استيعاب زمن الإمساك
المطلب الأول: بدايةُ زَمَنِ الإمساكِ
يلزَمُ الصَّائِم الإمساكُ عَنِ المفطِّراتِ مِن دُخولِ الفَجرِ الثاني، وذهب إلى هذا عامَّةُ أهلِ العلمِ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
فرع: مَن طلَع عليه الفَجرُ وفي فَمِه طَعامٌ
مَن طلَع عليه الفَجرُ وفي فَمِه طعامٌ، فعليه أن يلفِظَه ويُتمَّ صَومَه، فإنِ ابتلَعَه بطَلَ صومُه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وهو قولُ ابنِ حَزمٍ
الأدِلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ[البقرة: 187]
وجه الدلالة
أنَّ اللهَ أباح الأكلَ والشُّربَ إلى طلوعِ الفَجرِ، ثمَّ أمَرَ بالإمساكِ عنهما إلى اللَّيلِ
ثانيًا: منَ السُّنَّة
عن عائِشةَ رَضِيَ الله عنها أنَّ بِلالًا كان يؤَذِّنُ بلَيلٍ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((كُلوا واشرَبُوا حتى يؤذِّنَ ابنُ أمِّ مَكتومٍ؛ فإنَّه لا يُؤذِّنُ حتى يَطلُعَ الفَجرُ ))
المطلب الثاني: نهايةُ زَمَنِ الإمساكِ والأحكامُ المُتعَلِّقةُ به
الفرع الأول: متى ينتهي زَمَنُ الإمساكِ؟
ينتهي زَمَنُ الإمساكِ بغُروبِ الشَّمسِ؛ نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ حزمٍ، وابنُ عبدِ البَرِّ، والنوويُّ
الفرع الثاني: إذا أفطَرَ الصَّائِم ثم أقلعَتِ الطَّائرةُ به، فرأى الشَّمسَ لم تغرُبْ
إذا غرَبتِ الشَّمسُ وأفطَرَ الصَّائِم، ثم أقلعتْ به الطَّائرةُ وارتفعَتْ، ورأى الشَّمسَ لم تغرُبْ، فإنَّه لا يلزَمُه الإمساكُ، وصَومُه الذي صامه صحيحٌ، وبه أفتى عبدُ الرزَّاق عفيفي، وابنُ باز، وابن عُثيمين
الفرع الثالث: ما يُعتَبَرُ في وقتِ الفِطرِ للمُسافِرِ في الطَّائرةِ
مَن سافَرَ بالطَّائرةِ وهو صائمٌ، ثم اطَّلَعَ بواسطةِ السَّاعةِ أو التِّلفازِ أو غيرِهما على أنَّ وَقتَ إفطارِ البَلَدِ الذي سافَرَ منه أو البَلَدِ القَريب منه في سَفَرِه؛ قد دخل، لكنَّه يرى الشَّمس بسببِ ارتفاعِ الطَّائرةِ- فليس له أن يُفطِرَ إلَّا بعد غُروبِها، وبه أفتى عبدُ الرزَّاق عفيفي، وابنُ باز، وابن عُثيمين
الفرع الرابع: وقتُ الفِطرِ في البلادِ التي يَطولُ فيها النَّهارُ
يجِبُ على الصَّائِم الإمساكُ مِن حينِ طُلُوعِ الفَجرِ، إلى غُرُوبِ الشَّمسِ، في أيِّ مكانٍ، سواءٌ طال النَّهارُ أم قَصُر، إذا كان اللَّيلُ والنَّهارُ يتعاقبانِ خِلالَ أربعٍ وعِشرينَ ساعةً، لكن لو شقَّ الصَّومُ في الأيَّامِ الطَّويلةِ مَشَقَّةً غيرَ مُحتمَلَة، ويُخشى منها الضَّرَرُ أو حدوثُ مَرَضٍ؛ فإنَّه يجوزُ الفِطرُ حينئذٍ، ويقضي المُفطِرُ في أيامٍ أُخَرَ يتمَكَّنُ فيها مِنَ القَضاءِ؛ وبهذا أفتى ابنُ باز، وابنُ عُثيمين، وغيرُهما، وهو قرارُ المجمَعِ الفقهيِّ الإسلاميِّ
الفرع الخامس: كيفيَّةُ تحديدِ زَمَنِ الإمساكِ في البلادِ التي يخرُجُ فيها اللَّيلُ والنَّهارُ عن المُعتادِ
مَن كان في بلدٍ لا يتعاقَبُ فيه اللَّيلُ والنَّهارُ في أربعٍ وعِشرينَ ساعةً؛ كبلَدٍ يكون نهارُها مثلًا: يومينِ، أو أُسبوعًا، أو شهرًا، أو أكثَرَ من ذلك، فإنَّه يَقْدُرُ للنَّهارِ قَدْرَه، وللَّيلِ قَدْرَه؛ بأن تُحسَبَ مدَّةُ اللَّيلِ والنَّهارِ اعتمادًا على أقربِ بلَدٍ منه، يكون فيه ليلٌ ونهارٌ يتعاقبانِ في أربعٍ وعشرينَ ساعةً. وبهذا أفتى ابنُ باز، وابن عُثيمين، وغيرُهما، وهو ما قَرَّره المجمَعُ الفقهيُّ الإسلاميُّ
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|