شرح حديث: إنما العلم بالتعلم (1)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
روى الخطيب في تاريخ بغداد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَمَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَوَقَّ الشَّرَّ يُوقَهُ»[1].
هذا حديث عظيم، اشتمل على حكم وتوجيهات وحقائق، أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فقد اشتمل هذا الحديث العظيم على مسائل:
الأولى: أن بذل الجهد في تحصيل العلم والحرص عليه وسيلة مضمونة لحصوله، فبالتعلم يُنال العلم. والتعلم: هو إتعاب الجسد، والعزم الصادق، وإخلاص النية، فإذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة تحقق بها المراد قطعًا، قال يحيى بن أبي كثير: «لا يستطاع العلم براحة الجسد»، وأخبار الأنبياء والصالحين من بعدهم بهذا الباب كثيرة جدًّا.
فهذا نبي الله موسى عليه السلام رحل في طلب العلم، وناله من التعب والنصب في سبيل ذلك ما ذكره الله في كتابه، غير أن النتائج مذهلة جدًّا، ونافعة لا لموسى فحسب، بل للأجيال من بعده، وإلى الآيات فتدبر:
قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا * فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا * فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا * قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا * قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا * فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا * قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا * قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا * فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا * فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا * فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا * قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [الكهف: 61- 78].
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَوَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَخْبَارِهِمَا».[2] وفي هذا أن الصبر لطلب العلم كلما كان أطول كان الانتفاع أعظم.
والصحابي الجليل جابر رضي الله عنه رحل في طلب حديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم شهرًا كاملًا.
فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث جابر بن عبد الله قال: بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتريت بعيرًا ثم شددت عليه رحلي فسرت إليه شهرًا حتى قدمت عليه الشام، فإذا عبد الله بن أُنيس، فقلت للبواب: قل له جابر على الباب، فقال: ابن عبد الله؟ قلت: نعم، فخرج يطأ ثوبه، فاعتنقني واعتنقته، فقلت: حديثًا بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في القصاص، فخشيت أن تموت أو أموت قبل أن أسمعه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ قَالَ: الْعِبَادُ عُرَاةً، غُرْلًا، بُهْمًا»، قَالَ: قُلْنَا: وَمَا «بُهْمًا»؟ قَالَ: «لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ [بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ] قَرُبَ: أنا الْمَلِكُ، أنا الدَّيَّانُ، لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ، حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ، حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ؛ حَتَّى اللَّطْمَةُ»، قُلْنَا: كَيْفَ وَإِنَّمَا نَأْتِي اللهِ عُرَاةً، غُرْلًا، بُهْمًا؟ قَالَ: «بِالْحَسَنَاتِ وَالسِّيِّئَاتِ»[3].
قال علي بن أحمد الخوارزمي: سمعت عبدالرحمن بن أبي حاتم يقول: «كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة، كل نهارنا مقسم بمجالس الشيوخ، وبالليل النسخ والمقابلة، فأتينا يومًا أنا ورفيق لي شيخ، فقالوا: هو عليل، فرأينا في طريقنا سمكة أعجبتنا فاشتريناها، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس، فلم يمكننا إصلاحها، ومضينا إلى المجلس، فلم نزل حتى أتى علينا ثلاثة أيام، وكادت أن تتغير، فأكلناها نيئة لم يكن لنا فراغ أن نعطيها من يشويها لنا، ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد»[4].
