حديث: إذا تبايعتم بالعينة
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذُلًّا لا ينزعه شيءٌ حتى ترجعوا إلى دينكم؛ رواه أبو داود من رواية نافع عنه، وفي إسناده مقال، ولأحمد نحوه من رواية عطاء، ورجاله ثقات، وصححه ابن القطان.
المفردات:
«العينة»: هي أن يبيع الإنسان غيره سلعة بثمن مؤجل، ثم يشتريها منه بأقل من ثمنها الذي باعه به، والعينة بكسر العين.
«وأخذتم أذناب البقر»؛ أي اشتغلتم بالحراثة عن الجهاد في سبيل الله.
«ورضيتم بالزرع»؛ أي صارت الزراعة منتهى رضاكم وشغلكم، فقصَّرتم في إعلاء كلمة الله ولم تجاهدوا.
«وتركتم الجهاد»؛ أي ولم تقاتلوا في سبيل الله.
«ذلًا»؛ أي هوانًا وصغارًا ومسكنة.
«لا ينزعه شيء»؛ أي لا يرفعه ولا يدفعه ولا يزيله عنكم شيء.
«حتى ترجعوا إلى دينكم»؛ أي حتى تعودوا إلى الجهاد في سبيل الله لإعزاز دينكم.
«عنه»؛ أي عن ابن عمر رضي الله عنهما.
«وفي إسناده مقال»؛ أي هو حديث ضعيف.
«نحوه من رواية عطاء»؛ أي نحو حديث أبي داود، لكنه من رواية عطاء عن ابن عمر بإسقاط نافع.
البحث:
قال أبو داود في سننه «باب النهي عن العينة»: حدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب أخبرني حيوة بن شريح، ح، وثنا جعفر بن مسافر التنيسي ثنا عبد الله بن يحيى البرسلي ثنا حيوة بن شريح عن إسحاق أبي عبد الرحمن قال سليمان عن أبي عبد الرحمن الخراساني: إن عطاء الخراساني حدثه أن نافعًا حدثه عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا تبايعتم بالعينة»... إلخ؛ الحديث، ثم قال: قال أبو داود: الأخبار لجعفر وهذا لفظه؛ اهـ، وسبب ضعف هذا الحديث أنه من رواية إسحاق بن أسيد الأنصاري أبي عبد الرحمن الخراساني قال الحافظ في التقريب: كذا يقول فيه الليث، ويقال: أبو محمد المروزي نزيل مصر، فيه ضعف، من الثامنة؛ اهـ، وقال في تهذيب التهذيب: قال أبو حاتم: شيخ ليس بالمشهور ولا يشغل به، وقال أبو أحمد بن عدي: مجهول، ثم قال الحافظ: وحكى أن الأزدي قال فيه: منكر الحديث، تركوه؛ اهـ، وأما الحديث الذي أشار إليه المصنف بقوله: ولأحمد نحوه من رواية عطاء...إلخ، فقد أخرجه أحمد من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن عطاء عن ابن عمر قال: أتى علينا زمان، وما يرى أحدنا أنه أحق بالدينار والدرهم من أخيه المسلم، ثم أصبح الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله - أنزل الله بهم ذلًّا فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم، قال الحافظ في تلخيص الحبير: وعندي أن إسناد الحديث الذي صححه ابن القطان معلول؛ لأنه لا يلزم من كون رجاله ثقاتًا أن يكون صحيحًا؛ لأن الأعمش مدلس، ولم ينكر سماعه من عطاء، وعطاء يحتمل أن يكون هو عطاء الخراساني، فيكون فيه تدليس التسوية بإسقاط نافع بين عطاء وابن عمر، فرجع الحديث إلى الإسناد الأول، وهو المشهور؛ اهـ.
أقول: عطاء الخراساني مشهور بالتدليس، هذا ولا شك أن بيع العينة من أظهر حيل الربا، فإن هذه الصفقة لم يقصد بها تبادل السلعة، وإنما قُصد بها أن يدفع صاحب السلعة مبلغًا من المال، ليحصل على مبلغ أكثر منه في نظير التأجيل، كما أن المتقدم للشراء لم يرد السلعة حقيقة، وإنما أراد الحصول على مبلغ من المال يردُّه مع زيادة، قال ابن رسلان في شرح السنن: وسميت هذه المبايعة عينة لحصول النقد لصاحب العينة؛ لأن العين هو المال الحاضر، والمشتري إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه من فوره ليصل به إلى مقصوده؛ اهـ.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|