جوانب من حياة العرب في الجاهلية - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 345
عدد  مرات الظهور : 9,028,440
عدد مرات النقر : 325
عدد  مرات الظهور : 9,028,437
عدد مرات النقر : 219
عدد  مرات الظهور : 9,028,476
عدد مرات النقر : 174
عدد  مرات الظهور : 9,028,476
عدد مرات النقر : 307
عدد  مرات الظهور : 9,028,476

عدد مرات النقر : 20
عدد  مرات الظهور : 2,546,595

عدد مرات النقر : 43
عدد  مرات الظهور : 2,541,184

عدد مرات النقر : 18
عدد  مرات الظهور : 2,541,708

العودة   منتديات احساس ناي > ๑۩۞۩๑{ القسم الاسلامي }๑۩۞۩๑ > › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪•

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 02-05-2024, 01:52 PM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » يوم أمس (08:41 PM)
آبدآعاتي » 3,699,433
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2249
الاعجابات المُرسلة » 790
مَزآجِي   :  08
?? ??? ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 آوسِمتي »
 
افتراضي جوانب من حياة العرب في الجاهلية

Facebook Twitter


وإذا كانت دراسة مكة لازمةً لفَهْم سيرة النبي صلوات الله وسلامه عليه، وفَهْم الدور الخطير الذي اضطلع بأعبائه، فإن دراسة العرب في شبه الجزيرة لازمة كذلك لهذين الهدفين، ولهدف آخر أكبر وأعظم، وهو معرفة التغيير الذي أحدثه الإسلامُ في أحوال العرب السياسية المختلفة من جِهة، وفي عاداتها وتقاليدها من جِهة أخرى؛ ولهذا آثرنا أن نُوجِز القول في الحياة السياسية والاجتماعية والحياة الدينية لدى العرب في الجاهلية.


الجانب السياسي:

فبالنسبة للحياة السياسية، نقول: إن العرب كانوا في شبه الجزيرة بَدْوًا يَسكنون الصحارى، ويتنقَّلون عبر نواحيها الشاسعة؛ طلبًا للماء، وسعيًا وراء الكلأ، وحَضَرًا يَقطُنون القرى، ويَستوطِنون المدن، ويَحوزون أرزاقَهم من التجارة أو الزراعة أو منهما معًا، ولم يكن أولئك ولا هؤلاء يُشكِّلون دولة لها نُظُمها وأجهزتها، ولها قوانينها ودساتيرها، وإنما كانوا قبائل، لكل قبيلة شيخ، ولكل شيخ مجلس يُعاوِنه ويشير عليه، وكما أن أعضاء هذا المجلس قد كانوا يُختَارون من العشائر والبطون بمقتضى صفات تَفرِضها أو ترتضيها البيئة: كالشجاعة والفروسية، ومعه المال وكثرة الولد، وفرط الجرأة، وحُسْن الذود عن القبيلة، فإن شيخ القبيلة - وهو سيد هؤلاء الرجال وأرفعهم مكانة - قد كان يُرشَّح للزعامة لا بالقوة والسطوة، ولا بالحَسَب والنَّسَب، ولكن بمقتضى هذه المزايا التي كانت تُقاس بها أقدار هؤلاء الرجال، والتي كانت تُوزَن بها مكانتهم ومنزلتهم.



ومع ما كان يَبذُله شيخ القبيلة في سبيلها من جهد، وما كان يُقدِّمه لها من تضحية وعون، فإنه لم يكن فيها سوى فرد، له ما لأفرادها، وعليه ما عليهم، ولا يُستثنى من ذلك سوى خمسة حقوق، وهي: المرباع، والصفايا، والرأي، والنشيطة، والفضول، وكلها مُتعلِّقة بالحرب والقتال؛ فالمرباع: ربع الغنيمة، والصفايا: ما يصطفيه الشيخ لنفسه من الرقيق أو السلاح أو الثياب، والرأي: إعلان الحرب والتخطيط لها، والنشيطة: ما يأخذ من العدو قبل الاشتباك، والفضول: ما لا يقبل القسمة؛ كالسيف، والجارية، وما إلى ذلك، ولا خلاف بين المؤرِّخين في أن الرابطة قد كانت قوية بين القبيلة وبين أفرادها؛ فقد كان الفرد يَقِف إلى جانب قبيلته راشدة وغالية، وكانت قبيلته تقف إلى جانبه ظالمًا ومظلومًا، وكانت تَطيرُ من أجل ذلك الهامات، وتتدفق الدماء، وتَشتَعِل شبه الجزيرة بالمعارك والحروب.



