خطبة عن اسم الله الكبير
الحمد لله الذي علا وقهَر، وعزَّ واقتدر، وفطر الكائنات بقُدرته فظهرت فيها أدلة وحدانية من فطَر، فسبحانه من إلهٍ عظيم لا يُماثل ولا يُضاهى ولا يُدركه بصر، وتعالى من قادرٍ محيط لا تُنجي منه قوة ٌولا مفر. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً ندَّخرها ليومٍ لا ملجأ فيه ولا وزَر، شهادةً نرجو بها النجاة من نارٍ لا تُبقي ولا تذر.
يا رب حمدًا ليس غيرك يُحمد *** يا من له كل الخلائق تصمدُ
وأشهد أنَّ سيدنا محمدًا عبده ورسوله سيد البشر، وعلى آله وصحبه السادة الغُرر الذين جاهدوا في الله حقّ جهاده فما وهَى عزمُ أحدهم ولا فتَر.
ومما زادني فخرًا وتيهًا
وكدت بأخمُصي أطأ الثُّريَّا
دخولي تحت قولك يا عبادي
وأَنْ أرسلت أحمدَ لي نبيا
عباد الله، اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والعلن وتمسكوا بما شرع لكم من الدين القويم، وأعلموا أنَّ طاعة الله فيها السلامة والنجاة، وفيها الرفعة والعزة، وإياكم والمعاصي فإنها تُوجب أليم العقاب ووبيل العذاب: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
عباد الله، سنعيش وإياكم في هذه الدقائق الغالية مع اسم الله "الكبير"، ورد في قوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [لقمان: 30].
وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [سبأ: 23]، وقوله: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ﴾ [الرعد: 9]، والكبير هو العظيم في كل شيء عظمةٌ مطلقة، وهو الذي كبُر وعلا في ذاته وصفاته وأفعاله عن كل من سواه، فله علو الذات وعلو القهر وعلو الشأن.
التكبير عباد الله: هو أن يقول الإنسان الله أكبر معتقدًا أن لا كبير ولا عظيم إلا الله الذي بيده كل شيء، فالحكم له والتوكل عليه والوقوف ببابه والرغبة في ثوابه والرهبة من عقابه؛ قال جل وعلا: ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾ [المدثر: 3].
أي لا تكبر غير الله ولا تُعظِّم أحدًا أعظم من الله، فهو سبحانه أكبر من كل كبير لا إله إلا هو.
الله أكبر كلمةٌ تُعلن للخلق أجمعين أنَّ الله أعظم من كل عظيم، فهو الكبير المنزَّه عن النقائص الموصوف بكل صفات الكمال.
الله أكبر كلمة يقولها المسلم بلسانه وقلبه وجوارحه مستشعرًا قوله تعالى: ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾ [نوح: 13].
والتكبير عباد الله: يتضمن شكر الله وحمده على نعمه الجزيلة التي لا تُحصى.
فمن نعم الله علينا إنزال القرآن ومن نعم الله أيضًا شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن فلذا بعد انتهاء رمضان أُمرنا بالتكبير؛ قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].
وفي الحج ينطلق الحجاج إلى بيت الله الحرام تلبيةً للنداء وتعظيمًا لشعائر الله وتقربًا إلى الله تعالى بنسكهم؛ قال تعالى: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الحج: 37].
وقال تعالى: ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111].
وكبَّره تكبيرًا فهو المُشرِّع فلا حكم إلا حكمه؛ قال تعالى: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50].
وكبّره تكبيرًا، فأي إحسان إلا إحسانه، وأي إنعام إلا إنعامه، وأي كرم إلا كرمه، وأي جود إلا جوده، وأي فضلٍ إلا فضله وأي عطاءٍ إلا عطاؤه.
وهو العلي فكل أنواع العلو
له فثابتةٌ بلا نكران
وهو العظيم بكل معنىً يُوجب
التعظيم لا يحصيه من إنسان
وهو الجليل فكل أوصاف الجلا
لِ له محققةٌ بلا بطلان
وكبِّره تكبيرًا، فهو الكبير الغني عن كل أحد، الفرد الصمد الذي لا شريك له ولا ولد.
