عطيه الدماطى
02-22-2025, 02:59 PM
الحراسةٌ فى دين الله
مادة حرس اللغوية بمشتقاتها لم تذكر فى كتاب الله إلا نادرا وهو قوله سبحانه :
" وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا"
فالجن هنا يخبرون بعضهم البعض أن السماء تم حمايتها عن طريق حرس شديد والمقصود :
جنود مهلكة وهى الشهب
ومن ثم معنى الحرس هو :
الجنود المكلفين بالحماية الممثلة فى اهلاك الجن المتسمع كما قال سبحانه " إلا من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب"
وفى التعريف اللغوى نجد الكلمة تطلق على معنيين متناقضين وهما :
الحماية وهى حفظ الأشياء
سرقة الأشياء
وهو قول أبو العباس الفيومى فى كتاب المصباح المنير فى غريب الشرح الكبير:
"وفي حريسة الجبل تفسيران فبعضهم يجعلها السرقة نفسها فيقال حرس حرسا من باب ضرب إذا سرق وبعضهم يجعل الحريسة بمعنى المحروسة ويقول ليس [ ص: 130 ] فيما يحرس بالجبل قطع لأنه ليس بموضع حرز قال الفارابي واحترس أي سرق من الجبل وقال ابن السكيت أيضا الحريسة السرقة ليلا ومن جعل حرس بمعنى سرق قال الفعل من الأضداد واحترست منه تحفظت وتحرست مثله ." ص131
والحراسة في كتاب الله تطلق على عملية الرصد وهى :
القعود على الحدود لمشاهدة أفعال العدو للرد على الاعتداءات على الفور إذا قام بها
وفى هذا قال سبحانه طالبا من المسلمين المجاهدين الرصد :
" فاقعدوا لهم كل مرصد "
ومن ثم فالمجاهدون فى حالة السلام أو توقف القتال مطلوب منهم الحراسة وهى :
حماية الحدود بالرصد عن طريق النظر وبناء على ما يشاهدون يتصرفون التصرف المناسب للحماية
وقد أسمت الروايات الرصد :
الرباط وهو :
الاقامة على الحدود بين المسلمين والكفار
وللفقهاء واللغويين فى تسمية الحراسة الرباط كلام هو :
أن المجاهدين يربطون خيولهم بجوارهم استعدادا لحرب المعتدين فى ذلك المكان
كما ذكروا فى الألفاظ المشابهة المعنى الحمى وهو :
مكان ما يمنع من دخوله أى حيوانات غير حيوانات الزكاة والجزية وذلك لترعى فيها تلك الحيوانات دون غيرها من أنعام الناس
وفى صحيح الْبُخاريّ:
أنّ الزُّهْريّ قال:
بلغنا أنّ النّبيّ صلّى اللّهُ عليْه وسلّم حمى النّقيع، وأنّ عُمر حمى الشّرف والرّبذة "
وفى كتب الفقه قسم أهل الفقه الحراسة لخمسة أنواع :
الأول الحراسة المفروضة بمعنى واجبة كحراسة بعض الجيش لبعضه عند أداء الصلاة وفيها قال سبحانه
"وإذا كُنْت فيهمْ فأقمْت لهُمُ الصّلاة فلْتقُمْ طائفةٌ منْهُمْ معك ولْيأْخُذُوا أسْلحتهُمْ فإذا سجدُوا فلْيكُونُوا منْ ورائكُمْ ولْتأْت طائفةٌ أُخْرى لمْ يُصلُّوا فلْيُصلُّوا معك ولْيأْخُذُوا حذْرهُمْ وأسْلحتهُمْ ودّ الّذين كفرُوا لوْ تغْفُلُون عنْ أسْلحتكُمْ وأمْتعتكُمْ فيميلُون عليْكُمْ ميْلةً واحدةً ولا جُناح عليْكُمْ إنْ كان بكُمْ أذًى منْ مطرٍ أوْ كُنْتُمْ مرْضى أنْ تضعُوا أسْلحتكُمْ وخُذُوا حذْركُمْ إنّ اللّه أعدّ للْكافرين عذابًا مُهينًا "
الثانى الحراسة المستحبة بالتطوع للوجود فيما أسموه أماكن أو ثغور الرباط
الثالث حراسة خلف المسلمين وهو بلادهم حيث تترك النساء والأطفال والعجائز وقد رووا فى ذلك روايات منها :
"قوْل النّبيّ صلّى اللّهُ عليْه وسلّم:
منْ حرس منْ وراء الْمُسْلمين مُتطوّعًا لا يأْخُذُهُ سُلْطانٌ لمْ ير النّار بعيْنيْه إلاّ تحلّة الْقسم"
وقوْلُهُ صلّى اللّهُ عليْه وسلّم:
عيْنان لا تمسُّهُما النّارُ عيْنٌ بكتْ منْ خشْية اللّه وعيْنٌ باتتْ تحْرُسُ في سبيل اللّه ."
