(622هـ-673هـ) (ولد عام 1225 (وفي بعض المصادر 1226)، وتوفي في السابع من مارس/آذار 1274) راهبٌ دومينيكانيٌّ، وفيلسوف، وكاهنٌ كاثوليكيٌّ، ومَلفانٌ في الكنيسة الكاثوليكية.، ويُشار له أيضاً باسم طبيب الكنيسة العالمية، وهو لقبٌ تمنحه الكنيسة الكاثوليكية لمن تعترف لهم بأنهم قدموا إسهاماً كبيراً في مجال اللاهوت أو العقيدة أو الإيمان المسيحي بعامةٍ من خلال دراساتهم أو كتاباتهم أو تعاليمهم.فهو عالم لاهوتٍ، وفقيه مؤثر للغاية في تقليد الفلسفة المدرسية، ويُعرف أيضاً بلقب العالِم الملائكي، والعالم المشترك، والعالم الكوني. يحدد الاسم الأكويني أصول أجداده من منطقة أكوينو في لاتسيو الحالية في إيطاليا. ومن بين الشؤون الأخرى أنه كان مؤيداً بارزاً لعلم اللاهوت الطبيعي، ومؤسساً لمدرسةٍ فكريةٍ تُعرف باسم «التوماوية». جادل بأن الله هو مصدر كلٍّ من نور العقل الطبيعي ونور الإيمان، وكان تأثيره على الفلسفة الغربية كبيراً فقد عملتِ الفلسفة الحديثة على الكثير من أفكاره تطويراً وتنقيحاً، كما عارضتِ الكثيرَ منها لا سيما في مجالات الأخلاق، والحق الطبيعي، وما وراء الطبيعة، والنظرية السياسية.تبنى الإكويني العديد من الأفكار التي طرحها أرسطو -الذي دعاه «الفيلسوف»– على عكس العديد من التيارات في الكنيسة الكاثوليكية ذاكَ الوقت محاولاً التوفيق بين الفلسفة الأرسطية والمبادئ النصرانية.أشهر أعماله «أسئلة متنازَع عليها حول الحقيقة» وقد كُتب بين 1256-1259م، و«خلاصة ضد الوثنيين» وكتب ما يين 1259-1265م، و«الخلاصة اللاهوتية» بين 1265-1274م، غير المكتمل ولكن المؤثر تأثيراً بعيد الغور. تشكل تعليقاته على الكتاب المقدس وعلى أرسطو أيضاً جزءاً مهماً من مجموعة أعماله، وهو يتميز -علاوةً على ذلك- بترانيمه الإفخارستية التي تشكل جزءاً من شعائر القداس الإلهي للكنيسة الكاثوليكية.توما الأكويني أحدَ أعظمِ اللاهوتيين والفلاسفة في الكنيسة الكاثوليكية، وهي تُكرّمه بصفته قديساً وتعتبره المعلم النموذجي لمن يدرسون اللاهوت، كما يحظى باحترامٍ لدى الكنائس البروتستانتية كذلك. ويعتقد بعضهم أنه كان أعلى تعبيرٍ عن كلٍّ من العقل الطبيعي واللاهوت التأملي. استُخدمت دراسة أعماله في العصر الحديث -بفعل التوجيهات البابوية- ومنذ فترةٍ طويلةٍ كأساسٍ لبرنامج الدراسة المطلوب للساعين إلى الرسامة في سلك الكهنوت. وكذلك لمن هم في طور التكوين الديني، وللطلبة الآخرين في التخصصات اللاهوتية (مثل الفلسفة، واللاهوت الكاثوليكي، وتاريخ الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، والشعائر الدينية الكاثوليكية، والقانون الكنسي الكاثوليكي. ويَعتبر الفيلسوفُ الإنجليزي «أنطوني كيني» الأكويني «واحداً من أعظم عشرة فلاسفةٍ في العالم الغربي». فيما لم يرَ برتراند رسل فيه «من الجدارة ما يستحق به أن يوضع على قدم المساواة مع خيرة الفلاسفةِ سواءً في ذلك اليونان والمحدثون».
المناخ العام
صفحة من مخطوطةٍ ألمانيةٍ من العام 1459 تشرح كيفية استخدام الشكل العربي ذي الخانات لنظام العدِّ العشري بواسطة الأرقام العربية بدلاً من الشكل الروماني القديم غير العملي.
زخارف خطية من النمط شبيه الكوفي في الهالة التي تحيط برسم السيدة مريم في لوحةٍ بريشة «جينتايل دي فابريانو» ترقى إلى العام 1423م. (فلورنسا-إيطاليا).
