فائدة:
قال أيوب عليه السلام
: اللهم إنك تعلم أنه ما عرض أمران أحدهما في رضاك
، والآخر في هوا نفسي إلا قدمت الذي في رضاك
؛ فنودي من غمامة من عشرة آلاف صوت
: يا أيوب من فعل ذلك بك
؟!!!
فوضع التراب على رأسه
، ثم قال
: أنت أنت يا رب
. اهـ[1].
وقال سفيان: دخل أبو حازم على أمير المدينة
؛ فقال تكلم
؛ فقلت انظر الناس ببابك إذا أدنيت أهل الخير ذهب أهل الشر
؛ وإن أدنيت أهل الشر ذهب أهل الخير
.
وقال ابن عيينة: سمعت مساور الوراق يقول
: إنما تطيب المجالس بخفة الجلساء
.
وعن سفيان عن مسعر أن رجلاً ركب البحر فكسر به
؛ فوقع في جزيرة فمكث ثلاثة أيام لا يرى أحداً
، ولم يأكل طعاماً ولا شراباً
، فقال:
إذا شاب الغراب أتيت أهلي
وصار القار كاللبن الحليب
فأجابه مجيب لا يراه:
عسى الكرب الذي أمسيتَ فيه
يكون وراءه فرج قريب
فنظر
؛ فإذا سفينة قد أقبلت فلوح لهم فحملوه فأصاب خيراً كثيراً
.
فائدة:
حديث الحية التي طلبت من الرجل الصالح أن يجيرها من عدوها:
أن رجلاً كان يعرف بمحمد بن حمير وكان مبتلاً بالقنص فخرج ذات يوم يتصيد
؛ إذ عرضت له حية خرجت من بين قوائم شعب دابته فقامت على ذنبها
، ثم قالت
: أجرني أجارك الله
. قال لها
: من أنت
؟ قالت
: من أهل شهادة أن لا إله إلا الله
. قال
: وممن أجيرك
؟ قالت
: من هذا الذي خلفك إن قدر علي قطعني
. قال
: وأين أخبئك
؟ قال
: ففتحت ردائي
، فقلت
: ادخلي فيه
. فقالت
: يراني عدوي
. قال فشلت طمري قلت
: ادخلي بين أطماري وبطني
. قالت يراني عدوي
. قلت لها
: فما الذي أصنع بك
؟ قالت إن أردت اصطناع المعروف
؛ فافتحلي فاك حتى أنساب فيه
. قال
. أخشى أن تقتليني
. قالت
: لا والله لا أقتلك
. الله شاهد علي بذلك
، وملائكته
، وحملة عرشه
، وسكان سماواته
. قال محمد
: فاطمأننت إلى يمينها ففتحت فمي فانسابت فيه
، ثم مضيت إذ عارضني رجل ومعه صمصامة فقال
: لقيت عدوي
؟ قلت وما عدوك
؟ قال
: حية
. قلت اللهم لا
. واستغفرت ربي من قولي لا
، مئة مرة
، ثم مضيت فأخرجت رأسها من فمي
؛ ثم قالت انظر
؛ مضى هذا العدو
؟ فالتفت فلم أرَ إنساناً
. فقلت ليس أرى إنساناً
؛ إن أردت أن تخرجي فاخرجي
. قالت انظر ملياً
. قال محمد فرميت حماليق عينيّ في الصحراء فلم أرى شبحاً ولا شخصاً
. فقلت
: إن أردت أن تخرجي فاخرجي فليس أرى إنساناً
. قالت
: الآن يا محمد اختر واحدة من اثنتين
. قلت
: وما هي
؟ قالت
: إما أن أنكت كبدك فأفتها في جوفك
، أو أنكتك نكتةً فأطرح جسدك بلا روح
. قال قلت
: يا سبحان الله
! أين العهد الذي عهدتي إلي
؟؟!
قالت: أنسيت العداوة التي كانت بيني وبين أبيك آدم
؟ فقلت لها
: وليس بدٌّ من أن تقتليني
؟ قالت
: والله إن كان بد من قتلك
. قلت لها
: أمهليني حتى أصير إلى تحت هذا الجبل
؛ فأمهد لنفسي موضعاً أموت فيه
.
قالت شأنك. قال محمد:
فمضيت أريد الجبل
، وقد أيست من الحياة
؛ إذ رميت حماليق عيني نحو العرش
. ثم قلت
: يا لطيف الطف بلطفك الخفي
، يا لطيف بالقدرة التي استويت بها على عرشك
؛ إلا كفيتنيها
. ثم مشيت فعارضني رجل صالح صبيح الوجه
، طيب الرائحة فقال لي
: سلام عليكم
. فقلت
: وعليك السلام يا أخي
. قال
: مالي أراك قد تغير لونك
؟ فقلت يا أخي من عدوٍ ظلمني
. قال: وأين عدوك
؟ قلت
: في جوفي
. قال لي
: افتح فاك ففتحت فمي
. فوضع فيه مثل ورقة زيتونة خضراء
، ثم قال
: امضغ وابلع
؛ فمضغت وبلعت
. قال
: فلم ألبث إلا يسير حتى مغصتني بطني
، فرميت بها من أسفل قطعةً قطعة
. فتعلقت بالرجل
، ثم قلت يا أخي أحمد الله الذي منّ علي بك
. ثم قال
: ألا تعرفني
؟ قلت الله لا
. قال
: إنه لما كان بينك وبين الحية ما كان ودعوت بذلك الدعاء ضجت ملائكة السبع سماوات إلى الله - عز وجل - فقال الله وعزتي وجلالي وجودي وارتفاعي في علو مكاني قد كان بعيني كل ما فعلت الحية بعبدي فأمرني الله - وأنا الذي يقال لي المعروف
، مستقري في السماء الرابعة -
: أن انطلق إلى الجنة فخذ طاقةً خضراء فالحق بها عبدي محمد بن حمير
، يا ابن حمير عليك باصطناع المعروف
؛ فإنه يقي مصارع السوء
؛ وإنه إن ضيعه المصطنع إليه لم يضع عند الله - عز وجل - اهـ[2].