الجانب الاجتماعي:

وإذا غادرنا الحياةَ السياسيَّة، وولَّيْنا وجوهنا شَطْر الحياة الاجتماعية، فإننا نُلاحِظ أن القبيلة العربية مُتحضِّرة كانت أو مُتَبَدِّيَةً، لم تكن طبقة واحدة، ولا كان أفرادها جميعًا متساوين في الحقوق والواجبات.



فقد كان منهم الصُّرحاء، وهم الذين يُولَدون من أب عربي وأم عربية، والذين يَضْرِبون بأنسابهم إلى جِذْمِ القبيلة، أو إلى أصلها الذي تنتهي إليه، وتتسمَّى باسمه أو بلقبه، وكان منهم الموالي، وهم أربعة أصناف:

الحليف: وهو المقيم في القبيلة بصفة دائمة.



والمُجَار: وهو المقيم فيها بصفة مؤقَّتة، وهذان الصِّنفان من الأحرار الذين لا تجري في عروقهم دماء القبيلة، ولا يَحمِلون نسبَها، وإنما لجؤوا إليها؛ التماسًا للأمن، أو طلبًا للحماية، أو هربًا من ثأر، أو طمعًا في وَطَر، إلى غير ذلك من شتى ضرورات الحياة، ويبقى الصِّنفان الآخران، وهما:

العتيق: وهو مَن حرَّره سيدُه بمال، أو لعملٍ جليل قام به في السِّلم أو الحرب.



والهجين: وهو ابن العربي من جاريته البيضاء، فإن كانت أُمُّه سوداءَ، فهو الغراب، ولا جدال في أن الصُّرَحاء من أبناء القبيلة قد كانوا هم السادةَ والقادةَ، وكانوا هم المتمتعين بكافة الحقوق التي كانت تقضي لهم بها تقاليدُ المجتمع العربي، وتُخوِّلها لهم أعرافُه وسُنَنُه.



أما الموالي، فهم وإن كانوا في منزلة أدنى، ومكانة أقل، فقد كانت لهم حقوق، وكانت عليهم واجبات، وكانوا يَختلِفون في هذه وتلك تَبَعًا لاختلاف أقدارهم ومنازلهم، فليس الحليف كالمُجَار، وليس من يَجري في عروقه الدم العربي - وإن لم يكن نقيًّا - كمن لا يجري في عروقه غيرُ الدمِ الأعجمي.



على أن هذه الأصناف كلها كانت تحظى بحماية القبيلة، وتعيش تحت ظلال سيوفها ورماحها، وترى من العار الذي لا سبيل إلى احتماله أن تُقصِّر في الانتصار لصنف من هذه الأصناف، ومن القبائل مَن دفعها الاعتداد بالقوة إلى حماية كلِّ مَن يدنو من أرضها، حتى ولو لم يأخذ منها عهدًا بذلك، ومنها مَن بالَغ في هذا حتى حمى الجراد والذئاب.



وتبقى طبقة أخيرة قد كانت إلى الحيوان أدنى منها إلى الإنسان، وهي طبقة الأرِقَّاء من العبيد والإماء، وهؤلاء قد كانوا يَصِلون إلى القبائل من طريق الغارة والسلْب، أو من طريق الشراء من الأسواق، ولم يكن للرقيق سوى خدمة السادة، والسهر على مصالحهم في البادية والحاضرة على السواء.



وهذا المجتمع الذي أوجزنا طبقاته، أو أوجزنا أقسامه وأصنافه، هو المجتمع الغالب، وبعبارة أخرى: هو المجتمع المتمسك بالأعراف والتقاليد.



وهناك مجتمع آخر كان يعيش في شبه الجزيرة، وكان يرفض عاداتها وتقاليدها، وهو مجتمع الصعاليك، ويقول المؤرخون: إنه كان يتألَّف من الشُّذَّاذ وخُلَعَاء القبائل، ومُحترفي السطو والقتل، وكان مقره رؤوس الجبال، ومُوحِش الفَلَوات، وكانت حياته قائمة على السلب والنهب، لا فَرْق عنده بين زمن وزمن، ولا بين موضع وموضع؛ فالأشهر الحرام وغيرها لديه سواء، وقُصَّاد بيت الله وغيرهم لديه سواء كذلك، ولسنا ندري على وجه اليقين ما هي البواعث التي دفعت إلى تكوين هذا المجتمع المخرِّب، وهل هي شظف البادية وفقرها المدقع، أم هي قسوة عاداتها وصرامة أعرافها وتقاليدها؟



وعلى كل حال، فإن مجتمع الصعاليك هذا قد كان ضئيلاً، وكان إلى العَرَضِ الطارئ أقربَ منه إلى الطبقة المستقرة.



