تتخطى عظمة هياكل بعلبك ما رسخ في أذهان أجيال من العرب كانوا يرونها مرسومة
بريشة بافل كوروليوف على أوراق العملة اللبنانية، حيث تنتصب أعمدة معبد جوبيتير
الستة فوق صخور عملاقة، يظنّ البعض أنّها لم تنحت على أيدي البشر ويدرج آخرون ذلك
في إطار الأساطير.
إنها مدينة الشمس بعلبك التي رويت حولها الأساطير، وتميزت بآثارها ومعابدها القديمة
وهياكلها الضخمة التي لا نظير لها. مدينة عريقة ضاربة في عمق التاريخ، عرفت الحضارة
منذ آلاف السنين، وتوالت عليها حقب وحضارات متنوعة، مما جعلها من أهم المدن
السياحية والتاريخية في المشرق العربي.
بعلبك هي مدينة فينيقيّة قديمة كانت مأهولة بالسكان منذ عام 9000 ق.م، وقام الإسكندر
الأكبر بغزو بعلبك في عام 334 ق.م وسماها هليوبوليس؛ أي مدينة الشمس، وهو الاسم
الذي لا زال يُستخدم في الوقت الحاضر، وتحولت مدينة بعلبك إلى مستعمرة للإمبراطورية
الرومانية في عام 64 ق.م عندما ضمّ بومبى العظيم منطقة فينيقيا إلى روما، وعندها
عمل الرومان على تطوير وتحسين المنطقة من خلال إنشاء قنوات ومشاريع بناء ضخمة
وطرق وممرّات، وكانت المدينة مقصدًا للحُجّاج حتى بداية عام 313م، ورضخت بعلبك للحكم
الإسلامي في عام 637م بعد انتصارهم على البيزنطيين في معركة اليرموك، ولقد أدّت
مجموعة من الزلازل على مرّ الزمن إلى الإضرار بمواقع بعلبك الأثريّة، وفي عام 1898م
أرسل الإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني فريقًا من العلماء المختصّين لبدء العمل بها
ممّاساهم في الحفاظ على بعلبك للأجيال القادمة.
بعلبك هي مدينة في وادي البقاع في لبنان تقع شرق نهر الليطاني.
كانت بعلبك تعرف باسم مصر الجديدة خلال فترة الحكم الروماني، وكانت واحدا من أكبر
المحميات في الامبراطورية والتي تحتوي على بعض من أفضل الآثار الرومانية المحفوظة
في لبنان. وتعتبر التأثيرات المحلية في تخطيط وتصميم المعابد، والتي تختلف من
التصميم الروماني الكلاسيكي.
معالم تاريخية في مدينة بعلبك
معبد جوبيتير
أكبر المعابد هو معبد جوبيتير، والمشهور منه بقاياه، وهي الأعمدة الستة الضخمة التي
ما زالت ماثلة للعيان والتي يبلغ ارتفاعها ظ¢ظ¢ متراً. تألف من أربعة أقسام رئيسية هي
الرواق المقدم، وكان شكل المدخل العمائري، يليه البهو المسدس، فالبهو الكبير،
فالهيكل. يتألف الرواق المقدم من بنية أشبه ما تكون ببوابة، على طرفيها برجان، بينهما
رواق يرتكز على صف من اثني عشر عمود غرانيت.
تفضي أبواب الرواق إلى البهو المسدس، وهو فناء مكشوف للشمس، تحيط به ستة
أروقة ترتكز على ثلاثين عموداً من الغرانيت، ويبلغ طول البهو الكبير ظ،ظ£ظ¤ متراً، وعرضه
ظ،ظ،ظ¢ متراً. استغرق بناؤه أكثر من ثلاثة قرون، وتعاقب عليه عدة أباطرة، ومع اعتراف
الامبراطور قسطنطين بالمسيحية ديانة للامبراطورية، وتحول الامبراطورية من الوثنية،
أوقف العمل بالمعابد الوثنية، ودمر بعض الأباطرة كل ما هو وثني، وبنوا فوقها
كنائس لهم
الهيكل الصغير أو هيكل “باخوس”
بني بمحاذاة الهيكل الكبير، في القرن الثاني بعد الميلاد، ويعتبر من أفضل الهياكل
الرومانية نقوشاً، وزخارف. يصعد إليه بدرج ضخم من ظ£ظ£ درجة. كرّس الهيكل لإقامة
بعض الطقوس المسارية، التي لا يشترك فيها غير المسارون وهم الذين تفقهوا
في الأسرار. وتمحورت هذه الطقوس والعبادات حول إله بعلبك الشاب الذي كان
يشرف على نمو النبات والقطعان.
يقع الهيكل عند الجنوب الشرقي من القلعة، وهو صغير مستدير، وفريد بهندسته
وتصاميمه في كل أرجا ء الامبراطورية الرومانية، بني في القرن الثالث، وكرس
لتكريم الآلهة التي تمثل مدينة بعلبك. في العصر البيزنطي، جرى تحويله كنيسة
على اسم القديسة بربارة التي تعتبر شفيعة المدينة، وما يزال أهالي بعلبك
يطلقون تسمية “بربارة” على الهيكل.