هن قدوتي (12): زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
للرسول صلى الله عليه وسلم أربع بنات من زوجته السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنهنَّ، جميعُهنَّ ولدن قبل نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم، أكبر بناته السيدةُ زينب رضي الله عنها ثم رقية ثم أم كلثوم ثم السيدة فاطمة رضي الله عنهن وأرضاهن.
جميع بنات النبي صلى الله عليه وسلم توفين في حياته ما عدا السيدة فاطمة رضي الله عنها لحقت به في نفس العام، وقد متن كلُّهنَّ في سنٍ صغيرة فلم تتجاوز أيٌّ منهن الثلاثين من عمرها.
1- زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر أخواتها، من المهاجرات، تزوجها في حياة أمها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع فولدت له أمامة، التي تزوج بها علي بن أبي طالبٍ بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها.
وولدت له أيضًا علي بن أبي العاص.
أسلمت زينب رضي الله عنها وهاجرت قبل إسلام زوجها بست سنين، ورُوي عن عائشة رضي الله عنها أن أبا العاص شهد بدرًا مشركًا فأسره عبدالله بن جبير الأنصاري، فلما بعث أهل مكة في فداء أساراهم جاء في فداء أبي العاص أخوه عمرو وبعثت معه زينب بقلادة لها من جذع ظفار أدخلتها بها خديجة رضي الله عنها في فداء زوجها، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم القلادة عرفها ورَقَّ لها وقال: « إن رأيتم أن تُطلقوا لها أسيرها فعلتم »، قالوا: نعم، فأخذ عليه العهد أن يخلي سبيلها إليه ففعل.
هجرة زينب رضي الله عنها:
خرجت زينب رضي الله عنها من مكة مع كنانة أو ابن كنانة، فخرجوا في طلبها فأدركها هبّار بن الأسود، فلم يزل يطعن بعيرها برمحه حتى صرعها وألقت ما في بطنها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة: (ألا تنطلق فتجيء بزينب؟) قال: بلى يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم: « فخذ خاتمي فأعطها إياه »، فانطلق زيد فلم يزل يتلطف فلقي راعيًا فقال: لمن ترعى؟ قال: لأبي العاص، فقال: لمن هذه الغنم؟ قال: لزينب بنت محمد، فسار معه شيئًا، ثم قال: هل لك أن أعطيك شيئًا فتعطيها إياه ولا تذكر لأحد؟ قال: نعم، فأعطاه الخاتم، وأنطلق الراعي وأدخل غنمه وأعطاها الخاتم فعرفته فقالت: من أعطاك هذا؟ قال: رجل، قالت: فأين تركته؟ قال: بمكان كذا وكذا... فسكتت حتى إذا كان الليل خرجت إليه، فلما جاءته قال لها: اركبي بين يدي على بعيره، قالت: لا ولكن اركب أنت بين يدي فركب وركبت وراءه حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إجارة أبو العاص:
خرج أبو العاص إلى الشام في عيرٍ لقريش فانتدب رسول الله صلى الله عليه وسلم لها زيد بن حارثة في سبعين ومئة راكب من الصحابة، فلقوا العير في سنة 6 هـ فأخذوها وأسروا أناسًا منهم أبو العاص، فأرسل أبو العاص إلى زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خذي أمانًا من أبيك فخرجت فأطلعت رأسها من باب حجرتها والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح بالناس فقالت: يا أيها الناس أنا زينب بنت رسول الله وإني قد أجرت أبا العاص.
فلما فرغ الرسول صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال: «أيُّها الناس إنَّه لا علم لي بهذا حتى سمعتُموه، ألا وإنه يجير على المسلمين أدناهم».
فلما أجارته سألت أباها أن يرد عليه متاعه ففعل، وأمرها ألا يقربها ما دام مشركًا، فرجع إلى مكة فأدَّى إلى كل ذي حق حقه، ثم رجع مسلمًا مهاجرًا في المحرم سنة 7 هـ فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته بالنكاح الأول.
وفاتها:
لقد بقيت زينب رضي الله عنها مريضة من تلك الدفعة التي دفعها هبّار بن الأسود حتى ماتت من ذلك الوجع. وتوفيت رضي الله عنها سنة 8 هـ دون أن تتجاوز الثلاثين من عمرها.
رضي الله عنها وأرضاها!.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|