هن قدوتي (4): أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنها
أمها زينب بنت مظعون بن حبيب، أسلمت وهاجرت وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت خنيس بن حذافة السهمي وكان من أصحاب الهجرتين، وشهد أحد ثم مات بعدها في دار الهجرة من جراحة أصابته في أحد، وترك من ورائه أرملته الشابة حفصة. وتألم عمر رضي الله عنه لابنته الشابة التي ترملت في ال 18 من عمرها.
عن عمر رضي الله عنه قال: تأيّمت (فقدت زوجها) حفصة من خنيس بن حذافة السهمي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرًا فتوفي في المدينة، قال عمر: فلقيت عثمان بن عفان رضي الله عنه فعرضت عليه حفصة فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة. فقال: سأنظر في ذلك. فلبث ليالٍ، فلقيني فقال: ما أريد أن أتزوج يومي هذا (بعد وفاة رقية رضي الله عنها) قال عمر رضي الله عنه: فلقيت أبا بكر الصديق، فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة، فلم يرجع إليّ شيئًا، فكنت أوجد (وجد أي غضب وانزعج) عليه مني على عثمان فلبثت ليالٍ فخطبها النبي صلى الله عليه وسلم فأنكحتُها إياه فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت عليّ حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئًا؟ قال: قلت: نعم. قال أبو بكر: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك شيئًا حين عرضتها عليّ إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها، ولم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها لنكحتها. رواه البخاري.
ذكر أمر الله عز وجل بمراجعة حفصة:
عن قيس بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم طلّق حفصة بنت عمر رضي الله عنهما، فدخل عليها خالاها قدامة وعثمان ابنا مظعون فبكتْ وقالت: والله ما طلقني عن شِبَعٍ (أي: بغض أو عيب أو نقصٍ)، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قال لي جبريل عليه السلام: (راجع حفصة؛ فإنَّها صوامة قوامة، وإنها لزوجتك في الجنة).
ولقد كان لحفصة مع أبيها عمر رضي الله عنهما مواقف عظيمة تدل على زهدهما وعلى إعراضهما عن الدنيا إعراضًا كاملًا؛ ومن ذلك أن عمر دخل على حفصة ذات يوم فقدمت إليه مرقًا باردًا وخبزًا وصبت في المرق زيتًا فقال: أدمان في إناء واحد، لا أذوقه حتى ألقى الله.
وكانت حفصة ترى والدها وما هو عليه من شدة العيش فقالت له يومًا: يا أمير المؤمنين لو لبست ثوبًا ألين من ثوبك؟ فقال: سأخاصمك إلى نفسك، أما تذكرين ما كان رسول الله عليه وسلم يلقى من شدة العيش؟ فما زال يذكرها حتى أبكاها.
ولقد اختيرت حفصة رضي الله عنها من بين أمهات المؤمنين لحفظ النسخة الخطية للقرآن الكريم، وذلك عندما أشار عمر على أبي بكر أن يبادر فيجمع ما تفرق من القرآن، ومضي حفظتُه الأولون، فاستجاب أبو بكر رضي الله عنه وجمع المصحف الشريف وأودعه عند حفصة، وفي عهد عثمان رضي الله عنه تم توحيد حرف المصحف ورسمه من المصحف المجموع المودع عند حفصة رضي الله عنها.
وقد شهد بدرًا من أهل بيتها: أبوها عمر، وعمها زيد، وزوجها خنيس، وأخوالها عثمان وعبدالله وقدامه بنو مظعون، والسائب ابن عثمان بن مظعون ابن خالها.
ذكر وفاتها:
توفيت حفصة رضي الله عنها في شعبان سنة 45 في خلافة معاوية وهي ابنة 60 سنه، ودفنت بالبقيع.
رضي الله عنها وعن أبيها.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|