ننتظر تسجيلك هـنـا

{ إعلانات منتديات احساس ناي) ~
 
 
 
{ دعم فني للمنتديات   )
   
{ مركز رفع الصوروالملفات   )
   
{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


العودة   منتديات احساس ناي > ๑۩۞۩๑{ القسم الاسلامي }๑۩۞۩๑ > › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪•

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 11-27-2023, 03:18 PM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » اليوم (07:44 PM)
آبدآعاتي » 3,698,285
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2091
أس ام أس ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 
افتراضي مقاصد السنة النبوية (1) حفظ الدين

Facebook Twitter


إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أمَّا بعد:
الدِّين في حياة الأمم والشعوب هوالمُحرِّك الرئيس، والعنصر الفاعل، وبدونه تفقد الأممُ قُدرتَها على الاستمرار والعطاء، وليست التجربة الاشتراكية عنَّا ببعيد؛ إذ فَقَدَ أبناؤها كلَّ دافعٍ لهم في الحياة، ممَّا أدَّى في النهاية إلى سقوط الفكر الاشتراكي الشيوعي. فالدِّين هوالذي يدفع الأممَ إلى التَّقدُّم والرُّقي، ويدفع الأفرادَ إلى الإنجاز والعطاء، ويبقى الفارقُ بين أُمَّةٍ وأُخرى هوموافقتها للحق، واعتناقها الدِّينَ الخالص الصواب.

والدِّينُ الإسلامي هوالدِّين الخاتم الذي ارتضاه الله تعالى لعباده؛ من أصحاب الدِّيانات السَّماوية السابقة أوحتى من أصحاب الدِّيانات الوضعية الوثنية، وهوالدِّين الذي لا ينجوإلاَّ مَن اعتنقه واتَّبعه، وعمل بمقتضاه، وقد تضافرت الأدلةُ على ذلك من القرآن والسنة، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ ﴾ [آل عمران: 19]، وقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوفِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ؛ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ)[1]، وهذه الأدلَّة وغيرها قطعيةُ الثبوت، قطعيةُ الدلالة لا مجال فيها للعقل أوالفكر.

ونظرًا لأهمية الدِّين وكونِه المحور الذي تدور حوله حياة الأمم والأفراد، بل وآخرتهم فقد ضَمِنَت السُّنة النبوية حِفْظَ الدِّين، ونقصد بالدِّين يقينًا الدِّين الإسلامي؛ إذ أنَّ ما عداه لا يُعتد به، ولا يُأبه له، فحِفظُ الدِّين مقصدٌ عظيم من مقاصد السنة النبوية، بل هوأوَّل مقاصِدِها، فوَضَعت السُّنةُ القواعدَ والتدابيرَ التي به يتمُّ حفظ الدِّين، ولم تترك هذا الأمر للاجتهاد أوللبشر، وإنما ضمنت حِمايته وصيانته، واتَّخذت الوسائلَ والتدابيرَ المناسبة لذلك ابتداءً، دون انتظارٍ لتطوُّر الزمان أوتغيُّر الأحوال وما يصاحبهما من ظروفٍ وملابسات، وهذا من كمال السُّنة النبوية وعظمتها.

والمقصود من حفظ الدِّين أشار إليه وبيَّنه الشاطبي - رحمه الله - بقوله: (فإنَّ حِفْظَ الدِّين حاصله في ثلاثة معانٍ: وهي: الإسلام، والإيمان والإحسان، فأصلُها في الكتاب، وبيانُها في السُّنة، ومُكَمِّلُه ثلاثة أشياء: وهي: الدعاء إليه بالترغيب والترهيب، وجهادُ مَنْ عانَدَه أورامَ إفسادَه، وتلافي النُّقصان الطارئ في أصله، وأصلُ هذه في الكتاب، وبيانُها في السُّنة على الكمال)[2]، فالكتاب والسُّنة هما مصدر التشريع، منهما تُستَمَدُّ الأدلة، وتُسْتَخرَج الأحكام، وتُستنبط المسائل، وتُستخلص المقاصد، دون تفريقٍ بينهما، وفي هذا دليلٌ على عظمة السُّنة ومكانتِها في التشريع.

المقصود بالدِّين: والمقصود بالدِّين هنا ثلاثة معان:
الأول: الدِّين بمعنى الوحي الإلهي الذي ينزل على الرسل.
الثاني: الدِّين بمعنى الإيمان بالله وبالرسل واليوم الآخر. الثالث: الدِّين بمعنى الأحكام المشروعة التي تحكم ظواهر الناس.

