حكاية ناي ♔
11-06-2022, 11:37 AM
رفسته بغلة فكسرت رجله، فقال: لولا مصائب الدنيا لقدمنا على الله مفاليس.
سعيد الشهيد المقنع بالحديد:
قال الراوي غزونا في بعض الغزوات فصاففنا العدو، فإذا بفتى إلى جانبي، وإذا هو مقنع في الحديد، فحمل على الميمنة حتى ثناها، وحمل على الميسرة حتى ثناها، وحمل على القلب حتى ثناها. ثم أنشأ يقول:
أحسن بمولاك سعيدُ ظنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هذا الذي كنت له تمنى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تنح يا حور الجنان عنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مالك قاتلنا ولا قتلنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لكن إلى سيدكنَّ اشتقنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
قد علم السر وما أعلنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
قال: فحمل فقاتل فقتل منهم عددًا ثم رجع إلى مصافه، فتكالب عليه العدو، فإذا به قد حمل على الناس وأنشأ يقول:
قد كنت أرجو ورجائي لم يخب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أن لا يضيع اليوم كدي والطلب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يا من ملا تلك القصور باللعب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لولاك ما طابت ولا طاب الطرب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فحمل الثالثة وأنشأ يقول:
يا لعبة الخلد قفي ثم اسمعي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مالك قاتلنا فكفي وارجعي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ثم ارجعي إلى الجنان فاسرعي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لا تطمعي لا تطمعي لا تطمعي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
قال: فحمل فقاتل حتى قتل رحمه الله.
فائدة:
قال الراوي: رأيت في تيه بني إسرائيل فتى بلا زادٍ ولا راحلة فقلت له وهو يأم البيت العتيق: كيف؟ قال يا شيخ: ارفع رأسك هل ترى غيره؟ فقلت اذهب حيث شئت. اهـ.
زهير البابي:
عن عمشط بن زياد يقول: سمعت زهير بن نعيم يقول: جالست الناس منذ خمسين سنة فما رأيت أحدًا إلا وهو يتبع هواه، حتى أنه ليخطئ فيحب أن الناس قد أخطئوا. قال سهل: وسمعت من سمع زهيرًا يحلف بالله الذي لا إله هو لأنا بمن لا يؤمن بالله أشبه مني بمن يؤمن بالله. فذكرت هذا القول لعشرة من أهل الصفاء فمنهم من بكى ومنهم من صاح، ومنهم من انتفض، ومنهم من بهت[1].
فائدة:
قال سهل بن عبد الله: لا تفتش عن مساوئ ورداءة أخلاق الناس، ولكن فتش وابحث في أخلاق الإسلام مالك فيه حتى تسلم، ويعظم قدره في نفسك. قال: الصبر صنفان: أهل الدنيا يصبرون للدنيا حتى ينالوا منها، وأهل الآخرة يصبرون على آخرتهم؛ حتى ينالوا منها. اهـ.
وقال: المؤمن من راقب ربه وحاسب نفسه وتزود لمعاده.
وقال: من اشتغل بما لا يعنيه نال العدو منه حاجته في يقظته ومنامه.
وقال: من أخلاق الصديقين أن لا يحلفوا بالله لا صادقين ولا كاذبين، ولا يغتابون، ولا يغتاب عندهم، ولا يشبعون بطونهم، وإذا وعدوا لم يخلفوا، ولا يتكلمون إلا والاستثناء في كلامهم، ولا يمزحون أصلاً.
ويقول: المؤمن أكرم على الله أن يجعل رزقه من حيث يحتسب يطمع المؤمن في موضع فيمنع من ذلك ويأتيه من حيث لا يحتسب.
ويقول: أيما عبد لم يتورع ولم يستعمل الورع في عمله؛ انتشرت جوارحه في المعاصي وصار قلبه بيد الشيطان؛ فإذا عمل بالعلم دله على الورع فإذا تورع صار القلب مع الله، وإنما سموا ملوك لأنهم ملكوا أنفسهم وقهروها فالعارفون مالكون لأنفسهم مستظهرون عليها، والغافلون ملكتهم أنفسهم واستظهرت عليهم بتلوين أهوائها وبلوغ محابها ومناها في الأقوال والأحوال وسائر الأفعال.
