عازف الناي
11-01-2022, 09:59 AM
الإيمان بالقضاء والقدر ركنٌ من أركان الإيمان وقاعدة أساس الإحسان، كما ورد في أعظم حديث في الإسلام.
القدر هو تقدير الله للكائنات حسب ما سبق به علم الله وإقتضته حكمته، وهو ما سبق به العمل وجرى به القلم مما هو كائنٌ إلى الأبد، والإيمان به هو أن تؤمن أن الله جلّ جلاله قدّر مقادير الخلائق وما يكون من الأشياء والحوادث قبل أن تكون، وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقاتٍ معلومةٍ على صفاتٍ مخصوصة، فعلمها سبحانه وكتبها بكل تفاصيلها ودقائقها وشاءها وخلقها، فهي كائنةٌ لا محالة على التفصيل والدقة كما شاء سبحانه وما لم يشأه فإنه لا يكون، وهو قادر على كل شيء، فإن شاءه وقع، وإن لم يشأه لم يقع مع قدرته على إيقاعه.
القدر غيبٌ مبناه على التسليم، قال الله عزّ وجل: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا} [الأحزاب:38]، وقال سبحانه: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ*وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر:49-50].
[] من ثمر الإيمان بالقضاء والقدر:
= أن يمتلئ القلب شجاعةً وإقدامًا، فلن تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها وأجلها، ولن يصيب الإنسان إلا ما كُتب له، فعلام الخوف والقلق؟ «واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك».
= وكذلك القناعة وعزة النّفس، فالرزق لا يجلبه حرص حريص ولا يمنعه حسد حاسد، وهذا يؤدي إلى القناعة والإجمال في الطلب وإلى التحرر من رِق الخلق ومنتهم والحاجة إليهم والإكتفاء من الدنيا بالبلاغ، فتعلو همة المؤمن وتزكو نفسه، ولا يحسد أحدًا على عطاء أعطاه الله إياه، لعلمهم أن الله يعطي ويمنع ويخفض ويرفع، ومن حسد غيره، فإنه معترض على قضاء الله وقسمه: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ} [النساء:54].
= الإيمان بالقضاء والقدر يدعو للتفاؤل والإيمان بالنصر القادم والفرج العاجل: «واعلم أن النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسرًا»، فلا يأس ولا قنوط: {وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87]
= الإيمان بالقدر يجعل المؤمن صابرًا قوي الإحتمال، وكل أحد لابد له من الصبر، فهو من جميل الخلال ومحمود الخصال ومن سمات الرجال، ومن لم يصبر صبر الكرام، سلا سلو البهائم، قال عمر رضي الله عنه: وجدنا خير عيشنا بالصبر، لذا تجد المؤمن بالقدر صبورًا متجلدًا، يتحمل المشاق ويتجاوز المصاعب والآلام، بخلاف ضعيف الإيمان الذي لا يقوى على الإحتمال ولا يصبر على ما يعترضه فيجزع لأتفه الأسباب، بل ربما أدى به الجزع إلى الوساوس والأمراض النفسية والهرب إلى المخدرات والإنتحار، ولو آمن بالقضاء والقدر لرأيت قوة الرجاء وإحسان الظن بالله، فإن الله تعالى لا يقضي قضاءً إلا وفيه تمام العدل وكمال الرحمة والحكمة، فلا يتهم ربه فيما يجري عليه من أقضيته وأقداره، وذلك يوجب له إستواء الحالات عنده ورضاه بما يختاره له سيده وينتظر الفرج ويترقبه، بل يخفف ذلك من حمل المشقة، لاسيما مع قوة الرجاء فإن في حشو البلاء من روح الفرج ونسيمه وراحته ما هو خفي الألطاف، بل هو فرجٌ معجل.
= ومن آثار الإيمان بالقضاء والقدر: التوكل على الله، وهو نصف الدين ولب العبادة، والتوكل لا يعني ترك الأسباب، بل يعني عدم تعلق القلب بها، فإذا عزمت فتوكل على الله، والشريعة أمرت العامل بأن يكون قلبه منطويًا على إنفراد التوكل، فإذا إستضاء به أمده الله بالقوة والعزيمة والفهم والبصيرة والصبر والتوفيق وصرف عنه الآفات وأراه من حسن العواقب ما لم يكن ليصل إليه الإنسان لولا توفيق الله، وهذا يريح الإنسان من الأفكار والوساوس ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة وينزل في أخرى، وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحة التوكل، ومن التفت إلى غير الله نقص توكله، قال ابن القيم رحمه الله: الثقة بالله تنافي الركود والعجز، فإن الواثق بالله يفعل ما أمره الله ويثق بالله في طلوع ثمرته وبركتها كغارس الشجرة وباذر الأرض، والثقة إنما تصح بعد بذل المجهود.