وهذه المعاني الثلاثة يُقصد منها ما يلي:
1- كون الدِّين هووحي الله تعالى، فالله أعلم حيث يجعل رسالته، فلا مجال للتحريف أوالخطأ، فعندما يُرسِلُ اللهُ وحيَه إلى نبيِّه ورسوله، فهذا النبيُّ هوالمقصود بعينه دون غيره، وما أُرسل إليه هوعينُ ما أراده الله تعالى، وهذا فيه أبلغ ردٍّ على بعض الفِرق الضالة والمنحرفة التي تُشكِّك في الدِّين من جهة الوحي، ومن كونه أخطأ القصد أوالهدف، فهذا مردودٌ عليه بحفظ الله تعالى لدينه، ولا حِفظ للدِّين إلاَّ بحفظ الوسيلة وهي الوحي، ومن ثَمَّ كان أمينُ الوحي جبريلُ (شديد القوى) كما وصفه ربُّه تبارك وتعالى.

2- كون الدِّين عقيدة وعبادة؛ فالعقيدةُ مُتمثِّلةٌ في الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وكلِّ ما يقتضيه الإيمانُ وتتطلَّبه العقيدةُ الصحيحة، والعبادةُ مُتمثِّلةٌ في شرائعه وأحكامه وآدابه ومعاملاته، وهذا يقتضي البيان والإيصال والحفظ، فضَمِنَ اللهُ بيانَ دينه وإيصالَ رسالته إلى جميع خلقه، وحِفْظَه من التحريف أوالتأويل أوالضياع.

ونظرًا لتلك الأسباب كلِّها كان الدينُ ضرورةَ حياةٍ بالنسبة للإنسان، قال تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30]، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أو يُنَصِّرَانِهِ، أو يُمَجِّسَانِهِ) الحديث[3]. قال ابن القيم - رحمه الله: (حاجة الناس إلى الشريعة ضرورية فوق حاجتهم إلى كلِّ شيءٍ، ولا نسبة لحاجتهم إلى علم الطِّب إليها، ألا ترى أنَّ أكثر العالَم يعيشون بغير طبيب)[4].

وسائل المحافظة على الدِّين في السُّنة:
نظرًا للاعتبارات المُتقدِّمة فقد حافظت السُّنة النبوية على الدِّين، سواء من حيث غرسِه في النفوس وتعميقِه فيها ابتداءً، أومن حيث تدعيمِ أصلِه وتعهُّدِه بما يُنمِّيه ويحفظ بقاءه استمرارًا ودوامًا، وشَرَعت لذلك الوسائل التالية:

أ- وسائل حفظ الدِّين من "جانب الوجود": من وسائل غرس الدِّين في النفوس ابتداء في السُّنة النبوية الوسائل التالية:
1- ترسيخ اليقين بأصول الإيمان وأركانه، وهي الإيمان بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر والقدر خيره وشره؛ وقد جاء في حديث جبريل المشهور في تعريف الإيمان: (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ)[5].

2- إقامة هذا الإيمان على البرهان العقلي والحجة العلمية، ومن هنا كانت دعوة السُّنة النبوية إلى النظر والتدبر؛ يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ [آل عمران: 190]. الآيَةَ كُلَّهَا[6].

3- القيام بأصول العبادات، وأركان الإسلام؛ من صلاة وزكاة وصوم وحج، بعد النطق بالشهادتين، فهذه العبادات من أهمِّ أسرارِها وحِكَمِها أنها تصل العبد بربه، وتُوَثِّق صلته به، مما يُرسِّخ أصل الإيمان في نفسه ويُجدِّده؛ ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربِّه تبارك وتعالى: (وما تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيهِ، وما يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ) الحديث[7]. وقال صلى الله عليه وسلم: (بُنِيَ الإِسْلاَمُ على خَمْسٍ؛ شَهَادَةِ أَنْ لاَّ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ)[8].

4- إيجاب الدعوة إلى الله، وحمايتها، وتوفير أسباب الأمن لحَمَلَتِها؛ ومن الأحاديث الحاثة على الدعوة إلى الله تعالى، قوله صلى الله عليه وسلم: (نَضَّرَ الله امْرًَا سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حتى يُبَلِّغَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلى مَنْ هو أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيسَ بِفَقِيهٍ)[9]، وما وصَّى به أُمَّته قائلًا: (فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ)[10].

