يبجل الهندوس المقدسة ماناسا ، إلهة الثعابين لديهم بشكل كبير ، وذلك أساسًا للوقاية و العلاج من لدغات الأفاعي السامة والأمراض المعدية مثل الجدري وكذلك من أجل جلب الرخاء والخصوبة. كما ترمز هذه الألهة إلى “التدمير” و “التجديد” ، وهي تشبه إلى حد بعيد الأفعى التي تتخلى عن جلدها وتولد من جديد ، لماذا يبجلها الهنود و لماذا تقام مجموعة من الطقوس على شرف هذه الأفعى التي يزور معبدها الآلاف من الهنود سنويا ؟ لنتعرف عن ذلك من خلال هذا المقال.
من هي المقدسة ماناسا لدى الهنود
الأفعى ماناسا هي واحدة من الشخصيات المقدسة في الهند، وهناك مجموعة كبيرة من الهنود بمختلف الطوائف يبجلونها و يقيمون الطقوس للاحتفال بها وعبادتها ، يعود تاريخ تبجيل هذه الأفعى لسنوات طويلة جدا فبحلول القرن الرابع عشر ، تم تعريف ماناسا على أنها إلهة الخصوبة و الزواج خاصة بين الطبقات الدنيا، و أصبحت مرتبطة باسم المقدس شيفا، حيث تمجدها الأساطير والروايات من خلال وصفها أنها أنقذت شيفا بعد أن شرب السم ، وتبجلها بأنها “مزيلة السم”، بعد ذلك نمت شعبيتها و انتشرت شهرتها في جنوب الهند وبدأ أتباعها ينافسون أتباع المقدس شيفا الذي يعتبر أقوى الآلهة في الهند حسب ديانتهم و معتقداتهم.
تم تصوير تمثال المقدسة ماناسا كسيدة شابة جميلة ، مزينة بمجموعة من الثعابين وتجلس على زهرة لوتس أو تقف على جسم ثعبان ، تحت مظلة مغطاة من سبعة أفاعي كوبرا ، غالبًا ما يُنظر إليها على أنها “الإلهة ذات العين الواحدة” ، ويتم تصويرها أحيانًا مع ابنها “أستيكا” على حجرها، و تعرف القديسة ماناسا لدى الهنود أيضا باسم “نيتيا” و اسم “ناجيني” و “بادمافاتي”، لأنها تحب زهور اللوتس و “فيشاهارا” بمعنى المقدسة التي تبيد السم.
ما هي أسطورة الأفعى ماناسا
يعتقد أن ماناسا، في الأساطير الهندوسية ، هي ابنة الحكيم كاشيابا و زوجته كادرو، وشقيقة الملك الثعبان شيشها ، و هي أيضا أخت فاسوكي ، ملك الثعابين الذي تبجله طائفة كبيرة من الهنود، و هي زوجة الحكيم “جارات كارو”، هناك نسخة أخرى من الأسطورة تعتبر ماناسا ابنة القدير شيفا الذي هو واحد من الآلهة العِظام في الهندوسية، و تقول الأساطير الهندية أنها رُفضت من قبل والدها شيفا وزوجها “جارات كارو” الذي تخلى عنها بسبب عبادتها وتقشفها الشديد وضعفه أمامها، ثم عاد إليها بطلب من بعض الشخصيات المقدسة وأنجبوا طفلهم الوحيد أستيكا، وقد كانت ماناسا تكره زوجة شيفا “تشاندي” التي انتزعت إحدى عيونها و قامت بحرق جلدها بدافع الغيرة كما تقول الأسطورة، حيث اشتبهت تشاندي، في أن ماناسا كانت محظية أو زوجة شيفا. لذلك، تؤكد بعض الروايات أنها كانت كريهة للغاية، ومحبوبة فقط عند مريديها الذين تطلب منهم التبجيل و التقدير مقابل بركاتها و المساعدة التي تقدمها لهم بسخاء.
حسب الثقافة الشعبية الهندية ماناسا لييست كسائر الشخصيات المقدسة في الهند ، بسبب نسبها المختلط وانتمائها لطائفة الأفاعي، محرومة من الإلهية الكاملة، تروي الأساطير الهندوسية القديمة قصة ولادة هذه الأفعى القوية، حيث خلقها والدها الحكيم”كاشيابا” من عقله ، لكي تتمكن من السيطرة على الزواحف والثعابين الخطيرة التي كانت تخلق الفوضى على الأرض ، وجعلها المقدس الخالق براهما إلهًة رئيسًية للأفاعي، وقد نجحت بالفعل في السيطرة عليهم حيث يقال أن الثعابين حتى هذا اليوم في هذه المنطقة بالذات من الهند غير ضارة، ويعتقد أن الرب كريشنا منحها مكانتها الإلهية المرموقة و نصبت نفسها آلهة الآلهة، وهذا ما يعتقده الهنود و يؤمنون به حتى يومنا هذا.
