التضخم يسير باتجاه 2 % فلماذا لا يخفض «الفيدرالي» أسعار الفائدة؟
من تجار وول ستريت إلى وكلاء السيارات مرورا بمشتري المنازل، يتطلع الأمريكيون أن يبدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة وتخفيف العبء الثقيل عن المقترضين، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يقدم على ذلك هذا العام.
وارتفع التضخم في النصف الثاني من 2023 بمعدل سنوي بلغ نحو 2% - وهو المستوى المستهدف للاحتياطي الفيدرالي. ومع ذلك، أكد عديد من مسؤولي البنك المركزي هذا الأسبوع أنهم ليسوا مستعدين لاتخاذ القرار النهائي بعد.
مع التغلب على التضخم تقريبا وارتفاع سعر الفائدة الرئيس لدى الاحتياطي الفيدرالي إلى أعلى مستوى له منذ 22 عاما، أليس هذا هو الوقت المناسب لتخفيضه؟
قال معظم صناع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي، إنهم متفائلون بأنه حتى مع استمرار نمو الاقتصاد وسوق العمل، فإن ضغوط التضخم ستستمر في التباطؤ. لكنهم يحذرون أيضا من أن الاقتصاد يبدو قويا جدا لدرجة أن هناك خطرا حقيقيا من احتمال ارتفاع الأسعار مرة أخرى.
ويشعر بعضهم بالقلق من أنهم إذا خفضوا أسعار الفائدة الآن وتسارع التضخم مرة أخرى، فقد يضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى تغيير موقفه يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى.
قال توم باركين، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، في خطاب ألقاه الخميس، "إن التاريخ يروي عديدا من القصص عن التضخم الزائف"، مشيرا إلى أن التضخم بدا مهزوما في 1986، عندما كان بول فولكر رئيسا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. حينها تم تخفيض أسعار الفائدة "لكن التضخم تصاعد مرة أخرى في العام التالي، ما دفع الاحتياطي الفيدرالي إلى عكس مساره".
أضاف باركين، وهو من بين 12 مسؤولا في الاحتياطي الفيدرالي يصوتون على سياسة أسعار الفائدة هذا العام: "أود أن نتجنب هذا التقلب إذا استطعنا".
وقال عديد من المسؤولين، إنهم يريدون مزيدا من الوقت لمعرفة ما إذا كان التضخم سيستمر في الانخفاض. في غضون ذلك، لاحظوا أن الاقتصاد قوي بما فيه الكفاية حيث يمكنه الازدهار دون أي تخفيضات في أسعار الفائدة. في الشهر الماضي، مثلا، قدم أصحاب العمل في أمريكا موجة فرص التوظيف، ليبقى معدل البطالة عند مستوى 3.7%.
في إشارة إلى مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، قال ستيفن بليتز، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في شركة جلوبال داتا تي إس لومبارد: "سيكونون بطيئين للغاية، وسيأخذون الوقت الكافي. إنهم على استعداد للقول: "نحن لا نعرف، لكننا نستطيع الانتظار، لذلك سننتظر".
أثارت متانة الاقتصاد تساؤلات حول مدى فاعلية رفع أسعار الفائدة الذي تكرر 11 مرة. إذا كانت معدلات الاقتراض المرتفعة بالكاد تقيد الاقتصاد، فقد يستنتج بعض المسؤولين أن أسعار الفائدة المرتفعة يجب أن تظل قائمة فترة أطول، أو ستكون هناك حاجة إلى تخفيضات قليلة في أسعار الفائدة.
قالت لوريتا ميستر، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، للصحافيين يوم الثلاثاء: "لا ألاحظ أن هناك شعورا بالإلحاح هنا. أعتقد في وقت لاحق من هذا العام، إذا تطورت الأمور كما هو متوقع، سنكون قادرين على البدء في خفض سعر الفائدة".
هذا الحذر ينطوي على مخاطر. في الوقت الحالي، يبدو الاقتصاد على مسار صحيح يقود إلى "هبوط ناعم"، حيث تتم هزيمة التضخم دون التسبب في ركود أو ارتفاع في معدلات البطالة. لكن كلما طالت فترة بقاء معدلات الاقتراض مرتفعة زاد خطر توقف عديد من الشركات والمستهلكين عن الاقتراض والإنفاق، ما يضعف الاقتصاد ويحتمل أن يدفعه إلى الركود.
يمكن أن تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة أيضا إلى تفاقم معاناة البنوك المثقلة بالقروض العقارية التجارية السيئة، التي سيكون من الصعب إعادة تمويلها بأسعار فائدة أعلى.