الهجرة إلى الحبشة: دروس وعبر (4) - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 354
عدد  مرات الظهور : 10,373,407
عدد مرات النقر : 334
عدد  مرات الظهور : 10,373,404
عدد مرات النقر : 230
عدد  مرات الظهور : 10,373,443
عدد مرات النقر : 180
عدد  مرات الظهور : 10,373,443
عدد مرات النقر : 329
عدد  مرات الظهور : 10,373,443

عدد مرات النقر : 30
عدد  مرات الظهور : 3,891,562
عدد مرات النقر : 2
عدد  مرات الظهور : 52,7960
عدد مرات النقر : 2
عدد  مرات الظهور : 52,7901
عدد مرات النقر : 3
عدد  مرات الظهور : 52,7862
عدد مرات النقر : 3
عدد  مرات الظهور : 52,7843

عدد مرات النقر : 57
عدد  مرات الظهور : 3,886,151

عدد مرات النقر : 23
عدد  مرات الظهور : 3,886,675


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 04-19-2024, 05:08 PM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » يوم أمس (06:18 PM)
آبدآعاتي » 3,720,684
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2270
الاعجابات المُرسلة » 800
مَزآجِي   :  08
SMS ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 آوسِمتي »
 
افتراضي الهجرة إلى الحبشة: دروس وعبر (4)

Facebook Twitter


الخُطْبَةُ الأُولَى

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّه، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغفِرهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفِسِنَا وَمَنْ سَيِّئاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، نَحْمَدُكَ رَبَّنَا عَلَى مَا أنعَمْتَ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ نِعَمِكَ العَظِيمَةِ، وآلائِكَ الْجَسِيمَةِ؛ حَيْثُ أرْسَلتَ إلَيْنَا أَفْضَلَ رُسُلِكَ، وأنْزَلْتَ عَلَينَا خَيْرَ كُتُبِكَ وشَرَعْتَ لَنَا أَفْضَلَ شَرائِعِ دِينِكَ، فَاللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى، وَلَكَ الْحَمْدُ إذَا رَضِيتَ، وَلَكَ اَلْحَمْدُ بَعْدَ الرِّضَا؛ أَمَّا بَعْدُ:

أيُّهَا الإخْوَةُ المُؤْمِنُونَ، تحدَّثنا في الخُطبة المَاضِية عَن استدعاء النَّجاشي للصَّحابة لِيسمَع مِنهم، فقالُوا ما عَلموه مِن الحقِّ، وذكر له جعفر سَببَ مجيئِهم إلى الحَبشةِ، ونُتَفًا مِمَّا يَنهى عنه النَّبِي صلى الله عليه وسلم من مَساوئ الأخلاقِ، وما يأمُر بِه من مَكارمِ الأخلاقِ.



ويَستمر بِنا الحديث في هذه الخُطبة[1] عن حَديث أُمِّ سَلمة رضي الله عَنها، وخاصَّةً حديثَهَا عن: بُكاء النجاشي وأسَاقِفته بعد سَماعِهم للقرآن وَمَقَالة الْمُهَاجِرِينَ فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ.



عِبَاد الله، تقول أمُّ سَلمةَ رضي الله عَنها بعد حَديثها عن خُطبة جَعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: "فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَن اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ جَعْفَر: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: فَاقْرَأْهُ عَلَيَّ، قَالَتْ: فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ: «كهيعص» (أي من سُورة مَريم)، قَالَتْ: فَبَكَى وَاَللَّهِ النَّجَاشِيُّ حَتَّى اخْضَلَّتْ [ابتلَّت] لِحْيَتُهُ، وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلوا مَصَاحِفَهُمْ، حِينَ سَمِعُوا مَا تَلَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ النَّجَاشِيُّ: إنَّ هَذَا وَاَلَّذِي جَاءَ بِهِ عِيسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ [2] وَاحِدَةٍ، انْطَلِقَا، فَلَا وَاللَّهِ، لَا أُسْلِمُهُمْ إلَيْكُمَا، وَلَا يُكَادُونَ".


