من الضَّروري أن تقضي بعض الوقت في التفكير في هدفك أو ما تُريد تحقيقه، فكما ذكرنا يُمكن أن يكون لقلة الوضوح تأثير سلبي على دافعك وإنتاجيتك. ضع في اعتبارك الأشياء المُهمة بالنسبة لك والتي تُرضي طموحاتك. بعد ذلك، حدِّد هدفًا واضحًا وقابل للقياس يتماشى مع قيمك وتطلّعاتك.
فكِّر في أهدافك طويلة المدى، هل تُريد التَّرقي الوظيفي أم تُريد الاستقلال وإنشاء العمل الخاص بك بعد الحصول على الخبرة اللازمة من وظيفتك؟ سيُوفِّر لك توضيح هدفك النهائي التوجيه الذي تحتاجه، مما سيسمح لك بالبقاء مُتحمِّسًا أثناء العمل على تحقيقه.
إذا كان الوصول إلى أهداف طويلة المدى أمرًا صعبًا بالنسبة لك في الوقت الحالي، فحاول تحديد هدف يومي أو هدف أسبوعي، حيثُ يُمكن أن تُحفِّزك هذه الأهداف على بدء العمل على شيء ذي معنى.
قسِّم هدفك إلى مهام أصغر
قسِم هدفك إلى مهام أصغر
يُمكن أن تكون المهام الكبيرة والصعبة مُخيفة بعض الشيء بالنسبة لك، ممّا قد يدفعك إلى التأجيل. لذا، من المُهم أن تُقسِّم هدفك إلى مهام أصغر وأكثر قابلية للتنفيذ بحيث يُمكنك إكمال خطوة واحدة في كل مرة. يُمكن أن يساعدك التركيز على المهام الصغيرة في اكتساب الثقة بالنفس وإحراز التقدم المطلوب وزيادة الإنتاجية.
لتقسيم المهام بشكلٍ فعال، يُمكنك اتِّباع طريقة التحديد والتقسيم التي ستُساعدك في تقسيم مهامك على النحو المطلوب. وفيما يلي كيف تقوم بذلك:
أولًا: التحديد
فلنفترض أنَّك قد بدأت بالفعل في تحديد الهدف النهائي لمشروعك وهو إطلاق دورة دراسية عبر الإنترنت مع ما لا يقل عن 1000 طالب مُسجّل خلال الشهر الأول. مع وضع هذا الهدف في الاعتبار، عليك أن تبدأ في تحديد الخطوات أو المراحل التي ستُحقق هذا الهدف من خلالها على النحو التالي:
المرحلة الأولى: تطوير منهج الدورة التدريبية ومُحتواها.
المرحلة الثانية: إنتاج مواد ومقاطع فيديو عالية الجودة للدورات التدريبية.
المرحلة الثالثة: تسويق الدورة والترويج لها لجذب الطلاب.
المرحلة الرابعة: مُراقبة الإقبال على الدورة وجمع التعليقات والاقتراحات لتحسين الدورة التدريبية.
ثانيًا: التقسيم
بعد ذلك، قُم بتقسيم كل مرحلة إلى خطواتٍ أصغر يُمكن إكمالها في غضون ساعة. على سبيل المثال، بالنسبة للمرحلة الأولى:
الخطوة الأولى: البحث وتحديد الموضوعات الرئيسية لمنهج الدورة.
الخطوة الثانية: كتابة خطط الدروس التفصيلية لكل وحدة من وحدات الدورة التدريبية.
ثالثًا: التلخيص
في النِّهاية، يجب عليك تقدير الوقت المطلوب لتنفيذ كل خطوة ومرحلة حتّى تتمكَّن من إنشاء جدول زمني دقيق للمشروع بأكمله.
باستخدام هذه الطريقة، يُمكنك تقسيم مشروعاتك الكبيرة إلى مهام صغيرة يُمكن إدارتها وإنشاء جدول زمني واقعي لتحقيقها.