وقال رحمه الله: يرفع من المنسوبين إلى الصلاح في آخر الزمان الخشية والورع والمراقبة؛ فيكون بدل الخشية وساوس الدنيا، وبدل الورع وساوس العدو، وبدل المراقبة حديث النفس ووساوسها لأنه لا يبالي بما أكل ولا ما اغتاب ولا ما نظر إلى الحرام وما نهى الله عنه[2].
فائدة:
أذن معاوية للناس يومًا فدخلوا عليه فاحتفل المجلس وهو على سريره، فأجال بصره فيهم فقال: أنشدوني لقدماء العرب ثلاثة أبيات جامعة من أجمع ما قالتها العرب، ثم قال: يا أبا خبيب فقال: مهيم، قال أنشد ذلك، فقال: نعم يا أمير المؤمنين بثلاثمائة ألف كل بيت بمائة ألف، قال: نعم إن ساوت، قال أنت بالخيار، وأنت واف كاف، فأنشده للأفوه الأزدي:
بلوت الناس قرنًا بعد قرن https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلم أر غير ختال وقال https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فقال معاوية: صدق.
ولم أرفي الخطوب أشدو قعًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وكيدًا من معادات الرجالhttps://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فقال معاوية: صدق.
وذقت مرارة الأشياء طرًّا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فما شيء أمر من السؤال https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فقال: صدق[3].
فائدة:
قال أبو حازم: إن بضاعة الآخرة كاسدة؛ فاستكثروا منها في أوان كسادها؛ فإنه لو قد جاء أوان نفاقها لم تصل منها لا إلى قليلٍ ولا إلى كثير.
سئل أبو حازم عن حب الدنيا. قال: إن الله حببها إلينا فإذا لم نأخذ شيئًا يكرهه الله، ولم نمنع شيئًا يحبه الله لم يضرنا حبنا إياها.
فائدة:
كان ربيعة بن عبد الرحمن يومًا جالسًا؛ فغطى وجهه وبكى. فقيل له في ذلك. فقال رياء ظاهر وشهوة خفية، والناس عند علمائهم كالصبيان ما أمروهم به ائتمروا، وما نهوهم عنه انتهوا[4].
فائدة:
كتاب أبي حازم الأعرج إلى الزهري:
كتب أبو حازم الأعرج إلى الزهري: عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن، ورحمك من النار. فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك بها أن يرحمك منها، أصبحت شيخًا كبيرًا قد أثقلتك نعم الله عليك، بما أصح من بدنك وأطال من عمرك، وعلمت حجج الله تعالى مما حملك من كتابه، وفقهك فيه من دينه، وفهمك من سنة نبيك - صلى الله عليه وسلم - . فرمى بك في كل نعمة أنعمها عليك، وكل حجة يحتج بها عليك، الغرض الأقصى. ابتلى في ذلك شكرك، وأبدى فيه فضله عليك، وقد قال: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم:7]، انظر أي رجل تكون إذا وقفت بين يدي الله - عز وجل -؟ فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها، وعن حججه عليك كيف قضيتها، ولا تحسبن الله راضيًا منك بالتغرير، ولا قابلاً منك التقصير، هيهات ليس كذلك، أخذ على العلماء في كتابه إذ قال تعالى: ﴿ لتُبَيِّنُنَّهُ للناس وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ﴾ [آل عمران: 187]، الآية. إنك تقول جدل، ماهر عالم قد جادلت الناس فجدلتهم، وخاصمتهم فخصمتهم، إدلالاً منك بفهمك، واقتدارًا منك برأيك، فأين تذهب، عن