ماريو دراجي من مواليد 3 سبتمبر 1947، في روما بإيطاليا، وهو اقتصادي إيطالي خدم من 2011 إلى 2019 كرئيس للبنك المركزي الأوروبي، وهي المؤسسة المالية المسؤولة عن اتخاذ القرارات النقدية داخل منطقة اليورو، ذلك الجزء من الإتحاد الأوروبي الذي اعتمد أعضاؤه العملة الأوروبية الموحدة، وجاء تعيين
ماريو دراجي في وقت حرج حيث كان الإستقرار داخل منطقة اليورو يتعرض لتحديات أزمة الديون السيادية الأوروبية، وفي فبراير 2021 أصبح
ماريو دراجي رئيس وزراء إيطاليا على رأس حكومة تكنوقراط.
نشأ ماريو دراجي في روما حيث عمل والده في بنك إيطاليا (البنك المركزي الإيطالي)، بعد أن حصل على التعليم الثانوي اليسوعي ومن ثم تخرجه من جامعة روما، ودرس الإقتصاد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة تحت فرانكو موديلياني الذي فاز لاحقا بجائزة نوبل للإقتصاد، وستانلي فيشر الرئيس المستقبلي للبنك المركزي الإسرائيلي، وحصل ماريو دراجي على درجة الدكتوراه، حيث أنه حصل على درجة الدكتوراه من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في عام 1976، وهو أول إيطالي يحصل على درجة الدكتوراه في تلك المؤسسة الهامة، وخلال الثمانينيات قام بتدريس الإقتصاد في جامعة فلورنسا وعمل في البنك الدولي في واشنطن العاصمة.
كان ماريو دراجي مدمنا على التاريخ لأن هذا يفرز الماضي،ومن عام 1991 إلى عام 2001 كان ماريو دراجي المدير العام للخزانة الإيطالية، ومن خلال ذلك المنصب وبصفته رئيسا للجنة الوطنية للخصخصة لعب دورا مركزيا في خفض الدين العام الإيطالي وعجز الميزانية السنوية وفي تثبيت أسعار الفائدة وأسعار صرف العملات، ونجحت كل هذه الإجراءات في السماح لإيطاليا بالتأهل للمشاركة في الإتحاد النقدي الأوروبي لعام 1999.
أكسبت إصلاحات ماريو دراجي للمؤسسات الإقتصادية الإيطالية المتراخية المعروفة باسم سوبر ماريو على اسم البطل الذي لا يقهر في لعبة فيديو نينتندو، كما بدأ ماريو دراجي في جذب الإنتباه الدولي، ومن 2002 إلى 2005 كان نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في جولدمان ساكس العالمية ومقرها لندن، وهي شركة تابعة لبنك الإستثمار الأمريكي، وفي عام 2006 تولى منصب محافظ بنك إيطاليا وعمل على مدى السنوات الخمس التالية على إدخال إدارة مسؤولة وسياسة نقدية صارمة في تلك المؤسسة أيضا.
بصفته محافظا للبنك المركزي الإيطالي كان
ماريو دراجي عضوا في مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي الذي يحدد أسعار الفائدة في منطقة اليورو، كما أصبح رئيسا لمنتدى الإستقرار المالي وهو هيئة استشارية لمجموعة العشرين من البلدان المتقدمة اقتصاديا، وفي أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008 أصبح هذا المنتدى مجلس الإستقرار المالي وحصل ماريو دراجي على تفويض لوضع معايير تنظيمية من شأنها منع حدوث انهيار شبه آخر للنظام المصرفي.
في يونيو 2011 اجتمع المجلس الأوروبي جميعه المكون من رؤساء جميع دول الإتحاد الأوروبي لتعيين خلف للرئيس المنتهية ولايته للبنك المركزي الأوروبي والفرنسي جان كلود تريشيه، حيث كان المنافس الرئيسي هو ماريو دراجي ولكن بحلول ذلك الوقت كانت أزمة الديون الأوروبية قد بعثت الشكوك القديمة حول حكمة وقوة المديرين الإقتصاديين الإيطاليين لا سيما في ألمانيا، حيث يقع المقر الرئيسي للبنك المركزي الأوروبي.
في النهاية طمأنت سمعة ماريو دراجي الطويلة كمصلح مالي ومحافظ صارم فيما يتعلق بالسياسة النقدية للألمان، بعد أن تلقت فرنسا كلمة تفيد بأن عضوا إيطاليا آخر في مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي سوف يستقيل مبكرا لإفساح المجال لعضو فرنسي، ورئاسة ثاني أهم دولة في العالم، وذهب البنك المركزي بعد نظام الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى ماريو دراجي.
تولى ماريو دراجي منصبه في وقت بدأ فيه مستقبل اليورو نفسه موضع شك، لكنه تحرك بسرعة لطمأنة الأسواق العالمية جميعها بشأن استقرار العملة المشتركة في الإتحاد الأوروبي، وفي يوليو 2012 صرح بأن البنك المركزي الأوروبي مستعد لفعل كل ما يلزم للحفاظ على اليورو، وأصبح هذا التأكيد الجريء ينظر إليه على أنه نقطة تحول في الأزمة.
وفي عهد ماريو دراجي تبنى البنك المركزي الأوروبي سياسات نقدية تدخلية لم تكن تهدف فقط إلى تهدئة الذعر الذي ساد منطقة اليورو ولكن إلى ضمان أن تكون اقتصادات أوروبا في وضع أفضل لمواجهة الأزمات المستقبلية، وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى إدخال دراجي لمعدلات الفائدة السلبية بشكل أساسي، وعقوبة على البنوك التي اختارت الإحتفاظ باحتياطيات كبيرة من النقد بدلا من إقراضها واستخدامه للتيسير الكمي لزيادة السيولة، وجادل النقاد بأن السياسة الأخيرة يمكن أن تؤدي إلى تضخم جامح، ولكن ماريو دراجي اجتاز المخاطر الكامنة في مثل هذه الخطوة وقاد منطقة اليورو نحو التعافي الإقتصادي، وانتهت فترة ولايته التي استمرت ثماني سنوات في البنك المركزي الأوروبي في عام 2019، وخلفه كريستين لاغارد.
في يناير 2021 حكومة رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي أنهارت عندما انسحب شريك رئيسي في التحالف خلال نزاع حول تخصيص أموال الإغاثة المقدمة من الإتحاد الأوروبي لـ COVID-19، ولم ينجح كونتي في محاولاته لإعادة بناء ائتلافه وبدا من المحتمل أن إيطاليا كانت تتجه نحو انتخابات مبكرة وسط الجائحة، ودعا سيرجيو ماتاريلا ماريو دراجي إلى العمل كرئيس للوزراء على رأس حكومة الوحدة، وعلى مدار الأيام التالية شكل
ماريو دراجي مجلسا استقطب تمثيلا من مجموعة واسعة من الأحزاب السياسية الرئيسية في إيطاليا، مما يضمن حصوله على دعم برلماني كاف لدفع أجندته، وأدى اليمين رسميا كرئيس وزراء إيطاليا في 13 فبراير 2021.