لوحة تعود إلى القرن التاسعَ عشرَ لقلعة زيسا في بلرم تظهر فيها التأثيرات الإسلامية في فن العمارة. تلاحَظ الزخارف التي تزدان بها الجدران وتيجان الأعمدة، والقبوات المتقاطعة في السقف، والمقرنصات والمقبوسة من فن العمارة الإسلامي والخط العربي
كاتدرائية بلدة مونريالي الشهيرة (بلرم - صقلية). يعود المبنى للقرن 12م، ويبدو جلياً نمط العمارة الأندلسية-شمال الإفريقية المبكرة.
جرت مياه كثيرة تحت الجسور منذ أطلق أوربان الثاني نداءَه لتحرير بيت المقدس. مع مطلع القرن الثالثَ عشرَ وعت أوروبا الغربية أن الانتصار العسكري في الشرق أعقد من مجرد حملاتٍ عسكريةٍ وحسب مهما كانت شاقةً ناهيك عن الانتصار السياسي، وكان الناس بُسطاءَ سُذّجاً يعتقدون أن المنتصر مؤيَّد من السماء ما أوجد عندهم شعوراً بالتناقض؛ كيف لنا أن نُهزم ونحن أصحاب العقيدة الحقة؟! «فالمغزى الرئيسي إذن للحركة الصليبية هو أن أوروبا الغربية اكتشفت روحها من خلال هذه الحركة، وقد جَبّتْ [أي قطعت] هذه النتيجة الإيجابية بمراحلَ آثار الفشل السياسي والحربي الذي صادفته... وبهذا نجد أن الحروبَ الصليبيةَ قد أسفرت عن عكس الهدف المعلن في بدايتها تماماً»،
وبرز دور «قومونات المدن» (في شمال إيطاليا بدءاً من القرن الحادي عشر) التي توسعت، ومافتئت تكافح -في مثابَرةٍ- لتحوز حريتها شيئاً فشيئاً من السادة الإقطاعيين، ثم أقامتِ الأحلافَ لترسيخ أقدامِها أو لتوسيع تجارتِها في أوروبا أو مع الشرق مثل رابطة الراين (حوالي 1254م)، والرابطة الهانزية شماليَّ الألب منذ 1252م التي ناهز عددها ثمانين مدينةً في القرن الرابع عشر، وبلغت قومونات المدن في شمال إيطاليا من الثراءِ حدّاً جعل -مثلاً- الفلورين عملةً مقبولةً في جميع أنحاء أوروبا الغربية في العام 1252م، ومكّن البندقية من تمويل جزءٍ كبيرٍ من الصليبية الرابعة (02-1204) على القسطنطينية، وبلغت واردات البندقية السنوية من الدولة المملوكية وحدها مليون دوكة في القرن الثالث عشر، وصاحب ذلك الازدهارَ بناءُ القصور والكاتدرائيات المدينية الضخمة على «النمط القوطي» ذي الاستعاراتِ الواضحةِ من العمارة الإسلامية مثل القبوات ذات الأقواس المتقاطعة والزجاج المُعشّق، وتوسعت شبكةُ الطرق وجرى تحسينُها، وانتشرتِ النُّزُلُ البسيطة على الطرقاتِ للمبيت، وكان الزجّالون والشعراء الغنائيون الجوّالة (أو شعراء الفروسية الغزلون) الذين يُسمَّوْنَ التروبادور يرتحلون عبر الأرجاء يشدون قريضَهُمُ الرومانسي الذي استُقيت مواضيعه من الشعر والموشحات العربية، كالغزل والحب العذري والهُجران والتغني بالطبيعة والحماسة مما كان دخيلاً على الأدب الأوروبي المُقتصر على المواضيع الدينية في ذاك الأوان المبكر، وكان الرهبان الفقراء ينتقلون من صَقعٍ إلى صقعٍ يبشرون بكلمة الرب مترسّمِينَ خُطا المسيح. وسافر العديد من البحاثة إلى صِقليّة والأندلس والعالم العربيّ، وترجموا أعمالاً في الفلك والرّياضيّات، بما في ذلك التّرجمة الكاملة الأولى لـ"عناصر إقليدس". واستقدم ملوكُ صقلية النورمانُ أربابَ المعرفة من إيطاليا والعالم الإسلامي وغيرهما واستضافوهم في مجالسهم كنوعٍ من التقدير، أو لزيادة سمو مجالسهم. في وقتٍ فشا فيه الجهل والأمية في المجتمع الغربي فشوّاً عظيماً.