نبينا محمد صلى الله عليه وسلم النموذج الأمثل للتأسي والاقتداء
إن دراسة السيرة النبوية العطرة لها أهميةٌ كبرى لكل مسلم أراد أن يتعرف على شخصية عظيمة استطاعت أن تغيِّر مجرى التاريخ كاملًا، فنبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن مجرد شخصية تاريخية عابرة، بل كان شخصية امتلكت كافة أساليب التغيير وأدواته، واستطاعت بتأييد من الله أن تتربع على عرش قلوب الناس جميعًا، وتمثل هذا الأخير في جيل الصحابة رضي الله عنهم، فقد ربَّاهم بقوله وفعله وتقريراته، وأخذها عنهم التابعون وتابعو التابعين لينقلوها بدورهم عبر وسائط مختلفة، بالقدوة والأسوة الحسنة، حتى وصلت إلينا نقيةً واضحة؛ لنتأسى بها في جميع شؤون الحياة، صغيرها وكبيرها. وقبل أن ندخل إلى تحليل هذا الموضوع يمكن أن نطرح التساؤلات الآتية:
♦ ما الغاية من دراسة سيرة أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم؟
♦ ما بعض خصائصها؟
♦ ما السبيل الأمثل للاقتداء به صلى الله عليه وسلم؟
1- ما الغاية من دراسة سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟
من البيِّن أن دراسة السيرة النبوية الشريفة تُعَدُّ غذاء للقلوب، وبهجة للنفوس، وسعادة ولذة وقرة عين لكل مسلم[1]؛ فهي تدرس سيرة رجل هو أعظم رجل خلقه الله عز وجل، فقد وصفه رب العزة بقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وإذا كانت دراسة السيرة مهمة في زمن من الأزمان، فهي في زماننا أهم؛ لأن واقع الأمَّة الآن متأخر في كل المجالات، ولا ريب أن الأمل معقود في الله عز وجل لإعادة البناء، بَيْدَ أن النهوض يحتاج إلى أمرين مهمين: يقين بضرورة بناء الأمة من جديد، ودور عملي لكل منا، فاليقين أن نوقن في كلام الله، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم[2].
ولن نفهم الوحيَ بشقَّيْه على نحو دقيق حتى ندرس السيرة النبوية الشريفة، كما أننا لن نستوعب أحداث السيرة النبوية إلا في ظلال القرآن الكريم، ولن نحسن فهم كثير من الأحاديث النبوية حتى نرجع للقرآن والسيرة معًا.
إن حاجة المسلمين حول العالم الآن لدراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم كبيرة؛ لأنها المنطلق الواسع للتغيير والإصلاح، والتربية والدعوة، والعلم والعمل، وبينما تُستهدَف الأمة في دينها وعقيدتها، وجب علينا أن نُهرَع إلى السيرة العطرة لنقف على معالم البناء الإيماني والأخلاقي، وإذا كانت محاولات سَلْخ الشباب المسلم عن هويتهم وهدم الرموز في عقولهم وقلوبهم لا تهدأ حتى تستأنف دورها، فعلينا العودة للسِّيرة لنربِّيَ عليها الأجيال على خير مثال وخير قدوة، ونُعَمق ولاءهم لأعظم جيل أخرجه الله للكون[3]، قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران: 110].
فسيرةُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ليست مجرَّدَ حوادث تاريخيَّة تؤخَذُ منها العبر والعظات فحسب؛ وإنَّما هي فوق هذا كلِّه؛ إنَّها تجسيدٌ عمليٌّ للوحي الذي يُقتدى به، وهي منهج سليم واضح يُهتدى بهداه، وصراط مستقيم يُسلك ويُتَّبع؛ لأنَّها منهجٌ معياريٌّ غيرُ خاضع لحدود الزَّمان والمكان؛ بل تقاس إليه الأعمال والمواقف، وتعاير عليه الاجتهادات والآراء، وتوزن بميزانه الحقِّ.
وفي هذا السياق يقول الدكتور فاروق حمادة: السيرة النَّبوية تجسيدٌ حيٌّ لتعاليم الإسلام كما أرادها الله تعالى أن تُطبَّقَ في عالم الواقع؛ فتعاليمُ الإسلام لم تنزل لتُحْصَرَ بين جدران المساجد وداخل أروقة بيوت العلم الشَّرعيِّ وكليَّاته؛ بل تنزَّلت من الحكيم العليم لتكون سلوكًا إنسانيًّا، ومنهجًا حياتيًّا يعيشها الفردُ المسلم في نفسه وشخصه، ويدركها في واقعه ومجتمعه، ويشبُّ عليها؛ فتصبح جزءًا لا يتجزَّأُ من كيانه، يتصرَّف على هديها في كلِّ صغيرة وكبيرة، وفي كلِّ موقف وشأن[4]؛ فالمبدأُ النَّظَريُّ يُرى ماثلًا قائمًا في شخص صاحبه؛ وهذا ما نجده في السِّيرة النَّبويَّة؛ حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجسِّم تعاليمَ الإسلام كما أرادها اللهُ تعالى أن تُطَبَّقَ في عالم الأحياء والبشر.