الحياة الثقافية والدينية:

وننتقل إلى الحياتين الثقافية والدينية، فبالنسبة للأولى نقول: العرب في الجاهلية قد كان لهم نصيبٌ من المعارف يتناسَبُ وبُعْدَهم عن الدول المتحضرة من جهة، ويَنبُع كله أو أكثره من بيئتهم الصحراوية من جهة ثانية، وعلى هذا الأساس فقد كان لهم عِلْم بالقِيافة والعِيافة، وكان لهم عِلْم بالتنجيم والكهانة، والأمر كذلك بالنسبة للأنساب ورواية الشعر ونقده، وكان اتصالهم بالفرس والروم وبعض الأمم والشعوب التي تدور في فَلَكِها يعطيهم جملةً صالحة من تاريخها وقَصص ملوكها وأبطالها، وربما أعطاهم أَثَارَةً مِنْ معارفها وعلومها.



أَضِف إلى هذا كله ما تعلَّموه من النصارى واليهود الذين كانوا يعيشون في اليمن والحجاز وغيرهما، أما اللغة وتمييز الجيد والرديء من شعرها ونَثْرها، فقد بلغوا في ذلك منزلة طيبة، وقد يكون من الأدلة على ذلك كتابتهم للمعلَّقات، ونصبها حول الكعبة، وهذه الأسواق التي كان يجلس فيها النقاد للحُكم لشاعر على شاعر، أو لتمييز خطيب على خطيب، ولا خلاف بين الكُتَّاب في أن القرآن قد نزَل، والعرب فرسان البلاغة، وأئمة البيان والفصاحة.



ومن الكتَّاب مَن يَستدِلُّون بنزول القرآن على أن العرب في الجاهلية قد أوتوا نصيبًا كبيرًا من العلم والمعرفة، وهذا حق؛ فإن منزلة القرآن العلميَّة والأدبية أوضح من الشمس في رابعة النهار، وليس من المعقول ولا من المقبول أن ينزل هذا الكتاب العظيم في أمة كثيرة الجهل قليلة المعرفة، وإلا لَمَا أمكنها فَهْمه، وبالتالي ما أمكنها الإيمان به والدفاع عنه، وليس أوغل في العبث من مخاطبة قوم بما لا يفهمون وتكليفهم بما لا يُطيقون.



وتبقى الحياة الدِّينية، ولا خلاف بين الكُتَّاب في أن العرب منذ الحكم الخزاعي لمكة حتى بِعثة النبي صلوات الله وسلامه عليه، قد كانوا وثنيين يعبدون ما يَنحِتون من الهياكل والتماثيل، وكانت لهم بيوت يحجون إليها، وينصبون أصنامهم حولها، وكان أشهرَ هذه البيوت بعد البيت الحرام الذي بمكة: بيتُ الطائف، وبيت صنعاء، ورضاء، والأقيصر، وذو الخلصة، وكعبة نجران.



وكان الفرق بين بيت مكة وغيره من البيوت الستة الأخرى أن القصد إلى الأول قد كان عامًّا، ومن العرب الشماليين والجنوبيين على السواء، بينما كان غيره محليًّا، ولا تَقصِد إليه سوى القبائل المحيطة به.



وعلى سبيل المثال؛ فقد كان بيت صنعاء مقصورًا على رئام، وكان بيت الطائف مقصورًا على ثقيف، وهكذا، ووثنيَّة العرب هذه قد كانت طارئة فيهم، وكانت دخيلة على بلادهم، وقد مرَّ بنا أن عمرَو بن لُحَيٍّ الخزاعي هو أول مَن جلَبها من الشام إلى شِبه الجزيرة، وأول مَن نصبها حول الكعبة، وأن العربَ قد كانوا قبل دخولها حنفاءَ يعبدون الله تعالى على ملَّةِ إبراهيم وإسماعيلَ.



ومن الكُتَّاب من يرى أن وثنية العرب هذه هي عبادة "توت مسميه"، ومعناها: عبادة الحيوانات والطيور على أنها رؤوس القبائل وأصولها التي انحدرت منها، ولا حجة لهم سوى ما تسمَّتْ به بعضُ القبائل من الوحوش والحيوانات؛ كالكلب والجحش والأسد، وهذه التماثيل التي نُحِتَتْ على صورة الطير والوحش.



