حديث: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة
وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ أَني أَشْتَكِي، فَقَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ»، قَالَتْ: فَطُفْتُ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ، وَهُوَ يَقْرَأُ: ﴿ وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ ﴾ [الطور: 1، 2]، زاد البخاري: فلم تُصَلِّ حتى خرَجَتْ.
تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم، حديث (1276)، وأخرجه البخاري في "كتاب الصلاة"، "باب إدخال البعير في المسجد للعلة"، حديث (464)، وأخرجه في "كتاب الحج"، "باب طواف النساء مع الرجال"، حديث (1619)، وأخرجه أبو داود في "كتاب المناسك"، "باب الطواف الواجب"، حديث (1882)، وأخرجه النسائي في "كتاب مناسك الحج"، "باب كيف طواف المريض"، حديث (2925)، وأخرجه ابن ماجه في "كتاب المناسك"، "باب المريض يطوف راكبًا"، حديث (2961).
شرح ألفاظ الحديث:
((أَنِّي أَشْتَكِي))؛ أي: إني ضعيفة لا أستطيع الطواف بنفسي.
((الطُورِ)): هو الجبل بالسريانية.
((وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ)): أي مكتوب.
من فوائد الحديث:
الفائدة الأولى: الحديث دليل على جواز الطواف راكبًا لعذر، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم، وإنما الخلاف فيمن طاف راكبًا من غير عذر ما حكم طوافه؟
فمذهب الشافعي وأحمد رحمهما الله أن طوافه صحيح ولا دم عليه.
ومذهب أبي حنيفة ومالك رحمهما الله أن طوافه لا يجزئ، فإن كان قريبًا أعاد الطواف، وإن كان بعيدًا بأن رجع لبلاده البعيدة، فعليه دمٌ؛ [انظر المفهم (3/ 381)، حديث (1130)، وفتح المنعم (5/ 289)].
واستدل المانعون بأن الأحاديث في الطواف راكبًا إنما وردت في حق المعذور؛ كحديث أم سلمة رضي الله عنها في الباب وطواف النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق، وجاء في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبًا؛ لأنه كان مريضًا.
الفائدة الثانية: الحديث فيه بيان الأفضلية في طواف النساء أن يكون من وراء الرجال، ولا سيما مع الازدحام؛ لئلا تختلط بالرجال، ولذا بوَّب البخاري على الحديث "باب طواف النساء مع الرجال"، ففي الحديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمَّ سلمة رضي الله عنها أن تطوف من وراء الناس؛ لأن هذا أستر لها، ولئلا يتأذى من حولها بها وهي راكبة.
وفي رواية البخاري قال النبي صلى الله عليه وسلم لها: ((إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يُصلون)) وهذا يدل على أن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالطور كانت صلاة الصبح التي قبلها طاف للوداع، وبعدها انطلق راجعًا إلى المدينة.
الفائدة الثالثة: رواية البخاري دليل على جواز صلاة الركعتين اللتين بعد الطواف خارج المسجد لفعل أم سلمة رضي الله عنها، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لها.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|