قول الله - عز وجل -: ﴿ هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [النساء: 109]، الآية. اعلم أن أدنى ما ارتكبت، وأعظم ما احتقبت، أن آنست الظالم وسهلت له طريق الغي بدنوك، حين أدنيت، وإجابتك حين دعيت، فما أخلقك أن تبوء بإثمك غدًا مع الجرمة، وأن تسأل عما أردت بإغضائك عن ظلم الظلمة، إنك أخذت ما ليس لمن أعطاك، ودنوت ممن لا يرد على أحد حقًا ولا ترك باطلاً حين أدناك، وأحببت من أراد التدليس بدعائه إياك حين دعاك، جعلوك قطبًا تدور رحى باطلهم عليك، وجسرًا يعبرون بك إلى بلائهم، وسلمًا إلى ضلالتهم وداعيًا إلى غيهم، سالكًا سبيلهم. يدخلون بك الشك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم، فلم تبلغ أخص وزرائهم، ولا أقوى أعوانهم لهم، إلا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم، واختلاف الخاصة والعامة إليهم، فما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك، وما أقل ما أعطوك في كثير ما أخذوه منك. فانظر لنفسك فإنه لا ينظر لها غيرك، وحاسبها حساب رجل مسئول. وانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرًا وكبيرًا، وكيف قربك وبعدك ممن أمرك أن تكون منه قريبًا. مالك لا تنتبه من نعستك. وتستقيل من عثرتك، فتقول والله ما قمت لله مقامًا واحدًا أحيى له فيه دينًا، ولا أميت له فيه باطلاً، إنما شكرك لمن استحملك كتابه، واستودعك علمه. ما يؤمنك أن تكون من الذين قال الله تعالى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى ﴾ [لأعراف: 169]، الآية. إنك لست في دار مقام. قد أوذنت بالرحيل، ما بقاء المرء بعد أقرانه. طوبى لمن كان مع الدنيا في وجل، يا بؤس من يموت وتبقى ذنوبه من بعده. إنك لم تؤمر بالنظر لوارثك على نفسك، ليس أحد أهلاً أن تردفه على ظهرك.
ذهبت اللذة، وبقيت التبعة، ما أشقى من سعد بكسبه غيره، احذر فقد أتيت، وتخلص فقد أدهيت، إنك تعامل من لا يجهل، والذي يحفظ عليك لا يغفل، تجهز فقد دنا منك سفر، وداو دينك فقد دخله سقم شديد، ولا تحسبن أني أردت توبيخك أو تعييرك وتعنيفك، ولكني أدرت أن تنعش ما فات من رأيك، وترد عليك ما عزب عنك من حلمك، وذكرت قوله تعالى: ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55]، أغفلت ذكر من مضى من أسنانك وأقرانك وبقيت بعدهم كقرن أعضب. فانظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت به. أو دخلوا في مثل ما دخلت فيه. وهل تراه ادخر لك خيرًا منعوه. أو علمك شيئًا جهلوه. بل جهلت ما ابتليت به من حالك في صدور العامة, وكلفهم بك أن صاروا يقتدون برأيك ويعملون بأمرك، إن أحللت أحلوا، وإن حرمت حرموا، وليس ذلك عندك. ولكنهم إكبابهم عليك، ورغبتهم فيما في يديك ذهاب عملهم، وغلبة الجهل عليك وعليهم، وطلب حب الرياسة وطلب الدنيا منك ومنهم، أما ترى ما أنت فيه من الجهل والغرة. وما الناس فيه من البلاء والفتنة؟ ابتليتهم بالشغل عن مكاسبهم، وفتنتهم بما رأوا من أثر العلم عليك، وتاقت أنفسهم إلى أن يدركوا بالعلم ما أدركت، ويبلغوا منه مثل الذي بلغت، فوقعوا بك في بحر لا يدرك قعره، وفي بلاء لا يقدر قدره، فالله لنا ولك ولهم المستعان.