ولا جدال في وَهَن هذه الحجة؛ لأن هذه الأسماء أسماءٌ حقيقيَّة لرجال من هذه القبائل، ولأن العرب قد كانوا ينتهون بأنسابهم إلى رجال معروفين للتاريخ؛ كعدنان، وقحطان، وإبراهيم، وإسماعيل، وحجة أخرى لا سبيل إلى إغفالها: وهي أن العرب قد كانوا يَصِفون كل من هجر الأوثان وعَبَدَ الواحدَ بأنه قد تحنَّف واعتنق ملة أبيه إبراهيم، ولا جدال فيما لهذا الوصف من الدَّلالة على أن الوثنيةَ قد كانت دخيلة على العرب، وأن الحنيفية هي ديانتُهم الأولى، على أن انتشار عبادة الأصنام لا يعني أنها كانت هي العبادةَ الوحيدة في شبه الجزيرة؛ فقد عرَفت هذه البلادُ اليهوديةَ والمسيحية.



أما الأولى: فقد كانت في اليمن، وفي خيبرَ، ويثرب، وتيماء، ووادي القرى.



وأما الثانية: فقد كانت في نجران وغسَّان، ولسنا بصدد معرفة الأسباب التي بواسطتها دخلت هاتان الديانتان بلادَ العرب، وإن كانت الهجرة والتبشير والصراع الذي كان بين الفرس والروم بعضَ هذه الأسباب.



وثَمَّ نِحْلَةٌ أخرى وهي الحنيفية، أو عبادة الله تعالى على ملة إبراهيم، وهذه قد كانت خافتةً وقليلة الأتباع، والرُّواةُ يذكرون من معتنقيها عبدالله بن جحش، وقس بن ساعدة، وورقة بن نوفل، وعثمان بن الحويرث، وزيد بن عمرو بن نفيل، وحتى هؤلاء الخمسة، فإن الرواةَ يختلفون فيما إذا كانوا جميعًا من الحُنَفاء، أو كان بعضهم ممن تنصَّر وعَبَدَ اللهَ على ملة المسيح، ويمكن أن يكونَ مَن العرب من تأثر بالفرس وغيرهم من الأمم ذوات النِّحَل؛ وعليه فيكون منهم الصابئة والمجوس وعَبَدَة الدهر، وقد جمع القرآن الكريم هذه النِّحَل في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [الحج: 17].



ونعود إلى القبائل في حواضرها وبواديها، ونذكُر أنها قد كان لها رصيد كبير من الأخلاق الفاضلة والعادات الحسنة، وكان لها رصيد كبير كذلك من الدنايا والرذائل التي نفَر منها الطبعُ السليم والفِطْرة المعتدلة؛ فالشَّمَم والإباء، والبَذْل والعطاء، وإكرام الضيف، وحماية الجار، والدفاع عن العِرْض، والصدق في القول، والنقاء في السريرة - صفاتٌ كانت لازمة لهم، وفطرية فيهم، والسلب والنهب، والزنا والبغاء، وقتل الأبناء ووأد البنات، وشُرْب الخمر ولعب الميسِر، والقسوة والظلم - رذائلُ كانت لصيقة بهم، وغيرَ منفكَّة عنهم؛ ولأنهم كانوا يطرقون البوادي المُخِيفة، وينزلون الرُّبوع المُقفِرَة؛ فقد كانوا يؤمنون بالخرافات والكائنات الخفية: كالغول، والعنقاء، والهامة، وكانوا يعتقدون أن لكل وادٍ سيدًا من الجن، وأنه لا سبيل إلى الأمن فيه إلا باستئذانه والاستعاذة به من أشقياء قومه، إلى غير هذا مما حفِظته لنا الأشعار والأراجيز، على أن داءَ العرب العَقَامَ، ومرضهم المُعضِل، قد كان في العصبيَّة التي مزَّقت أوصالَهم، وبدَّدتْ جهودهم، وأشعلت شبه الجزيرة بنار الإِحَن والعداوات، ولهيب المعارك والحروب.



وهذه العصبية قد كانت نوعين، كل منهما مرتبط بالآخر ومُتَّصِل به، وهما عصبية الدم، وعصبية التقاليد.