والرابع الحراسة المباحة لحماية الأرض كالحدائق والمؤسسات وغالبها ما يكون بالاستئجار وهو ما اسموه حاليا :
الخفارة أو الغفارة
الخامس الحراسة المحرمة مثل ما أسموه حاليا :
الفتوات أو الحراس الشخصيين لحماية المفسدين فى الأرض أو حماية مؤسسات الفجور مثل حانات شرب الخمر والمراقص التى تسمى الملاهى
والحراسة حسب هذا التقسيم تخلط بين الأمور فالحراسات إما مباحة وإما محرمة والمباحة كلها واجبة وبالطبع من اخترعوا حراسة الحدائق والحقول وما شابهها تناسوا روايات تجعل تلك الأراضى بلا حراسة حتى يأكل منها الجوعى والطيور والحيوانات كما فى رواية :
"ما من مسلمٍ يغرسُ غرساً أو يَزْرَعُ زَرْعاً فيأكلُ منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ إلاَّ كان له به صدقة"
فالمفروض أن الأرض فى دولة المسلمين هى أرض المسلمين جميعا فهم كلهم شركاء ولا يوجد فيها ما يسمى بالملكية الخاصة للأرض لقوله سبحانه :
" وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين "
فكل المسلمين وحتى من يعيشون معهم من المعاهدين يقتسمون ثمار الأرض كلها سواء زراعية أو صناعية بالعدل
ومن ثم منع جائع أو حيوان جائع من الأكل هو جريمة افساد فى الأرض
وأما حراسة المجاهدين فكلها واجبة ولو لم يوجد مجاهدين لآثم المجتمع كله لأن حماية أرض المسلمين واجبة على الكل إن لم يوجد متطوعين للجهاد كما قال سبحانه :
" انفروا خفافا وثقالا"
وحراسة المجاهدين هى على الحدود وفى الداخل ولكن المفروض فى المؤسسات أنها مفتوحة للمسلمين طالما لهم مصلحة فى واحدة منها يدخلونها دون إذن ومن ثم تعيين حراسة لها يتعارض مع قوله سبحانه :
"ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم"
فوجود الحراس منع للمسلم عن المتاع الذى أباحه الله وبالطبع الله شرع هذا لأن المسلمين كلهم مؤتمنون كما قال سبحانه :
" والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون"
فهم لن يأخذوا شىء ليس من حقهم ومن خرج عن الأمانة عوقب ولا يرجع إلا بالتوبة من الخروج وهو الذنب
وفى الفقه نجد أهل الفقه أجازوا حراسة الكلب والمقصود :
استخدامه لحماية البيوت أو حماية غيرها
واختلفوا فى ضمان الحارس كحارس الحديقة أو المصنع أو المدرسة إذا تمت السرقة وهو يحرس
بالطبع لو أخذنا بالقانون الوضعى فهو يعاقب الحارس أو الحراس بالخصم من رواتبهم وهو عقاب ظالم لأن الحارس لا يمكن أن يرى من كل جهات المكان الأربع ومن ثم إذا لف فى جهة ودخل السراق من جهة أخرى فهو ليس مسئولا عن شىء وإنما يجب وجود أربع حراس حارس لكل جهة ويزاد إذا كانت المساحة كبيرة وطولها كبير حيث تقسم المسافات عليهم كما أن خصم ثمن المسروق من راتبه وفى أحيان عندما تكون السرقة كبيرة لن يكفى راتب الحارس لسداد الثمن فكيف يتم عقابه وعقاب أسرته بأن يعمل دون اجر أو يعمل بأجر لا يكفى لضرورياته كأكله وشربه ؟
بالطبع العقاب يكون للسارق وليس للحارس وهو من يقوم برد ما سرق وهذا الحديث منى هو خارج نطاق الشرع فلا وجود لتلك الحراسة الداخلية فى دولة العدل
مادة حرس اللغوية بمشتقاتها لم تذكر فى كتاب الله إلا نادرا وهو قوله سبحانه :
" وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا"
