ماذا لو كنت في زمان النبي صلى الله عليه وسلم؟
يومًا ما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه بالكوفة، فقال شاب حَدَثٌ: يا أبا عبدالله، رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه؟!
قال: نعم يا ابن أخي.
قال: فكيف كنتم تصنعون؟
قال: والله لقد كنا نجهَد.
قال: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض، ولجعلناه على أعناقنا!
وكأن هذا الشاب يُعرِّض بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم لم يقوموا بتوقيره صلى الله عليه وسلم حقَّ التوقير، وظنَّ هذا الشاب أنه لو كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم لفعل وفعَل!
فأراد حذيفة رضي الله عنه أن يعلِّمه درسًا لا ينساه، وأن الكلام لا يستقيم مع الفِعال في كثير من الأحيان، قال حذيفة: يا ابن أخي، والله لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق، وصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل هَوِيًّا، ثم التفت إلينا، فقال: ((من رجل يقومُ فينظر لنا ما فعَل القوم، يشرط له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يرجع، أدخله الله الجنة))؟
قال: فما قام رجل.
ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هَوِيًّا مِن الليل، ثم التفت إلينا، فقال: ((من رجلٌ يقوم فينظر لنا ما فعَل القومُ ثم يرجعُ، يشرط له رسول الله صلى الله عليه وسلم الرَّجعةَ، أسأل الله أن يكون رفيقي في الجنة))؟
قال: فما قام رجلٌ من القوم مع شدَّة الخوفِ، وشدَّة الجوعِ، وشدَّة البردِ، فلمَّا لم يقُم أحدٌ، دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن لي بُدٌّ من القيامِ حين دعاني!
يومًا كنت في الحرم المكي فرأيت شابًّا يدخن سيجارة! والأعجب أنه كان يدخن وقت صلاة العشاء! فما راعى حرمة المكان والزمان، ولا انتفع ببركتهما، وارتكب كبائر فوق كبائر.
بل إن من الناس من كان يشرب الشيشة وهو في عرفة، والله حدَث هذا، ونقله إلينا الثقات!
مِنَ الناس من له زوجة من أجمل النساء، ومع ذلك لا يكف عن مغازلة بنات الناس، بل واقتراف الزنا عافانا الله.
إن بعض الناس يتوهَّم أنه لو كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم لكان كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، ولا يدري أنه ربما كان مع أبي جهلٍ وأبي لهبٍ وأمية بن خلف.
يتوهَّم أنه إذا حج بيت الله الحرام سيتغيَّر ويتوب من ذنوبه، ويكون إنسانًا جديدًا، فذهب وحج، وعاد إلى ما كان عليه.
يتوهَّم أنه بعدما يتعلم العلم سيكون عابدًا زاهدًا، قوَّامًا صوَّامًا، لتعلم العلم الكثير ولمَّا يحافظْ على السنن الراتبة بعدُ.
يتوهَّم أنه عندما يتزوَّج سوف يغض بصره عن النظر إلى النساء، ولن يقترف المحرمات، فتزوج بفتاة حسناء، وما زال على غرامياته وعلاقاته المحرَّمة.
إذا أردت أن تعبد الله عز وجل فاعبده في أي مكان وأي زمان، ولا تتعلل بعلل واهية، ولا يخدعنَّك الشيطان.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|