عباد الله: من أسماء الله الحسنى "المتكبر"؛ أي: إن كل ما سوى الله ضعيف أمام كبريائه وعظمته وجلاله؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15]. فهو صاحب الغنى المطلق جل جلاله، ونحن أصحاب الفقر المطلق الضعفاء المساكين.
ومن أسماء الله الحسنى "الكبير"؛ أي: المتصف بالكمال والدوام، وهو أكبر من كل ما سواه، فكل شيء هالكٌ إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون؛ قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [لقمان: 30].
الله أكبر هي مفتاح الصلاة، فالمصلي يكرر في كل ركن «الله أكبر»، كلما ظهرت أمامه الدنيا وشهواتها، قال: «الله أكبر»؛ أي من كل ذلك، وإذا وسوس الشيطان، قال: «الله أكبر»، فيخنس الشيطان، فكلما كرَّر التكبير استعان بالله واستشعر كبرياءه جل وعلا، وكلما سها في صلاته وقلَّ الخشوع، رجع إلى الله قائلًا: «الله أكبر».
عباد الله، لقد علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقول بعد الصلاة: «الله أكبر » ثلاثًا وثلاثين، وعلَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نُكبِّر الله عند النوم أربعًا وثلاثين، كل هذا ليعيش المؤمن مع الله الكبير، حتى لا يخضع لمخلوق ولا يذل لدنيا ولا لشهوة.
علَّمنا صلى الله عليه وسلم أيضًا عندما نصعد إلى مكان مرتفع أن نقول: «الله أكبر»، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا أننا إذا ارتقينا وعلونا مكانًا عاليًا، فإن الله أكبر من ذلك وأعلى وأجل؛ قال تعالى: ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 78].
وعند استلام الحجر الأسود علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقول: «باسم الله والله أكبر»، وعند رمي الجمرات بسم الله والله أكبر مع كل جمرة، وعند ذبح الأضاحي بسم الله والله أكبر.
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ غُصنًا، فنفضه فلم ينتفض، ثم نفضه فلم ينتفض، ثم نفضه فانتفض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ينفضن الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها»؛ [رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب رقم «1570»].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو يغرس غرسًا، فقال: «يا أبا هريرة، ما الذي تغرس؟»، قلت: غراسًا. قال: «ألا أدلك على غراس خيرٌ من هذا؟ سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، تُغرس لك بكل واحدة شجرة في الجنة»؛ [رواه ابن ماجه بإسناد حسن واللفظ له، والحاكم وقال صحيح الإسناد، وحسنه الألباني في الترغيب والترهيب رقم «1549»].
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: بينما نحن نُصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قال رجل من القوم: «الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من القائل كلمة كذا وكذا؟»، فقال رجل من القوم: أنا يا رسول الله، فقال: «عجبت لها فُتحت لها أبواب السماء». قال ابن عمر رضي الله عنه: «فما تركتهنَّ منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك»؛ [رواه مسلم، وصححه الألباني في الترغيب والترهيب رقم «518»].
وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان صلى الله عليه وسلم يكبر أيام التشريق «اللهأكبرالله أكبر لا إله إلا الله والله أكبرالله أكبر ولله الحمد»؛ [صححه الألباني في إرواء الغليل].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال: «الله أكبر، اللهم أهلِّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى، ربنا وربك الله»؛ [صححه الألباني في كتاب صحيح الكلم الطيب].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند ذبح الأضحية: «بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك»؛ [صححه الألباني في إرواء الغليل رقم [1152].
هذا التكبير أيها المسلمون يزرع في نفوسنا الشعور بعظمة الله وكبريائه فنتواضع له ونخضع له.
