حديث: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما، ففرقت بينهما فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أدركهما فارتجعهما ولا تبعهما إلا جميعًا»؛ رواه أحمد ورجاله ثقات، وقد صححه ابن خزيمة، وابن الجارود، وابن حبان، والحاكم والطبراني، وابن القطان.
المفردات:
«غلامين» أي عبدين مملوكين.
«ففرقت بينهما» أي بعت أحدهما على شخص والآخر على شخص آخر فتسببت في التباعد بينهما.
«فارتجعهما» أي فاستردهما من المشتريين.
«ولاتبعهما إلا جميعًا» أي ولا تبعهما إلا على شخص واحد ليكونا معًا.
«ابن الجارود» يطلق هذا الاسم على إمامين جليلين متعاصرين أحدهما الإمام الحافظ أبو جعفر أحمد بن علي بن محمد بن الجارود الأصبهاني الرحال المصنف صاحب المسند والشيوخ روى عن أبي سعيد الأشج وعمر بن شبة وهارون بن إسحاق وأحمد بن الفرات وخلق من الأصبهانيين وعني بهذا الشأن وروى عنه أبو إسحاق بن حمزة وأبو القاسم الطبراني وأبو الشيخ وغيرهم ومات سنة 299هـ وقيل قبلها بعام، أما الثاني فهو أبو محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري الفقيه المحدث الحافظ جاور بمكة وتوفي بها سنة 307هـ وهو صاحب المنتقى من السنن المسندة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والظاهر أنه هو المراد هنا؛ لأن هذا الحديث من أحاديث المنتقى، كما أن أكثر الأحاديث التي أطلق فيها ابن حجر ذكر ابن الجارود هي من أحاديث المنتقى، غير أن الحافظ رحمه الله ذكر في الفتح في باب صدقة الفطر على العبد وغيره من المسلمين من صحيح البخاري قال: وقال أبو داود بعد أن أخرجه من طريق مالك وعمر بن نافع: رواه عبد الله العمري عن نافع فقال: على كل مسلم، ورواه سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن عبيد الله بن عمر عن نافع، فقال فيه: من المسلمين، والمشهور عن عبيد الله ليس فيه من المسلمين؛ انتهى، وقد أخرج الحاكم في المستدرك من طريق سعيد بن عبد الرحمن المذكورة، وأخرج الدارقطني وابن الجارود طريق عبد الله العمري؛ اهـ، ولم نجد في المنتقى لابن الجارود هذه الرواية التي أشار اليها الحافظ ابن حجر في الفتح فإما أن تكون ساقطة من المنتقى وإما أن تكون لابن الجارود أحمد بن علي في المسند، والله أعلم.
البحث:
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الوهاب عن سعيد عن رجل عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي أنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين، فبعتهما ففرقت بينهما، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أدركهما فارتجعهما، ولا تبعهما إلا جميعًا، ولا تفرق بينهما. فالعجب أن يصحح ابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والحاكم والطبراني وابن القطان هذا الحديث وأن يوثق الحافظ ابن حجر رجاله، وسنده كما ترى. فالرجل الراوي عنه سعيد بن أبي عروبة مجهول. وقد روى أحمد هذا الحديث من وجهين آخرين فقال: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا سعيد يعني ابن أبي عروبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين، فبعتهما، ففرقت بينهما، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أدركهما فأرجعهما، ولا تبعهما إلا جميعًا. وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان وإسحاق بن عيسى قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن الحجاج عن الحكم عن ميمون بن أبي شبيب عن علي قال: وهب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غلامين أخوين فبعت أحدهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل الغلامان؟ فقلت: بعت أحدهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رده. وسعيد بن أبي عروبة لم يسمع من الحكم بن عتيبة شيئًا ففي كتاب المراسيل لابن أبي حاتم: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي: حدثني أبي قال: لم يسمع سعيد بن أبي عروبة من الحكم بن عتيبة شيئًا. اهـ، كما أن ميمون بن أبي شبيب لم يسمع من علي رضي الله عنه، وقد ضعفه ابن معين، وقال علي بن المديني: خفي علينا أمره. وقال ابن خراش: لم يسمع من علي. وكذلك قال أبو داود فقد قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا إسحاق ابن منصور ثنا عبد السلام بن حرب عن يزيد بن عبد الرحمن عن الحكم عن ميمون بن أبي شبيب عن علي رضي الله عنه أنه فرَّق بين جارية وولدها فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ورد البيع. قال أبو داود: وميمون لم يدرك عليًا. اهـ، وقال الحافظ في التلخيص: حديث علي أنه فرق بين جارية وولدها فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم ورد البيع، أبو داود وأعله بالانقطاع بين ميمون بن أبي شبيب وعلي، والحاكم وصحح إسناده، ورجحه البيهقي بشواهده، لكن رواه الترمذي وابن ماجة من هذا الوجه وأحمد والدارقطني من طريق الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بلفظ: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بسبي فأمرني ببيع أخوين فبعتهما، الحديث. وصحح ابن القطان رواية الحكم هذه لكن حكى ابن أبي حاتم عن أبيه في العلل: أن الحكم إنما سمعه من ميمون بن أبي شبيب عن علي، وقال الدارقطني في العلل بعد حكاية الخلاف فيه: لا يمتنع أن يكون الحكم سمعه من عبد الرحمن ومن ميمون فحدث به مرة عن هذا ومرة عن هذا. اهـ، ولفظ: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بسبي. ليس من رواية أحمد رحمه الله وقد سقت جميع ألفاظه في صدر هذا البحث: وقال أبو محمد عبد الله بن علي الجارود في المنتقى: حدثنا أبو أمية الطرسوسي محمد بن إبراهيم قال: ثنا سليمان بن عبيد الله الأنصاري قال: ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما وفرقت بينهما فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أدركهما فارتجعهما ولا تبعهما إلا جميعًا.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|