ميز الله الجميع بصفات واهتمامات مختلفة، فنجد الإخوة الطبيب منهم والمهندس, لكني أرصد في مجتمعنا العربي غياب طبع الاختلاف فنرى معايير محددة للتميز بعيدًا عن المعايير الشخصية وتنمّرًا عمن يبتعد عن تلك المعايير حتى أنها بدأت ترقى لعنصرية غير ملحوظة و تتدرّج على مراحل حتى يصبح كثير من الناس أشبه بالروبوتات التي تسعى لتحقيق الهدف من تلك المعايير.
على سبيل المثال انتشار بعض الأنواع من السيارات بشكل يكاد لا يصدّق على حساب غيرها في شوارعنا رغم أنه أحيانا نجد الأفضل منها وبنفس الميزانية المخصصة للشراء إلا أنّ تلك الأنواع أصبحت رمزًا لفئة مجتمعية محدّدة يصعب التخلي عنها أو مخالفة قاعدتها أو مثلاً تمايز بعض التخصصات الجامعية على حساب غيرها حتى بدأنا نرى نسبًا غير مسبوقة لعدد متخصصيها في مجتمعنا.
كل تلك الأمور تصبّ في ترجيح وجود ضغوط مجتمعية كبيرة تقوم بتوجيه شبابنا المبدع في بعض الاتجاهات تحت مسميات تتعلّق بالتفوّق والنجاح, وكأن بعض الشخصيات الممارسة للضغوط على الشباب ترغب في تحقيق منافع شخصية تتمثّل في نفخ فقاعتها الواهنة أمام الناس، و سبيلاً للمباهاة والاختيال.
أليس ما سبق تعريفٌ للاستغلال؟! و تدميرٌ لأحلام الشباب وتركيبة المجتمع؟....إنّه بلا شك أثر الفراشة...
لطالما أعجبتني قصيدة لمحمود درويش تُدعى "سجّل أنا عربي"...
لم تستهويني لفصاحة كلماتها ولا لتعبيرها عن قهر الشعوب بل أعجبتني لأنه يفتخر بنفسه و بهويته وأفكاره ويصدح بها عاليًا. يفخر بنفسه و ما هي عليه, بعيدا عن أيّ مثاليات تشوّه مجتمعنا بدلاً من تحسينه.
محمود درويش عرف من هو لكن شبابنا لا يعلمون من هم فيتبعون هوى المجتمع بلا دراية, منقادين إلى فخّ سيؤثر فيهم فترات طويلة. من هنا نشدّد على أهمية الحلم و الطموح كسبيل لتحقيق السعادة ونيل رضا النفس أولاً قبل كل شيء.