بعض أوصاف الجنة (الجزء الثاني) خطبة - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 349
عدد  مرات الظهور : 9,484,676
عدد مرات النقر : 329
عدد  مرات الظهور : 9,484,673
عدد مرات النقر : 223
عدد  مرات الظهور : 9,484,712
عدد مرات النقر : 176
عدد  مرات الظهور : 9,484,712
عدد مرات النقر : 323
عدد  مرات الظهور : 9,484,712

عدد مرات النقر : 23
عدد  مرات الظهور : 3,002,831

عدد مرات النقر : 47
عدد  مرات الظهور : 2,997,420

عدد مرات النقر : 20
عدد  مرات الظهور : 2,997,944

العودة   منتديات احساس ناي > ๑۩۞۩๑{ القسم الاسلامي }๑۩۞۩๑ > › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪•

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 02-19-2024, 09:38 AM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » يوم أمس (08:15 PM)
آبدآعاتي » 3,719,868
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2253
الاعجابات المُرسلة » 791
مَزآجِي   :  08
?? ??? ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 آوسِمتي »
 
افتراضي بعض أوصاف الجنة (الجزء الثاني) خطبة

Facebook Twitter


الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102 ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار، أما بعد:

فيا أيها المسلمون عباد الله، لقد كان حديثنا معكم في الجمعة الماضية، عن بعض أوصاف الجنة، مما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وقد انقطع مقامنا وانتهى وقتنا الذي أعددناه لخطبتنا في تلك الوقفة المباركة، ومازال حديثنا وموضوعنا عن الجنة لم ينته بنا، ومن الله نستمد عوننا لإكمال حديثنا، وموضوع خطبتنا.



وكنا قد تكلمنا في مطلع حديثنا، عن حقيقة هذه الدنيا الفانية، وانشغالنا بها عن تلك الحياة الباقية، الهانئة، وأن معرفتنا لحقيقة هذه الحياة الكريمة تنسينا متاعب، ومعاناة تلك الحياة الأليمة.



تكلمنا في الجمعة الماضية عن الجنة وأبوابها، وسعة مصارعها، ثم عن درجاتها، وصفة أول زمرة تدخلها، وآخر من يدخلها، ثم عن قصورها وبنائها، وغرفها، وخيامها، وجمال أهلها، وما زلنا اليوم نواصل عيشنا بأرواحنا معها، لنكمل الحديثَ عنها، وبعضَ ما أعددناه من وصفها، وجمالها.



وبعد الكلام عن غرفها، وقصورها، يكون الكلام عن فرشها، وحورها، وما سيأتي ذكره عنها؛ جعلنا الله وإياكم من أهلها!



فإن سألتم عن فرش أهل الجنة؟ فيقول عنها صاحب الفضل والمنة: ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ﴾ [الرحمن: 54]، قال ابن مسعود رضي الله عنه: «خُبرتم بالبطائن، فكيف بالظاهر؟!»[1].



ويقــول سبحانه وتعالى﴿ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴾ [الواقعة: 34]، قــرأ رســول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية فقال: «ارتفاعها ما بين السماء والأرض، ومسيرة ما بينهما خمسمائة عام!»[2].



لا إله إلا الله، وسبحان الله العظيم، ويقول- سبحانه-: ﴿ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ﴾ [الغاشية: 15، 16]، النمارق هي: الوسائد، والزرابي هي البسط.



قال ابن القيم - رحمه الله -:
والفرش من إستبرق قد بطنت
ما ظنكم بظهارة لبطان
مرفوعة فوق الأسرة يتكي
هو والحبيب بخلوة وأمان
يتحدثان على الأرائك ما ترى
حبين في الخلوات ينتجيان
هذا وكم زُرْبِيَّة ونمارق
ووسائد صفت بلا حسبان[3]



وإن سألتم عن أشجارها؛ فهي الذهب - نسأل الله الكريم من فضله- فقد روى الترمذي، وصححه الألباني رحمه الله عليهما- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من شجرة إلا وساقها من ذهب!»[4].



ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ﴾ [الواقعة: 27 - 29]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ﴾ [الرحمن: 48].



قال ابن القيم رحمه الله:
ولقد أتى أثرٌ بأن الساقَ من
ذهبٍ رواه الترمذيْ ببيان
والطلح وهو الموز منضودٌ كما
نُضِدَت يدٌ بأصابع وبنان[5]
أشجارها نوعان منها ما له
في هذه الدنيا مثال ثانِ



وإن سألتم عن أجوائها وظلها؟ فيقول سبحانه وتعالى: ﴿ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ﴾ [الإنسان: 13]، وقال في الحديث القدسي: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر»، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: «اقرأوا إن شئتم: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17]»[6].


قال: « إن في الجنة شجرةً يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، قال واقرأوا إن شئتم: ﴿ وَظِلٍّ مَمْدُود ﴾ [الواقعة: 30]»[7].



قال: «وموضع سوط أحدكم في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها، اقرؤوا إن شئتم ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185]»[8].



قال ابن القيم رحمه الله:
أو ما سمعت بظل أصلٍ واحد
فيه يسير الراكب العجلان
مائةً سنينًا قدِّرت لا تنقضي
هذا العظيم الأصل والأفنان[9]



وإن سألتم عن أنهارها؟ فيقول سبحانه وتعالى: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 15].



فقد ذكر الله هذه الأجناس الأربعة، ونفى عن كل واحدة منها آفته التي تعرض له في الدنيا فتفسده، وهذه الأنهار تتفجر من أعلى الجنة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنها أوسط الجنة، وأعلى الجنة فوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة»[10].



وروى الترمذي، وصححه الألباني رحمهما الله عن حكيم بن معاوية، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة بحر الماء، وبحر العسل، وبحر اللبن، وبحر الخمر، ثم تنشق الأنهار بعده»[11].



قال ابن القيم رحمه الله:
أنهارها في غير أخدود جرت
سبحان ممسكها عن الفيضان
من تحتهم تجري كما شاؤوا مف
جرة وما للنهر من نقصان
عسل مصفًى ثم ماء ثم خم
رٌ ثم أنهار من الألبان
والله ما تلك المواد كهذه
لكن هما في اللفظ مجتمعان
هذا وبينهما يسير تشابه
وهو اشتراك قام بالأذهان[12]



وأما عن الكوثر فاسمعوا إلى ما صححه الألباني عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، ومجراه على الدر والياقوت، تربته أطيب من المسك، وماؤه أحلى من العسل، وأبيض من الثلج»[13].



قال ابن حجر رحمه الله: «والحوض غير الكوثر، فالكوثـر في الجنة والحوض خارجها، ولكنه يمر منه، وله نفس مواصفاته من حيث الماء والأواني»، والله أعلم.



وإن سألتم عن طعامهم؟ فاسمعوا إلى خالقهم، ورازقهم، قال سبحانه وتعالى ﴿ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ [الواقعة: 20، 21]، وهو طعام دائم لا ينقطع؛ كما قال - سبحانه وتعالى-: ﴿ ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ﴾ [الرعد: 35]، وقال - سبحانه وتعالى-: ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾ [الحاقة: 24].



وفي حديث الخسوف قالوا: يا رسول الله، رأيناك تناولت شيئًا في مقامك، ثم تكعكعت، قال: «إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودًا؛ ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا»[14]، لا إله إلا الله! نسأل الله من فضله!



ولنا أن نسأل عن مصير هذا الطعام؟ وأين يذهب؟

اسمع لما رواه الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يأكل أهل الجنة فيها ويشربون، ولا يتغوطون، ولا يمتخطون، ولا يبولون، ولكن طعامهم ذلك جُشاء كرشَح المسك، يُلهمون التسبيح والحمد، كما يُلهمون النفس»[15].



فيا ألله أي عيش، وأية حياة لأهل الجنة في الجنة! اللهم يا عظيم الفضل والمنة إنا نسألك الجنة، وكل ما قرب إليها من قول أو عمل!