عِبَادَ اللَّهِ، في هذا القَدر مِن الحَدث نخرُج بدرسٍ وفائدةٍ وهو:

الدرس الأول: القرآن مُهيمنٌ على الكُتب السَّماوية كلِّها، وكَاشفٌ لعِللِهَا بعد التَّحريف:

فهِمنا هذا من قولِ النَّجَاشي: "إنَّ هَذَا وَاَلَّذِي جَاءَ بِهِ عِيسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ، وَاحِدَةٍ"؛ لأنَّ أصلَ الكتب السَّماويَة كلِّها من عِند الله، واللاحق يصدِّق السَّابق قبلَ التحريف، قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48] فالإنجيلُ مصدِّق ومؤيدٌ للتوراة، والقرآنُ الكريم مصدِّقٌ ومؤيدٌ للتوراةِ والإنجيلِ، ومعنَى ﴿ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾؛ أي: إنَّ القرآنَ أمِينٌ وشَهيدٌ ورَقيبٌ على تِلك الكتبِ، فمَا وافَقَه مِنها فهو حقٌّ، وما خالَفه مِنها فهو باطلٌ.



ومن مَظاهر هَيمنَة القرآنِ على الكُتُبِ السَّماوية:

1- إخبارُه بأنَّه قد طَالَها التَّحريفُ والتَّبدِيلُ والتَّغيير: فلم تَعُد كَما أنزلَها الله؛ بل أخبرَ أنَّهم كتبوا الكُتب بأيديهم ونسَبوها إلى الله زُورًا وبُهتانًا؛ قال تَعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ﴾ [البقرة: 79].



2- أخبر عن بعضِ المَسائلِ التي طَالَها التَّحريف، ومن ذلك: ما صرَّحت به الأنَاجِيل من قتلِ عيسى عَليه السلام وصَلبِه، والله عز وجل يقولُ: ﴿ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ﴾ [النساء: 157].



3- أنَّه كشفَ بعض ما يُخفِيه أهلُ الكتابِ؛ كتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم لليهود في إخفائهم آيةَ الرَّجم [3]، وكإخفائِهم ما يتَّصِل بخاتَم الرُّسل من بشائِر ونُعوت وتحريفهم لها بالحذف أو بالتأويلِ الفاسدِ، فجاء القرآنُ بالحقِّ في ذلك كلِّه، قال تَعالى: ﴿ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾ [المائدة: 15].



4- أنَّه أنهى العملَ بالكتب السَّماوية السَّابقة: فلا اعتبارَ لها بجانِبه؛ لأنه شغل الفراغ كلّه بتشريعِه الجديدِ، وليس لأحد أن يركنَ إلى ما جَاء بها بعد أن تسرَّبَ الباطلُ إليهَا، ولَعبت الأيدي الأثيمة بها، قال تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المائدة: 48]؛ ولذلك غضِب النبي صلى الله عليه وسلم مِن عُمر رضي الله عَنه الذي أتَى بصَحِيفةٍ من أهلِ الكتابِ فقرأهَا عليهِ فقال: "أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا بْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا، مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي"[4]، والعَجبُ من بعضِ جَاليتنا الذين تُوزَّع عليهم الأنَاجيل فيأتون بِها، فلا ينبغي لهم أخذها ولا الترويج لها، يكفيهم كتابُ ربِّهم.



ولِفرط مَعرفةِ النجاشي وأساقفته بالحقِّ بَكَوا؛ قال تَعالى: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [المائدة: 83].



فاللَّهم أرِنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتِّباعه، وأرِنَا الباطلَ باطلًا وارزقنَا اجتنابَه، وآخِر دَعوانَا أن الحَمدُ لله رَبِّ العَالمين.



الْخُطْبَةُ الثانية



الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَصَلَّى اللَّهُ وسَلَّمَ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَن اقْتَفَى.



