فتاة بلا قلب
01-04-2023, 10:49 AM
إبراهيم بن عبد الله المزروعي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحده لا شرك له وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :
1) منزلة المراقبة، تعريفها، فائدتها:
* إن النفس داعيةٌ إلى العصيانِ خاصةً إذا ظنّت أنها بعيدةٌ عن نظر الخلق، ووجدت نفسها في الخلوة.
* وحفظُ الله تعالى في الخلوات من علامةِ المؤمن المتقي، الذي يعلم أن عينَ الله تلاحقُه أينما ذهب.
* إن الشعورَ بالمراقبة يورّثُ عند المؤمنِ محاسبةَ النفس على التقصير.
2) بعض الأدّلـةِ على المراقبـة:
* يقول ابن القيم رحمه اللهُ في مدارج السالكين: منزلةُ المراقبة
) ومن منازل "إيّاك نعبدُ وإيّاك نستعين" منزلةُ المراقبة.
قال اللهُ تعالى ) واعلموا أنّ الله يعلمُ ما في أنفسكم فاحذروه ( البقرة 235
وقال اللهُ تعالى ) وكان اللهُ على كلِّ شيئٍ رقيبا ً (الأحزاب 52
وقال اللهُ تعالى )يعلمُ خائنة الأعيُنِ وما تُخفي الصدور ( غافر 19
وفي حديث جبريل أنه سأل النبي صلي الله عليه وسلم عن الإحسانِ؟ فقال له: (أن تعبدَ الله كأنك تراهُ، فإن لم تكن تراهُ فإنّهُ يراك) متفق عليه. ومن هذا الحديث يتضحُ أن المراقبة هي دوامُ علمِ العبدِ وتيقُنِهِ باطّلاع الحقِّ سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه.
فاستدامتُه لهذا العلم واليقين هي المراقبة، وهي ثمرةُ علمِه بأن الله سبحانه رقيبٌ عليه، ناظرٌ إليه، سامعٌ لقوله، وهو مطّلع على علمه كلَّ وقتٍ وكلَّ لحظةٍ ، وكلَّ نفسٍ وكلَّ طرفةِ عينٍ.)
3) بعضُ أقـوال السلف والعلماء:
- وقال ابن القيّم أيضاً: (وقد قيل من راقب اللهَ في خواطره، عصمهُ في حركاتِ جوارحِه).
- وقال ذو النّونِ (علامةُ المراقبةِ إيثارُ ما أنزل اللهُ، وتعظيمُ ما عظّم اللهُ وتصغيرُ ما صغَّر اللهُ.)
- وقيل (أفضلُ ما يُلزمُ الإنسانُ نفسَه في هذه الطريق، المحاسبةَ والمراقبةَ وسياسةَ عمله بالعلم.)
- وقال أبو حفص (إذا جلستَ للناسِ فكُن واعظاً لقلبِكَ ونفسِكَ، ولا يغرَّنَّكَ اجتماعُهُم عليكَ، فإنّهم يُراقبُون ظاهرَك واللهُ يراقبُ باطنك).
والمراقبةُ: هي التعبُدُ بأسماء الله (الرقيبِ، الحفيظِ، العليمِ، السميع، البصيرِ) فمن عقل هذه الأسماءَ، وتعبّدَ بمقتضاها، حصلت له المراقبة.) مدارج السالكين لابن القيّم رحمه الله.
ثم قال رحمه الله (إنّ السُّرور باللهِ وقُربه، وقُرَّة العين به، تبعثُ على الازديادِ من طاعته، وتحثُّ على الجدِّ في السيرِ إليه، والانتقالُ إلى مراقبةٍ أخرى تحملُك على صيانةِ الباطن والظاهر، فصيانةُ الظاهر: بحفظ الحركات الظاهرة، وصيانةُ الباطنِ: بحفظ الخواطِرِ والإراداتِ والحركاتِ الباطنةِ التي منها رفضُ معارضةِ أمرِه وخَبرِه، فيتجرّدُ الباطنُ من كلِّ شهوةٍ وإرادةِ تعارضُ أمرَهُ، ومن كلِّ محبّةٍ تزاحمُ محبََتَـهُ، وهذه حقيقـةُ القلبِ السليـمِ الذي لا ينجوا إلاّ من أتى اللهَ به.) انتهى كلامه رحمه الله – مدارج السالكين/منزلة المراقبة.