واعلم أن الجاه جاهان: جاه يجريه الله تعالى على يدي أوليائه لأوليائه، الخامل ذكرهم، الخافية شخوصهم، ولقد جاء نعتهم على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله يحب الأخفياء الأتقياء الأبرياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل فتنة سوداء مظلمة". فهؤلاء أولياء الله الذي قال الله تعالى فيهم: ﴿ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22]، وجاه يجريه الله تعالى على يدي أعدائه لأوليائه، ومقت يقذفها الله في قلوبهم لهم، فيعظمهم الناس بتعظيم أولئك لهم، ويرغب الناس فيما في أيديهم لرغبة أولئك فيه إليهم: ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المجادلة: 19]، وما أخوفني أن تكون ممن ينظر لمن عاش مستورًا عليه في دينه، مقتورًا عليه في رزقه، معزولة عنه البلايا، مصروفة عنه الفتن في عنفوان شبابه، وظهور جلده، وكمال شهوته، فعنى بذلك دهره، حتى إذا كبر سنه، ورق عظمه، وضعفت قوته، وانقطعت شهوته ولذته، فتحت عليه الدنيا شر فتوح، فلزمته تبعتها، ولقته فتنتها، وأعشت عينيه زهرتها، وصفت لغيره منفعتها، فسبحان الله ما أبين هذا الغبن، وأخسر هذا الأمر، فهلا إذا عرضت لك فتنتها ذكرت أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه في كتابه إلى سعد حين خاف عليه مثل الذي وقعت فيه عند ما فتح الله على سعد:
أما بعد فأعرض عن زهرة ما أنت فيه حتى تلقى الماضين الذين دفنوا في أسمائهم، لاصقة بطونهم بظهورهم، ليس بينهم وبين الله حجاب، لم تفتنهم الدنيا ولم يفتنوا بها، رغبوا فطلبوا فما لبثوا أن لحقوا. فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا في سنه، والجاهل في علمه، المأفون في رأيه المدخول في عقله. إنا لله وإنا إليه راجعون. على من المعول؟ وعند من المستعتب. نحتسب عند الله مصيبتنا، ونشكو إليه بثنا، وما نرى منك ونحمد الله الذي عافانا مما ابتلاك به، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته[5].
سعيد الشهيد المقنع بالحديد:
قال الراوي غزونا في بعض الغزوات فصاففنا العدو، فإذا بفتى إلى جانبي، وإذا هو مقنع في الحديد، فحمل على الميمنة حتى ثناها، وحمل على الميسرة حتى ثناها، وحمل على القلب حتى ثناها. ثم أنشأ يقول:
أحسن بمولاك سعيدُ ظنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هذا الذي كنت له تمنى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تنح يا حور الجنان عنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مالك قاتلنا ولا قتلنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لكن إلى سيدكنَّ اشتقنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
قد علم السر وما أعلنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
قال: فحمل فقاتل فقتل منهم عددًا ثم رجع إلى مصافه، فتكالب عليه العدو، فإذا به قد حمل على الناس وأنشأ يقول:
قد كنت أرجو ورجائي لم يخب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أن لا يضيع اليوم كدي والطلب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يا من ملا تلك القصور باللعب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لولاك ما طابت ولا طاب الطرب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فحمل الثالثة وأنشأ يقول:
يا لعبة الخلد قفي ثم اسمعي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مالك قاتلنا فكفي وارجعي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ثم ارجعي إلى الجنان فاسرعي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لا تطمعي لا تطمعي لا تطمعي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
قال: فحمل فقاتل حتى قتل رحمه الله.
فائدة:
قال الراوي: رأيت في تيه بني إسرائيل فتى بلا زادٍ ولا راحلة فقلت له وهو يأم البيت العتيق: كيف؟ قال يا شيخ: ارفع رأسك هل ترى غيره؟ فقلت اذهب حيث شئت. اهـ.
