مشاهدة النسخة كاملة : الفوائـد والأحكـام في سورة البقرة، الآيات (144-150)


حكاية ناي ♔
12-28-2022, 08:40 AM
1- إثبات وتحقيق أن الله- عز وجل- يَرى ويُبصر جميع الكائنات والمخلوقات؛ لقوله تعالى: ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ﴾ [البقرة: 144]، كما قال تعالى: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ﴾ [الأنعام: 103].

2- عناية الله- عز وجل- بنبيه صلى الله عليه وسلم ونظره في تقلب وجهه في السماء، وإجابته دعاءه وإرضاؤه.

3- محبته صلى الله عليه وسلم وتشوقه وتشوفه إلى تحويله إلى الكعبة، قبلة أبيه إبراهيم- عليه السلام- وإلحاحه في دعاء ربه- عز وجل- أن يحوله إليها، وذلك أول مقدمه المدينة.

4- إثبات أن الله- عز وجل- في السماء عالٍ على خلقه، بائنٌ منهم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو وينظر إلى السماء، ينتظر الوحي من الله- عز وجل- الذي في السماء كما قال تعالى: ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ﴾ [الملك: 16، 17].

5- جواز رفع النظر إلى السماء، حال الدعاء، وذلك في غير الصلاة؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، وقد أقره الله على ذلك، فقال: ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ﴾ أما في الصلاة، فلا يجوز رفع البصر إلى السماء؛ لورود النهي عنه، والوعيد الشديد في ذلك[1].

6- إثبات العظمة لله عز وجل؛ لقوله تعالى: ﴿ نَرَى ﴾، ﴿ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ ﴾ بضمير الجمع في الموضعين للتعظيم.

7- أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الشرع كله من عند الله- عز وجل- ووحيه، لا من تلقاء نفسه، ولهذا مع محبته صلى الله عليه وسلم التوجه إلى الكعبة قبلة أبيه إبراهيم- عليهما الصلاة والسلام- لم يتوجه إليها حتى أمره الله بذلك.

8- وعد الله- عز وجل- الذي لا يتخلف لرسوله صلى الله عليه وسلم بتوجيهه قبلة يرضاها، وشرفه صلى الله عليه وسلم عند ربه- عز وجل- وعناية الله به، حيث يسارع- عز وجل- في رضاه؛ لقوله تعالى: ﴿ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ﴾ [البقرة: 144].

9- تحقيقه- عز وجل- وعده لنبيه، وأمره له صلى الله عليه وسلم بالتوجه نحو المسجد الحرام، وأمر المؤمنين بالتوجه نحوه، من جميع جهات الأرض وأقطارها، أينما كانوا؛ لقوله تعالى: ﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: 144].

وفي هذا نسخ للتوجه إلى بيت المقدس، الذي كان صلى الله عليه وسلم عليه قبل نزول هذه الآيات، وهو أول نسخ في القرآن الكريم، وفي الإسلام، من نسخ السنة بالقرآن، وقيل: من نسخ القرآن بالقرآن.

10- إثبات حرمة المسجد الحرام، ووجوب احترامه وتعظيمه؛ لقوله تعالى: ﴿ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾.

11- في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم والأمة جميعاً بالتوجه إلى قبلة واحدة أعظم رمز لوحدة الأمة الإسلامية، مما يوجب على الأمة تتويج هذه الوحدة بتضامنها وتعاونها واجتماعها وألفتها، والقضاء على أسباب الخلاف بينها.

12- وجوب استقبال المسجد الحرام في جميع الصلوات، في أي مكان كان المصلي، في البر أو البحر أو الجو؛ لقوله تعالى: ﴿ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: 144] فذلك شرط من شروط الصلاة.

ويستثنى من ذلك صلاة النافلة في السفر، فإن المسافر يصليها حيث توجهت راحلته؛ لقوله تعالى: ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 115].

كما يخص من ذلك الصلاة حال التحام القتال والمسايفة، فيصلون على أي حال، وإلى أي جهة- حسب الحال والإمكان؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ﴾ [البقرة: 239].

