من دلائل نبوته الباهرة إخباره لبعض الناس ما توسوس به نفوسهم
عن وابصة بن معبدٍ رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((جئتَ تسأل عن البر؟))، قلت: نعم، فقال: ((استفتِ قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتَوْك)، قال النووي في الأربعين النووية: حديثٌ حسنٌ، رويناه في مسندي الإمامين أحمد بن حنبلٍ والدارمي بإسنادٍ حسنٍ.
وعن سلمة رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ جاءه رجل بفرس له يقوده عقوق، ومعها مهرة لها يتبعها، فقال: من أنت؟ فقال: "أنا نبي"، قال: ما نبي؟ قال: "رسول الله"، قال: متى تقوم الساعة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "غيب ولا يعلم الغيب إلا الله"، قال: أرني سيفك، فأعطاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيفه، فهزه الرجل, ثم رده عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أما إنك لم تكن تستطيع الذي أردت"، قال: وقد كان، قال: "اذهب إليه فسله عن هذه الخصال"؛ أخرجه الحاكم، وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرِّجاه، وقد اتفقا جميعًا على الحجة بإياس بن سلمة، عن أبيه، واحتج مسلم بهذا الإسناد بعينه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال كنت جالسًا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد منى، فأتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف، فسلَّما، ثم قالا: يا رسول الله، جئنا نسألك، فقال: إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه فعلت، وإن شئتما أن أمسك، وتسألاني فعلت، فقالا: أخبرنا يا رسول الله، فقال الثقفي للأنصاري: سل، فقال: أخبرني يا رسول الله، فقال: جئتني تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه، وعن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما، وعن طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه، وعن وقوفك عشية عرفة وما لك فيه، وعن رميك الجمار وما لك فيه، وعن نحرك وما لك فيه مع الإفاضة، فقال: والذي بعثك بالحق، لعن هذا جئت أسألك، قال: (فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام، لا تضع ناقتك خفًّا ولا ترفعه، إلا كتب الله لك به حسنة، ومحا عنك خطيئة، وأما ركعتاك بعد الطواف كعتق رقبة من بني إسماعيل عليه السلام، وأما طوافك بالصفا والمروة فكعتق سبعين رقبة، وأما وقوفك عشية عرفة، فإن الله يهبط إلى سماء الدنيا، فيباهي بكم الملائكة، يقول: عبادي جاؤوني شعثًا من كل فج عميق يرجون جنتي، فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل، أو كقطر المطر، أو كزبد البحر، لغفرتها، أفيضوا عبادي مغفورًا لكم ولمن شفعتم له، وأما رميك الجمار، فلك بكل حصاة رميتها تكفير كبيرة من الموبقات، وأما نحرك فمذخور لك عند ربك، وأما حلاقك رأسك، فلك بكل شعرة حلقتها حسنة، ويُمحى عنك بها خطيئة، وأما طوافك بالبيت بعد ذلك، فإنك تطوف ولا ذنب لك،يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفيك، فيقول: اعمل فيما تستقبل، فقد غُفر لك ما مضى)؛ حسن لغيره [1].
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|