الانتصار على هوى النفس
يقول الله تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النازعات: 40].
• الهوى لا يقتصر فقط على الشهوة، بل في كل ما تحبه النفس وترغب فيه وهو محرَّم، يُورِد المهالك، والكَيسُ من نهى نفسه عن فعل ذلك، وصبر، وقاوم النارَ التي يحترق بها جسده، تلك النار الإبليسية التي تزيِّن لك الإباحية، والزنا، وترغِّبك في فعل الحرام، فمن يصبر وينهَ ويكبح هذه النار المشتعلة، ويُطفئها بالذكر والصلاة، والتسبيح والانشغال بما هو مفيد - فقد أفْلَحَ؛ لأن التجارة مع الله رابحة، والجزاء الجنة، وهي المأوى الأخير لنا جميعًا إذا ما فعلنا المعاصي، وأخلصنا لله، وأدخَلَنا فيها برحمته، بعد أن علِم هدايتنا وصلاحنا.
• كلما هَمَمْتَ بفعل لذَّةٍ عابرة يرتعش فيها الجسد لدقائق معدودة؛ ليخرج الدوبامين بالسيروتنين، وتشعر بالنشوة، فتذكَّر أنها عابرة، وأنها لو كانت في الحلال، فإن لذتها أفضل للنفس؛ لأنك عندما تكون مع زوجتك، فإنها حلالك ولك أجر، بل إن الله إذا رأى فيك صدق الاستقامة، فإنه سبحانه يهيئ لك اللذة والقدرة والقوة في إشباع رغبتك مع زوجتك، ويسعدك السعادة التي تستحقها، بل ويؤلِّف بين قلوبكم، ويجعل المودة والمحبة بينكم نِتاجَ صلاحك وتقواك، وتجنُّبِك الزنا المحرَّمَ، والنظرات الشيطانية، ولتعلم أنك إن أصلحت نفسك مع الله، فإن حياتك سوف تتحسن مائة درجة فسيولوجيًّا، بحيث تعيش القوة واللذة مع زوجتك، على عكس من فقدوا الرغبة مع زوجاتهم، فاتخذوا طرقًا مخالِفة للفِطرة والقِيَم، وذهبوا للبحث عن الرخيص المحرم، وتركوا الغالي الحلال الذي بين أيديهم، وتحوَّلت منازلهم إلى جحيم من المشاكل، بل قد يصل الأمر إلى الطلاق نتاج نفور الزوج من زوجته، لتُكسَر العلاقة بينهما، وتغيب المودة والرحمة بينهما، فيظن أن اللذة بالحرام أعظم، ولا يعلم أن إبليس زيَّن له الحرام، ولو فكَّر المسكين بعقله، لَعَلِم أن الحلال أعظم، وأفضل للحفاظ على مستويات الدوبامين، والعيش بسعادة دائمة، دون ندم أو ألم أو قهر، أو تراجع في الحياة، والنكسات المتتالية التي تتوالى على الشخص المنغمس في لذة الحرام، وهناك الكثير الذين بسبب الخوض في الحرام لم تدُم علاقتهم مع زوجاتهم، ووصلوا إلى الطلاق، وخربت الأُسَرُ والبيوت نتاج هذه المحرمات، ولتعلموا حقيقة أن من أباح لنفسه ما لم يُبِح له الشرع، فقد أجرم، ودخل في باب الفواحش، وصار من الفُسَّاق الذين لا قيمة لهم عند الله، ولا حياة لهم بين الناس، إنها الذنوب التي تُورِث الذل والهوان، والعبودية لهوى النفس الشيطانية، فيحصل لمن سلكوا هذه الطريق الكثيرُ من الانتكاسات، والصدمات النفسية، فيلجؤون للإباحية؛ ظنًّا منهم أنها الملجأ الوحيد الذي يسعدهم، لكنهم يعيشون مراحل صعبة، وينتابهم القلق، وتحيط بهم الكآبة، ويلازمهم القلق، وهكذا يظلُّون إلى أن يُفسدوا أنفسهم ببقية الأمراض، فبعد إدمان الإباحية يأتي الزنا، ثم المخدِّرات، ثم السقوط، والفشل في الحياة، ولو أنهم علِموا خطرَها، وذهبوا للبحث عن علاج لها، لَما وصلوا إلى مرحلة السقوط الأخيرة، بل إنهم إذا انتصروا، فإنهم سيعيشون الحياة الحقيقية الممتلئة بالسعادة، والحياة الطيبة.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|