وهذا المنهج النبوي في حِفظ الدِّين من جانب الوجود، فيه عدَّة دلالات:
الأوَّل: البيان: وذلك من خلال تعليم الناس أمور دينهم، وبيانِها وتوضيحِها، فلا يختلط بالدِّين ما ليس منه، ولا يخرج من الدِّين ما هومنه، وقد قامت السُّنة بهذه الوظيفة على أكملِ وجهٍ وأتمِّه، فما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ وقد بلَّغ الدِّين بتمامه، ومصداقُ ذلك قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

الثاني: التَّطبيق العملي: وذلك من خلال الممارسة العملية للشعائر الدِّينية والعبادات الإسلامية، وقد مارسها النبيُّ صلى الله عليه وسلم عمليًّا ونقلها عنه أصحابه - رضي الله عنهم، فكانت أوقعَ في النفس، وأدعى إلى المتابعة عليها، والتَّأسِّي بها.

الثالث: احترام عقلية المُتلقِّي: فالشرائع الإسلامية والعقيدة الإيمانية كلُّها مُتَّسقة مع العقل، فلا تُخالفه، ولا تحيد عنه قيد أنملة، وقد دعت إلى إعمالِ العقلِ والتَّفكُّر والتَّأمُّل، والحُكْمِ على الأمور والأشياء؛ لأنها تُدرك هذا الاتِّساق والتَّناغم والتَّناسب مع الفطرة، والعقلِ السليم.

ب - وسائل المحافظة على الدِّين من "جانب البقاء":
والمقصود بها الوسائل التي انتهجتها السُّنة النبوية في المحافظة على الدِّين بعد حصوله؛ لصيانته، وإزالة العوائق من طريقه، وتزكيته في النفوس، ومن أهم الوسائل:
1- كفالة حرية العقيدة والتَّدين وحمايتها، فالإسلام لا يُكره أحدًا على اعتناقه، ويسمح بتعايش مختلف الأديان داخل دياره وفي رحاب دولته، ويترك الحرية لأهل الأديان في عقائدهم وممارستهم التعبدية وتصرفاتهم المدنية، بل إنَّ من أهداف الجهاد الإسلامي تأمين حرية الاعتقاد والتدين؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فيها الْقِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا؛ فإنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا)[11].

ومن خلال رسم صورة متكاملة من السنة النبوية حول تعامل النبيِّ صلى الله عليه وسلم مع أصحاب الدِّيانات المخالفة، وما بثَّه في السنة من أقوالٍ ووصايا حول نفس الموضوع، نلاحظ عدَّة أمور:
ضمان حرية العقيدة، فلا يُجبر أحدٌ على تبديل دينه أو تغييره.

إعلاءُ القيم الإنسانية وتغليبُها، فيتأثَّر صلى الله عليه وسلم لموت يهودي، ويذهب لعيادة مرضاهم، ويُواسي مُصابَهم.

ضمان الحقوق والممتلكات والخاصة، فلا يجور عليهم أحدٌ، ولا يظلمهم، ومَنْ فَعَلَ ذلك فإنَّ خصمه يوم القيامة هو النبيُّ صلى الله عليه وسلم نفسُه.

اندماجهم في المجتمع، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، وهذه الصورة تتَّسع لتشمل محاورَ عدَّة، يضيق عنها المقام.

وقد رسَّخَ مبدأ حريةِ العقيدة إلى احترام الناس، والتَّعايش السِّلمي، والاعتراف بالآخَرِ دون إنكارٍ عليه، ودون تدخُّلٍ في شؤونه، ممَّا أدَّى إلى تحقيق مُجتمعاتٍ آمنة لا توجد فيها مظاهر للطائفية أو العنف ضِدَّ أقلِّيَّةٍ مُعيَّنة، فدخلت بلادٌ بأكملها في الإسلام من هذا الجانب فاصطبغت بصبغة الإسلام عقيدةً وعبادة، واتَّخذت اللغةَ العربية لها لغة، ولم يمضِ على فتحها سنون معدودة، ممَّا ضمن البقاءَ لهذا الدِّين.

2- تشريع الجهاد؛ تمكينًا للدِّين، ودرءًا للعدوان، وحمايةً للاعتقاد؛ ولقد (كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا أَمَّرَ أَمِيرًا على جَيْشٍ أو سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ في خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ معه من الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا. ثُمَّ قال: اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ، في سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا ولا تَغُلُّوا، ولا تَغْدِرُوا، ولا تَمْثُلُوا، ولا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وإذا لَقِيتَ عَدُوَّكَ من الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إلى ثَلاَثِ خِصَالٍ "أو خِلاَلٍ" فَأَيَّتُهُنَّ ما أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ منهم وَكُفَّ عَنْهُمْ. ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإِسْلاَمِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ منهم وَكُفَّ عَنْهُمْ. ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى التَّحَوُّلِ من دَارِهِمْ إلى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذلك، فَلَهُمْ ما لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ ما عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا منها، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ، يَجْرِي عليهم حُكْمُ اللَّهِ الذي يَجْرِي على الْمُؤْمِنِينَ، ولا يَكُونُ لهم في الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ، إلاَّ أَنْ يُجَاهِدُوا مع الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ منهم وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ)[12]. وكان يقول صلى الله عليه وسلم كذلك: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فإذا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ)[13]، ولمَّا سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قال: (إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ)، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قال: (الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ) قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قال: (حَجٌّ مَبْرُورٌ)[14].