حدِّد أولوياتك
يُعدّ تحديد الأولويات أمرًا ضروريًا لتجنّب الشعور بالإرهاق عندما تتولّى العديد من المهام في وقت واحد. يُمكنك استخدام أسلوب "البنية الفوقيَّة" لتحديد أولوياتك بسهولة. تسمح لك طريقة البنية الفوقية بتصنيف المهام على أنَّها "ذات أولوية قصوى" أو "ضرورية" أو "يُمكن تأجيلها"، ثم جدولتها بناءً على توافقها مع هدفك.
على سبيل المثال، تخيَّل نفسك كمدير مشروع يُوازن بين عدد من المهام. باستخدام طريقة البنية الفوقية، يُمكنك تصنيف المهام على النحو التالي:
مهام ذات أولوية قصوى: مثل وضع اللمسات الأخيرة على خطة المشروع، والحصول على موافقات أصحاب المصلحة للبدء في العمل.
مهام ضرورية: مثل جدولة اجتماعات الفريق، وتحديث أداة إدارة المشروع.
مهام يُمكن تأجيلها: مثل تنظيم أنشطة بناء الفريق، واستكشاف موارد إضافية.
من خلال هذه الطريقة، يُمكنك تنفيذ المهام واحدة تلو الأخرى وضمان أنَّ المهام المُتعدِّدة لن تطغى عليك وعلى وقتك وتركيزك، وبالتالي زيادة الإنتاجية.
استخدم تقنية بومودورو (Pomodoro)
البومودورو هي تقنية تُساعد على زيادة الإنتاجية وتحسين التركيز وإدارة الوقت. تمَّ تطوير هذه التقنية من قبل فرانشيسكو كيريلو في عام 1980، وهي تستند إلى مبدأ تقسيم الوقت إلى فتراتٍ قصيرة تسمى الدورات، وتبلغ مدتها عادة 25 دقيقة، يتبعها فترة قصيرة للراحة لمدة 5 دقائق. خلال فترة الدورة، يتمّ التركيز بشكلٍ كامل على المهمة المُحدَّدة دون التَّشتّت بأيِّ أفكار أو مهام أُخرى.
تسمح لك هذه التقنية بالحفاظ على الطاقة العقلية من خلال الحفاظ على تركيزك أثناء كل جلسة مع السماح بفترات راحة مُنتظِمة. وفيما يلي مثال على تقنية بومودورو:
تحديد المهمة: فلنفترض أنك تريد قراءة فصل من كتاب.
تقسيم الوقت: قم بتقسيم الوقت إلى دورات قصيرة بمُعدل 25 دقيقة لكل دورة، وتحديد عدد الدورات التي ترغب في القيام بها. فلنفترض أنك تريد القيام بـ 4 دورات.
التركيز: اجعل هدفك خلال كل دورة هو قراءة 10 صفحات.
الاستراحة: بعد كل دورة، استرح قليلًا لمدة 5 دقائق، وقم بأخذ نفس عميق والقيام ببعض الإحماءات وشرب الماء.
التكرار: بعد الاستراحة، قم بالبدء بالدورة الثانية، ثم كرر العملية حتى الانتهاء من الأربع دورات.
استمر في هذا النمط للبقاء مُركزًا وزيادة إنتاجيتك وتجنب الإرهاق. تذكَّر أن تأخذ استراحة أطول بعد الانتهاء من الدورة الرابعة قبل إعادة العمليَّة مرة أُخرى.
التخلص من المشتتات
لا شكَّ أنَّ العدو الأول للإنتاجية هو التشتت والإلهاء، لذلك من المُهمّ أن تعرف طبيعة المشتتات الموجودة حولك وتُحاول التخلص منها. ويتم تصنيف المشتتات إلى مشتتات داخلية وخارجية.
المشتتات الداخلية هي أفكار وعواطف سلبية ناتجة عن نظرتك للمهمة التي تقوم بها والتي تجعلك ترغب في تجنب المهمة التي تقوم بها والقيام بشيء آخر يجعلك تشعر بتحسّن. يُعدّ تقسيم المهام طريقةً جيدةً للتَّعامُل مع هذا النوع من الإلهاء. يُمكنك مُراجعة الإستراتيجية الثانية "قسِّم هدفك إلى مهام أصغر" مرَّةً أُخرى.