زهير البابي:
عن عمشط بن زياد يقول: سمعت زهير بن نعيم يقول: جالست الناس منذ خمسين سنة فما رأيت أحدًا إلا وهو يتبع هواه، حتى أنه ليخطئ فيحب أن الناس قد أخطئوا. قال سهل: وسمعت من سمع زهيرًا يحلف بالله الذي لا إله هو لأنا بمن لا يؤمن بالله أشبه مني بمن يؤمن بالله. فذكرت هذا القول لعشرة من أهل الصفاء فمنهم من بكى ومنهم من صاح، ومنهم من انتفض، ومنهم من بهت[1].
فائدة:
قال سهل بن عبد الله: لا تفتش عن مساوئ ورداءة أخلاق الناس، ولكن فتش وابحث في أخلاق الإسلام مالك فيه حتى تسلم، ويعظم قدره في نفسك. قال: الصبر صنفان: أهل الدنيا يصبرون للدنيا حتى ينالوا منها، وأهل الآخرة يصبرون على آخرتهم؛ حتى ينالوا منها. اهـ.
وقال: المؤمن من راقب ربه وحاسب نفسه وتزود لمعاده.
وقال: من اشتغل بما لا يعنيه نال العدو منه حاجته في يقظته ومنامه.
وقال: من أخلاق الصديقين أن لا يحلفوا بالله لا صادقين ولا كاذبين، ولا يغتابون، ولا يغتاب عندهم، ولا يشبعون بطونهم، وإذا وعدوا لم يخلفوا، ولا يتكلمون إلا والاستثناء في كلامهم، ولا يمزحون أصلاً.
ويقول: المؤمن أكرم على الله أن يجعل رزقه من حيث يحتسب يطمع المؤمن في موضع فيمنع من ذلك ويأتيه من حيث لا يحتسب.
ويقول: أيما عبد لم يتورع ولم يستعمل الورع في عمله؛ انتشرت جوارحه في المعاصي وصار قلبه بيد الشيطان؛ فإذا عمل بالعلم دله على الورع فإذا تورع صار القلب مع الله، وإنما سموا ملوك لأنهم ملكوا أنفسهم وقهروها فالعارفون مالكون لأنفسهم مستظهرون عليها، والغافلون ملكتهم أنفسهم واستظهرت عليهم بتلوين أهوائها وبلوغ محابها ومناها في الأقوال والأحوال وسائر الأفعال.
وقال رحمه الله: يرفع من المنسوبين إلى الصلاح في آخر الزمان الخشية والورع والمراقبة؛ فيكون بدل الخشية وساوس الدنيا، وبدل الورع وساوس العدو، وبدل المراقبة حديث النفس ووساوسها لأنه لا يبالي بما أكل ولا ما اغتاب ولا ما نظر إلى الحرام وما نهى الله عنه[2].
فائدة:
أذن معاوية للناس يومًا فدخلوا عليه فاحتفل المجلس وهو على سريره، فأجال بصره فيهم فقال: أنشدوني لقدماء العرب ثلاثة أبيات جامعة من أجمع ما قالتها العرب، ثم قال: يا أبا خبيب فقال: مهيم، قال أنشد ذلك، فقال: نعم يا أمير المؤمنين بثلاثمائة ألف كل بيت بمائة ألف، قال: نعم إن ساوت، قال أنت بالخيار، وأنت واف كاف، فأنشده للأفوه الأزدي:
بلوت الناس قرنًا بعد قرن https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلم أر غير ختال وقال https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فقال معاوية: صدق.
ولم أرفي الخطوب أشدو قعًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وكيدًا من معادات الرجالhttps://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فقال معاوية: صدق.
وذقت مرارة الأشياء طرًّا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فما شيء أمر من السؤال https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فقال: صدق[3].
فائدة:
قال أبو حازم: إن بضاعة الآخرة كاسدة؛ فاستكثروا منها في أوان كسادها؛ فإنه لو قد جاء أوان نفاقها لم تصل منها لا إلى قليلٍ ولا إلى كثير.
سئل أبو حازم عن حب الدنيا. قال: إن الله حببها إلينا فإذا لم نأخذ شيئًا يكرهه الله، ولم نمنع شيئًا يحبه الله لم يضرنا حبنا إياها.