فائدة:
عن عمرو بن عثمان الرقي قال كنت عند سفيان بن عيينة فقال رجل
: يا أبا محمد ما تقول
: الإيمان يزيد وينقص
؟ قال
: يزيد ما شاء الله
، وينقص حتى لا يبقى منه شيء
، بعث الله النبي محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس أن يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها حقنوا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله
، فلما علم الله صدق ذلك من قلوبهم أمره بأن يأمرهم
؛ أن يقيموا الصلاة فأمرهم ففعلوا
، ولو لم يفعلوا
؛ ما نفعهم الإقرار الأول
، فلما علم الله تعالى صدق ذلك من قلوبهم أمره أن يأمرهم أن يهاجروا إلى المدينة
، فأمرهم ففعلوا
. ولو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول
، ولا الصلاة
، فلما علم الله صدق ذلك من قلوبهم أمره أن يأمرهم
، أن يرجعوا إلى مكة
؛ فيقاتلوا آباءهم وأبناءهم
؛ حتى يقروا بمثل إقرارهم
، ويشهدوا بمثل شهادتهم
، فأمرهم ففعلوا
، ولو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ولا الصلاة
، ولا الهجرة
، فلما علم الله صدق ذلك من قلوبهم أمره أن يأمرهم أن يطوفوا بالبيت تعبداً ويحلقوا رؤوسهم تذللاً
، ففعلوا ولو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول
، ولا الصلاة
، ولا الهجرة
، ولا الرجوع إلى مكة
، ولا طوافهم بالبيت
، ولا حلقهم رؤوسهم
. فلما علم الله ما تتابع عليهم من الفرائض ومثولهم لها قال له قل لهم
: ﴿
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ﴾ [المائدة
: 3]
، فمن ترك شيئاً من ذلك كسلاً أو مجوناً أدبناه عليه
، وكان ناقص الإيمان ومن تركها عامداً كان بها كافراً
. هذه السنة أبلغ عني من سألك من المسلمين [3].
فائدة:
عن سفيان بلغ عمر بن الخطاب أن رجلاً بنى بالآجر فقال
: ما كنت أحسب أن في هذه الأمة مثل فرعون يريد قوله تعالى ﴿
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [القصص
: 38]
.
وقال رحمه الله بلغني أن الدجال يسأل عن بناء الآجر هل ظهر بعد؟
وعن سفيان بلغ عمر بن الخطاب أن أبا الدرداء ابتنى كنيفاً بحمص فكتب إليه
: أما بعد يا عويمر أما كانت لك كفاية فيما بنت الروم
؟ - عن تزيين الدنيا وتجديدها وقد أذن الله بخرابها فإذا أتاك كتابي هذا فانتقل من حمص إلى دمشق
. قال سفيان عاقبه بهذا
.
فائدة:
الليث بن سعد وقصته مع هارون الرشيد:
حينما حصل منه طلاق ابنة عمه زبيدة وكانا قد تلاحيا في أمر من الأمور فقال هارون
: إن لم أكن من أهل الجنة فأنت طالق
. فاستفتى العلماء الذين عنده وأقدم علماء الأمصار فلم يحصل له منهم الجواب عن يمينه
، وقد اغتم هو وزوجته ابنة عمه غماً شديداً وكان ممن قدم عليه الليث بن سعد
، فقال له الرشيد
: تكلم
. فقال
: يخلي أمير المؤمنين مجلسه إن أراد أن يسمع كلامي
. فانصرف من كان في مجلسه من الفقهاء والعلماء والناس
، ثم قال
: تكلم
. فقال
: أتكلم يا أمير المؤمنين على الأمان والطاعة لي من أمير المؤمنين في جميع ما آمر به
. فقال
: لك ذلك
. قال
: يدعو أمير المؤمنين بالمصحف
. فأمره به فأحضر
. فقال يأخذه أمير المؤمنين فيتصفحه
. فأخذه فتصفحه حتى وصل إلى سورة الرحمن حتى قرأ ﴿
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾ [الرحمن
: 46]
، فحلفه بالله الذي لا إله إلا هو أنك تخاف مقام الله
؟ فقال
: إني أخاف مقام الله
. فقال
: يا أمير المؤمنين فهي جنتان وليست بواحدة كما ذكر الله في كتابه
، فسمعت التصفيق والفرح من خلف الستر
، وقال هارون
: أحسنت والله بارك الله فيك
. ثم أمر بالجوائز والخلع لليث بن سعد
، وأمرت له زبيدة بضعف ما أمر به الرشيد إلخ اهـ[4].
فائدة:
عن علي بن المنذر قال:
سمعت الحسن بن صالح بن حي يقول
: لما احتضر أخي علي بن صالح رفع بصره
، ثم قال
: مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً
، ثم خرجت نفسه رحمه الله
.
وكان يقول على قوله تعالى﴿
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾ [الحاقة
: 24]
، قال بلغنا أنه الصيام
، أو سمعنا أنه الصيام
. اهـ[5]