ورحل شعبة بن الحجاج في قصة مشهورة إلى الشام والحجاز واليمن في طلب حديث واحد، روى ابن عدي في الكامل... سمعت نصر بن حماد يقول: كنا قعودًا على باب شعبة نتذاكر، فقلت: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر قال: كنا نتناوب رعية الإبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فجئت ذات يوم والنبي صلى الله عليه وسلم حوله أصحابه، قال: فسمعته يقول: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ إِلَّا غُفِرَ لَه»، قَالَ: فَقُلْتُ: بَخٍ بَخٍ، قَالَ: فَجَذَبَنِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: الَّذِي قَالَ قَبْلَ أَحْسَنُ، قُلْتُ: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: «مَنْ شَهِدَ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِيلَ لَهُ ادْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتَ»، قال: فخرج شعبة فلطمني ثم رجع، فتنحيت من ناحية، ثم خرج بعد فقال: ما له بعد يبكي، فقال له عبد الله بن إدريس: إنك أسأت إليه! قال: انظر ما يحدث، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن عطاء، عن عقبة ابن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال شعبة: أنا قلت لأبي إسحاق: من حدَّثك؟ قال: حدثني عبد الله بن عطاء، عن عقبة بن عامر، قال: سمع عبد الله بن عطاء من عقبة؟ قال: فغضب، ومسعر ابن كدام حاضر، فقال: قد أغضبت الشيخ، قلت: ليصححن هذا الحديث، فقال مسعر بن كدام: عبد الله بن عطاء بمكة، قال شعبة: فرحلت إلى مكة فلقيت عبد الله فسألته، فقال: سعد ابن إبراهيم حدثني، قال شعبة: ثم لقيت مالك بن أنس فقال: سعد بالمدينة لم يحج العام، قال شعبة: فرحلت إلى المدينة فلقيت سعدًا فسألته، فقال: الحديث من عندكم زياد بن مخراق حدثني، قال شعبة: فلما ذكر زياد قلت: أي شيء هذا الحديث بينما هو كوفي إذ صار مكيًّا، إذ صار مدينيًّا، إذ صار بصريًّا؟ قال شعبة: فرحلت إلى البصرة فلقيت زياد بن مخراق فسألته، فقال: ليس الحديث من نايتك، قلت: حدثني به، قال: لا تريده، قلت: حدثني به، قال: حدثني شهر بن حوشب، عن أبي ريحانة، عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال شعبة: فلما ذكر شهر قلت: دمَّر علي هذا الحديث، لو صح لي هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان أحب إليَّ من أهلي ومالي والناس أجمعين [5].
فبهذا صاروا أئمة يقتدى بهم، ولا تكاد تمر ساعة على وجه الأرض إلا ودُعي لهم فيها، فذكرهم باق، وأجرهم موصول، ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].
ومن الأمثلة القريبة ما جاء عن العلامة محمد بن الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان، يقول رحمه الله: «جئت للشيخ في قراءتي عليه، فشرح لي كما كان يشرح، ولكنه لم يشف ما في نفسي على ما تعودت، ولم يرو لي ظمئي، وقمت من عنده وأنا أجد في حاجة إلى إزالة بعض اللبس، وإيضاح بعض المشكل، وكان الوقت ظهرًا، فأخذت الكتب والمراجع فطالعت حتى العصر، فلم أفرغ من حاجتي، فعاودت حتى المغرب فلم أنته أيضًا، فأوقد لي خادمي أعوادًا من الحطب أقرأ على ضوئها كعادة الطلاب، وواصلت المطالعة وأتناول الشاهي الأخضر كلما مللت أو كسلت، والخادم بجواري يوقد الضوء، حتى انبثق الفجر وأنا في مجلسي لم أقم إلا لصلاة فرض أو تناول طعام، وإلى أن ارتفع النهار، وقد فرغت من درسي وزال عني لبسي، ووجدت هذا المحل من الدرس كغيره في الوضوح والفهم»[6].
وللشيخ الألباني رحمه الله نبأ عجيب، فقد كان يتردد على المكتبة الظاهرية بدمشق، ويمكث فيها الساعات الطوال، وقد خصصت إدارة المكتبة غرفة له خاصة، وفي مرة من المرات صعد الشيخ ناصر على السلم في المكتبة الظاهرية ليأخذ كتابًا مخطوطًا فتناول الكتاب وفتحه، فبقى واقفًا على السلم يقرأ في الكتاب لمدة تزيد على الست ساعات، وهذه الوقفة ليست مريحة على الإطلاق، وإنما هي متعبة أكثر من الوقوف على الأرض، وكان مشغوفًا بالكتابة، فكان ينقل الأسانيد، فقد كتب في الكراريس الكبيرة تقريب السنة بين يدي الأمة ما يقارب أربعين ألف حديث، وعلق على جمع الطرق من هذا الكتاب، ومن ذاك الكتاب قراءة وكتابة، وهكذا وصل الشيخ إلى ما وصل إليه[7].
