أسواق النفط تتلقى إشارات باستمرار خطط خفض الإنتاج .. الأسعار تتحرك في نطاق ضيق
أوضح محللون أن معطيات السوق النفطية الراهنة تدعم استمرارية المكاسب خاصة مع بقاء التوقعات الحالية بشأن أسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي ثابتة.
وسجلت أسعار النفط الخام تقلبات سعرية بعد موجة واسعة من المكاسب المتلاحقة استمرت سبعة أسابيع، بسبب تخفيضات إنتاج تحالف "أوبك +" مقابل مخاوف من تباطؤ اقتصادي في الصين وارتفاع الدولار.
وقال لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون، "إن المشكلات الاقتصادية للصين جنبا إلى جنب مع قوة الدولار، تؤثر في أسعار النفط"، لافتين إلى أن تخفيضات إنتاج "أوبك +" أدت إلى تضييق أسواق النفط بشكل كبير، لكن تجار النفط يراقبون الاقتصاد الصيني من كثب.
وأوضح المحللون، أنه رغم تقلبات الأسعار وتسجيل بعض التراجعات المؤقتة، تظل مستويات أسعار النفط الخام أعلى بكثير مما كانت عليه منذ أشهر.
ولفت المحللون إلى أن أسعار النفط الخام تلقت دعما من تقرير وكالة الطاقة الدولية الشهري الأخير، الذي توقع استمرار ارتفاع الأسعار هذا العام على الرغم من توقع حدوث انكماش حاد في الطلب في عام 2024، بسبب ما وصفته بالرياح الاقتصادية المعاكسة.
ونوه المحللون بأن التوقعات الاقتصادية العالمية لا تزال صعبة في مواجهة أسعار الفائدة المرتفعة وتشديد الائتمان المصرفي، مشيرين إلى تقلص المعروض من النفط بفضل تخفيضات "أوبك +"، ما قد يتسبب في انخفاض المخزون العالمي بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا في النصف الثاني من العام، معتبرين هذا بدوره قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
وفي هذا الإطار، يقول روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، "إن معطيات السوق النفطية الراهنة داعمة لاستمرارية المكاسب خاصة مع بقاء التوقعات الحالية بشأن أسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي ثابتة، وهو ما يعد مؤشرا على أن دورة تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي قد وصلت بالفعل إلى نهايتها، مع تنامي احتمالية إجراء تخفيضات في أسعار الفائدة في مايو من العام المقبل".
ونوه بأن مكاسب النفط تعوقها حالة عدم اليقين بشأن تعافي الاقتصاد الصيني، موضحا أن الصعوبات الاقتصادية في الصين تنامت مع انخفاض القروض المصرفية الجديدة في يوليو، إضافة إلى التراجع في الاستثمار الأجنبي المباشر إلى أدنى مستوى قياسي له.
من جانبه يقول ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، "إن عدم اليقين يسيطر على سوق النفط الخام، وقد يؤدي ضعف الطلب من قبل مستهلكي النفط الرئيسين إلى تحفيز تحالف المنتجين في (أوبك +)، على إجراء مزيد من الخفض في الإمدادات النفطية في الأشهر المقبلة وربما إلى نهاية العام الجاري".
ولفت إلى أن أسعار النفط الخام صعدت بنحو 15 في المائة منذ أن بدأت التخفيضات الطوعية، بينما حقق منتجون أرباحا من تأثيرات هذا الخفض مع احتفاظهم بمستويات إنتاجهم حول المعدلات الطبيعية.
بدروه يقول ماثيو جونسون المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، "إن السوق النفطية تلقت إشارات قوية من كبار المنتجين على تمسكهم وقناعتهم باستمرار خطط خفض الإنتاج".
وأشار إلى أن تحالف "أوبك +" أثبت كفاءة كبيرة في استيعاب تحديات السوق وإدارة المعروض النفطي بكفاءة وبشكل يدعم توازن السوق، موضحا أن هذه هي المرة الأولى التي تشير فيها السعودية إلى استعدادها لإجراء تخفيضات أعمق إذا كانت الإجراءات السابقة تستغرق وقتا طويلا لتحقيق التأثير المطلوب.
من جهتها، تقول نايلا هنجستلر المدير السابق لإدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، "إن قضية تمديد تخفيضات الإنتاج تتوقف على تطورات الوضع في السوق النفطية وفي ضوء التقييم المستمر من اللجان الوزارية والفنية في تحالف أوبك +"، مشيرة إلى توقعات صادرة عن بنك ستاندرد تشارترد بأن تحالف "أوبك +" قد لا يعمق تخفيضاته لأن مخزونات النفط الخام من المرجح أن تنخفض بحدة في المستقبل.
وأشارت إلى أن توقعات معظم خبراء الطاقة، أن أسواق النفط العالمية ستضيق تدريجيا، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعزز الأسعار في الشهور المقبلة، لافتة إلى أن بيانات وكالة الطاقة الدولية ترجح حدوث نقص في المعروض من النفط بنحو 1.7 مليون برميل يوميا خلال النصف الثاني من العام الجاري.
من ناحية أخرى، تراجعت أسعار النفط أمس، بعد تحقيق مكاسب على مدى سبعة أسابيع متتالية مدعومة بشح الإمدادات الناجم عن تخفيضات مجموعة "أوبك +" الإنتاج، وسط مخاوف بشأن تباطؤ الانتعاش الاقتصادي في الصين وتأثير ارتفاع الدولار.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت بأكثر من دولار إلى 85.76 دولار للبرميل.
وانخفضت الأسعار في الوقت الذي عزز فيه مؤشر الدولار مكاسبه بعد أن أدت زيادة أكبر قليلا في أسعار المنتجين الأمريكيين في يوليو إلى رفع عوائد سندات الخزانة رغم توقعات بأن مجلس الفيدرالي الأمريكي سيوقف رفع أسعار الفائدة.
وقالت تينا تنج المحللة في "سي.إم.سي ماركتس"، "إن تحركات أسعار النفط ستبقى محدودة النطاق هذا الأسبوع، إذ قد يؤدي تباطؤ التعافي الاقتصادي للصين وقوة الدولار إلى خفض الأسعار، لكن (أوبك +) ستفعل كل ما يلزم للحفاظ على تقليص المعروض وتحقيق الاستقرار في الأسواق".
ومن المتوقع أن تؤدي تخفيضات الإمدادات، إلى تقليص مخزونات النفط بقية هذا العام وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، حسبما أفادت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري يوم الجمعة.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 88.97 دولار للبرميل الجمعة مقابل 89.75 دولار للبرميل فى اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول تراجع عقب ارتفاعات سابقة، وإن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 87.98 دولار للبرميل".