فأما الأولى، فقد كان يدفع العربي إليها شعورَه بالانتماء نحو قبيلته، وأن الدم الذي يجري في عروقه هو نفسه الدمُ الذي يجري في كافة أفرادها؛ لأنهم جميعًا إخوة يَنتسِبون إلى أب واحد، وهو الذي تُعْزَى إليه القبيلة، وتحمل اسمه أو لقبه، وأمر آخر، وهو إحساسه بأن مصالحه هي مصالح قبيلته، وأن حياتَه هي حياتها.



ومن هنا رأينا كلاًّ منهما يَشتدُّ في الوقوف إلى جانب الثاني؛ فالفرد يَبذُل ماله ودمه في سبيل القبيلة، والقبيلة تُقاتِل عنه حتى الفَناء حيًّا، وعن الأخذ بثأره حتى تُدرِكه أو تُدرِكَ دِيَتَه ميتًا.



وإذا عرفْتَ قلة الموارد لدى العرب وكثرة تهافتهم عليها، أدركْتَ مدى اختلافهم وتنازعهم، وأدركتَ كذلك مدى الدور الذي لعبته العصبية القَبَلية في إشعال الحروب والعداوات فيما بينهم.



وننتقل إلى عصبية التقاليد، وهي تَمسُّك العرب بما أَلِفوه، ومحافظتهم على ما تَوارَثوه أو اعتادوه، لا فَرْق في ذلك بين الحَسَن منه أو القبيح، ولا بين الجيد منه أو الرديء: ﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 28].



وواضح من هذه العصبية أنها لا تَقِلُّ عُنْفًا عن أختها، وأيًّا كانت، فَخَطَرُها وضررُها أقل، ومع أن العرب قد أدركوا مدى الشرِّ الكامن في كلٍّ من هاتين العصبيتين، وخَطَوا نحو تشذيب الأولى وكسْر شوكتها بهذه الأحلاف التي أقامتها القبائلُ فيما بينهم، وهذه الهدنة، وهي الأشهر الحرم، التي رفَعَتْ فيها رايةَ السِّلم، ومنَعتِ القتالَ والحرب، وخَطَوا كذلك نحو تشذيب الثانية وكَسْرِ شوكتها بهذه العِظات التي كان يلقيها قسُّ بنُ ساعدة وغيرُه في سوق عكاظ، وهذه الحِكَم التي كان يُضَمِّنها زهيرٌ وغيرُه قصائدَهم وأراجيزهم - فقد بقِيَتِ العصبيةُ القبَلية مانعًا يحُول بين الأمة العربية وبين الوَحدة، وبقيت عصبية التقاليد مانعًا يحول بينها وبين التطور والتقدم، وكانت الحاجة ماسة إلى إرسال رسولٍ من عند اللهِ؛ لإنقاذ العرب خاصة، والعالم بصفة عامة، من الظلم والظلام، إلى الحق والخير والسلام، وهذا هو ما كان.



 توقيع : حكاية ناي ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
قديم 02-05-2024, 01:55 PM   #2



 
 عضويتي » 38
 جيت فيذا » Dec 2022
 آخر حضور » يوم أمس (06:39 PM)
آبدآعاتي » 313,112
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » رحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة » 107
الاعجابات المُرسلة » 132
مَزآجِي   :
 آوسِمتي »

رحيق الورد متواجد حالياً

افتراضي



اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنان.
وأن يثيبك البارئ خير الثواب .
دمت برضى الرحمن


 توقيع : رحيق الورد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إذا كانت لديك القدرة على تغيير جانب واحد من جوانب الطبيعة البشرية ، فما الذي ستغيره و حكاية ناي ♔ › ~•₪• صخب النقااشات الجادة~•₪• 1 01-27-2024 11:14 AM
المرأة في الجاهلية حكاية ناي ♔ قسم الكتب الالكترونيه 1 01-15-2024 12:41 PM
على خطى العرب| الرحلة السابعة| الحلقة الثانية عشر: مفتاح حياة أخرى حكاية ناي ♔ السياحة والسفر 1 01-13-2023 11:09 PM
سبب و علاج إحتراق و جفاف حواف و جوانب أوراق النباتات حكاية ناي ♔ ›الـحَـيـوَآنـآتُ وَ الـنـبَـآتـآتُ والطبيعه ~ 2 12-29-2022 11:41 AM
الصلات بين العرب والفرس وآدابهما في الجاهلية والإسلام حكاية ناي ♔ قسم الكتب الالكترونيه 3 12-27-2022 12:55 AM


الساعة الآن 07:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.