ومثل ذلك المريض، الذي لا يستطيع التوجه إلى القبلة، وليس عنده من يوجهه إليها، ونحوه.

كما يخص من ذلك من جهل القبلة في السفر، فإنه يجتهد ويصلي، فإن أخطأها، فلا إعادة عليه، لأنه اتقى الله ما استطاع.

13- أن الواجب استقبال المسجد الحرام في الصلاة بجميع البدن؛ لأن الله أمر بتولية الوجه شطره، والوجه واجهة البدن كله، ويجب استقبال عين الكعبة ما أمكن لمن بداخل الحرم، ويجب على من بخارجه إصابة جهتها لتعذر إصابة عينها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما بين المشرق والمغرب قبلة"[2].

14- ينبغي أن ينظر المصلي أمامه، حيث ولى وجهه، إما تلقاء وجهه، أو إلى موضع سجوده، أو إلى سبابته، حسب حاله في الصلاة؛ لأن ذلك من تمام تولي الوجه شطر المسجد الحرام.

15- تحريم الالتفات بجميع البدن في الصلاة، وأنه مبطل لها؛ لأنه خلاف ما أمر الله به من تولية الوجه شطر المسجد الحرام.

16- تأكيد علم أهل الكتاب أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الأمر بالتوجه إلى الكعبة هو الحق، لكنهم أنكروه عناداً منهم وحسداً وبغياً، والإشارة إلى عدم المبالاة بهم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ [البقرة: 144].

17- إثبات ربوبية الله- عز وجل- العامة لجميع الخلق؛ لقوله تعالى: ﴿ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ وهو- عز وجل- ربهم ورب جميع الخلق.

18- في إضافة ضمير أهل الكتاب إليه- عز وجل- في قوله ﴿ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ تذكير لهم بنعم الله- عز وجل- عليهم واستمالة لقلوبهم- علها أن تلين، ولكن هيهات.

19- كمال علم الله- عز وجل- وإحاطته بأعمال أهل الكتاب وغيرهم، وعدم غفلته عن ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 144] وهذه من الصفات المنفية الدالة على كمال ضدها.

20- الوعيد الشديد، والتهديد الأكيد لأهل الكتاب، الذين أنكروا التوجه إلى المسجد الحرام، وهم يعلمون أنه الحق، بأن الله ليس بغافل عما يعملون، وسيجازيهم بما يستحقون، وفي هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم.

21- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هداية الخلق بشتى الوسائل؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ ﴾ [البقرة: 145].

22- شدة تعنت أهل الكتاب وعنادهم ومخالفتهم للحق، مع قيام الحجة، وبيان المحجة، لهذا أقسم الله- عز وجل- لرسوله صلى الله عليه وسلم أنه لو أتاهم بكل آية ما تبعوا قبلته، وهذا ينبئ عن مرض قلوبهم. وفيه تقوية لقلبه صلى الله عليه وسلم؛ ليستعد لهم، ولا يشق عليه أمرهم.

23- أن رد الحق بعد معرفته، وقيام الأدلة عليه من صفات أهل الكتاب، وبخاصة اليهود، فيجب الحذر من مسلكهم، والتشبه بهم.

24- تأكيد تميزه صلى الله عليه وسلم في قبلته عن أهل الكتاب، وثباته على قبلته "الكعبة"، وعدم اتباعه قبلتهم، واستحالة ذلك في حقه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه معصوم عن مخالفة أمر الله- عز وجل- كما أن أتباع شرعه لا يمكن أن يتبعوا قبلة غيره؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ﴾ [البقرة: 145].

25- اختلاف قبلة اليهود والنصارى، فاليهود قبلتهم إلى بيت المقدس، والنصارى قبلتهم إلى المشرق، ولا يمكن أن يتبع بعضهم قبلة بعض؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ﴾ [البقرة: 145].

26- ذم أهل الكتاب باتباعهم أهواءهم.

27- تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من اتباع أهواء أهل الكتاب، بعد الذي جاءه من العلم والوحي من عند الله- عز وجل- فيكون من الظالمين؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 145].

وحاشاه من ذلك صلى الله عليه وسلم، وهو سيد الخلق، وهو تحذير له صلى الله عليه وسلم ولأمته، وفيه تأكيد أنه لا محاباة لأحد من الخلق عند الله أيًّا كان- إنما الشأن كل الشأن في اتباع هدى الله ومخالفة الهوى.

28- إثبات صدق رسالته صلى الله عليه وسلم وأن ما جاء به من الوحي من عند الله عز وجل، وليس من تقوّله صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ﴾ [البقرة: 145].

ففي هذا إثبات مجيء العلم له صلى الله عليه وسلم، وهو الوحي من الله- عز وجل- والعلم الشرعي الذي هو أصل العلوم كلها.

29- أن الذم والوصف بالظلم إنما يكون لمن ترك الحق عن علم؛ لقوله تعالى: ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ﴾.

30- أن اتباع الهوى ومخالفة الهدى من أعظم الظلم؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾.

31- معرفة أهل الكتاب للنبي صلى الله عليه وسلم وصدق رسالته، وأن ما جاء به حق، من التوجه إلى الكعبة، وغير ذلك من الشرع، كما يعرفون أبناءهم؛ لما في كتبهم من البشارة به، وصفته صلى الله عليه وسلم، وصفة دينه وأمته؛ لقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ﴾ [البقرة: 146].

32- التنديد بكتمان فريق من أهل الكتاب ما عندهم من العلم بصدق رسالته صلى الله عليه وسلم، وما جاء به؛ كتماناً للحق وإنكاراً له، وتكذيباً به، وذمهم على ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 146].

33- أن من أهل الكتاب من لم يكتم ما في كتبهم من البشارة به صلى الله عليه وسلم وبدينه وصفة ذلك، بل شهدوا بصدقه صلى الله عليه وسلم، وهم قليل، منهم عبدالله بن سلام- رضي الله عنه- من اليهود، والنجاشي من النصارى، ومنهم من لم يحصل منه لا هذا ولا هذا بل كفر جهلاً.

34- أن من رد الحق وخالفه عن علم ومعرفة أعظم جرماً وأشد ذمًّا ممن رده وخالفه عن جهل وبلا علم، بل إن الجاهل قد يعذر لجهله في بعض الأحكام.

35- تقرير وتوكيد أن ما جاءه صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه هو الحق الثابت من ربه- عز وجل- تثبيتاً له صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: ﴿ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ﴾ [البقرة: 147].

36- إثبات ربوبية الله- عز وجل- الخاصة لرسله وأوليائه، وأولاهم بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: ﴿ مِنْ رَبِّكَ ﴾ وفي إضافة اسم الرب إلى ضميره صلى الله عليه وسلم تشريف وتكريم له.

37- في نهيه صلى الله عليه وسلم عن الامتراء- وحاشاه من ذلك- دلالة على صدق رسالته صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: ﴿ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [البقرة: 147].

38- لا يلزم من النهي عن الشيء وقوعه، بل ولا إمكان وقوعه، فالامتراء والشك مستحيل في حقه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الشك ينافي الإيمان، وهو أول المؤمنين، ومعصومٌ من الشك.

39- أن لكل أحد ولكل أمة وجهة حسية كانت أو معنوية، فلكل أمة قبلة، ولكل أمة شرعها ومنهاجها، ولكل فرد من الناس وجهته وعمله، فمن عامل خيراً ومزكٍّ نفسه ومعتقها وقائدها إلى الفلاح، ومن عامل شرًّا ومهين نفسه وموبقها وقائدها إلى الهلاك؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ﴾ [البقرة: 148].

40- الحث على المبادرة إلى الخيرات، والأعمال الصالحات، والمسابقة إليها، وفيها؛ لقوله تعالى: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148].