3- الالتزام بتعاليم الدِّين وتطبيقها، وبذلك يظل للدِّين حيويته في النفوس، وأثره على الجوارح، ومن هنا قُرِن الإيمان والعمل الصالح في كثير من نصوص القرآن، إذْ كثيرًا ما يرد في القرآن: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [يونس: 9]، وجاء تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم على أهمية العمل بالكتاب والسُّنة؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: (يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يوم الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ، تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ) الحديث[15]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (الْمُؤْمِنُ الذي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ كَالأُتْرُجَّةِ؛ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ. وَالْمُؤْمِنُ الذي لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ كَالتَّمْرَةِ؛ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلاَ رِيحَ لَهَا) الحديث[16].

4- تشريع عقوبة الرِّدَّة؛ حماية لحرمةِ الدِّين وجدية الاعتقاد، وحتى لا يُقدم على الإسلام إلاَّ بعد قناعةٍ تامة، فالإسلام لا يُكرِه أحدًا على اعتناقه، والارتداد قد يكون ذريعةً إلى إدخال الخلل في صفوف المسلمين، وفي تفكُّك جبهتهم الداخلية، وفي ذلك فساد كبير وشر مستطير؛ لأنَّ أخطر شيء على حياة الأمم وكيانها الفوضى في الاعتقاد، والاضطراب الفكري وعدم الثقة بما يُظِلُّها من نظام، ومن هنا كان انتشار الأفكار الإلحادية التي جاست خلال ديار المسلمين، أخطر على الإسلام من الكفر الصريح الخارج عن نطاق بلاد الإسلام، فالشك في النظام والتفكُّك في صفوف الجبهة الداخلية قد يكون من العوامل الأساسية في نصر الأعداء، ولذا لم يترك الإسلام للمرتد الحرية في الارتداد مع احترامه الشديد لحرية الاعتقاد بالنسبة للكافر الأصلي.

ثم إنَّ المرتد بعد أنْ أُتيحت له فرصة الاطلاع على الأدلة والبراهين التي جعلته يؤمن بالإسلام ويدخل فيه بمحض اختياره، ليس له عذر؛ ومن أجل ذلك شُرِعت عقوبة الرِّدة على لسان النبيِّ صلى الله عليه وسلم حيث قال: (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ)[17].

فكان ممَّا انفردت السنة النبوية بتشريعه؛ إذْ لم يرِدْ لعقوبة الرِّدَّة ذِكرٌ في القرآن، وهذا ممَّا يؤكِّد على عظمةِ السنة النبوية وحمايتِها لدينِ الله تعالى. أمَّا الكافر الأصلي الذي قد لا يتمكَّن من الاطلاع على تلك الأدلة فمعذور؛ لأنه يُرجى منه أن يطَّلع عليها، أو اطلع عليها ولكن لم يحصل اقتناع بها. فَيُرجى منه أيضًا أن يصل إلى الاقتناع[18].

والرِّدَّة تكون بصريح القول؛ كقوله: كفرَ أو أشركَ أو ألْحَدَ، أو بلفظٍ يقتضي الكفر؛ كجحده ما عُلِمَ من الدِّين بالضَّرورة؛ كوجوب الصلاة والزكاة، وحرمة الزنا والقتل بغير حق، أو بفعلٍ يستلزم الكفر التزامًا بيِّنًا؛ كإلقاء مصحفٍ أو جزء منه، ولو آيةً في القذر، ولو كان المستقذر طاهرًا شرعًا؛ كالبصاق ونحوه، وكلُّ فعلٍ يُقصد به الاستخفاف بكلماته، وشريعته[19].

5- محاربة الابتداع في الدِّين، ومقاومة المبتدعين، والبدعة: (طريقة في الدين مُخْتَرَعة تُضاهي الشرعية، يُقصد بالسُّلوك عليها المبالغة في التَّعبد لله سبحانه)[20]. والنبي صلى الله عليه وسلم هوأول مَنْ حارب الابتداع في الدِّين بقوله: (خَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ)[21]. وفي رواية: (أَحْسَنُ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلُّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ)[22]. وفي رواية: (مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بها وَعَضُّوا عليها بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ)[23].

