درع النبي صلى الله عليه وسلم
كان النبي صلى الله عليه وسلم على دراية بأمور الحرب والقتال، يعد للحرب عدتها، ويخرج للقتال بكامل سلاحه، فكان يتقلد درعين[1] في كل غزوة يغزوها، ولا يعارض هذا توكله صلى الله عليه وسلم وعصمة الله تعالى إياه؛ لأنه يعلمنا أن التوكل ينبغي أن يكون مقرونًا بالتحصن، والتحلي بالحيطة والحذر.
عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: كان على النبي صلى الله عليه وسلم درعان يوم أحد، فنهض[2] إلى الصخرة[3] فلم يستطع، فأقعد طلحة تحته[4] فصار طلحة كالسلم، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم عليه[5] حتى استوى على الصخرة، فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أوجب طلحة".[6] فقوله: كان عليه درعان يوم أحد. مبالغة في تنفيذ قوله تعالى: ﴿ خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ [النساء: 71]. وقوله تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ [الأنفال: 60]. فإنها تشمل الدرع، وإن فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بأقوى أفرادها؛ حيث قال: "ألا إن القوة الرمي".[7] قال القاري: وفيه إشارة إلى جواز المبالغة في أسباب المجاهدة، وأنه لا ينافي التوكل والتسليم بالأمور الواقعة المقدرة.[8].
وقوله صلى الله عليه وسلم: "أوجب طلحة". أي: فعل فعلاً يوجب له بسببه الجنة، وهو إعانته النبي صلى الله عليه وسلم ومساعدته إياه على الارتفاع على الصخرة، الذي ترتب عليه توحيد صف المسلمين، ولَمُّ شملهم، وإدخال الفرح في قلوبهم، بعد أن علموا أن الرسول حيٌّ. ويحتمل أن ذلك الفعل هو جعله نفسه فداء له صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم، حتى أصيب ببضع وثمانين طعنة، وشلت يده في دفع الأعداء عنه.
أما عدد أدرعه صلى الله عليه وسلم، فورد في روايات أخرى أنه كان له سبعة أدرع. وقد آلت درع منها إلى يهودي كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ارتهنها على شعير لأهله، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهي ما زالت محبوسة عند هذا اليهودي، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعًا من شعير.[9].
يقول ابن القيم: وكان له سبعة أدرع: ذات الفضول: وهي التي رهنها عند أبي الشحم اليهودي على شعير لعياله، وكان ثلاثين صاعًا، وكان الدَّيْن إلى سنة، وكانت الدِّرعُ مِن حديد. وذات الوِشاح، وذات الحواشي، والسعدية، وفضة، وهاتان أصابهما من سلاح بني قينقاع، والبتراء، والخِرْنق.[10].
ويقال: كانت عنده درع داود عليه السلام التي لبسها لما قتل جالوت.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|