4) الباعثُ على مراقبة الله تعالى (كيف نُقوِّي مراقبةَ اللهِ لدينا؟) ما هي أسباب تقوية المراقبة؟
(1) اليقينُ بقدرة الله تعالى:
فإن الله تعالى على كل شيئٍ قدير، لا يعجزُهُ شيئٌ في الأرض ولا في السماء، ولو شاء إهلاكَ أحدٍ أهلكه )إنما أمرُهُ إذا أراد شيئاً أن يقولَ له كن فيكون ( يس 82 فإذا آمنَ العبدُ بذلك علم أنه تحت قدرةِ الله، واللهُ تعالى يغارُ على حرماتِه، فاحذر يا عبد الله أن يراكَ اللهُ حيثُ نهاك أو يفقِدكَ حيثُ أمرك.
(2) تعظيمُ العبد لرِّبه سبحانَه وتعالى:
وهذا التعظيمُ يكونُ بتعظيم أمرِ اللهِ ونهيه، فكلَّما كانَ العبدُ وقَّافاً عند حدود الله قائماً بأمر الله منتهياً عمّا حرّم الله، كلَّما عَظَّمَ اللهَ، وإذا عظّمَ اللهَ أوجد ذلك الحياءَ من الله في الخلواتِ والجَلَواتِ.
- قال الإمام محمد بن نصر المروزي (إذا ثبت تعظيمُ اللهِ في قلب العبدِ أورثه الحياءَ من الله والهيبةَ له، فغلب على قلبه ذكرُ إطّلاع الله العظيم ونظرِه إلى ما في قلبه وجوارحه، فاستحى أن يطّلع على قلبه وهو معتقدٌ لشيئٍ ممّا يكره، فطهَّرَ قلبَهُ من كلَّ معصيةِ) تعظيم قدر الصلاة (2/826).
- وهذا القلبُ الذي امتلأ من تعظيم الله لا يتمكنُ الشيطانُ من إغواء صاحبه.
- قال ابنُ القيّم ( وقلبٌ قد امتلأ من جلال الله عز وجلَّ وعظمتِه ومحبّتِه ومراقبتِه والحياء منه، فأي شيطانٍ يجترئُ على هذا القلب) الوابل الصيّب.
- قال ابن القيّم إذاً ما هو السبيلُ إلى تعظيم أوامر الله ونهيه؟ والجواب هو أن السبيلَ إلى ذلك الاعتمادُ على الله تعالى وإحسانُ التوكّلِ عليه وسؤالُ اللهِ بأسمائِه وصفاتِه.
- وأما علامات تعظيم أوامر الله فيقول ابنُ القيّم (علامةُ التعظيم للأوامر: رعايةُ أوقاتها وحدودها، والتفتيشُ على أركانها وواجباتها وكمالها، والحرصُ على تحيُّنِها في أوقاتها، والمسارعةُ إليها عند وجوبها، والحزنُ والكآبةُ والأسفُ عند فوت حقٍّ من حقوقِها، كمن يحزنُ على فوت الجماعة، ويعلمُ أنه لو تُقبِّلتْ منه صلاتُه منفرداً فإنه قد فاتَهُ سبعةٌ وعشرون ضعفاً) صحيح الوابل الصيّب ص20.
- أما علاماتُ تعظيم المناهي فيقول رحمه الله: (فالحرصُ على التباعد من مظانِّها وأسبابها وما يدعو إليها، ومجانبةُ كلِّ وسيلةٍ تقرِّبُ منها، وأن يدع ما لا بأس به حذراً ممّا به بأس، أن يُجانبَ الفضولَ من المباحاتِ خشيةَ الوقوع في المكاره، ومجانبةُ من يُجاهر بارتكابها ويُحسِّنَها ويدعو إليها، وكذلك من علاماتِ تعظيم النهي أن يغضب للهِ عزَ وجلَ إذا انتُهكت محارمُه) صحيح الوابل الصيّب ص29.
(3) ومن البواعث على مراقبة الله:
إطّلاعُ الله على العبادِ وأعمالهم، وسماعُهُ لأقوالهم، وعلمُهُ بسرِّهم وعلانيتِهِم. وهذا الاعتقادُ ينبغي أن يكون مصاحباً للمؤمن في حياته في كل لحظة.
- قال تعالى: )أم يحسبونَ أنَّا لا نسمعُ سِرَّهُم ونجواهُم، بلى ورُسُلُنا لديهم يكتُبُون (الزخرف 80
- وقال تعالى: ) وإن تجهرْ بالقولِ فإنّهُ يعلمُ السرَّ وأخفى ( طه 7
- وقال رجلٌ ذات يومٍ للنبي صلي الله عليه وسلم : أوصني، قال: (أوصيكَ أن تستحي الله كما تستحي رجلاً صالحاً من قومك) رواه أحمد في الزهد والبيهقي في الشعب وغيرهما وصححه الألباني في صحيح الجامعُ والصحيحة رقم 741.