فالجن هنا يخبرون بعضهم البعض أن السماء تم حمايتها عن طريق حرس شديد والمقصود :
جنود مهلكة وهى الشهب
ومن ثم معنى الحرس هو :
الجنود المكلفين بالحماية الممثلة فى اهلاك الجن المتسمع كما قال سبحانه " إلا من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب"
وفى التعريف اللغوى نجد الكلمة تطلق على معنيين متناقضين وهما :
الحماية وهى حفظ الأشياء
سرقة الأشياء
وهو قول أبو العباس الفيومى فى كتاب المصباح المنير فى غريب الشرح الكبير:
"وفي حريسة الجبل تفسيران فبعضهم يجعلها السرقة نفسها فيقال حرس حرسا من باب ضرب إذا سرق وبعضهم يجعل الحريسة بمعنى المحروسة ويقول ليس [ ص: 130 ] فيما يحرس بالجبل قطع لأنه ليس بموضع حرز قال الفارابي واحترس أي سرق من الجبل وقال ابن السكيت أيضا الحريسة السرقة ليلا ومن جعل حرس بمعنى سرق قال الفعل من الأضداد واحترست منه تحفظت وتحرست مثله ." ص131
والحراسة في كتاب الله تطلق على عملية الرصد وهى :
القعود على الحدود لمشاهدة أفعال العدو للرد على الاعتداءات على الفور إذا قام بها
وفى هذا قال سبحانه طالبا من المسلمين المجاهدين الرصد :
" فاقعدوا لهم كل مرصد "
ومن ثم فالمجاهدون فى حالة السلام أو توقف القتال مطلوب منهم الحراسة وهى :
حماية الحدود بالرصد عن طريق النظر وبناء على ما يشاهدون يتصرفون التصرف المناسب للحماية
وقد أسمت الروايات الرصد :
الرباط وهو :
الاقامة على الحدود بين المسلمين والكفار
وللفقهاء واللغويين فى تسمية الحراسة الرباط كلام هو :
أن المجاهدين يربطون خيولهم بجوارهم استعدادا لحرب المعتدين فى ذلك المكان
كما ذكروا فى الألفاظ المشابهة المعنى الحمى وهو :
مكان ما يمنع من دخوله أى حيوانات غير حيوانات الزكاة والجزية وذلك لترعى فيها تلك الحيوانات دون غيرها من أنعام الناس
وفى صحيح الْبُخاريّ:
أنّ الزُّهْريّ قال:
بلغنا أنّ النّبيّ صلّى اللّهُ عليْه وسلّم حمى النّقيع، وأنّ عُمر حمى الشّرف والرّبذة "
وفى كتب الفقه قسم أهل الفقه الحراسة لخمسة أنواع :
الأول الحراسة المفروضة بمعنى واجبة كحراسة بعض الجيش لبعضه عند أداء الصلاة وفيها قال سبحانه
"وإذا كُنْت فيهمْ فأقمْت لهُمُ الصّلاة فلْتقُمْ طائفةٌ منْهُمْ معك ولْيأْخُذُوا أسْلحتهُمْ فإذا سجدُوا فلْيكُونُوا منْ ورائكُمْ ولْتأْت طائفةٌ أُخْرى لمْ يُصلُّوا فلْيُصلُّوا معك ولْيأْخُذُوا حذْرهُمْ وأسْلحتهُمْ ودّ الّذين كفرُوا لوْ تغْفُلُون عنْ أسْلحتكُمْ وأمْتعتكُمْ فيميلُون عليْكُمْ ميْلةً واحدةً ولا جُناح عليْكُمْ إنْ كان بكُمْ أذًى منْ مطرٍ أوْ كُنْتُمْ مرْضى أنْ تضعُوا أسْلحتكُمْ وخُذُوا حذْركُمْ إنّ اللّه أعدّ للْكافرين عذابًا مُهينًا "
الثانى الحراسة المستحبة بالتطوع للوجود فيما أسموه أماكن أو ثغور الرباط
الثالث حراسة خلف المسلمين وهو بلادهم حيث تترك النساء والأطفال والعجائز وقد رووا فى ذلك روايات منها :
"قوْل النّبيّ صلّى اللّهُ عليْه وسلّم:
منْ حرس منْ وراء الْمُسْلمين مُتطوّعًا لا يأْخُذُهُ سُلْطانٌ لمْ ير النّار بعيْنيْه إلاّ تحلّة الْقسم"
وقوْلُهُ صلّى اللّهُ عليْه وسلّم:
عيْنان لا تمسُّهُما النّارُ عيْنٌ بكتْ منْ خشْية اللّه وعيْنٌ باتتْ تحْرُسُ في سبيل اللّه ."