وللشيخ ابن باز نبأ آخر، فقد كانحريصًا على وقته حتى في حال السفر، فبمجرد ركوبه السيارة وذكره لدعاء السفر، يلتفت إلى من بجانبه من الكتاب، ويقول له: ما معك؟ فنبدأ، فتقرأ عليه بعض الكتب، وتُعرض عليه بعض القضايا والمعاملات، وهكذا حاله وهو ينتظر موعد إقلاع الطائرة، وبعد أن تقلع يكون معه كاتب أو كاتبان أو أكثر، فيتعاقبون القراءة عليه إلى حين وصول الطائرة إلى مكان هبوطها في الرياض أو الطائف أو غيرها.
وذكر الشيخ عبدالرحمٰن بن دايل، وهو رجل كبير السن، عاش مع سماحة الشيخ ما يقارب أربعين سنة، يقول: كنا في المدينة إبَّان عمل سماحته في الجامعة الإسلامية، وذات يوم سافر سماحته إلى قرية بدر التي تقع على الطريق بين جدة والمدينة على الطريق القديم، حيث ذهب لمهمة دعوة يلقي خلالها محاضرة، وكنت أنا والشيخ إبراهيم بن عبدالرحمن الحصين رحمه الله معه في السيارة؛ فلما بدأ سيرنا ودعا سماحته بدعاء السفر، التفت رحمه الله وقال: توكلوا على الله، يعني ابدؤوا بقراءة المعاملات، فقلنا: يا شيخ - غفر الله لك - نحن دائمًا نقرأ، ولا نتمكن من الخروج خارج المدينة، وهذه هي فرصتنا؛ دعنا نستمتع بالرحلة، وننظر إلى الجبال والأودية، ونتفكر في مخلوقات الله.
فضحك سماحته وقال: اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم اهدنا فيمن هديت؛ ليقرأ الشيخ إبراهيم، وأنت تفكر في مخلوقات الله كما تقول، وبعد أن ينتهي الشيخ إبراهيم، أملي عليك، وينظر الشيخ إبراهيم ويتفكر وقت الإملاء، وهكذا..
ويقول الشيخ عبدالرحمٰن بن دايل: أنتم ما أدركتم نشاط سماحته؛ إذ كان في المدينة لا ينام بعد العشاء إلا متأخرًا، وكان لا ينام بعد الفجر، ولا الظهر، ولا العصر[8].
وللشيخ ابن عثيمين نبأ آخر، فقد كان يمضي وقته كله في الدروس والإفتاء والعبادة ولا ينام إلا قليلًا، وفي آخر حياته وعند شدة مرضه بالسرطان، كان يجيب الأسئلة عن طريق الهاتف، ويطلب معاملات الناس وهو في المستشفى ليقضيها، ثم طلب أن يلقي درسه في العشر الأواخر من رمضان، وأصر على ذلك، فانتقل معه الأطباء وكان يلقي درسه والأجهزة والأكسجين على جسمه... يَغُوصُ البَحْرُ مَنْ طَلَبَ اللَآلِي... والخلاصة ما قاله أحد الشعراء:
لَأَسْتَسْهِلَنَّ الصَّعْبَ أَوْ أُدِرْكُ المُنَى *** فَمَا انْقَادَتِ الآمَالُ إِلَّا لِصَابِرِ
وقال الشافعي:
بقَدْرِ الكَدِّ تُكْتَسَبُ المَعَالِي
وَمَنْ طَلَبَ العُلَا سَهِرَ اللَّيَالِي
تَرَومُ العِزَّ ثُمَّ تَنَامُ لَيْلًا
يَغُوصُ البَحْرُ مَنْ طَلَبَ اللَآلِي
وَمَنْ رَامَ العُلَى مِنْ غَيْرِ كَدٍّ
أَضَاعَ اَلعُمْرَ فِي طَلَبِ المُحَالِ
وقال المتنبي:
وَإِذَا كَانَتِ النُّفُوسُ كِبَارًا *** تَعِبَتْ فِي مُرادِهَا الأَجْسَامُ
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|