجر واحد لأن المقصود الإنقاء وهذا يحصل بثلاث مسحات وهو قول جمهور العلماء ولو استنجى بثلاثة أحجار فهو أفضل لظاهر الحديث وهل لا بد من الأحجار أو يجزئ غيرها مما يقوم مقامها كالخِرَق والخشب والمناديل ونحوها؟ على قولين، والأظهر والله أعلم: أنه يجزئ ما يقوم مقام الأحجار لأن المقصود التطهير وإنما نص الشارع على الأحجار لأنها أيسر وأسهل في الحصول عليها، وأيضاً نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الاستنجاء بالعظم والرجيع يدل على أن غيره مما لم يُنه عنه يجوز استعماله إذ لو كان الحجر مقصوداً بعينه لنُهِيَ عن غيره مطلقاً. وهو قول جمهور العلماء.
الفائدة الثالثة: في الحديثين النهي عن الاستنجاء بالعظم و الرجيع، والعلة من ذلك ما جاء في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - في قصة ليلة الجن وفي الحديث أن الجن سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - الزاد فقال لهم: " لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً، وكل بعرة علف لدوابكم "فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم " وأيضاً مما يُنهي عن الاستنجاء به الطعام وهذا باتفاق الأئمة لأنه كفر بالنعمة وكذلك كل ماله حرمة كأوراق المصاحف وكتب العلم.
وسيأتي في شرح الأحاديث القادمة مسألة استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة.
مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الطهارة).
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|