الكاتب: صالح بن طالب.
المصدر: شبكة مسلمات.
القدر هو تقدير الله للكائنات حسب ما سبق به علم الله وإقتضته حكمته، وهو ما سبق به العمل وجرى به القلم مما هو كائنٌ إلى الأبد، والإيمان به هو أن تؤمن أن الله جلّ جلاله قدّر مقادير الخلائق وما يكون من الأشياء والحوادث قبل أن تكون، وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقاتٍ معلومةٍ على صفاتٍ مخصوصة، فعلمها سبحانه وكتبها بكل تفاصيلها ودقائقها وشاءها وخلقها، فهي كائنةٌ لا محالة على التفصيل والدقة كما شاء سبحانه وما لم يشأه فإنه لا يكون، وهو قادر على كل شيء، فإن شاءه وقع، وإن لم يشأه لم يقع مع قدرته على إيقاعه.
القدر غيبٌ مبناه على التسليم، قال الله عزّ وجل: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا} [الأحزاب:38]، وقال سبحانه: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ*وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر:49-50].
[] من ثمر الإيمان بالقضاء والقدر:
= أن يمتلئ القلب شجاعةً وإقدامًا، فلن تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها وأجلها، ولن يصيب الإنسان إلا ما كُتب له، فعلام الخوف والقلق؟ «واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك».
= وكذلك القناعة وعزة النّفس، فالرزق لا يجلبه حرص حريص ولا يمنعه حسد حاسد، وهذا يؤدي إلى القناعة والإجمال في الطلب وإلى التحرر من رِق الخلق ومنتهم والحاجة إليهم والإكتفاء من الدنيا بالبلاغ، فتعلو همة المؤمن وتزكو نفسه، ولا يحسد أحدًا على عطاء أعطاه الله إياه، لعلمهم أن الله يعطي ويمنع ويخفض ويرفع، ومن حسد غيره، فإنه معترض على قضاء الله وقسمه: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ} [النساء:54].
= الإيمان بالقضاء والقدر يدعو للتفاؤل والإيمان بالنصر القادم والفرج العاجل: «واعلم أن النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسرًا»، فلا يأس ولا قنوط: {وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87]
= الإيمان بالقدر يجعل المؤمن صابرًا قوي الإحتمال، وكل أحد لابد له من الصبر، فهو من جميل الخلال ومحمود الخصال ومن سمات الرجال، ومن لم يصبر صبر الكرام، سلا سلو البهائم، قال عمر رضي الله عنه: وجدنا خير عيشنا بالصبر، لذا تجد المؤمن بالقدر صبورًا متجلدًا، يتحمل المشاق ويتجاوز المصاعب والآلام، بخلاف ضعيف الإيمان الذي لا يقوى على الإحتمال ولا يصبر على ما يعترضه فيجزع لأتفه الأسباب، بل ربما أدى به الجزع إلى الوساوس والأمراض النفسية والهرب إلى المخدرات والإنتحار، ولو آمن بالقضاء والقدر لرأيت قوة الرجاء وإحسان الظن بالله، فإن الله تعالى لا يقضي قضاءً إلا وفيه تمام العدل وكمال الرحمة والحكمة، فلا يتهم ربه فيما يجري عليه من أقضيته وأقداره، وذلك يوجب له إستواء الحالات عنده ورضاه بما يختاره له سيده وينتظر الفرج ويترقبه، بل يخفف ذلك من حمل المشقة، لاسيما مع قوة الرجاء فإن في حشو البلاء من روح الفرج ونسيمه وراحته ما هو خفي الألطاف، بل هو فرجٌ معجل.
= ومن آثار الإيمان بالقضاء والقدر: التوكل على الله، وهو نصف الدين ولب العبادة، والتوكل لا يعني ترك الأسباب، بل يعني عدم تعلق القلب بها، فإذا عزمت فتوكل على الله، والشريعة أمرت العامل بأن يكون قلبه منطويًا على إنفراد التوكل، فإذا إستضاء به أمده الله بالقوة والعزيمة والفهم والبصيرة والصبر والتوفيق وصرف عنه الآفات وأراه من حسن العواقب ما لم يكن ليصل إليه الإنسان لولا توفيق الله، وهذا يريح الإنسان من الأفكار والوساوس ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة وينزل في أخرى، وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحة التوكل، ومن التفت إلى غير الله نقص توكله، قال ابن القيم رحمه الله: الثقة بالله تنافي الركود والعجز، فإن الواثق بالله يفعل ما أمره الله ويثق بالله في طلوع ثمرته وبركتها كغارس الشجرة وباذر الأرض، والثقة إنما تصح بعد بذل المجهود.
الكاتب: صالح بن طالب.
المصدر: شبكة مسلمات.