تفسير قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ و
قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 156]
بشَّر عز وجل في الآية السابقة الصابرين، ثم ذكر في هذه الآية صفتهم فقال: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ ﴾ الآية، وفيه إشارة إلى أن الأجر لمن صبر وقت المصيبة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى"[1].
قوله: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ ﴾ ﴿ الَّذِينَ ﴾: نعت لـ ﴿ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155]، والمراد بالمصيبة في الآية المصيبة الدنيوية، وهي كل ما يؤلم القلب والبدن أو كليهما مما يصيب الإنسان في نفسه وأهله وماله وغير ذلك في هذه الحياة، أي: الذين إذا أصابتهم مصيبة من الابتلاءات والمصائب المذكورة وغيرها.
وفي الحديث "ما يصيب المؤمن من وصب ولانصب ولا هم ولا غم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر به من خطاياه"[2].
﴿ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ أي: قالوا بألسنتهم مع تيقن ذلك بقلوبهم.
﴿ إِنَّا لِلَّهِ ﴾ أي: إنا لله ملكاً وخلقاً وتدبيراً، يفعل بنا ما يشاء، ويحكم فينا ما يريد، لا اعتراض لنا على ما قدره الله علينا وقضاه، بل نرضى ونسلم، ولا نتسخط.
﴿ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ قدم المتعلق "إليه" لإفادة الحصر، مع مراعاة رؤوس الآي، أي: وإنا إليه وحده صائرون في جميع أمورنا، في ديننا ودنيانا، ومردنا إليه في أُخرانا، فنحتسب أجر ما أصابنا عنده- تعالى.
فجمعوا بين الإقرار بتوحيد الربوبية في قولهم: ﴿ إِنَّا لِلَّهِ ﴾، وبين الإيمان برجوعهم إلى الله عز وجل ومجازاته لهم، فاحتسبوا ذلك عنده، وتسلوا بذلك عما أصابهم.
بخلاف أهل السخط والضلال، كما قال تعالى عن اليهود: ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ﴾ [الأعراف: 131]، وقال تعالى عن المنافقين: ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ ﴾ [النساء: 78]، وقال تعالى عن عموم الناس: ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ﴾ [الروم: 36].
المصدر: «عون الرحمن في تفسير القرآن»
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|