فوائد لغوية في حديث
قال أبو عبيد: في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا فَرَطُكم على الحوض)[1]:
قال الأصمعي: الفَرَط والفارِط: المتقدم في طلب الماء يقول: أنا متقدمكم إليه، يقال منه: فرطت القوم وأنا أفرطهم وذلك إذا تقدمتهم ليرتاد لهم الماء. ومن هذا قولهم في الدعاء في الصلاة على الصبي الميت: اللهم اجعله لنا فرطًا، أي: أجرًا متقدمًا نرد عليه [2].
لم ينص الشارح على الدلالة الأصلية لمادة (فرط)، بيد أن ما ذكره من تفسير لدلالات فروعها يدل على أنه يَعُدُّ (السبق والتقدم) دلالة أصلية لها.
يقول الخليل: الفَرَط: ما سبق من عمل وأجر [3].
وقد فسر أبو عبيد بعض دلالات فروع هذه المادة، وهذه الفروع هي:
أ) الفَرَط: المتقدم في طلب الماء. يقول ابن الأثير: (أنَا فَرَطُكم على الحَوْض) أي: مُتَقَدِّكُم إليه. يقال: فَرَط يَفْرِط فَهُو فارِطٌ وفَرَطٌ، إذا تقَدَّم وسَبَق القوم ليَرْتادَ لهم الماء ويُهَيّئ لهم الدِّلاء والأَرِشيَة [4].
ب) الفارط اسم فاعل. مثله. يقول ابن منظور: والفارط والفرط: المتقدم إلى الماء يتقدم الواردة فيهئ الأرسان والدلاء ويملأ الحوض ويستقي لهم [5].
ج) فرطت القوم: إذا تقدمتهم وتركتهم وراءك.[6].
ويمكن رد فروع أخرى بدلالاتها إلى هذه الدلالة وهذه الفروع هي:
أ) فَرَّط غيره، أي: قدمه، وفَرَّط إليه رسوله: قدمه وأرسله.[7]
ب) فارطت القومَ مفْارَطُه وفَرْطا أَي: سابقْتُهم.[8]
ج) الفُراطةُ: الماء يكون شَرَعا بين عدَّةِ أَحْياء مَن سبَق إِليه فهو له.[9]
د) فَرْط القطا: متقدمها إلى الوادي والماء.[10]
هـ) الفُرْطة: اسم للخروج والتقدّم.[11]
و) والفارِطان: كَوْكَبان مُتباينان أَمام سَرِير بَنات نَعْشٍ يتقدَّمانها.[12]
ز) وأَفراطُ الصَّباح: أَولُ تَباشيره لتقدّمها وإِنذارها بالصبح.[13]
وبناء على ذلك يمكن رد دلالات كل فروع هذه المادة (فرط) إلى دلالتها الأصلية وهي (السبق والتقدم)، وهذا ما يشهد بصحة عدها دلالة أصلية لها.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|