وإن سألتم عن شرابهم فالتسنيم، والزنجبيل، والكافور؛ يقول - سبحانه وتعالى-: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴾ [الإنسان:5، 6]؛ أي: يشقونها شقًّا كما يفجر الرجل النهر من هنا وهناك إلى حيث يريد.



وفي مصنف ابن أبي شيبة - بسند صحيح-: «إن الرجل من أهل الجنة ليؤتى بالكأس وهو جالس مع زوجته، ويشرب بها، ثم يلتفت إلى زوجته فيقول: قد ازددتِ في عيني سبعين ضعفا حسنًا!»[16].



وذكر ابن أبي الدينا عن أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال: «إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الشراب من شراب أهل الجنة؛ فيجيء الإبريق فيقع في يده، ثم يشرب فيعود إلى مكانه» [17].



وإن سألتم عن آنيتهم؟ فيقول- سبحانه-: ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الزخرف: 71]، يطاف عليهم، لا يقومون إليها وإنما هي التي تأتي!



وإن سألتم عن خدمهم؟ فيقول سبحانه وتعالى: ﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ﴾ [الواقعة: 17]، وقال في وصفهم: ﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ﴾ [الإنسان: 19]، فوصفهم الله بأنهم مخلدون، أي: لا يموتون، ولا يتغيرون.



قال ابن كثير- رحمه الله -: «وإذا رأيتهم في انتشارهم، وفي قضاء حوائج السادة، وكثرتهم، وصباحة وجوههم، وحسن ألوانهم، وثيابهم، وحليهم، حسبتهم لؤلؤًا منثورًا».



قال ابن القيم - رحمه الله - ووصفهم بالمنثور فيه فائدتان:

الأولى: إنهم غير معطلين.

والثانية: أنه أبهى في المنظر وأحسن من كونه مجموعا في مكان واحد.



وإن سألت عن لباسهم، فيقول سبحانه وتعالى عنهم: ﴿ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾ [الحج: 23]، وقال - سبحانه-: ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [الكهف: 31].



قال ابن القيم رحمه الله: «قال جماعة من المفسرين: السندس: ما رق من الديباج، والإستبرق: ما غلظ منه، وقيل: الغليظ هو الصفيق، وإن سألتم عن حليهم، وزينتهم؟ فيقول الله - سبحانه تعالى-: ﴿ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ﴾ [الإنسان: 21]، ويقول أيضًا: ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [الكهف: 31]».



ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «في الخصال التي يعطاها الشهيد: ويوضع على رأسه تاج الوقار؛ الياقوتة فيه خير من الدنيا وما فيها»[18].



وإن سألت عن حالهم، وجمالهم؛ فاسمع إلى خالقهم إذ يقول عنهم: ﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ﴾ [المطففين: 24]، فحياتهم كلها نعيم في نعيم، فهم مكرمون لا يتعبون، ولا يتغوطون، لا يهمون، ولا يحزنون، ﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا 25 إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ﴾ [الواقعة: 25، 26]، لا حقدٌ هناك ولا بغضاء، ولا حسدٌ ولا شحناء، بل سلامٌ، واطمئنان، ودٌّ وأمان، ويبلغهم ربهم السلام، سلامٌ قولًا من رب رحيم! قال القرطبي رحمه الله: قال العلماء: «ليس في الجنة ليلٌ ونهار؛ وإنما هم في نورٍ دائمٍ أبدًا، وإنما يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحُجب، وإغلاق الأبواب»[19].



وقال ابن تيمية رحمه الله: «والجنة ليس فيها شمسٌ، ولا قمر، ولا ليلٌ، ولا نهار، ولكن تُعرف البُكرة، والعشية؛ بنورٍ يظهر من قبل العرش»[20].



نسأل الله من فضله، وأن يجعلنا من أهل جنته.



