الآية: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً..)
♦ الآية: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾.
♦ السورة ورقم الآية: الأنفال (25).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ واتقوا فتنة ﴾ الآية أمر الله تعالى المؤمنين ألا يُقرّوا المنكر بين أظهرهم فيعمَّهم الله بالعذاب والفتنة ها هنا: إقرار المنكر وترك التَّغيير له وقوله: ﴿ لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة ﴾ أَيْ: تصيب الظَّالم والمظلوم ولا تكون للظَّلمة وحدهم خاصَّة ولكنَّها عامَّة والتَّقدير: واتَّقوا فتنةً إن لا تتقوها لا تصيب الذين ظلموا منكم خاصَّة أَيْ: لا تقع بالظَّالمين دون غيرهم ولكنها تقع بالصَّالحين والطَّالحين ﴿ واعلموا إن الله شديد العقاب ﴾ حثٌّ على لزوم الاستقامة خوفاً من الفتنة ومن عقاب الله بالمعصية فيها.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً ﴾، اخْتِبَارًا وَبَلَاءً ﴿ لَا تُصِيبَنَّ ﴾، قَوْلُهُ: لَا تُصِيبَنَّ لَيْسَ بِجَزَاءٍ مَحْضٍ، وَلَوْ كَانَ جَزَاءً لَمْ تَدْخُلْ فِيهِ النُّونُ، لَكِنَّهُ نَفْيٌ، وَفِيهِ طَرَفٌ مِنَ الْجَزَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ ﴾ [النَّمْلُ: 18]، وَتَقْدِيرُهُ وَاتَّقُوا فِتْنَةً إِنْ لَمْ تَتَّقُوهَا أَصَابَتْكُمْ، فَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: انْزِلْ عَنِ الدَّابَّةِ لا تطرحك ولا تطرحنّك، فهو جواب الأمر بلفظ النفي، مَعْنَاهُ: إِنْ تَنْزِلْ لَا تَطْرَحْكَ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْنَاهُ: اتَّقُوا فِتْنَةً تُصِيبُ الظَّالِمَ وَغَيْرَ الظَّالِمِ قَالَ الْحَسَنُ: نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. قَالَ الزُّبَيْرُ: لَقَدْ قَرَأْنَا هَذِهِ الْآيَةَ زَمَانًا وَمَا أَرَانَا مِنْ أَهْلِهَا فَإِذَا نَحْنُ الْمَعْنِيُّونَ بِهَا، يَعْنِي مَا كَانَ يَوْمَ الْجَمَلِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَمُقَاتِلٌ وَالضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ: هَذَا فِي قَوْمٍ مَخْصُوصِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابَتْهُمُ الْفِتْنَةُ يَوْمَ الْجَمَلِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا يُقِرُّوا الْمُنْكَرَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَيَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ يُصِيبُ الظَّالِمَ وَغَيْرَ الظَّالِمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْحَارِثِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِسَائِيُّ أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلَّالُ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سَيْفِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مَوْلَى لَنَا أَنَّهُ سَمِعَ جَدِّي يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ حَتَّى يَرَوُا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ وَهُمْ قادرون على أن يُنْكِرُوهُ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَذَّبَ اللَّهُ الْعَامَّةَ وَالْخَاصَّةَ». وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَرَادَ بِالْفِتْنَةِ افْتِرَاقَ الْكَلِمَةِ وَمُخَالَفَةَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مِنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفُهُ، فَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ». قَوْلُهُ: ﴿ لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾، يَعْنِي: الْعَذَابَ، ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ﴾.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|