- وقال محمد بن نصر المروزي ( ألستَ ترى أن الإنسـنَ إذا علمَ أنّ رجلاً صالحـاً ينظرُ إليه أو يسمعُ كلامَه، أمسكَ عن كلِّ ما يخافُ أن يضع من قدره عنده، وكذلك يستحي من الرجل الصالح من كل نقصٍ في فضل، فمن استحى من الله كما يستحي من الرجل الصالح فقد استحى من اللهِ حقَّ الحياءِ لأنه عالمٌ بأن الله مطّلعٌ على ما في قلبه) تعظيم قدر الصلاة (2/828/829)
- وروى عن بعض السلف (استحي من اللهِ لقربِه منكَ وحفِ اللهَ لقدرتِه عليك) المرجع السابق 2/835
وإذا علمَ العبدُ أنّ اللهَ مطّلعٌ عليه رقيبٌ عليه، سميعٌ لأقواله وأفعاله، عليمٌ بسِّرِه وعلانيتِه، فإذا علمَ ذلك فَحَريٌَ به أن يستعدَّ للحساب والسؤال عداً بين يدي الله تعالى.
وإن اعتقد العبدُ أن اللهَ يراهُ قد يبعثُهُ ذلك على الابتعاد عن الذنوب، وقد سُئل بعض السلفِ: (بم يُستعانُ على غضِّ البصرِ؟ قال: بعلمِكَ أنّ نظرَ اللهِ إليكَ أسبقُ من نظرِك إلى المنظور).
5) أحوالُ السلفِ في مراقبةِ الله تعالى:
ما أجمل أن يترك العبدُ المعصيةَ من أجلِ اللهِ تعالى وقد هُيّئتْ له أسبابُها، وقد أرشدَ النبيُّ صلي الله عليه وسلم على حفظ الخَلْوةِ ومراقبةِ اللهِ فيها والحياءِ منه سبحانه، وقد مدحَ صلي الله عليه وسلم مَنْ حَفَظَ دينَه في الخَلَوةِ عملَ فيها صالحَ الأعمال فقال عليه الصلاة والسلام ( .. ورجلٌ ذكر اللهَ خالياً ففاضت عيناه) متفق عليه.
· وما أحسنُ قولِ القائل:
إذا ما خلوتَ الدهرَ يومـاً فلا تقُلْ خلوتُ ولكن قُل عليَّ رقيبُ
ولا تحسبنّ اللهَ يغفَلُ ساعةً ولا أنَ ما تُخفـي عليـه يغيــبُ
· وقال آخرُ:
وإذا خلوتَ بريبةٍ في ظلمـةٍ والنفسُ داعيةٌ إلى الطغيانِ
فاستح من نظرِ الإله وقل لها إنّ الذي خلق الظلامَ يراني
· دخل بعضُ الناسِ مزرعةً فقال: لو خلوتُ ها هنا بمعصيةٍ مَنْ كان يراني؟ فسمع هاتفاً بصوت ملأ المزرعةَ (ألا يعلمُ من خلقَ وهو اللطيفُ الخبيرُ) ابنُ رجب في تنوير المقياس.
· وقال رجلٌ لوهيبٍ: عِظْني؟ فقال: (اتقِ اللهَ أن يكون أهونَ الناظرين إليك) جامع العلوم والحكم.
· ورأى محمدُ بن المنكدر رجلاً واقفاً مع امرأة يكلّمها فقال: (إنّ اللهَ يراكما، سترنا اللهُ وإياكم) جامع العلوم.
· قصَّة بائعة اللبن مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكذلك قصَّة المرأةِ في الليلِ وزوجُها في السفر عندما قالت:
لقد طال هذا الليلُ واسودّ جانبه على ألاّ خليــلاً ألاعبُــه
فوالله لـولا الله ربّـاً أراقبـه لحرّك من هذا السرير جوانبُه
6) أثرُ الطاعاتِ والمعاصي في الخلوة على العبد:-
* إنّ خيرَ وصيةٍ يضعُها المؤمنُ بين عينيه قولُ الله تعالى ) وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( الحديد آية (4) ، وقول النبيُّ صلي الله عليه وسلم (اتقِ الله حيثما كنت، واتبعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالقِ الناسَ بخُلُقٍ حسن) أحمد والترمذي والدارمي وحسنه الألباني في صحيح الجامع (97).