جنة ما أنعمها، ما أسعدها، ما أجملها، وما أكرمها، هي جنة طابت وطاب نعيمها، لا يبأسون فيها، ولا يتعبون، ولا يموتون، ولا ينامون، وقال
صلى الله عليه وسلم: «النوم أخو الموت، ولا ينام أهل الجنة!»[21].
والله لو أن القلوب سليمةٌ
لتقطعت أسفا على الحرمان

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم!



(الخطبة الثانية)

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وعد من آمن به بجنانه، ومن كفر به بعذابه ونيرانه.



أيها المسلمون عباد الله:

وكأني بكم - وقد طال شوقكم - تسألون عن وصف الحور العين، وعن حال نساء المؤمنين في جنات النعيم، فتحدث أيها المتحدث عن الحور العين ولا حرج، وصف جمالهن ولا تتحرَّج، فليس هناك شهر عسل؛ بل الحياة كلها عسل، لا سآمة فيها ولا كسل، الناظر يرى وجهه في خد إحداهن:
فالشمس تجري في محاسن وجهها
والليل تحت ذوائب الأغصان

فاعجب لليلٍ وشمسٍ كيف يجتمعان!؟

لا تسأل عن جمال العيون، ففيها السحر والفتون، فسبحان سبحان من أتقن صنعة الإنسان.



حورٌ عين كأنهن بيضٌ مكنون، كأنهن الياقوت والمرجان، جمال، وبياض، وعرب، وأتراب:
يحار الطرف من نظرٍ إليها
ويشخص في خدودٍ أو قدودِ

تتمايل في مشيتها، وتهتز كالغصن الرطيب وتقول لزوجها: والله ما أرى في الجنة شيئًا أحسن منك، ولا شيئًا أحب إليَّ منك، فالحمد لله الذي جعلك لي وجعلني لك، فيعانقها زوجها، لا تمله ولا يملها. كلما أتاها وجدها بكرًا.
فلسانه وفؤاده والطرف في
دهشٍ وإعجابٍ وفي سَبحانِ
فسل المتيم كيف حالته وقد
ملأت له الأذنان والعينان
وسل المتيم كيف مجلسه مع ال
محبوب في رَوحٍ وفي ريحان



فأين الشباب وأين الخطاب؟
يا خاطب الحسناء إن كنت باغيا
فهذا زمان المهر فهو المقدم
وكن مبغضًا للخائنات لحِبها
فتحضى بها من دونهن وتنعمُ



يقول ربنا عن الحور العين: ﴿ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴾ [الدخان: 54]، قال ابن القيم رحمه الله: «والحور جمع حوراء؛ وهي المرأة الشابة الحسناء، الجميلة، البيضاء شديدة سواد العين» [22].



والعين هن: اللاتي جمعت أعينهن صفات الحسن والملاحة.



واسمعوا لأوصاف الله لهن؛ لتزدادوا شوقًا إلى ما أعده الله لكم، يقول سبحانه وتعالى عن الحور العين: ﴿ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ﴾ [الواقعة: 23]؛ أي: إن جلدهن في صفائه كاللؤلؤ المكنون، وقال - سبحانه -: ﴿ وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا ﴾ [النبأ: 33]، والكاعب هي: المرأة التي تكون مكتملة الحسن، والجمال في مواضع جسدها.



والأتراب: المتماثلات بالأعمار.



قال ابن القيم رحمه الله في قوله كواعب: «فالكواعب: جمع كاعب، وهي الناهد. قال قتادة ومجاهد والمفسرون قال الكلبي: هن الفلكات اللواتي تكعب ثديهن وتفلكت وأصل اللفظة من الاستدارة، والمراد: أن ثديهن نواهد كالرمان ليست متدلية إلى أسفل، ويسمين نواهد وكواعب»[23].



وقال سبحانه وتعالى: ﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 15]؛ مطهرة، أي: من الحيض، والنفاس، والبول، والبصاق، وكلِّ قذرٍ، وأذىً.



وقال سبحانه وتعالى: ﴿ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ [الرحمن: 58]؛ قال أئمة المفسرين: أراد صفاء الياقوت في بياض المرجان، شبههن في صفاء اللون وبياضه بالياقوت، والمرجان، وقال - سبحانه -: ﴿ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ﴾ [الرحمن: 70]، خيرات بأخلاقهن، وحسان بوجوههن.



وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ ﴾ [ص: 52]؛ قال ابن القيم رحمه الله: «أجمع المفسرون كلُهم على أن المعنى قصرنا الطرف على أزواجهن فلا يطمعن إلى غيرهم. والأتراب: جمع تُرب؛ وهو لذة الإنسان».



ويقول ابن عباس رضي الله عنهما: «الأتراب: مستويات على سنٍّ واحد، وميلاد واحد، بنات ثلاثٍ وثلاثين سنة» [24].



قال ابن القيم رحمه الله: «والمعنى: أنهن ليس فيهن عجائز قد فات حسنهن، ولا دلائل لا يطقن الوطء» [25].



واسمعوا إلى حبيبكم عليه الصلاة والسلام وهو يصف الحور العين بأعجب، وأجمل الأوصاف، روى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال:

قال عليه الصلاة والسلام: «لو اطلعت امرأةٌ من نساء الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحًا، ولأضاءت ما بينهما، ولَنصيفها على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها»[26].



ليس في الجنة مكاييج، ولا أدوات تجميل، بل جمالٌ وبياضٌ دائمٌ طبيعي.
حمر الخدود ثغورهن لآلئٌ
سود العيون فواتر الأجفان
والبرق يبدو حين يبسم ثغرها
فيضيء ثغر القصر بالجدران



وروى الإمام أحمد بسند صحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نساء أهل الجنة يُرى مخ سوقهن من وراء اللحم، ويُرى عظمها من تحت سبعين حلة كما يُرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء، ولكل واحدٍ زوجتان، ويزوج الشهيد اثنتين وسبعين حورية!»[27].



ويتمم الله النعيم لأهل الجنة مع نسائهم بأن يُعطى الرجل قوة مائة رجل في الجماع، والأكل، والشرب.



روى أحمد، وصححه الألباني، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الرجل من أهل الجنة ليُعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب، والشهوة، والجماع, فقال رجلٌ من اليهود: فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة؟ فقال عليه الصلاة والسلام: حاجة أحدهم عرق من جلده؛ فإذا بطنه قد ضمُر»[28].



قال ابن القيم رحمه الله:
ولقد رُوينا أن شغلهم الذي
قد جاء في ياسين دون بيان
شغل العروس بعرسه من بعد ما
عبثت به الأشواق دون زمانِ
بالله لا تسأله عن أشغاله
تلك الليالي شأنها ذو شان
غاب الرقيب وغاب كل منكدٍ
وهما بثوب الوصل مشتملان[29]



وفوق ما يُعطي الله من الرغبة للحوريات، فإنهن يغنين لأزواجهن؛ فقد روى أبو نعيم الأصبهاني، وصححه الألباني رحمهما الله، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الحور العين يغنين في الجنة؛ يقلن: نحن الحور الحسان، خُلقن لأزواج كرام»[30].



وإن مما يغنين به كما عند الطبراني، وصححه الألباني رحمهما الله: «نحن الخالدات فلا يمتنه، نحن الآمنات فلا يخفنه، نحن المقيمات فلا يَضْعَنَّه»[31]. فأين أين الخطاب؟ أين المشتاق؟ أين من يريد النعيم المقيم؟ فيا خاطب الحور، إن زوجتك من الحور تنتظرك، بل ويصلها خبرك، وتدافع عنك وما زلت في هذه الدنيا، فقد روى ابن ماجه، وصححه الألباني، عن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من امرأةٍ تؤذي زوجها إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله؛ فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا»؛ أي: إنما هو ضيف، ونزيلٌ عندك فلا تؤذيه»[32].



