أسعار النفط تتصارع مع مزيج من التأثيرات الاقتصادية والجيوسياسية
تشهد السوق النفطية عوامل هبوطية جراء ارتفاع إنتاج النفط في عدد من الدول، إلى جانب توقعات النمو المتباينة في الاقتصادات الكبرى مثل الصين وأوروبا.
ومن المرجح حدوث زيادة في العرض بقيادة الولايات المتحدة، ما يتسبب في ضغوط على أسعار النفط، وسط شكوك بشأن توقعات نمو الطلب مقابل مخاطر وتوترات جيوسياسية تسيطر على منطقة الشرق الأوسط.
وقال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون "إن أسعار النفط تتصارع مع مزيج من التأثيرات الاقتصادية والجيوسياسية"، مشيرين إلى أنه على الرغم من التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط والهجوم التخريبي على محطة الوقود الروسية لا تزال الشكوك الاقتصادية تلقي بظلالها على توقعات الطلب العالمي، ما قد يشير إلى اتجاه هبوطي على المدى القصير.
ولفتوا إلى قناعة دوائر تحليلية عديدة بأن العوامل الجيوسياسية تحتل حاليا مرتبة متأخرة في التأثير في أسعار النفط، موضحين أن رد فعل السوق الفاتر للمخاطر الجيوسياسية، بما في ذلك هجوم الطائرات بدون طيار الأوكرانية والصراعات في الشرق الأوسط يعكس تركيزا أقوى على العوامل الاقتصادية.
وذكر المحللون أن الانخفاض الطفيف الأخير في منصات الحفر في الولايات المتحدة يشير إلى تشديد طفيف في العرض، لكن ليس بما يكفي لمواجهة الاتجاه الهبوطي الأوسع.
استمرار التقلبات
قال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، "إن وتيرة التقلبات مستمرة في سوق النفط الخام في بداية تعاملات الأسبوع"، مبينا أنه على المدى القصير من المرجح أن تظل سوق النفط هبوطية، متوقعا أن تؤدي الرياح الاقتصادية المعاكسة ولا سيما توقعات النمو غير المؤكدة في الاقتصادات الرئيسة والفائض المحتمل في العرض إلى ممارسة ضغوط هبوطية على الأسعار.
وأوضح أنه بعيدا عن أساسيات السوق التي لا تزال في وضع جيد ومستقر نسبيا، توفر التوترات الجيوسياسية بعض الدعم لأسعار النفط، لكن تأثيرها تطغى عليه عوامل اقتصادية أخرى، حيث يجب على المتداولين الاستعداد لاستمرار التقلبات مع مراقبة المؤشرات الاقتصادية واتجاهات الإنتاج من كثب للحصول على إشارات عن اتجاهات السوق النفطية.
تحركات السوق النفطية
ذكر ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن أسعار النفط الخام يمكن تقييمها حاليا بأنها مستقرة نسبيا، مبينا أن تكون تحركات السوق النفطية في الأسبوع الجاري داخل نطاق محدود، لكن تبقى التوترات في الشرق الأوسط أمرا غير متوقع.
وأفاد بأن أبرز العوامل المؤثرة في أسعار النفط الخام حاليا هي التوترات في الشرق الأوسط والطقس الأمريكي شديد البرودة، لافتا إلى استمرار الجدل في السوق بسبب تباين التوقعات بشأن نمو الطلب العالمي على النفط الخام، كما يؤثر سعر صرف الدولار الأمريكي وسياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي في اتجاهات سوق النفط.
من ناحيته، قال ماثيو جونسون المحلل في شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، "إن أسعار النفط الخام أغلقت على ارتفاع في الأسبوع الماضي، لكنها استمرت في التذبذب ضمن نطاق التداول الذي دام شهرا واحدا"، مبينا أنها مدفوعة جزئيا بالتوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط والاضطرابات الكبيرة في الإنتاج في الولايات المتحدة الناتجة عن الظروف الجوية القاسية.
وأضاف أن "المشهد الجيوسياسي شديد الاضطراب، حيث أدت الإجراءات ضد الصواريخ الحوثية المضادة للسفن إلى زيادة المخاوف بشأن أمن إمدادات النفط الخام واضطراب الملاحة وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين للسفن كافة".
السوق متوازنة
قالت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة أجركرافت الدولية، "إنه على الرغم من التوترات في البحر الأحمر تظل سوق النفط العالمية متوازنة نسبيا، حيث يشكل انقطاع الإمدادات خطرا صعوديا، تقابله مخاوف بشأن صحة الاقتصاد العالمي".
وأفادت بأن الطقس البارد القاسي في الولايات المتحدة أثر بشكل كبير في إنتاج النفط، خاصة في داكوتا الشمالية حيث توقف نحو 40 في المائة من الإنتاج، إذ بلغ إنتاج النفط الخام الأمريكي 13.3 مليون برميل يوميا - وفقا لإدارة معلومات الطاقة - ومع ذلك، أفاد تقييم الأثر البيئي أيضا عن انخفاض كبير في مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة، ما يشير إلى طلب قوي من مصافي النفط الخام، لكن هناك توقعات متباينة بسبب ارتفاع مخزونات البنزين ونواتج التقطير.
أسعار النفط
ارتفعت أسعار النفط يوم الإثنين، إذ يدرس المتعاملون تأثير الحرب في الشرق الأوسط وأوكرانيا في إمدادات النفط في ظل عوامل اقتصادية غير مواتية تضغط على الطلب العالمي على النفط.
وخلال التعاملات، ارتفع سعر خام برنت 90 سنتا إلى 79.46 دولار للبرميل.
وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي الوسيط لشهر أقرب استحقاق تسليم فبراير 1.10 دولار إلى 74.42 دولار للبرميل. وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط مارس الأكثر نشاطا 91 سنتا إلى 74.16 دولار.