شرح حديث: ويل للأعقاب من النار
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: تخلَّف النبي صلى الله عليه وسلم عنا في سَفْرة سافرناها، فأدركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا (وفي لفظ: وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء)، فنادى بأعلى صوته: ((ويلٌ للأعقاب من النار)) مرتين أو ثلاثًا؛ متفق عليه[1].
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: يجب على المتوضئ أن يسبغ الوضوء على جميع الأعضاء الواجب تطهيرها، فيجب عليه أن يتفقد عقِبَيْ قدميه، ومرفقيه، وما بين أصابع يديه وقدميه، ويزيل ما قد يعلق بها مما يمنع وصول الماء إلى البشرة؛ كالأصباغ ونحوها؛ وذلك لأن الوضوء لا يتم إلا إذا طهَّر أعضاءه كما أمره الله تعالى، ومن ترك شيئًا من أعضاء الوضوء فإنه لم يتوضأ كما أمره الله تعالى؛ ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من ترك بعض أعضاء الوضوء، وبخاصة العقِب، وهو مؤخَّر القدم.
الفائدة الثانية: من ترك شيئًا من أعضاء الوضوء لم يصح وضوءُه، فإن طال الفصل وجب عليه إعادة الوضوء من أوله؛ مراعاة للموالاة بين أعضاء الوضوء، وإذا لم يكن قد طال الفصل وجب عليه أن يغسل العضو المتروك، ثم ما بعده؛ مراعاة للموالاة والترتيب بين أعضاء الوضوء، ومما يدل على ذلك حديث صاحب اللمعة، وهو ما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن رجلًا توضأ فترك موضع ظُفُر على قدمه، فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ارجع فأحسن وضوءك))، فرجع ثم صلى؛ رواه مسلم[2].
الفائدة الثالثة: دل الحديث على أنه لا يجزئ مسح القدمين إذا لم يكن عليهما جوربان، خلافًا للشيعة الذين يكتفون بمسحهما وهما بغير جوربين، قال الإمام الترمذي - رحمه الله تعالى - عقب إخراج هذا الحديث من رواية أبي هريرة رضي الله عنه مختصرًا: وفقه هذا الحديث أنه لا يجوز المسح على القدمين إذا لم يكن عليهما خفان أو جوربان؛ اهـ[3]، وقد بوَّب عليه الإمام البخاري رحمه الله تعالى فقال: باب غَسْل الرِّجلين، ولا يمسح على القدمين.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|