ولعل النساء الصالحات اللاتي يسمعن أوصاف الحوريات يقلن في أنفسهن: هذا للحور العين، فما لنا؟! وهنا تأتي الأجوبة المطمئنة ليتبين لنا قدر، وجمال المرأة المؤمنة في الجنة، فلقد وصف الله نساء الجنة بأوصافٍ متنوعة؛ فما من وصف وُصفت به الحوراء إلا وللمرأة المؤمنة أجمل وأبهى، من الحوراء، إذ لا يساوي الله سبحانه وتعالى بين المؤمنة التي تعبت، وصلَّت، وصامت وابتعدت عن الحرام، وبكت في الأسحار، لا يساوي الله بينها وبين حوراء خلقت للجنة، ولم تعمل ولم تتعب، فكل وصفٍ يأتي للحوراء؛ فلتعلمي - يا أمة الله - أنك أعلى منها، وأحلى وأنقى وأرقى؛ فقد روى الطبراني في الكبير، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله أنساء الدنيا أفضل أم الحور العين؟! قال: «نساء الدنيا أفضل، وفضل نساء الدنيا على الحور العين كفضل الظهارة على البطانة!»[33].



والظهارة هي الثوب الذي يراه الناس، ويلمسونه، ويكون غالبًا غالي الثمن بعكس البطانة.



وقد قال الله عن نساء الدنيا: ﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ﴾ [الواقعة: 35، 36]؛ أي: إن النساء الآدميات المؤمنات يخلقهن الله تعالى غير خلقتهن الأولى، ويصبحن أبكارًا شابات، ويشهد بذلك ما أخبرت به عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أتته امرأةٌ عجوز من الأنصار؛ فقالت: يا رسول الله ادعُ الله أن يدخلني الجنة، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام ممازحًا لها: قال: «إن الجنة لا يدخلها عجوز»، فذهبت العجوز حزينة ظانة أنها لن تدخل الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم مبشرًا، ومطمئنًّا لها: «إن الله اذا أدخلهن الجنة حولهن أبكارًا»[34].



وامرأة المؤمن في الدنيا هي امرأته في الآخرة، وإذا كان للمرأة زوجان في هذه الدنيا فلمن تكون؟ أي: مات عنها الأول، ومات عنها الثاني دون طلاق فلمن تكون؟



اسمع لما رواه عبدُ بن حميد بإسناد جيد، عن أم حبيبة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، المرأة منا يكون لها زوجان في الدنيا، ثم تموت فتدخل الجنة هي وزوجاها؛ لأيهما تكون، للأول أم للآخر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «تخير بأحسنهم خلقًا»؛ أي: من كان أحسنَ خلقًا معها في الدنيا فيكون زوجها في الجنة.



• ثم قال صلى الله عليه وسلم: «يا أم حبيبة، كاد حسن الخلق أن يذهب بخير الدنيا والآخرة» [35].



نسأل الله أن يرزقنا حسن الأخلاق مع زوجاتنا، وأولادنا، والناس أجمعين ثم نقول بعد كل هذا، وما هو فوق هذا مما تقدم من وصف الجنة ونعيمها، وكل ما أعده الله لأهلها فيها من أصناف النعيم وألوانه، إن نعيم الجنة الحقيقي ليس هو في قصورها، وحورها، ولا في طعامها، وشرابها، ولا في خمرها، وعسلها، وإنما أغلى النعيم، وأعلى النعيم، وأرقى النعيم هو النظر إلى وجه الكريم، العظيم، الرحيم، تبارك الله رب العالمين، هذا هو النعيم أن ترى وجه الله جل جلاله، وتقدست أسماؤه؛ فتنشغل بالنظر إلى وجهه عن كل نعيم الجنة.



ففي الصحيحين: «أن الله يقول لأهل الجنة: يأهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك! فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربنا، وقد أعطيتنا ما لم تُعطِ أحدًا من خلقك! فيقول الله: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون وأي شيءٍ أفضل من ذلك؟ قال: فيقول الله عز وجل: أحل عليكم رضواني؛ فلا أسخط عليكم بعده أبدًا»[36].



