نعمة الأمن
كما امتن الله على عباده بنعمة الإيمان، امتن عليهم بنعمة أخرى،
تكاد لا تقل عنها، ولا تنفك منها،
إذ لا يمكن للعبد أن يقوم بأمور الدين إلا في حدودها وعند حصولها..
ألا وهي نعمة الأمن. الذي إذا ما رفع رفعت معه سعادة العباد،
ورخاء ونماء البلاد وحل مكانه الخوف والجوع، والنهب والسرقة،
وانتهاك الأعراض، وضياع الحقوق والأموال، وفشا الخراب والدمار.
فلم يكن غريبا أن يكون الأمن مطلبا يطلبه المخلصون لبلدانهم وأهليهم؛
كما قال إبراهيم عليه السلام: {رب اجعل هذا بلدا آمنا}(البقرة)،
وأن يكون نعمة يمتن الله بها على من وهبهم إياها كما في قوله تعالى:
{فليعبدوا رب هذا البيت. الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}(قريش)،
وقال أيضا:
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ}(العنكبوت:67).
. في آيات كثيرة، تدل على أن الأمن نعيم من نعيم الدنيا.
بل جعل الله الأمن من نعيم أهل الجنة أنهم لا يخافون ولا يفزعون. قال تعالى:
{ادخلوها بسلام آمنين}، {وهم في الغرفات آمنون}، {إن المتقين في مقام أمين}.
وروى الإمام الترمذي والبيهقي عن أبي هريرة عن سيدنا النبي أنه قال:
[من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه،
عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها].
والمقصود أن نعلم أن انتشار الأمن مطلب من أهم مطالب الحياة،
وضرورة من أهم ضروريات البشر، لا تتحقق مصالح العباد والبلاد إلا بوجوده،
ولا تتحقق أهداف المجتمعات وتطلعاتها إلا بانتشاره،
ولا تسعد نفوس الناس ولا يهنأ عيشهم إلا بازدهاره.
ومن هنا جاءت هذه الشريعة الغراء
ومن أهم قواعدها ومقاصدها العامة حفظ الأمن العام بحفظ الضروريات الخمس
التي لا تنعقد معيشة الناس إلا بحفظها ألا وهي:
حفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ النفس، وحفظ العرض، وحفظ المال.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|