* وإنّ من العقوبات العظيمة التي تلحقُ بمن ينتهك حُرمات الله في الخلوات ما ورد في الحديث من قوله صلي الله عليه وسلم (لأعلمنَّ أقواماً من أمَّتي يأتون يوم القيامة بحسناتٍ أمثالَ جبالِ تهامةَ بيضاءَ فيجعلُها اللهُ عزَ وجلّ هباءً منثوراً) قال ثوبانُ يا رسول الله صِفْهُم لنا، جَلِّهم لنا أن لا نكون منهم ونحنُ لا نعلم، قال: (أما إنَّهم أخوانُكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوامٌ إذا خلوا بمحارمِ اللهِ انتهكوها) رواه ابنُ ماجة وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم 505 وصحيح الجامع الصغير . ولهذا فإن من علامات المخلص أن يكون في خلوته كما هو في جلوتِه.
* والطاعةُ والمعصيةُ في الخَلْوةِ لها أثرُها على العبدِ في دينِه وفي صِيتِهِ بين الناس، ولا بدَّ أن يظهرَ أثرُ ذلك على العبد، وإليكم بعض أقوال السلف:-
- قال بعضُ السلف (ما أسرَّ عبدٌ سريرةً إلاّ أظهرها اللهُ على قسماتِ وجهه أو فلتاتِ لسانه).
- وقال آخرُ ( ما أسرَّ عبدٌ سريرةً إلاّ كساهُ اللهُ رداءَها إنْ خيراً فخيرٌ وأن شراً فشرٌّ)
- وقال سليمانُ التيميُّ (إن الرجلَ ليصيبُ الذنبَ في السرِّ فيصبحُ وعليه مذلَّتَهُ) ابن القيّم في الجواب الكافي.
- وقال غيرُه (إن العبدَ ليذنبُ الذنبَ فيما بينه وبين الله، ثم يجيئُ إلى أخوانِه فيرون أثر ذلك عليه)
- وقال ذو النون (من خانَ اللهَ في السرِّ هتك اللهُ ستَرهُ في العلانية) ابن القيّم في الجواب الكافي.
- ويقول ابن الجوزي في صيد الخاطر (وقد يُخفي الإنسانُ ما لا يرضاهُ اللهُ عزّ وجلَّ، فيُظهُرهُ اللهُ سبحانه عليه ولو بعد حين ويُنطقُ الألسنةَ به، وإن لم يشاهدْ الناسُ وربَّما أوقع صاحبَهُ في آفةٍ يفضحُهُ بها بين الخلقِ.)
- وقال أبو الدرداء رضي الله عنه ( إن العبدَ ليخلو بمعصيةِ الله تعالى، فيُلْقي اللهُ بُغضَهُ في قلوب المؤمنين من حيثُ لا يشعر) الجواب الكافي.
- ويقولُ ابنُ الجوزي ( رأيتُ أقواماً من المنتسبين إلى العلمِ، أهملُوا نظَرَ الحقِّ عزَ وجلّ إليهم في الخلوات فمحا محاسنَ ذِكرهم في الجَلَوات فكانوا موجودين كالمعدومين لا حلاوة لرؤيتهم ولا قلب يحنُّ إلى لقائهم.)
- قال ابنُ عباس رضي الله عنه ( إن للحسنةِ ضياءً في الوجه ونوراً في القلب، وقوةً في البدن وسعةً في الرزق ومحبةً في قلوب الخلق، وإن للسيئةِ سواداً في الوجه وظُلمةً في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبُغضَةً في قلوب الخلق) الجواب الكافي.
- وقال ذو النون المصري (كان العلماءُ يتواعظون بثلاثٍ ويّكْتُبُ بعضُهم إلى بعض:
(من أحسن سريرتَه أحسنَ اللهُ علانيتهُ، ومن أصلحَ ما بينه وبين اللهِ أصلحَ اللهُ ما بينه وبين الناس، ومن أصلحَ أمر آخرتهِ ، أصلحَ اللهُ أمرَ دنياهُ) سير أعلام النبلاء (19/141).
- وقال ابنُ الجوزي رحمه الله (لقد رأيتُ من كان يراقبُ اللهَ عزّ وجلَّ في صبوتِه مع قصوره، فعظّم اللهُ قدرَهُ في القلوبِ حتى عَلَقَتْهُ النفوسُ، ووصَفَتْهُ بما يزيدُ على ما فيه من الخير) صيد الخاطر.
فإني أنصحُ أخوانـي أن يحفظـوا اللهَ تعالى في خلواتِهـم ويراقبـوا أنفسَهُـم ويحاسبـوها قبل حلـول الأجـل.