فائدة:
كان ربيعة بن عبد الرحمن يومًا جالسًا؛ فغطى وجهه وبكى. فقيل له في ذلك. فقال رياء ظاهر وشهوة خفية، والناس عند علمائهم كالصبيان ما أمروهم به ائتمروا، وما نهوهم عنه انتهوا[4].
فائدة:
كتاب أبي حازم الأعرج إلى الزهري:
كتب أبو حازم الأعرج إلى الزهري: عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن، ورحمك من النار. فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك بها أن يرحمك منها، أصبحت شيخًا كبيرًا قد أثقلتك نعم الله عليك، بما أصح من بدنك وأطال من عمرك، وعلمت حجج الله تعالى مما حملك من كتابه، وفقهك فيه من دينه، وفهمك من سنة نبيك - صلى الله عليه وسلم - . فرمى بك في كل نعمة أنعمها عليك، وكل حجة يحتج بها عليك، الغرض الأقصى. ابتلى في ذلك شكرك، وأبدى فيه فضله عليك، وقد قال: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم:7]، انظر أي رجل تكون إذا وقفت بين يدي الله - عز وجل -؟ فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها، وعن حججه عليك كيف قضيتها، ولا تحسبن الله راضيًا منك بالتغرير، ولا قابلاً منك التقصير، هيهات ليس كذلك، أخذ على العلماء في كتابه إذ قال تعالى: ﴿ لتُبَيِّنُنَّهُ للناس وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ﴾ [آل عمران: 187]، الآية. إنك تقول جدل، ماهر عالم قد جادلت الناس فجدلتهم، وخاصمتهم فخصمتهم، إدلالاً منك بفهمك، واقتدارًا منك برأيك، فأين تذهب، عن قول الله - عز وجل -: ﴿ هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [النساء: 109]، الآية. اعلم أن أدنى ما ارتكبت، وأعظم ما احتقبت، أن آنست الظالم وسهلت له طريق الغي بدنوك، حين أدنيت، وإجابتك حين دعيت، فما أخلقك أن تبوء بإثمك غدًا مع الجرمة، وأن تسأل عما أردت بإغضائك عن ظلم الظلمة، إنك أخذت ما ليس لمن أعطاك، ودنوت ممن لا يرد على أحد حقًا ولا ترك باطلاً حين أدناك، وأحببت من أراد التدليس بدعائه إياك حين دعاك، جعلوك قطبًا تدور رحى باطلهم عليك، وجسرًا يعبرون بك إلى بلائهم، وسلمًا إلى ضلالتهم وداعيًا إلى غيهم، سالكًا سبيلهم. يدخلون بك الشك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم، فلم تبلغ أخص وزرائهم، ولا أقوى أعوانهم لهم، إلا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم، واختلاف الخاصة والعامة إليهم، فما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك، وما أقل ما أعطوك في كثير ما أخذوه منك. فانظر لنفسك فإنه لا ينظر لها غيرك، وحاسبها حساب رجل مسئول. وانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرًا وكبيرًا، وكيف قربك وبعدك ممن أمرك أن تكون منه قريبًا. مالك لا تنتبه من نعستك. وتستقيل من عثرتك، فتقول والله ما قمت لله مقامًا واحدًا أحيى له فيه دينًا، ولا أميت له فيه باطلاً، إنما شكرك لمن استحملك كتابه، واستودعك علمه. ما يؤمنك أن تكون من الذين قال الله تعالى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى ﴾ [لأعراف: 169]، الآية. إنك لست في دار مقام. قد أوذنت بالرحيل، ما بقاء المرء بعد أقرانه. طوبى لمن كان مع الدنيا في وجل، يا بؤس من يموت وتبقى ذنوبه من بعده. إنك لم تؤمر بالنظر لوارثك على نفسك، ليس أحد أهلاً أن تردفه على ظهرك.