ومن هنا نعلم: أنَّ الابتداع في الدِّين هو أخطر مِعولٍ لهدمه والانحراف بمقاصده تبعًا للخيال أو الهوى، أو ثقةً بالعقل والاغترار به، والخروج به عن دائرة ما حدَّ الشرع.

ولم يرد حدٌّ معيَّن في عقوبة الابتداع، واتفق العلماء: على معاقبة المُبتدع إنْ كان في بدعته خطر على الدِّين، وتكون هذه العقوبة بالتعزير، ولكنهم اختلفوا: في مقدار ما تصل إليه العقوبة: هل يُتجاوز بها مقدار أدنى حدٍّ من الحدود أم لا؟ وبعض العلماء: يجعل العقوبة تبعًا لما تتركه البدعة من مفاسد، متعدِّية أو قاصرة، وبذلك تختلف بتفاوت مراتب المبتدعين بحسب الإسرار والإعلان، والمُعلِن قد يكون داعيةً إلى بدعته وقد لا يكون، والداعي قد تصل به الحالة إلى درجة الخروج على الأئمة والولاة العادلين، وقد لا تصل إلى هذه الدرجة، وقد يُحاول الاستعانة بولاة الأمر لنشر بدعته، وقد لا يحاول، إلى غير ذلك، وهذا أوجُه الآراء وأقربها إلى مبادئ الشرع ومقاصده؛ لأن العقوبة تتبع ما يترتَّب على الفعل من المفاسد والمضار، وكلَّما كان الضَّررُ أعمَّ وأشمل كانت العقوبة أشدَّ وأعظم[24].

6- تحريم المعاصي ومعاقبة مَنْ يقترفونها حدًا أو تعزيرًا، حيث نهى الله تعالى عن المعاصي؛ الكبائر منها، والصغائر، ورتَّب على بعض الكبائر عقوبات محدَّدة، أو غير محدَّدة. وأوعَد مَنْ يتعدَّى حدودَه بعذاب أليم في الآخرة، زيادةً على عقاب الدنيا.

ومن أعظم مبادئ ومميِّزات الأُمَّة المحمدية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد وصف الله تعالى أتباعَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم بأنهم خير أمَّة أُخرجت للناس؛ إذا قاموا بهذا الواجب المُقدَّس، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ولذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بوجوب تغيير المنكر حسب الاستطاعة بقوله: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ)[25]. والمقصود بذلك: محاربة المعاصي والمنكرات، وعدم إقرارها بين المسلمين؛ حفاظًا للدِّين، وطهارةً لقلوب المؤمنين من دَنَسِ المعاصي الذي يحجب نور الإيمان عن قلوب العصاة.

وباستقراء الأحاديث الواردة في السُّنة النبوية نلحظ أنها: جاءت بتحريم قتل النفس بغير حق، وتحريم الزنا، وشرب الخمر، وقذف المحصنات، والسرقة، وترتَّب على كلِّ فِعلٍ منها عقوبة محدَّدة. وكذا جاء النهي عن عقوق الوالدين، وخيانة الأمانة، ونقض العهود وخُلْف المواعيد، وأكل الربا، وتحريم الميسر، وشهادة الزور، وكل ما يرجع إلى هذه الأنواع من قريب أو بعيد مما يدخل تحت معنى المنكر.

ومن هنا جاء تكليف ولاة الأمور بحراسة الشريعة وحمايتها؛ بإقامة الزواجر لردع الخارجين على حدود الله تعالى وأحكامه وقواعد دِنيه ومبادئه[26].

7- إقامة سياجٍ من الحاجيات والتحسينات؛ كأداء الصلاة جماعة، وكنوافل العبادات المختلفة، وبكل هذه التشريعات يتأصل الدِّين، ويرسخ في نفس المسلم والمسلمة، وفي المجتمع، مما يحقق الأنس والسكينة، والخير للفرد والمجتمع.



 توقيع : حكاية ناي ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مقاصد السنة النبوية (6) حفظ الأمن حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 1 11-27-2023 03:26 PM
مقاصد السنة النبوية (2) حفظ النفس حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 1 11-27-2023 03:26 PM
مقاصد السنة النبوية (4) حفظ النسل حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 1 11-27-2023 03:26 PM
مقاصد السنة النبوية (3) حفظ العقل حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 1 11-27-2023 03:26 PM
مقاصد السنة النبوية (5) حفظ المال حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 1 11-27-2023 03:26 PM


الساعة الآن 09:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.