وآخــر دعوانــا أنْ الحمــدُ لله ربِِّ العالميــن .،،
https://l.top4top.io/p_19393jux41.gifhttps://l.top4top.io/p_19393jux41.gifhttps://h.top4top.io/p_1939htqzc1.gifhttps://l.top4top.io/p_19393jux41.gifhttps://l.top4top.io/p_19393jux41.gif
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحده لا شرك له وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :
1) منزلة المراقبة، تعريفها، فائدتها:
* إن النفس داعيةٌ إلى العصيانِ خاصةً إذا ظنّت أنها بعيدةٌ عن نظر الخلق، ووجدت نفسها في الخلوة.
* وحفظُ الله تعالى في الخلوات من علامةِ المؤمن المتقي، الذي يعلم أن عينَ الله تلاحقُه أينما ذهب.
* إن الشعورَ بالمراقبة يورّثُ عند المؤمنِ محاسبةَ النفس على التقصير.
2) بعض الأدّلـةِ على المراقبـة:
* يقول ابن القيم رحمه اللهُ في مدارج السالكين: منزلةُ المراقبة
) ومن منازل "إيّاك نعبدُ وإيّاك نستعين" منزلةُ المراقبة.
قال اللهُ تعالى ) واعلموا أنّ الله يعلمُ ما في أنفسكم فاحذروه ( البقرة 235
وقال اللهُ تعالى ) وكان اللهُ على كلِّ شيئٍ رقيبا ً (الأحزاب 52
وقال اللهُ تعالى )يعلمُ خائنة الأعيُنِ وما تُخفي الصدور ( غافر 19
وفي حديث جبريل أنه سأل النبي صلي الله عليه وسلم عن الإحسانِ؟ فقال له: (أن تعبدَ الله كأنك تراهُ، فإن لم تكن تراهُ فإنّهُ يراك) متفق عليه. ومن هذا الحديث يتضحُ أن المراقبة هي دوامُ علمِ العبدِ وتيقُنِهِ باطّلاع الحقِّ سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه.
فاستدامتُه لهذا العلم واليقين هي المراقبة، وهي ثمرةُ علمِه بأن الله سبحانه رقيبٌ عليه، ناظرٌ إليه، سامعٌ لقوله، وهو مطّلع على علمه كلَّ وقتٍ وكلَّ لحظةٍ ، وكلَّ نفسٍ وكلَّ طرفةِ عينٍ.)
3) بعضُ أقـوال السلف والعلماء:
- وقال ابن القيّم أيضاً: (وقد قيل من راقب اللهَ في خواطره، عصمهُ في حركاتِ جوارحِه).
- وقال ذو النّونِ (علامةُ المراقبةِ إيثارُ ما أنزل اللهُ، وتعظيمُ ما عظّم اللهُ وتصغيرُ ما صغَّر اللهُ.)
- وقيل (أفضلُ ما يُلزمُ الإنسانُ نفسَه في هذه الطريق، المحاسبةَ والمراقبةَ وسياسةَ عمله بالعلم.)
- وقال أبو حفص (إذا جلستَ للناسِ فكُن واعظاً لقلبِكَ ونفسِكَ، ولا يغرَّنَّكَ اجتماعُهُم عليكَ، فإنّهم يُراقبُون ظاهرَك واللهُ يراقبُ باطنك).
والمراقبةُ: هي التعبُدُ بأسماء الله (الرقيبِ، الحفيظِ، العليمِ، السميع، البصيرِ) فمن عقل هذه الأسماءَ، وتعبّدَ بمقتضاها، حصلت له المراقبة.) مدارج السالكين لابن القيّم رحمه الله.
ثم قال رحمه الله (إنّ السُّرور باللهِ وقُربه، وقُرَّة العين به، تبعثُ على الازديادِ من طاعته، وتحثُّ على الجدِّ في السيرِ إليه، والانتقالُ إلى مراقبةٍ أخرى تحملُك على صيانةِ الباطن والظاهر، فصيانةُ الظاهر: بحفظ الحركات الظاهرة، وصيانةُ الباطنِ: بحفظ الخواطِرِ والإراداتِ والحركاتِ الباطنةِ التي منها رفضُ معارضةِ أمرِه وخَبرِه، فيتجرّدُ الباطنُ من كلِّ شهوةٍ وإرادةِ تعارضُ أمرَهُ، ومن كلِّ محبّةٍ تزاحمُ محبََتَـهُ، وهذه حقيقـةُ القلبِ السليـمِ الذي لا ينجوا إلاّ من أتى اللهَ به.) انتهى كلامه رحمه الله – مدارج السالكين/منزلة المراقبة.