وفي حديثٍ آخر: « تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون ألم تبيض وجوهنا؟! ألم تدخلنا الجنة، وتنجنا من النار؟! قال: فيكشف الحجاب سبحانه وتعالى، فما أُعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى وجه ربهم تبارك وتعالى»[37].



لا إله إلا الله، وسبحان ربي العظيم ينظرون إلى من؟! وإلى وجهه من؟! إلى الخالق، إلى الملك، إلى الرزاق، إلى الحي القيوم، إلى الذين كانوا يذكرونه، ويعبدونه طوال أعمارهم، ويدعونه في حاجتهم- سبحانه - وفي الحديث: «أ لا إنكم سترون ربكم عيانًا، ليس بينكم وبينه حجاب!».


مشهدٌ رهيب، ومهيب، تعجِز الكلمات عن تصويره، بل يعجز الإدراك عن تصوُّره.



وقبل ذلك قل لي - بربك- يا عبد الله: كيف هو شعورك الآن وأنت تسمع إلى أوصاف الجنة، وكلِ ما أودعه الله فيها من طعامٍ، وشرابٍ، ونساء؟! كيف هو شعورك وأنت تسمع إلى وصف جمال صنع الله؟! فكيف لو نظرت إلى جمال ذات الله تبارك وتعالى، وإلى الجمال المطلق الذي ما بعده جمال؟!



فاستمع يوم ينادي المنادي: يأهل الجنة، إن ربكم يريد أن يزوركم - لا إله إلا الله - نسأل الله من فضله: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [يونس: 26]، ﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 35]، هذا هو المزيد؛ وهو النظر إلى وجه العزيز الحميد سبحانه وتعالى قال صلى الله عليه وسلم: «إنكم سترون ربكم، كما ترون القمر ليلة البدر!» [38].



كل مؤمن سيرى ربه الذي تعب من أجله، وكان يكثر من ذكره ويسجد بين يديه.



أحبتي في الله، هذه هي الجنة، وهذه بعض أوصافها، فهل اشتاقت أنفسكم لها، أو هل حدثتكم أنفسكم عنها، وأنكم ستكونون من أهلها؟! قل لي بالله عليك، ما الذي أخرك عنها؟! ولماذا لا تعمل، وتسعى لها؟!
تالله لو شاقتك جنات النعي
م طلبتها بنفائس الأثمان
أو صادفت منك الصفات حياة قل
بٍ كنت ذا طلبٍ لهذا الشان
يا سلعة الرحمن لستِ رخيصةً
بل أنت غاليةٌ على الكسلان
يا سلعة الرحمن أين المشتري
فلقد عرضت بأيسر الأثمان
يا سلعة الرحمن هل من خاطبٍ
فالمهر قبل الموت ذو إمكان
يا سلعة الرحمن كيف تصبر ال
خطاب عنك وهم ذوو إيمانِ
والله لو أن القلوب سليمةٌ
لتقطعت أسفًا من الحرمان
لكنها سكرى بحب حياتها ال
دنيا وسوف تفيق بعد زمان[39]



فيا عباد الله، ويأهل التوحيد، أيها المسلمون، أيها الفقراء، لا تأسوا، ولا تحزنوا، ولا تبأسوا، ولا تيئَسوا، فالنعيم الحقيقي هو في تلك الدار، وليس في هذه الحياة التي لا يقر لها قرار.



أيها الأغنياء، لا تركنوا، ولا تغتروا بهذه الحياة القصيرة، مهما أوتيتم من نعيم هذه الدنيا الزائلة الحقيرة، مهما سكنتم من القصور؛ فإن ما أنتم فيه متاعٌ وغرور.



يا من ركنت إلى الدنيا، وتعلق قلبك بها، ليس مأواك فيها، فو الله إنك سترحل منها، وتخليها!