فـ(الله أكبر) إذا امتلئ بها قلب العبد خرج منه كل كبر وكل غرور، وكل رياء وكل ارتفاع وكل علو وكل آفة، وإذا صدق في هذه الكلمة كان لها في قلب السامع أعظم الأثر؛ يقول الله تعالى في الحديث القدسي: «الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني شيئًا منهما عذبته»، وفي رواية قذفته في النار، وفي رواية قصمته؛ [صحيح البخاري].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا وأستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أحسن خلق الإنسان وعدَّله وعلَّمه البيان، وبه فضَّله وأمدَّه بلسان يترجم به عما حواه وعقَلَه، والصلاة والسلام على من أرسله ربه وأكرمه وبالقرآن الكريم أرسله، وعلى آله وأصحابه ما كبَّر عبدٌ وهلَّله، أما بعد:
فيا أيها الإنسان الضعيف: كم حجمك؟ وكم حجمك بالنسبة لقريتك، وبالنسبة لدولتك، وبالنسبة للقارة التي أنت فيها، وللكرة الأرضية؟ وما الأرض بالنسبة للشمس؟ فالشمس أكبر من الأرض بمليون مرة، وما الشمس بالنسبة للمجرة؟ وما المجرة بالنسبة للمجرات الأخرى؟ وما المجرات كلها بالنسبة للكرسي؟ وما الكرسي بالنسبة للعرش؟ فلا إله إلا الله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وعجبًا لهذا الإنسان المخلوق الضعيف لا يساوي شيئًا بالنسبة للقوي جل جلاله، فلو نظرنا لأي إنسان مهما بلغ من علو في هذه الدنيا، فهو لا يخرج عن قبضة الله، ولا يملك إلا أن ينفِّذ أقدار الله ويجري ويعيش تحت قضاء الله.
عجبًا لهذا الإنسان المتكبر، أين هو قبل (100) سنة، إنه إما لا شيء وإما طفل صغير لا يملك لنفسه شيئًا، وهو الآن لا يضمن أن يستمر يومًا واحدًا، فالموت مصيره مهما طال غناه وعظمت قوته.
عباد الله، أين الذين سادوا وشادوا، وأحكموا بنيانًا، وجمعوا فحشدوا أموالًا وأعوانًا، عُوِّضوا بأرباح الهوى خُسرانًا، وبُدِّلوا الكبر والتجُبر هوانًا، وأُخرجوا من ديارهم بعد الجموع وحدانًا، وما أخذوا مما جمعوا إلا أكفانًا.
عباد الله، إنَّ تكبير الله وتعظيمه في القلوب داعٍ إلى مراقبته والخوف منه والعمل بمرضاته. تعظيم الله في القلوب طريق للتقوى «اتق الله حيثما كنت» من ليل أو نهار، في بر أو جوٍّ أو في أقصى البحار: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 16].
فمن كان لله مُعظمًا كان له أخوف ومنه أقرب وعن معاصيه أبعد، ومن كان للمعاصي مرتكبًا وعن الطاعات والواجبات متوانيًا متكاسلًا، كان لتعظيم ربِّه ومراقبة مولاه مقصِّرًا ومفرِّطًا.
أيها المسلمون، ما جاهر مجاهرٌ بمعصية إلا لَما ضعفت مراقبته لله وقلَّ تعظيمه له.
ما ترك الصلاة تارك ولا تخلَّف عنها جماعة في المساجد متخلِّف، إلا لما ضعفت مراقبة الله في قلبه وقلَّ تعظيمه لله وخوفه منه، ولو راقب العبد ربه لَما تخلَّف عن الصلاة، ولما نام عنها وتركها.
فكل كبرياء غير كبرياء الله وهمٌ وزيف لا ينبغي أن نتأثر به؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67].
والمؤمن الصادق يبحث عن رضا الله وحده وليس رضا المخلوقين؛ قال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 72].
أخيرًا عباد الله، لا ينبغي أن تكون لنا رغبةً إلا فيما عند الله، ولا رهبةً إلا من عذاب الله فلا نُعظم سواه ولا نخضع لغيره، ولا بد أن تلهج قلوبنا قبل ألسنتنا بكلمة (الله أكبر).
عباد الله، اعلموا أن مراقبة الله وتكبيره وتعظيمه صِمَام أمان في نفوس الناس، وازع خيرٍ ومانع شرٍّ إذا غُرس في قلب العبد؛ قال تعالى: ﴿ وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الجاثية: 37].
هذا وصلوا عباد الله على رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|