4) الباعثُ على مراقبة الله تعالى (كيف نُقوِّي مراقبةَ اللهِ لدينا؟) ما هي أسباب تقوية المراقبة؟
(1) اليقينُ بقدرة الله تعالى:
فإن الله تعالى على كل شيئٍ قدير، لا يعجزُهُ شيئٌ في الأرض ولا في السماء، ولو شاء إهلاكَ أحدٍ أهلكه )إنما أمرُهُ إذا أراد شيئاً أن يقولَ له كن فيكون ( يس 82 فإذا آمنَ العبدُ بذلك علم أنه تحت قدرةِ الله، واللهُ تعالى يغارُ على حرماتِه، فاحذر يا عبد الله أن يراكَ اللهُ حيثُ نهاك أو يفقِدكَ حيثُ أمرك.
(2) تعظيمُ العبد لرِّبه سبحانَه وتعالى:
وهذا التعظيمُ يكونُ بتعظيم أمرِ اللهِ ونهيه، فكلَّما كانَ العبدُ وقَّافاً عند حدود الله قائماً بأمر الله منتهياً عمّا حرّم الله، كلَّما عَظَّمَ اللهَ، وإذا عظّمَ اللهَ أوجد ذلك الحياءَ من الله في الخلواتِ والجَلَواتِ.
- قال الإمام محمد بن نصر المروزي (إذا ثبت تعظيمُ اللهِ في قلب العبدِ أورثه الحياءَ من الله والهيبةَ له، فغلب على قلبه ذكرُ إطّلاع الله العظيم ونظرِه إلى ما في قلبه وجوارحه، فاستحى أن يطّلع على قلبه وهو معتقدٌ لشيئٍ ممّا يكره، فطهَّرَ قلبَهُ من كلَّ معصيةِ) تعظيم قدر الصلاة (2/826).
- وهذا القلبُ الذي امتلأ من تعظيم الله لا يتمكنُ الشيطانُ من إغواء صاحبه.
- قال ابنُ القيّم ( وقلبٌ قد امتلأ من جلال الله عز وجلَّ وعظمتِه ومحبّتِه ومراقبتِه والحياء منه، فأي شيطانٍ يجترئُ على هذا القلب) الوابل الصيّب.
- قال ابن القيّم إذاً ما هو السبيلُ إلى تعظيم أوامر الله ونهيه؟ والجواب هو أن السبيلَ إلى ذلك الاعتمادُ على الله تعالى وإحسانُ التوكّلِ عليه وسؤالُ اللهِ بأسمائِه وصفاتِه.
- وأما علامات تعظيم أوامر الله فيقول ابنُ القيّم (علامةُ التعظيم للأوامر: رعايةُ أوقاتها وحدودها، والتفتيشُ على أركانها وواجباتها وكمالها، والحرصُ على تحيُّنِها في أوقاتها، والمسارعةُ إليها عند وجوبها، والحزنُ والكآبةُ والأسفُ عند فوت حقٍّ من حقوقِها، كمن يحزنُ على فوت الجماعة، ويعلمُ أنه لو تُقبِّلتْ منه صلاتُه منفرداً فإنه قد فاتَهُ سبعةٌ وعشرون ضعفاً) صحيح الوابل الصيّب ص20.
- أما علاماتُ تعظيم المناهي فيقول رحمه الله: (فالحرصُ على التباعد من مظانِّها وأسبابها وما يدعو إليها، ومجانبةُ كلِّ وسيلةٍ تقرِّبُ منها، وأن يدع ما لا بأس به حذراً ممّا به بأس، أن يُجانبَ الفضولَ من المباحاتِ خشيةَ الوقوع في المكاره، ومجانبةُ من يُجاهر بارتكابها ويُحسِّنَها ويدعو إليها، وكذلك من علاماتِ تعظيم النهي أن يغضب للهِ عزَ وجلَ إذا انتُهكت محارمُه) صحيح الوابل الصيّب ص29.
(3) ومن البواعث على مراقبة الله:
إطّلاعُ الله على العبادِ وأعمالهم، وسماعُهُ لأقوالهم، وعلمُهُ بسرِّهم وعلانيتِهِم. وهذا الاعتقادُ ينبغي أن يكون مصاحباً للمؤمن في حياته في كل لحظة.
- قال تعالى: )أم يحسبونَ أنَّا لا نسمعُ سِرَّهُم ونجواهُم، بلى ورُسُلُنا لديهم يكتُبُون (الزخرف 80
- وقال تعالى: ) وإن تجهرْ بالقولِ فإنّهُ يعلمُ السرَّ وأخفى ( طه 7
- وقال رجلٌ ذات يومٍ للنبي صلي الله عليه وسلم : أوصني، قال: (أوصيكَ أن تستحي الله كما تستحي رجلاً صالحاً من قومك) رواه أحمد في الزهد والبيهقي في الشعب وغيرهما وصححه الألباني في صحيح الجامعُ والصحيحة رقم 741.