41- عدم الاغترار بما عليه أكثر الناس من الوجهات والمناهج المختلفة المخالفة للحق، ووجوب لزوم طريق الخير والحق والعدل.

42- إثبات بعث الخلائق كلهم وجمعهم عند الله- عز وجل- يوم القيامة، مهما تفرقوا في البلاد، وتفتتت منهم بعد البلى الأجساد؛ لقوله تعالى: ﴿ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 148].

43- إثبات وتأكيد قدرة الله- عز وجل- التامة على كل شيء من بعث الخلق وجمعهم وغير ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 148].

44- الأمر ثانياً وثالثاً باستقبال المسجد الحرام؛ تأكيداً لتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام؛ نظراً لعظم وقع ذلك على النفوس، كما قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ﴾ [البقرة: 143]، وإزالة للشك والريب في ذلك، وإرغاماً للمعارضين والمعاندين.

45- تأكيد حرمة المسجد الحرام، ووجوب احترامه وتعظيمه.

46- تأكيد أن ما جاءه صلى الله عليه وسلم من الأمر بالتوجه إلى المسجد الحرام هو الحق من ربه- عز وجل؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ﴾ [البقرة: 149].

47- تأكيد كمال علمه- عز وجل- وإحاطته بأعمال العباد، وأنه ليس بغافل عنها، بل هو مطلع عليها، وسيحصيها عليهم، ويجازيهم بها، وفي هذا وعد للمؤمنين ووعيد للكافرين؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 149].

48- إثبات أفعال العباد الاختيارية؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 149]، وقوله تعالى: ﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 144] حيث أضاف العمل إليهم، وفي هذا رد على الجبرية الذين يسلبون العبد الاختيار، ويزعمون أنه مجبور على فعله.

49- قطع حجة المخالفين المعاندين، بالأمر باستقبال المسجد الحرام، وتأكيد ذلك، وأمر المؤمنين بامتثال ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ﴾ [البقرة: 150].

50- أن الظالمين من أهل الكتاب والمشركين والمنافقين ونحوهم لن يقبلوا الحق مهما تبين، وسيردونه بأضعف الحجج وأوهاها؛ لأنهم إنما يتبعون أهواءهم الباطلة، ولهذا قال تعالى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 150] أي: فلا حيلة فيهم ولا سبيل لقبولهم الحق.

51- وجوب خشية الله- عز وجل- وحده، واتباع أمره والعمل بشرعه، وعدم خشية من سواه؛ لقوله تعالى: ﴿ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ﴾ [البقرة: 150] وفي هذا تقوية لقلوب المؤمنين أمام كيد أعدائهم.

52- فضل الله- عز وجل- على هذه الأمة بإتمام نعمته عليهم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 150].

53- أن توجيه المؤمنين لاستقبال المسجد الحرام من إتمام النعمة على هذه الأمة، حيث وجههم لأشرف قبلة، قبلة أبيهم إبراهيم- عليه السلام.

54- أن الله- عز وجل- أمر المؤمنين بالتوجه إلى الكعبة؛ لأجل أن يهتدوا إلى ما ضلت عنه الأمم قبلهم مما خص الله به هذه الأمة، وفضلها به من توجيههم لأشرف قبلة، كما خصهم بيوم الجمعة الذي ضلت عنه اليهود والنصارى، كذلك خصهم بأن جعلهم خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله.

55- حكمة الله- عز وجل- التامة في أمر المؤمنين باستقبال المسجد الحرام وتوجههم نحوه، ففي ذلك قطع حجج المخالفين، وإتمام نعمته على هذه الأمة، وهدايتهم للعلم النافع والعمل الصالح، ولما ضل عنه أهل الكتاب قبلهم.

المصدر: «عون الرحمن في تفسير القرآن»

بلسم الروح
12-28-2022, 08:48 AM
اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنان.
وأن يثيبك البارئ خير الثواب .
دمت برضى الرحمن

حكاية ناي ♔
01-05-2023, 01:14 PM
اسعدني حضوركم