شرح حديث خمس من الفطرة
• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْفِطْرَةُ خَمْسٌ أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ الْخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ".
• وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الإِبِطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، أَنْ لاَ نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْماً. رواه مسلم.
• وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ". قَالَ زَكَريَّاءُ: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ. إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ. زَادَ قُتَيْبَةُ: قَالَ وَكِيعٌ: انْتِقَاصُ الْمَاءِ يَعْنِي الاسْتِنْجَاءَ. رواه مسلم.
ألفاظ الأحاديث:
• (الْفِطْرَة): بكسر الفاء وفسّرها أكثر العلماء بالسنة أي أنها من هدي الأنبياء وليس المقصود بالسنة هنا ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها لأن الخصال التي في الحديث منها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب.
• (الْخِتَان): لغةِّ: القطع، واصطلاحاً: بالنسبة للرجل قطع الجلدة التي تغطي الحشفة حتى تنكشف جميع الحشفة.
وفي المرأة: قطع لحمة زائدة فوق محل الإيلاج قال عنها الفقهاء: إنها تشبه عرف الديك.
• (وَالاسْتِحْدَاد): هو حلق شعر العانة وهو النابت حول ذكر الرجل وقُبُل المرأة.
• (الْبَرَاجِم): جمع بُرجُمة وهي عقد الأصابع التي في ظهر الكف.
• (وُقِّت لنا): أي أمرنا بكذا وهو من الأحاديث المرفوعة.
من فوائد الأحاديث:
الفائدة الأولى: مشروعية الختان: ومذهب الحنابلة أن الختان واجب على الذكر والأنثى والأظهر والله أعلم أنه واجب في حق الرجال وسنة في حق النساء، وسبب التفريق أنه في حق الرجال فيه مصلحة تعود إلى شرط من شروط الصلاة وهو الطهارة لأن الرجل إذا لم يختتن صارت هذه الجلدة سبب في تجمع البول وسبب في الالتهاب أيضاً وكلما عصر الجلدة خرج البول وتنجس بذلك، وأما المرأة ففائدة الختان لها أنه يقلل من شهوتها وهذا طلب كمال وليس من باب إزالة النجاسة، وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- من أسلم من الرجال أن يختتن، كما عند أحمد وأبي داود من حديث عثيم بن كليب عن أبيه عن جده قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " ألق عنك شعر الكفر واختتن ".
الفائدة الثانية: مشروعية الاستحداد: وسمي بذلك لاستعمال الحديدة وهي الموسى، قال عنه النووي: متفق على أنه سنة، والأفضل فيه الحلق فهو أفضل من استعمال النورة أو النتف ونحوه.
الفائدة الثالثة: مشروعية تقليم الأظفار: قال النووي: " مجمع على أنه سنة، وسواء فيه الرجل والمرأة، واليدان والرجلان " وقال ابن حجر: لم يثبت في ترتيب الأصابع عند القص شيء من الأحاديث.
الفائدة الرابعة: مشروعية نتف الإبط: قال النووي: " متفق على أنه سنة " والسنة نتفه كما جاء في الحديث ولو حلقه لجاز لأن المقصود إزالة الوسخ، إلا أن النتف أفضل لمن قوي عليه، وقد أخرج ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي عن يونس بن عبد الأعلى قال: دخلت على الشافعي ورجل يحلق إبطه فقال: إني علمت أن السنة النتف ولكن لا أقوى على الوجع " وقال الغزالي: هو في الابتداء موجع ولكن يسهل على من اعتاده.
الفائدة الخامسة: مشروعية قص الشارب: والسنة فيه إما حفاً بأن يقص أطرافه مما يلي الشفة حتى تبدو، وإما أن يأخذ منه جميعاً بأن يُحْفِيَهُ، وقال ابن باز رحمه الله: " من جزّ الشارب حتى تظهر الشفة العليا أو أحفاه فلا حرج عليه، لأن الأحاديث جاءت بالأمرين ".
وأما حلقه فليس من الشرع في شيء. قال الإمام مالك: حلق الشارب بدعة ظهرت في الناس.
• مسألة:
هل من أراد تطبيق السنة لا يقص شاربه ولا يقلم أظفاره ولا يحلق عانته ولا ينتف إبطه إلا بعد أربعين يوماً لحديث أنس- رضي الله عنه - في الباب " وُقِّت لنا في قص الشارب.... " الحديث؟
• الجواب:
أن السنة أن يأخذ الإنسان من هذه الخصال المذكورة عند الحاجة إلى الأخذ منها، فالضابط لمن أراد أن يطبق السنة الحاجة للأخذ منها وهذا يختلف باختلاف الأشخاص، وأما حديث أنس- رضي الله عنه - فالمقصود به النهي عن ترك هذه الخصال أكثر من أربعين يوماً فالتوقيت هنا للترك لا للفعل وهو الأخذ منها فالسنة أن يؤخذ منها عند الحاجة، قال النووي: " ثم معنى هذا الحديث أنهم لا يؤخرون هذه الأشياء عن وقتها فإن أخروها فلا يؤخرونها أكثر من أربعين يوماً، وليس معناه الإذن في التأخير أربعين مطلقاً " انظر: "المجموع".
الفائدة السادسة: مشروعية إعفاء اللحية: والمقصود توفيرها - وسيأتي الحديث عنها قريباً.
الفائدة السابعة: مشروعية السواك: وقد تقدم الحديث عنه قريباً.
الفائدة الثامنة: مشروعية استنشاق الماء، تقدم في صفة الوضوء.
الفائدة التاسعة: مشروعية غسل البراجم: قال النووي: وأما غسل البراجم فسنة مستقلة ليست مختصة بالوضوء "والمقصود غسل عقد الأصابع وهي أماكن تتسخ ويجتمع فيها الوسخ ، خاصة من لا يكون طري البدن، وقيل: إن العرب سابقاً لا يغسلون أيديهم عقب الطعام فيجتمع الوسخ فيها فأُمر بغسلها.
الفائدة العاشرة: اختُلِفَ في انتقاص الماء وفُسر بأنه الاستنجاء، وقيل: هو انتضاح الماء: كما جاء في رواية بدل (انتقاص الماء) وهو أن ينضح فرجه بالماء ليدفع به الوسواس فيما لو أحس شيئاً فيظنّ أنه خرج منه شيء.
مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الطهارة)
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|