- وقال محمد بن نصر المروزي ( ألستَ ترى أن الإنسـنَ إذا علمَ أنّ رجلاً صالحـاً ينظرُ إليه أو يسمعُ كلامَه، أمسكَ عن كلِّ ما يخافُ أن يضع من قدره عنده، وكذلك يستحي من الرجل الصالح من كل نقصٍ في فضل، فمن استحى من الله كما يستحي من الرجل الصالح فقد استحى من اللهِ حقَّ الحياءِ لأنه عالمٌ بأن الله مطّلعٌ على ما في قلبه) تعظيم قدر الصلاة (2/828/829)
- وروى عن بعض السلف (استحي من اللهِ لقربِه منكَ وحفِ اللهَ لقدرتِه عليك) المرجع السابق 2/835
وإذا علمَ العبدُ أنّ اللهَ مطّلعٌ عليه رقيبٌ عليه، سميعٌ لأقواله وأفعاله، عليمٌ بسِّرِه وعلانيتِه، فإذا علمَ ذلك فَحَريٌَ به أن يستعدَّ للحساب والسؤال عداً بين يدي الله تعالى.
وإن اعتقد العبدُ أن اللهَ يراهُ قد يبعثُهُ ذلك على الابتعاد عن الذنوب، وقد سُئل بعض السلفِ: (بم يُستعانُ على غضِّ البصرِ؟ قال: بعلمِكَ أنّ نظرَ اللهِ إليكَ أسبقُ من نظرِك إلى المنظور).
5) أحوالُ السلفِ في مراقبةِ الله تعالى:
ما أجمل أن يترك العبدُ المعصيةَ من أجلِ اللهِ تعالى وقد هُيّئتْ له أسبابُها، وقد أرشدَ النبيُّ صلي الله عليه وسلم على حفظ الخَلْوةِ ومراقبةِ اللهِ فيها والحياءِ منه سبحانه، وقد مدحَ صلي الله عليه وسلم مَنْ حَفَظَ دينَه في الخَلَوةِ عملَ فيها صالحَ الأعمال فقال عليه الصلاة والسلام ( .. ورجلٌ ذكر اللهَ خالياً ففاضت عيناه) متفق عليه.
· وما أحسنُ قولِ القائل:
إذا ما خلوتَ الدهرَ يومـاً فلا تقُلْ خلوتُ ولكن قُل عليَّ رقيبُ
ولا تحسبنّ اللهَ يغفَلُ ساعةً ولا أنَ ما تُخفـي عليـه يغيــبُ
· وقال آخرُ:
وإذا خلوتَ بريبةٍ في ظلمـةٍ والنفسُ داعيةٌ إلى الطغيانِ
فاستح من نظرِ الإله وقل لها إنّ الذي خلق الظلامَ يراني
· دخل بعضُ الناسِ مزرعةً فقال: لو خلوتُ ها هنا بمعصيةٍ مَنْ كان يراني؟ فسمع هاتفاً بصوت ملأ المزرعةَ (ألا يعلمُ من خلقَ وهو اللطيفُ الخبيرُ) ابنُ رجب في تنوير المقياس.
· وقال رجلٌ لوهيبٍ: عِظْني؟ فقال: (اتقِ اللهَ أن يكون أهونَ الناظرين إليك) جامع العلوم والحكم.
· ورأى محمدُ بن المنكدر رجلاً واقفاً مع امرأة يكلّمها فقال: (إنّ اللهَ يراكما، سترنا اللهُ وإياكم) جامع العلوم.
· قصَّة بائعة اللبن مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكذلك قصَّة المرأةِ في الليلِ وزوجُها في السفر عندما قالت:
لقد طال هذا الليلُ واسودّ جانبه على ألاّ خليــلاً ألاعبُــه
فوالله لـولا الله ربّـاً أراقبـه لحرّك من هذا السرير جوانبُه
6) أثرُ الطاعاتِ والمعاصي في الخلوة على العبد:-
* إنّ خيرَ وصيةٍ يضعُها المؤمنُ بين عينيه قولُ الله تعالى ) وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( الحديد آية (4) ، وقول النبيُّ صلي الله عليه وسلم (اتقِ الله حيثما كنت، واتبعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالقِ الناسَ بخُلُقٍ حسن) أحمد والترمذي والدارمي وحسنه الألباني في صحيح الجامع (97).