بعدَ خسارةِ مبعوثَي قريشٍ، قالت أمُّ سَلمة رضي الله عَنها:

"فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: وَاَللَّهِ لَآتِيَنَّهُ غَدًا عَنْهُمْ بِمَا أَسْتَأْصِلُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ [أي: شجرتهم الَّتِي مِنْهَا تفرعوا]، قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ عبدالله بْنُ أَبِي ربيعَة، وَكَانَ أتقى الرَّجُلَيْنِ فِينَا: لَا نَفْعَلُ، فَإِنَّ لَهُمْ أَرْحَامًا، وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا، قَالَ: وَاَللَّهِ لَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِيسَى بن مَرْيَمَ عَبْدٌ. قَالَتْ: ثُمَّ غَدا عَلَيْهِ مِنْ الْغَدِ فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى بن مَرْيَمَ قَوْلًا عَظِيمًا، فَأَرْسِلْ إلَيْهِمْ فَسَلْهُمْ عَمَّا يَقُولُونَ فِيهِ. قَالَتْ: فَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ لِيَسْأَلَهُمْ عَنْهُ. قَالَتْ: وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهَا قَطُّ. فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى بن مَرْيَمَ إذَا سَأَلَكُمْ عَنْهُ؟ قَالُوا: نَقُولُ وَاَللَّهِ مَا قَالَ اللَّهُ، وَمَا جَاءَنَا بِهِ نَبِيُّنَا، كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ. قَالَتْ: فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ، قَالَ لَهُمْ: مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ؟ قَالَتْ: فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: نَقُولُ فِيهِ الَّذِي جَاءَنَا بِهِ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: هُوَ عبدالله وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ. قَالَتْ: فَضَرَبَ النَّجَاشِيُّ بِيَدِهِ إلى الْأَرْضِ، فَأَخَذَ مِنْهَا عُودًا، ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ مَا عَدَا عِيسَى بن مَرْيَمَ مَا قُلْتَ هَذَا الْعُودَ، قَالَتْ: فَتَنَاخَرَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ، فَقَالَ: وَإِنْ نَخَرْتُمْ وَاَللَّهِ، اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ شُيُومٌ بِأَرْضِي- وَالشُّيُومُ: الْآمِنُونَ- مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، ثُمَّ قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دَبَرًا[أي جبلًا] مِنْ ذَهَبٍ، وَأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ... قَالَتْ: فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا مَا جَاءَا بِهِ، وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ، مَعَ خَيْرِ جَارٍ".



نستفيد من هذا الحدَث دَرسَين وهما:

الدرس الثاني: الاعتقاد الصحيح في عيسى عليه السلام:

قال جعفر: "هُوَ عبدالله وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ"، ومعنى العذراءُ البَتُول؛ أي: المُنقطعةُ عن الرِّجال، فلخص جعفَر المعتقدَ الصَّحيح في عِيسى عليه السَّلام كما ورد في القرآنِ الكريمِ؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ﴾ [النساء: 171].



ويتلخَّصُ معتقدُ المُسلمينَ عُمومًا في المَسيحِ عليه السلام أنه ابن مريم الصدِّيقة، وُلد بمُعجزة إلَهيَّة من غير تدخلٍ بَشري، وقد ابتعثَه الله رسُولًا إلى بَني إسرَائيل، يدعو إلى توحيد الله، ويبشِّر بمقدم خَاتم النَّبيين، وأيَّده بالمُعجِزات العَظيمة، فاستمر في دَعوته، مُراغمًا لِليهود الذين أرادُوا قتلَه، على عَادتِهم في قتلِ الأنبياءِ، لكن الله أنجَاه من مَكْر اليَهودِ ومُؤامرَتِهم لقتلِه، ورفَعَه إلى سَماواته، وسَيعودُ قُبيل قِيام السَّاعة، داعية إلى الله من جَديد، ومطبِّقًا لشرعِه، مُنكِّسًا للصَّليب، ورَافعًا لأعلامِ التوحيد.