من ناحيةٍ أُخرى، تأتي المشتتات الخارجية بسبب العديد من العوامل من بينها المكالمات الهاتفية والإشعارات ووسائل التواصل الاجتماعي والضجيج من حولك. عندما تحتاج إلى التركيز، أبعد نفسك عن مصادر التشتيت الواضحة عن طريق إيقاف تشغيل إشعارات الهاتف الذكي، وتسجيل الخروج من وسائل التواصل الاجتماعي، أو ارتداء سماعات إلغاء الضوضاء إذا لزم الأمر.
تعلَّم تهدئة عقلك
يُمكن أن تساعدك مُمارسات التَّأمل واليقظة في تهدئة عقلك مع تحسين التركيز وتقليل التوتر. اجعل التأمل اليومي جُزءًا من روتينك. يُمكنك استخدام تطبيقات التأمل أو ببساطة القيام بتمارين التَّنفّس العميق لمدة 10-15 دقيقة كل يوم. تعلَّم أيضًا أن تتخلّى عن ما لا يُمكنك التَّحكّم فيه والتركيز على ما تستطيع التَّحكّم فيه.
على سبيل المثال، اجلس في مكانٍ هادئ ومريح بين الحين والآخر، وقُم بغلق عينيك والتركيز على التنفس والصورة الداخلية لجسمك والإحساس بالاسترخاء والسلام الداخلي. بالإضافة إلى ذلك، يُمكنك القيام بالاسترخاء والتسلية والقيام بالأنشطة التي تستمتع بها، مثل القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى أو الرسم أو الكتابة.
حافظ على طاقتك
تتقلَّب مُستويات الطاقة لدينا على مدار اليوم، حيث يُمكن لبعض الأنشطة إمّا زيادة أو خفض مُستويات الطاقة لدينا. يتطلَّب حل مسألة رياضية على سبيل المثال طاقة عقلية أكبر من الرد على رسائل البريد الإلكتروني. لذلك، من المُهمّ ألا تقوم بتجميع كل المهام المُهمة معًا حتّى لا تستنزف طاقتك مرةً واحدة.
من أجل الحفاظ على مُستوى متوازن من الطاقة طوال الوقت، حاول جدولة الأنشطة والمهام بناءً على الطاقة التي تتطلّبها. أيضًا، من المُهمّ أن تأخذ فترات راحة مُنتظمة وتقوم ببعض الأنشطة التي تُعيد شحن طاقتك، مثل ممارسة الرياضة أو القراءة أو قضاء بعض الوقت في الخارج.
يُعتبر الشعور بعدم الإنتاجية أحد التحديات التي يواجهها الكثير منّا في العصر الحالي، لكن لحسن الحظ فهو ليس حاجزًا يستحيل التغلب عليه. إنَّ معرفة الأسباب الرئيسية وراء عدم الإنتاجية مثل الشعور بالإرهاق من المهام إلى المُشتتات الخارجيَّة ونقص الحافز يُتيح لنا اتِّخاذ خطوات استباقية لمُعالجة هذه الحواجز واستعادة إنتاجيتنا.
تذكَّر أنَّ الإنتاجية هي رحلة، وأنَّ الخطوات الصغيرة والمُتسِقَة يُمكن أن تؤدي إلى مكاسب كبيرة بمرور الوقت. في حين أنَّه من الطبيعي أن يكون لديك فترات من عدم الإنتاجية، فإنَّ المفتاح هو عدم السماح لهذه الفترات بعرقلة خطواتك. بدلاً من ذلك، استخدمها لإعادة تقييم نفسك واستعادة السيطرة على وقتك وجهودك.
لذلك، إذا قُمت باتِّباع الإستراتيجيات المُوضحة في هذا المقال وتنفيذها أثناء المُضي قدمًا في حياتك، فنضمن لك أنَّه بإمكانك التغلب على حواجز الإنتاجية واستغلال إمكانياتك الكاملة.