يا من جعلت أمنيتك في عمارةٍ تسكنها، أو امرأةٍ تتزوجها، أو سيارةٍ تركبها، الدنيا ستفنى ويفنى من فيها.
لا تركنن إلى القصور الفاخرهْ
وانظر عظامك حين تمسي ناخرهْ
وإذا رأيت زخارف الدنيا فقل
يا نفس إن العيش عيشُ الآخرهْ



أيها الناس، يا من تسمعون إلى أوصاف الحوريات، قولوا لمن يلاحقون الشهوات، والنساء الساقطات، إنما هي ساعات؛ فكيف تبدلون الحور المقصورات؛ بالدنسات القذرات، ذكِّروا من يشربون أم الخبائث والخمور التي تُذهب العقول وتدنسها، ذكروهم بأنهارٍ من خمرٍ لذة للشاربين.



ذكروا من يسمعون الأغاني الماجنات لبعض الساقطين، والساقطات.



ذكروهم بخطاب، وكلام الرحمن، وسماع الحور وهن يغنين بأجمل الألحان، واهتزاز الأشجار والأغصان في الجنان.



تذكروا - رحمكم الله - أن النعيم هناك لا يدرك إلا بترك النعيم هناك، وأن من أخذ لذته ومتعته هنا؛ حرمها هناك، وما أدراكم ما هناك.



تخيلوا أنفسكم أيها الإخوة، والأخوات، وأنتم الآن تتقلبون في روضات الجنات، على فرش بطائنها من إستبرقٍ تتكؤون، وبالحور العين تتنعمون، وبأنواع الثمار تتفكهون!



تخيل - يا عبد الله - وأنت جالس مع الأهل، والأحباب يطاف عليكم بصحافٍ من ذهب وأكواب، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين.
لحمٌ وخمرٌ والنسا وفواكهٌ
والطيب مع روحٍ ومعْ ريحانِ

تخيلوا أنفسكم مجتمعين مع الأحباب، والأصحاب، وبين أيديكم ما اشتهت نفسوكم من الطعام والشراب، يا من كنتم تجتمعون في المساجد، ومجالس الخيرات، على الذكر وعلى الخير والكلمات الطيبات، تذكروا وأنتم في ظل الجنة تتنازعون فيها كؤوس الرحيق المختوم، والتسنيم، والسلسبيل، تتوالى عليكم الخيرات والمسرات!



إنها الجنة - يا عباد الله - فوق وصف الواصفين، وفوق خيال المتخيلين! اللهم أجعلنا والسامعين من أهلها يا رب العالمين! اللهم إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ، اللهم إنا نعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل! يا رب العالمين، ويا أكرم الأكرمين......



 توقيع : حكاية ناي ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
قديم 02-19-2024, 09:47 AM   #2



 
 عضويتي » 17
 جيت فيذا » Oct 2022
 آخر حضور » 11-21-2024 (05:14 PM)
آبدآعاتي » 383,216
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » سنينى معاك has a reputation beyond reputeسنينى معاك has a reputation beyond reputeسنينى معاك has a reputation beyond reputeسنينى معاك has a reputation beyond reputeسنينى معاك has a reputation beyond reputeسنينى معاك has a reputation beyond reputeسنينى معاك has a reputation beyond reputeسنينى معاك has a reputation beyond reputeسنينى معاك has a reputation beyond reputeسنينى معاك has a reputation beyond reputeسنينى معاك has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة » 171
الاعجابات المُرسلة » 160
مَزآجِي   :
 آوسِمتي »

سنينى معاك متواجد حالياً

افتراضي



بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى ان شاء الله
دمت بحفظ الله ورعايته


 توقيع : سنينى معاك

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أوصاف القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه نور › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 2 03-08-2024 02:42 AM
أوصاف القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه نور › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 1 02-26-2024 04:30 AM
بعض أوصاف الجنة (الجزء الأول) حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 1 02-19-2024 09:47 AM
أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم حكاية ناي ♔ › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• 1 10-30-2023 11:29 AM
خطبة الجمعة عرفات وتنزل الرحمات ودروس من خطبة حجة الوداع الشيخ ثروت سويف عازف الناي › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 6 11-17-2022 09:22 PM


الساعة الآن 01:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.