* وإنّ من العقوبات العظيمة التي تلحقُ بمن ينتهك حُرمات الله في الخلوات ما ورد في الحديث من قوله صلي الله عليه وسلم (لأعلمنَّ أقواماً من أمَّتي يأتون يوم القيامة بحسناتٍ أمثالَ جبالِ تهامةَ بيضاءَ فيجعلُها اللهُ عزَ وجلّ هباءً منثوراً) قال ثوبانُ يا رسول الله صِفْهُم لنا، جَلِّهم لنا أن لا نكون منهم ونحنُ لا نعلم، قال: (أما إنَّهم أخوانُكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوامٌ إذا خلوا بمحارمِ اللهِ انتهكوها) رواه ابنُ ماجة وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم 505 وصحيح الجامع الصغير . ولهذا فإن من علامات المخلص أن يكون في خلوته كما هو في جلوتِه.
* والطاعةُ والمعصيةُ في الخَلْوةِ لها أثرُها على العبدِ في دينِه وفي صِيتِهِ بين الناس، ولا بدَّ أن يظهرَ أثرُ ذلك على العبد، وإليكم بعض أقوال السلف:-
- قال بعضُ السلف (ما أسرَّ عبدٌ سريرةً إلاّ أظهرها اللهُ على قسماتِ وجهه أو فلتاتِ لسانه).
- وقال آخرُ ( ما أسرَّ عبدٌ سريرةً إلاّ كساهُ اللهُ رداءَها إنْ خيراً فخيرٌ وأن شراً فشرٌّ)
- وقال سليمانُ التيميُّ (إن الرجلَ ليصيبُ الذنبَ في السرِّ فيصبحُ وعليه مذلَّتَهُ) ابن القيّم في الجواب الكافي.
- وقال غيرُه (إن العبدَ ليذنبُ الذنبَ فيما بينه وبين الله، ثم يجيئُ إلى أخوانِه فيرون أثر ذلك عليه)
- وقال ذو النون (من خانَ اللهَ في السرِّ هتك اللهُ ستَرهُ في العلانية) ابن القيّم في الجواب الكافي.
- ويقول ابن الجوزي في صيد الخاطر (وقد يُخفي الإنسانُ ما لا يرضاهُ اللهُ عزّ وجلَّ، فيُظهُرهُ اللهُ سبحانه عليه ولو بعد حين ويُنطقُ الألسنةَ به، وإن لم يشاهدْ الناسُ وربَّما أوقع صاحبَهُ في آفةٍ يفضحُهُ بها بين الخلقِ.)
- وقال أبو الدرداء رضي الله عنه ( إن العبدَ ليخلو بمعصيةِ الله تعالى، فيُلْقي اللهُ بُغضَهُ في قلوب المؤمنين من حيثُ لا يشعر) الجواب الكافي.
- ويقولُ ابنُ الجوزي ( رأيتُ أقواماً من المنتسبين إلى العلمِ، أهملُوا نظَرَ الحقِّ عزَ وجلّ إليهم في الخلوات فمحا محاسنَ ذِكرهم في الجَلَوات فكانوا موجودين كالمعدومين لا حلاوة لرؤيتهم ولا قلب يحنُّ إلى لقائهم.)
- قال ابنُ عباس رضي الله عنه ( إن للحسنةِ ضياءً في الوجه ونوراً في القلب، وقوةً في البدن وسعةً في الرزق ومحبةً في قلوب الخلق، وإن للسيئةِ سواداً في الوجه وظُلمةً في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبُغضَةً في قلوب الخلق) الجواب الكافي.
- وقال ذو النون المصري (كان العلماءُ يتواعظون بثلاثٍ ويّكْتُبُ بعضُهم إلى بعض:
(من أحسن سريرتَه أحسنَ اللهُ علانيتهُ، ومن أصلحَ ما بينه وبين اللهِ أصلحَ اللهُ ما بينه وبين الناس، ومن أصلحَ أمر آخرتهِ ، أصلحَ اللهُ أمرَ دنياهُ) سير أعلام النبلاء (19/141).
- وقال ابنُ الجوزي رحمه الله (لقد رأيتُ من كان يراقبُ اللهَ عزّ وجلَّ في صبوتِه مع قصوره، فعظّم اللهُ قدرَهُ في القلوبِ حتى عَلَقَتْهُ النفوسُ، ووصَفَتْهُ بما يزيدُ على ما فيه من الخير) صيد الخاطر.
فإني أنصحُ أخوانـي أن يحفظـوا اللهَ تعالى في خلواتِهـم ويراقبـوا أنفسَهُـم ويحاسبـوها قبل حلـول الأجـل.
وآخــر دعوانــا أنْ الحمــدُ لله ربِِّ العالميــن .،،
https://l.top4top.io/p_19393jux41.gifhttps://l.top4top.io/p_19393jux41.gifhttps://h.top4top.io/p_1939htqzc1.gifhttps://l.top4top.io/p_19393jux41.gifhttps://l.top4top.io/p_19393jux41.gif