بخلاف المعتقدات الباطلة للنصارى في القول بأنَّه ابن الله، أو أنَّه إلَهٌ، قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 30، 31]، وبهذا أثبتوا عقيدة التثليت: الابن والأب ورُوح القدس التي يَحارُ العقل في فهمِها، قال القس أنيس شروش: "واحدٌ في ثلاثة وثلاثةٌ في واحد، ليسَ عليكم أن تفهَموه، بل عليكم أن تتقبلُوه"، قال الله عز وجل في الردِّ عليهم: ﴿ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾ [النساء: 171].



الدرس الثالث: التمسك بالدِّين في بلاد المَهجر:

قال المُهاجرون لمَّا أرسل إليهم النجاشي لِمعرفة قولِهم في عيسى عليه السلام: "نَقُولُ وَاَللَّهِ مَا قَالَ اللَّهُ، وَمَا جَاءَنَا بِهِ نَبِيُّنَا، كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ"، فأجمَعوا على قولِ كلمةِ الحقِّ وعدمُ التفريط في مُعتقدهِم رغم ضُعفِهم وغُربتِهم.



فنستفيدُ من هذا لجَاليتنا ضرورةَ التمسُّكِ بعقيدتهم وإظهار شَعائر دِينِهم، والسَّعي لِتأسيس مَساجد ومدارسَ ومؤسَّسات، بها يُحافظونَ على لُغة القرآن وإقامةِ الشَّعائر الدينية ومكان لاجتماعِهم والتداول في شُؤونهم، وحمايةً لأنفسِهم وأبنَائهم من الذَّوبَان في المُجتمعات الغربية.



فإيَّاك أخي المؤمن التفريط -إذا ماقُدِّر لَك أن تهاجر إلى بلادِ غير المُسلمين- في عِباداتك وأخلاقِ الإسلام، وإيَّاكِ -أيتها الأخت المؤمنة- أن تفرِّطِي في حِجابك، وإيَّاكم أن تفرطوا في تربية أبنائكم على أصُول الإسلام، فإن خَشيت على دِينك فالقَرارُ في بَلدِك أفضلُ لك، فقد تفقدُ المَالَ، وتفقدُ المَنصب؛ لكن إن فقدتَ دِينك فليس هُناك من مُصيبة أعظمُ منهَا؛ لأنَّه سَبيلُ نَجَاتِكَ.



وهكذا إخوانِي عاشَ المُهاجرون في أمنٍ وأمَانٍ، ورجعُوا في فَتراتٍ مختلفة، حتَّى لحِق آخِرُهُم بالنَّبِي صلى الله عليه وسلم في المَدينةِ سنة سَبعٍ من الهجرةِ.



فاللَّهم احفظ لنَا دِيننَا الذي هُو عِصمةُ أمرِنَا، واحفظْ لنَا دُنيانَا التي فيهَا مَعاشُنَا، واحفظْ لنا آخرتَنا التي إليهَا معادُنا، واجعلِ الحياة زيادةً لنا في كلِّ خيرٍ، واجعلِ المَوت راحةً لنَا من كلِّ شرٍّ، آمين (تتمة الدُّعاءِ).



 توقيع : حكاية ناي ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
قديم 04-19-2024, 05:08 PM   #2



 
 عضويتي » 61
 جيت فيذا » Dec 2022
 آخر حضور » يوم أمس (05:39 PM)
آبدآعاتي » 283,259
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » احساس has a reputation beyond reputeاحساس has a reputation beyond reputeاحساس has a reputation beyond reputeاحساس has a reputation beyond reputeاحساس has a reputation beyond reputeاحساس has a reputation beyond reputeاحساس has a reputation beyond reputeاحساس has a reputation beyond reputeاحساس has a reputation beyond reputeاحساس has a reputation beyond reputeاحساس has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة » 91
الاعجابات المُرسلة » 169
مَزآجِي   :
 آوسِمتي »

احساس متواجد حالياً

افتراضي



جزاك الله خير
وأحسن إليك فيما قدمت
دمت برضى الله وإحسانه وفضله


 توقيع : احساس

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.