2- ذكر بعض خصائص السيرة النبوية:
تعدُّ السيرة النبوية تجسيدًا حيًّا لتعاليم الإسلام، فلا يستغني عن دراستها والنظر فيها أيُّ عالم أو طالب علم، فهي دوحة عظيمة فيها كل الثمار اليانعة، كلٌّ يقطف منها ما يناسبه، وكيف لا تكون كذلك وهي:
1) ربانية المصدر: قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 174]، وقال تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89].
2) ربانية المنهج: قال تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108]، والهدف الأسمى للبعثة النبوية الشريفة إنما هو إحياء مكارم القيم الخلقية، كما أُثر عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق))[5].
3) الوسطية والتيسير: ومن خصائص ومميزات السيرة النبوية الوسطيةُ والتيسير، ودين الإسلام عمومًا جاء بالوسطية كما قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143]، ومواقف النبي صلى الله عليه وسلم وأحاديثه تُظهِر ذلك جليًّا، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا))[6]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما بُعثتم مُيَسِّرين، ولم تُبعَثوا معسِّرين))[7].
4) الواقعية: ومن خصائص السيرة النبوية الشريفة أنها يمكن تطبيقها بلا تكلُّفٍ ولا مشقة، ودون إغراق في المثالية التي تقعد بالناس عن الامتثال؛ فالعبادات واقعية، والأخلاق واقعية، وكل القيم الإسلامية واقعية[8]، قال تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286].
5) العالمية والإنسانية: إن رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم عامةٌ لجميع الخلق مع خلودها: فسيرته قدوة وأسوة لكل البشر، سيرة ينتفع بها صغار الناس وكبارهم، فهم في دين الله سواء، ولا شك أنه ما من خيرٍ وصلاح وسعادة في الدنيا والآخرة إلا وهو مستقى منها، وما من شر وفساد وشقاء وظلم وجور إلا بسبب جهلِنا والبعد عن الاقتداء بسيرته صلى الله عليه وسلم، فهو الرحمة المسداة، والنعمة المهداة للبشرية جمعاء[9]، رحمة لهم ومنقذٌ إياهم من الشقاء والضلال والظلم والفساد والضياع والانحطاط، إلى السعادة والهداية والعدل والصلاح والرفعة والعلو والكرامة، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، وقال جل في علاه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ﴾ [سبأ: 28]، وقال سبحانه: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]، وأُثر عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّة))[10].
6) إن الإنسانية كلَّها تتطلع إلى مثلٍ أعلى تقتدي به، ولن تجد سيرة لعظيم أو نبيٍّ معلومةً كاملة شاملة غير سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
7) الشمولية: من خصائص السيرة النبوية أنها لم تدع جانبًا من جوانب الحياة الإنسانية إلا وتطرقت له، روحية كانت أو جسمية، دينية أو دنيوية، قلبية أو عاطفية، فردية أو جماعية، فللفكر قيم، وللاعتقاد قيم، وللنفس قيم، وللسلوك الظاهر قيم، سواء كان هذا السلوك ينظم علاقة الفرد بنفسه، أم بالناس، أم بالخالق، أم بالكائنات الحية غير الإنسان[11].
8) الثبات والاستمرارية: المتبصر بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم يجدها ثابتة ومدوَّنة بجميع كلياتها وجزئياتها، بحيث لم تثبت سيرة نبيٍّ قبله أو مصلح أو زعيم أو قائد حتى في عصورنا الحديثة. فمتاح للمسلم أن يعرف أدق تفاصيل حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في السلم والحرب والشكل[12].
