المسلمون يكونون ثلاث جبهات في غزوة بدر
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبادة بن الصامت، قال: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فشهدت معه بدراً، فالتقى الناس فهزم الله العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يطاردون ويقتلون، وأكبت طائفة على المغنم يحوزونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله لا يصيب العدو منه غرة، حتى إذا كان الليل، وفاء الناس بعضهم إلى بعض، قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها، وليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم أحق بها منا، نحن نجينا منها العدو وهزمناه، وقال الذين أحدقوا برسول الله: خفنا أن يصيب العدو منه غرة، فاشتغلنا به، فأنزل الله: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ قُلْ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 1]. فقسمها رسول الله بين المسلمين[1].
ولما تصافّ المسلمون والمشركون قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل قتيلاً فله كذا وكذا، ومن أسر أسيراً فله كذا وكذا"، فلما انهزموا كان الناس ثلاث فرق، فرقة قامت عند خيمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكر - رضي الله عنه - معه في الخيمة، وفرقة أغارت على النهب، وفرقة طلبت العدو فأسروا وغنموا، فتكلم سعد بن معاذ، وكان ممن أقام على خيمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، ما منعنا أن نطلب العدو زهادة في الأجر، ولا جبن عن العدو، ولكن خفنا أن يعرى موضعك، فتميل عليك خيل من خيل المشركين، ورجال من رجالهم، وقد أقام عند خيمتك وجوه الناس من المهاجرين والأنصار، ولم يشذ أحد منهم، والناس يا رسول الله كثير، ومتى تعط هؤلاء لا يبقى لأصحابك، شيء، والأسرى والقتلى كثير، والغنيمة قليلة، فاختلفوا، فأنزل الله عزل وجل: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ قُلْ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [الأنفال: 1]. فرجع الناس وليس لهم من الغنيمة شيء، ثم أنزل الله – عز وجل -: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ﴾ [الأنفال: 41]. فقسمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم. [2]
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|