ذهبت اللذة، وبقيت التبعة، ما أشقى من سعد بكسبه غيره، احذر فقد أتيت، وتخلص فقد أدهيت، إنك تعامل من لا يجهل، والذي يحفظ عليك لا يغفل، تجهز فقد دنا منك سفر، وداو دينك فقد دخله سقم شديد، ولا تحسبن أني أردت توبيخك أو تعييرك وتعنيفك، ولكني أدرت أن تنعش ما فات من رأيك، وترد عليك ما عزب عنك من حلمك، وذكرت قوله تعالى: ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55]، أغفلت ذكر من مضى من أسنانك وأقرانك وبقيت بعدهم كقرن أعضب. فانظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت به. أو دخلوا في مثل ما دخلت فيه. وهل تراه ادخر لك خيرًا منعوه. أو علمك شيئًا جهلوه. بل جهلت ما ابتليت به من حالك في صدور العامة, وكلفهم بك أن صاروا يقتدون برأيك ويعملون بأمرك، إن أحللت أحلوا، وإن حرمت حرموا، وليس ذلك عندك. ولكنهم إكبابهم عليك، ورغبتهم فيما في يديك ذهاب عملهم، وغلبة الجهل عليك وعليهم، وطلب حب الرياسة وطلب الدنيا منك ومنهم، أما ترى ما أنت فيه من الجهل والغرة. وما الناس فيه من البلاء والفتنة؟ ابتليتهم بالشغل عن مكاسبهم، وفتنتهم بما رأوا من أثر العلم عليك، وتاقت أنفسهم إلى أن يدركوا بالعلم ما أدركت، ويبلغوا منه مثل الذي بلغت، فوقعوا بك في بحر لا يدرك قعره، وفي بلاء لا يقدر قدره، فالله لنا ولك ولهم المستعان.
واعلم أن الجاه جاهان: جاه يجريه الله تعالى على يدي أوليائه لأوليائه، الخامل ذكرهم، الخافية شخوصهم، ولقد جاء نعتهم على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله يحب الأخفياء الأتقياء الأبرياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل فتنة سوداء مظلمة". فهؤلاء أولياء الله الذي قال الله تعالى فيهم: ﴿ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22]، وجاه يجريه الله تعالى على يدي أعدائه لأوليائه، ومقت يقذفها الله في قلوبهم لهم، فيعظمهم الناس بتعظيم أولئك لهم، ويرغب الناس فيما في أيديهم لرغبة أولئك فيه إليهم: ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المجادلة: 19]، وما أخوفني أن تكون ممن ينظر لمن عاش مستورًا عليه في دينه، مقتورًا عليه في رزقه، معزولة عنه البلايا، مصروفة عنه الفتن في عنفوان شبابه، وظهور جلده، وكمال شهوته، فعنى بذلك دهره، حتى إذا كبر سنه، ورق عظمه، وضعفت قوته، وانقطعت شهوته ولذته، فتحت عليه الدنيا شر فتوح، فلزمته تبعتها، ولقته فتنتها، وأعشت عينيه زهرتها، وصفت لغيره منفعتها، فسبحان الله ما أبين هذا الغبن، وأخسر هذا الأمر، فهلا إذا عرضت لك فتنتها ذكرت أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه في كتابه إلى سعد حين خاف عليه مثل الذي وقعت فيه عند ما فتح الله على سعد:
أما بعد فأعرض عن زهرة ما أنت فيه حتى تلقى الماضين الذين دفنوا في أسمائهم، لاصقة بطونهم بظهورهم، ليس بينهم وبين الله حجاب، لم تفتنهم الدنيا ولم يفتنوا بها، رغبوا فطلبوا فما لبثوا أن لحقوا. فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا في سنه، والجاهل في علمه، المأفون في رأيه المدخول في عقله. إنا لله وإنا إليه راجعون. على من المعول؟ وعند من المستعتب. نحتسب عند الله مصيبتنا، ونشكو إليه بثنا، وما نرى منك ونحمد الله الذي عافانا مما ابتلاك به، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته[5].