3- نبينا محمد صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى للتأسي والاقتداء:
من المعلوم أن القدوة الحسنة هي الركيزة الأساسية في المجتمع، بل هي ضرورة لا بد منها في الحياة؛ لأنها تجسِّد المُثُلَ العليا ليحتذي بها الإنسان، ويكتسب منها المعالم الإيجابية، والقيم السامية، والأخلاق العالية، لتكون حياتُه كريمة طيبة فاضلة راقية، سواء مع الله تعالى في أداء العبادات والفرائض، أو مع النفس وتزكيتها وتدريبها على الأخلاق الفاضلة، أو مع الأهل والأولاد من أجل بناء أسرة متماسكة، أو مع المجتمع من حوله في أمور الدين والدنيا، وخيرُ أنموذج للاقتداء به هو سيد الأولين والآخرين، حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]، وقال جل في علاه: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، ونجد حديث عائشة المشهورَ على الألسنة، قد لخص لنا خُلُقَ النبي صلى الله عليه وسلم: قال سعد بن عامر لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين، أنبئيني عن خلُقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ألستَ تقرأ القرآن؟ قلتُ: بلى: قالت: فإن خلُقَ نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم القرآن[13].
وهاته الخاصية تعطي الأخلاق الإسلامية قيمة التفرد والخلود؛ لأن الباري تكفل بحفظ مصدر هاته القيم الأخلاقية كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]. قد استجمع في هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أعلى قِمَم السلوك البشري[14]، فكان الإنسان الوحيد الذي يصح أن يكون القدوة العليا للبشر في أخلاقه، وشمائله، ومعاملاته، وفي جميع أحواله؛ حيث يجد المسلم في سيرته المباركة الأسوةَ والقدرة، والنور الذي يُسْتَضاء به في ظلمات الحياة، والمثل الأعلى الذي يوصله إلى الأمن والسعادة الأبدية[15].
وإن قارئ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد فيها أنه صلى الله عليه وسلم كان ذلك الشاب العفيف المستقيم، الصادق الأمين، الذي عُرِفَ في قومه قبل بعثته وبعدها بالأخلاق الفاضلة، والشمائل الكريمة، وكان أفضل قومه مروءةً، وأحسنهم خلقًا، وأصدقهم حديثًا، وأعفهم نفسًا، وأوفاهم عهدًا.. كما يجد فيها أنه صلى الله عليه وسلم الصاحب الذي يحب أصحابه ويحسن إليهم، ويتواضع معهم، ويجيب دعوتهم، ويزور مرضاهم، ويشهد جنائزهم، ويدعو لهم ولأبنائهم بالخير والبركة، ويمازحهم ويداعبهم، ويشفق عليهم، ويقضي حوائجهم، ويؤلِّفهم ولا ينفرهم، ويهتم بهم، ويشاركهم آلامهم وآمالهم، ويشعر بأحزانهم، ويخففها عنهم، ويحوِّل ألمهم أملًا، ومحنتهم منحة، قال تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159].
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صورةً حيةً لأخلاق وتعاليم الإسلام السامية، رأَى الناس فيه الإسلام رأْيَ العين، فهو أفضل معلم وأعظم قدوةً في تاريخ البشرية كلِّها، والذي أمرنا ربنا سبحانه بطاعته واتباعه والاقتداء به، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، وقال سبحانه: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31]، وقال عز من قائل: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].
إن الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم يحقِّق للمسلم الحياةَ الطيبة القائمة على رضا الله تعالى وتوفيقه ونيل الدرجات العلى في الدنيا والآخرة، وهذه بعض الفوائد والنتائج التي يجنيها العبدُ المقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم[16]:
1) نيل محبة الله تعالى: قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].
2) الهداية والفلاح: قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 54].
3) الفوز بالجنة:قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى))، قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟! قال: ((من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى))[17].
4) معيته يوم القيامة: عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "بَيْنَمَا أَنَا وَرَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجَيْنِ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلَقِينَا رَجُلًا عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟))، قَالَ: فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ الله، مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صَلَاةٍ وَلا صِيَامٍ وَلا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ: ((فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ))[18].
5) تحقيق السعادة في الدارين: إن المؤمن بالله المتبِع لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يعيش حياةً مطمئنة وسكينة وسعادة، قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].
6) تحقيق التوازن بين الأفراد والمجتمعات: سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بمصادرها المختلفة، تهدف إلى بناء الشخصية الإسلامية القويمة.
7) النجاة من الزيغ والضلال: قال النبي: ((قد تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك))[19].
8) تحصيل مكارم الأخلاق: التي تجمع معنى الصلاح والخير كله، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق))[20].
فما أحوجَنا اليوم إلى الاقتداء بالنبي في كل المجالات، وإن الأمة اليوم في أمس الحاجة إلى معرفة سيرة نبينا الكريم والاقتداء به في أخلاقه كلِّها لنرتقي بالأفراد والجماعات والمؤسسات. وخير ما نختم به هذا أن نصلي عليه صلاة وسلامًا دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|