والرابع الحراسة المباحة لحماية الأرض كالحدائق والمؤسسات وغالبها ما يكون بالاستئجار وهو ما اسموه حاليا :
الخفارة أو الغفارة
الخامس الحراسة المحرمة مثل ما أسموه حاليا :
الفتوات أو الحراس الشخصيين لحماية المفسدين فى الأرض أو حماية مؤسسات الفجور مثل حانات شرب الخمر والمراقص التى تسمى الملاهى
والحراسة حسب هذا التقسيم تخلط بين الأمور فالحراسات إما مباحة وإما محرمة والمباحة كلها واجبة وبالطبع من اخترعوا حراسة الحدائق والحقول وما شابهها تناسوا روايات تجعل تلك الأراضى بلا حراسة حتى يأكل منها الجوعى والطيور والحيوانات كما فى رواية :
"ما من مسلمٍ يغرسُ غرساً أو يَزْرَعُ زَرْعاً فيأكلُ منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ إلاَّ كان له به صدقة"
فالمفروض أن الأرض فى دولة المسلمين هى أرض المسلمين جميعا فهم كلهم شركاء ولا يوجد فيها ما يسمى بالملكية الخاصة للأرض لقوله سبحانه :
" وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين "
فكل المسلمين وحتى من يعيشون معهم من المعاهدين يقتسمون ثمار الأرض كلها سواء زراعية أو صناعية بالعدل
ومن ثم منع جائع أو حيوان جائع من الأكل هو جريمة افساد فى الأرض
وأما حراسة المجاهدين فكلها واجبة ولو لم يوجد مجاهدين لآثم المجتمع كله لأن حماية أرض المسلمين واجبة على الكل إن لم يوجد متطوعين للجهاد كما قال سبحانه :
" انفروا خفافا وثقالا"
وحراسة المجاهدين هى على الحدود وفى الداخل ولكن المفروض فى المؤسسات أنها مفتوحة للمسلمين طالما لهم مصلحة فى واحدة منها يدخلونها دون إذن ومن ثم تعيين حراسة لها يتعارض مع قوله سبحانه :
"ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم"
فوجود الحراس منع للمسلم عن المتاع الذى أباحه الله وبالطبع الله شرع هذا لأن المسلمين كلهم مؤتمنون كما قال سبحانه :
" والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون"
فهم لن يأخذوا شىء ليس من حقهم ومن خرج عن الأمانة عوقب ولا يرجع إلا بالتوبة من الخروج وهو الذنب
وفى الفقه نجد أهل الفقه أجازوا حراسة الكلب والمقصود :
استخدامه لحماية البيوت أو حماية غيرها
واختلفوا فى ضمان الحارس كحارس الحديقة أو المصنع أو المدرسة إذا تمت السرقة وهو يحرس
بالطبع لو أخذنا بالقانون الوضعى فهو يعاقب الحارس أو الحراس بالخصم من رواتبهم وهو عقاب ظالم لأن الحارس لا يمكن أن يرى من كل جهات المكان الأربع ومن ثم إذا لف فى جهة ودخل السراق من جهة أخرى فهو ليس مسئولا عن شىء وإنما يجب وجود أربع حراس حارس لكل جهة ويزاد إذا كانت المساحة كبيرة وطولها كبير حيث تقسم المسافات عليهم كما أن خصم ثمن المسروق من راتبه وفى أحيان عندما تكون السرقة كبيرة لن يكفى راتب الحارس لسداد الثمن فكيف يتم عقابه وعقاب أسرته بأن يعمل دون اجر أو يعمل بأجر لا يكفى لضرورياته كأكله وشربه ؟
بالطبع العقاب يكون للسارق وليس للحارس وهو من يقوم برد ما سرق وهذا الحديث منى هو خارج نطاق الشرع فلا وجود لتلك الحراسة الداخلية فى دولة العدل