المعجزة الخالدة في جزء من الليل
في جزء من الليل تمت حادثة الإسراء والمعراج ولم تكن كل الليل؛ فضلاً أنها بالمنطق البشري لا تكفيها الشهور للإسراء فقط؛ فكيف بالمعراج التي تعني الانتقال من السماء الأولى إلى السماء السابعة ثم دخوله الجنة وعروجه إلى سدرة المنتهى ودنوه من رب الأرض والسماء.
• في جزء من الليل أرى الله حبيبه ومصطفاه محمداً - صلى الله عليه وسلم - ما لم يخطر على بال.
• في جزء من الليل أسرى الله محمداً صلى الله عليه وسلم لينفس عنه ويسليه ويخفف عنه ويذهب ما حل به من عنت قومه تكذيباً واستهزاءً وإيذاءً؛ فكأنها من الله منحة وأي منحة يعده بعدها لأحداث جسام تنوء بحملها الجبال ولا تتحملها إلا نفوس أعدها الله وهيأها لذلك.
• في جزء من الليل نتج عنها فريضة الصلاة التي تصل العبد بربه وتقويه على مشاق الحياة ومتاعب الدعوة والرسالة والتبليغ.
• في جزء من الليل نتج عنها مراسلته عليه الصلاة والسلام لملوك الأرض وأمرائها، يدعوهم للإسلام ويعلنها رسالة عالمية شاملة لا حدود لها من أرض وجنس ولون ولغة ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾.
• في جزء من الليل التقى بإخوانه من الأنبياء والرسل وأقروا له بالنبوة والرسالة وأدرك منازلهم بعضهم من بعض؛ كما علم منزلته عليهم عند ربه.
• في جزء من الليل أراه الله من قدرته وعظمته؛ كما رأى عجائب تطيش لها العقول لولا أن الله ثبت جَنانه وهيأه لذلك.
• في جزء من الليل أناخ له البراق ليركبه منطلقاً به من مكة إلى بيت المقدس حيث صلى إماماً بإخوانه من الأنبياء والمرسلين.
• في جزء من الليل يدخل الجنة ويطلع على ما أعده الله لأوليائه من النعيم مما لم تراه الأعين ولم تسمع به الآذان وما خطر على قلب بشر؛ كما اطلع على النار وما فيها من الأهوال وما أعده الله للعصاة والمجرمين من العذاب الأليم.
• في جزء من الليل دنا من ربه الودود فأعطاه وأرضاه كما وعده ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾.
• في هذا الجزء من الليل نتج عنه ثبات من قد آمن به وارتداد من لم يكن إيمانه راسخاً واستحق أبو بكر لقب الصديق بعد أن رد على المشككين في صدق هذه الحادثة وقد جاءه أبو جهل وقادة الكفر يطمعون في ردته: إن كان قال ذلك فقد صدق إني لأصدقه في الخبر يأتيه من السماء أفلا أصدقه في دون ذلك؟
• في هذا الجزء من الليل كانت المعجزة الخالدة لمحمد صلى الله عليه وسلم والكرامة لأمته من بعده لتكون مصدراً ثقافياً تربوياً ودروساً وعبراً تتوارثها الأجيال جيلاً إثر جيل.
• في هذا الجزء من الليل وصف الله حادثته بأبلغ وصف تستحقه هذه الفترة الزمنية القصيرة من حيث الزمن والكبيرة العظيمة البعيدة من حيث الأثر والتأثير والدلالة والمعنى؛ قال سبحانه ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|