ما هي طقوس تبجيل الأفعى المقدسة
في بعض المناطق ، يقوم الناس بتبجيل ماناسا بدون صورة ، حيث يُبجلون فرع شجرة ، أو وعاء فخاري أو صورة ثعبان ترابي كإلهة ، على الرغم من أن صور ماناسا وتماثيلها تُعبد أيضًا في بعض المناطق، و يتم تبجيلها للحماية والعلاج من لدغات الثعابين والأمراض المعدية مثل الجدري وجدري الماء ، وهناك من يبجلها في المعابد تحديدا في شمال البنغال، حيث تحدث طقوس خاصة بها يتم تأديتها للحصول على بركاتها، حسب الثقافة الهندية الغريبة حيث يتم تبجيلها بشكل كبير في موسم الأمطار عندما تكون الثعابين أكثر نشاطًا للحماية من شرها ولدغتها القاتلة، كما يتم استدعاء بركاتها أثناء الزواج أو لإنجاب الأطفال، كما لا يخلو فناء كل منزل زراعي تقريبًا في البنغال من تمثالها، وهناك مسرح شعبي موسيقي مخصص بالكامل لأسطورتها.
خلال الرياح الموسمية ، تُعبد الأفعى ماناسا من الهندوس، ولا سيما في ولايات البنغال الشرقية وأسام وجارخاند وأوريسا الهندية ، طوال أشهر يونيو ويوليو وأغسطس ، في الوقت الذي تترك فيه الثعابين أرضها العشبية، وتخرج في العراء بحثا عن الماء و تمتد طقوس تبجيل ماناسا في بنغلاديش طيلة الشهور المذكورة ، حيث يطيع المريدون ماناسا و يبجلونها كقديرة ويؤدون مختلف الطقوس لإرضائها ، كما يتم نحت تمثالها، وتقديم تضحيات و قرابين مختلفة أيضاً حسب مقدرة كل شخص، وترديد الصلوات والتراتيل لآلاف المرات في بعض الأماكن، كما يقوم المريدون بوضع أشياء حادّة تخترق أجسادهم بالإضافة إلى الأسلاك ، ويعرضون الثعابين السامة في المذبح ، ويتم تقديم عروض حية تصور حياة و أسطورة المقدسة ماناسا و قدراتها الكبيرة.
أين يقع معبد الأفعى ماناسا
هناك معبد مخصص فقط لتبجيل هذه الأفعى القوية و يقع في سفوح مجموعة شيفاليك مونتاين في ولاية هاريانا بالهند، و يجذب هذا المعبد القديم السكان المحليين والسياح بأعداد متساوية بسبب أهميته الدينية لديهم، المعبد يغطي مساحة واسعة تبلغ مائة فدان يقع على بعد عدة كيلومترات خارج مدينة شانديغار ، بالقرب من ماني ماجرا في منطقة بانتشكولا، وهناك قصة غريبة وراء بناء هذا المعبد حيث هناك قصة تقول أن مهراجا باتيالا حلم ذات مرة بالمقدسة ماناسا التي أخبرته أنها ظهرت في مكان يسمى ماني ماجرا، واتبع تعليماتها وبنى معبدًا لتمجيد ماناسا ديفي وكسب بركاتها، حيث يتوافد الكثير من الهنود لتادية طقوس تبجيلها خاصة في مهرجان ‘نافراتري’ الشهير في الهند.
و من أبرز طقوس زيارة هذا المعبد ، أن يربط الزوار في الشجرة المقدسة ثوب يتكون من خيوطًا حمراء وذهبية تمثل رغباتهم، و بمجرد تحقيق تلك الرغبات، يعود الهنود ليشكروا ماناسا ديفي ويفكوا ذلك الخيط.
كما يتم تبجيل ماناسا بشكل كبير ورسمي في مناسبة ناج بانشامي، و هو مهرجان مخصص لعبادة الثعابين في شهر (يوليو – أغسطس)، كما تراقب المرأة البنغالية الصيام في هذا اليوم وتقدم الحليب في ثقوب وحفر الثعابين، و قد بدأ بعض الهنود في جنوب الهند في الآونة الأخيرة بتبجيل ماناسا ديفي في معبد في موكامالا الذي يقع في غرب جودافاري ، أندرا براديش. كما يعتبر معبد ماناسا ديفي زيارة لا بد منها للزوار المتجهين إلى هاريدوار، حيث يبعد عن المعبد 3 كم، و تعتبر هذه الطقوس ضرورية للغاية يقوم بتأديتها الهنود منذ سنوات طويلة.